تعتزم روسيا استئناف شراء اليوان لتعزيز احتياطياتها النقدية خلال وقت قريب في الشهر الجاري، بعدما عززت زيادة الإيرادات النفطية الاستقرار في أوضاع المالية العامة رغم الجهود الأمريكية والأوروبية لتقليص دخل الكرملين.
في ظل اقتراب إيرادات الطاقة من تجاوز المستوى المستهدف، ترى “بلومبرج إيكونوميكس” أن المشتريات مرجحة بالفعل في مايو، وتقدر الأحجام الأولية عند ما يعادل 200 مليون يوان شهرياً.
أصبحت العملة الصينية هي الأصل الرئيسي الذي ما يزال بإمكان روسيا استخدامه لإجراء معاملات صندوقها السيادي البالغة قيمته 154 مليار دولار بسبب العقوبات.
يُنتظر صدور إعلان من وزارة المالية بهذا الشأن في وقت لاحق من الأسبوع الجاري. كانت الوزارة قلصت بالفعل مبيعات اليوان، المستخدمة لتغطية عجز الموازنة، خلال الشهرين الماضيين، كما قلصت إجمالي مبيعات أبريل إلى نصف رقم فبراير تقريباً.
قالت ناتاليا ميلشاكوفا، المحللة في “فريدوم هولدينج كورب”: “ستهتم السوق ببدء الدولة في بناء احتياطياتها مجدداً بدلاً من إنفاقها، بل قد يؤثر ذلك حتى بالإيجاب على الروبل”.
استئناف شراء اليوان
منذ وقف المشتريات في أواخر يناير 2022، ثم تعليق البرنامج في الشهر التالي بعد غزو أوكرانيا، لم تبع وزارة المالية العملة الأجنبية العام الجاري سوى بموجب آلية موازنة معدلة مصممة لحماية الاقتصاد من تقلبات أسواق السلع. يذكر أن روسيا تحصل على حوالي ثلث إيرادات موازنتها من قطاع النفط والغاز.
يرى أليكساندر إيساكوف، الخبير الاقتصادي بشؤون روسيا لدى “بلومبرج إيكونوميكس” أن أحجام مشتريات العملة الأجنبية ستكون صغيرة في البداية لكن لها معنى رمزياً كبيراً، إذ أنها ستُثبت أن الدولة تبني احتياطياتها بدلاً من استنزافها.
سيسلط هذا التحول الضوء على قدرة روسيا على الحفاظ على الإيرادات النفطية رغم العقوبات وسقف الأسعار الذي فرضته مجموعة الدول الصناعية السبع وشركائها في الاتحاد الأوروبي على المشترين. رغم الضغوط بسبب الإنفاق العسكري والعجز غير المسبوق، فإن أحوال الموازنة في تحسن بفضل تغيير طريقة الحكومة في حساب بعض الضرائب على النفط.
يُحسب السعر الأساسي المستخدم في حساب ضريبة إنتاج النفط والأرباح لمنتجي خام الأورال الرئيسي في البلاد بخصم مقارنة بخام برنت القياسي الدولي، وكان هذا الخصم محدداً عند 34 دولاراً للبرميل في شهر أبريل على أن يتقلص تدريجياً إلى 25 دولاراً اعتباراً من يوليو.
روسيا نجحت في التكيف مع العقوبات
سقف الأسعار قلص سعر نفط الدولة إلا أن روسيا نجحت في التكيف عبر تطبيق خصم على سعر خام الأورال مقارنة بخام برنت وأجبرت المنتجين على دفع المزيد من الضرائب. أيضاً، استفادت الحكومة من ضعف الروبل العام الجاري إذ أنها تُحصّل أغلب إيراداتها من ضرائب الطاقة بالعملة الأجنبية لكنها تنفق بالروبل.
يختلف الاقتصاديون حول التوقيت النهائي لاستئناف عمليات الشراء لأن القرار يعتمد أيضاً على عوامل مثل تقلبات الروبل والتغيير المحتمل للخصم في الحسبة الضريبية وكذلك على أي انحراف في إيرادات الطاقة الحقيقية عن المبلغ المتوقع في أبريل.
يرى إفغيني كوشيلف، الاقتصادي في “روسبنك” ، مجموعة من السيناريوهات تتراوح من التعجيل بمشتريات العملة الأجنبية في مايو أو تأجيلها إلى يونيو أو يوليو حتى.
في الربع الأول، هبطت المساهمات من النفط والغاز في موازنة روسيا بمقدار 45% على أساس سنوي إلى 1.64 تريليون روبل، وبالفعل تجاوز العجز المالي كما في نهاية أبريل مستهدف وزارة المالية لعام 2023 بأكمله بكثير.
يقول ديمتري بوليفوي، الاقتصادي بـ”لوكو- إنفيست في موسكو، إنه وفقاً للظروف الحالية ستبدأ المشتريات اعتباراً من يونيو لكنها ستكون صغيرة جداً.
تحسن الآفاق رغم عدم اليقين
تتحسن الآفاق نتيجة ارتفاع أسعار تصدير الخام الروسي وكذلك بسبب التغييرات في الحسبة الضريبية التي تتوقع وزارة المالية أن تحقق ما يناهز 600 مليار روبل من الدخل الإضافي للموازنة.
أكدت “بلومبرج إيكونوميكس” أن روسيا ستبدأ في شراء العملات خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، مع ذلك وضعت احتمال استئناف الشراء عند 65% في مايو، و80% في يونيو نظراً لأن التراجع في إنتاج النفط يضيف بعضاً من عدم اليقين.
لكن توقعات “بي سي إس فاينانشال جروب” لسعر خام الأورال توحي بأن روسيا لن تبدأ في شراء العملات الأجنبية قبل الربع الثالث وفق أقرب تقدير.
قالت ناتاليا لافروفا، كبيرة الاقتصاديين في “بي سي إس”: “في مايو والشهور اللاحقة، ومع تعافي أسعار النفط، ستتقلص أحجام الموارد المسحوبة من الصندوق السيادي تدريجياً”.