تسرع روسيا خطط طرح الروبل الرقمي، وسط معاناتها من العزلة الدولية الناتجة عن حربها مع أوكرانيا، منضمة بذلك إلى قائمة متزايدة من البلدان التي تدرس إقرار عملات رقمية حاليًّا.
من المقرر عرض التشريع الخاص بالموافقة على إصدار العملة الرقمية الوطنية على مجلس الاتحاد (مجلس الشيوخ بالبرلمان الروسي) يوم الأربعاء.
وإذا ما جرى تمرير القانون ووقعه الرئيس فلاديمير بوتين، فقد يبدأ البنك المركزي الروسي اختبارات الروبل الرقمي بحلول الشهر المقبل.
خطط طرح الروبل الرقمي
على الصعيد العالمي، يدرس أكثر من نصف البنوك المركزية الدولية إصدار أو تطوير عملات رقمية، حسب صندوق النقد الدولي.
أظهر بحث نشره معهد “المجلس الأطلسي” أن 20 دولة على الأقلّ تعمل على إصدار برامج تجريبية للعملات الرقمية، بما في ذلك الهند واليابان والصين، التي يصل مشروعها إلى 260 مليون شخص، ويُختبر في مجالات تشمل النقل العام والتجارة الإلكترونية.
تصدر العملات الرقمية عن البنوك المركزية، وتنظّمها الدول المعنية. أما العملات المشفرة مثل “بتكوين” فتستخدم أنظمة المدفوعات اللامركزية ولا تعتمد على الحكومات.
يقول المؤيدون للعملات الرقمية إنها تسهّل تقديم الخدمات المصرفية للفئات الاجتماعية المحرومة، وترفع كفاءة المدفوعات، كما تخفض تكاليف المعاملات، لكن يحذّر المشككون فيها من مخاوف اختراق الخصوصية والمخاطر الأمنية السيبرانية الأخرى.
فتح محافظ إلكترونية
يخطّط المركزي الروسي لإطلاق مشروع تجريبي مع 15 بنكاً محلياً في البلاد، كما سيسمح للأفراد والشركات بفتح محافظ رقمية على منصته الإلكترونية، التي يمكن الوصول إليها من خلال موقع الإنترنت الخاص بأي مصرف في البلاد.
ستكون المعاملات باستخدام الروبل الرقمي مجانية للأفراد، في حين يتعين على الشركات دفع رسوم بنحو 0.3% على كل معاملة، حسب توجيهات البنك.
يمضي المركزي قدمًا في تنفيذ هذا المشروع بعد العقوبات الشاملة التي فرضتها الولايات المتحدة وحلفاؤها، وأدت إلى عزل البنوك الروسية عن النظام المالي العالمي، ردًّا على غزو موسكو لأوكرانيا في فبراير 2022.
كما طبقت البنوك الأجنبية سياسات تقييدية متزايدة على المدفوعات الوافدة من روسيا، التي تسعى لتخفيف تأثير العقوبات من خلال تعزيز التجارة بالعملات الوطنية مع دول مثل الصين والهند، التي كانت أكثر حيادية بشأن الحرب.
انخفض الروبل 18% مقابل الدولار منذ بداية 2023، وهو الأسوأ أداء بين عملات الأسواق الناشئة بعد الليرة التركية والبيزو الأرجنتيني،
كما يضغط تراجع عائدات الطاقة وزيادة الواردات على فائض الحساب الجاري لروسيا، في الوقت نفسه الذي يستنزف فيه الإنفاق المرتبط بالحرب ميزانية البلاد.
آمال سابقة لأوانها
“في البيئة الحالية، من المهم الحصول على أدوات دفع مستقلة وقنوات للمعلومات المالية، بحيث يتسنى استخدامها في التجارة مع الشركاء الأجانب” حسبما قال نيكولاي جورافليف، نائب رئيس مجلس الاتحاد، خلال مناقشة حول الروبل الرقمي على هامش المؤتمر المالي الذي نظمه المركزي الروسي في سان بطرسبرغ، في وقت سابق من هذا الشهر.
لكن قد تكون هذه الآمال سابقة لأوانها، إذ يجب أولًا ربط الروبل الرقمي بمنصات عملات البلدان الأخرى لإجراء المعاملات الدولية، ولا شيء يشير إلى ذلك حتى الآن، وفقًا لألكسندرا بروكوبينكو، المستشارة السابقة في البنك المركزي الروسي التي تعمل حاليًّا باحثة غير مقيمة لدى مركز “كارنيغي روسيا أوراسيا” في برلين.
أضافت بروكوبينكو: “حتى الآن، يُعتبر الروبل الرقمي نظام دفع محليًّا ضمن برنامج تحصين الاقتصاد الروسي”، إذ يستطيع أن يجعل المعاملات أكثر ملاءمة داخل البلاد وحسب.
واختتمت: “من المحتمَل أيضًا أن يجعل المعاملات أكثر شفافية في المناطق التي ضمّتها روسيا من أوكرانيا، إذ يوفر بديلًا من الاعتماد الحالي على النقود الورقية”.