رواية بيت القبطية تتناول أضلاع مثلث الرعب: الدين والجنس والسياسة

يصادف بطل الرواية نادر فايز كمال منذ يومه الأول بالقرية وابلا من المشاكل والحوادث المثيرة للشكوك ومنها القتل وحرق المنازل والمحاصيل وتسميم الماشية بعبارة واحدة بعد التحقيقات وهى ”الفاعل مجهول“.

رواية بيت القبطية تتناول أضلاع مثلث الرعب:  الدين والجنس والسياسة
خالد بدر الدين

خالد بدر الدين

5:04 م, الأربعاء, 30 أكتوبر 19

تتناول رواية بيت القبطية – الصادرة مؤخرا في 239 صفحة عن الدار المصرية اللبنانية بالقاهرة للروائي المصري أشرف العشماوي – أضلاع مثلث الرعب في السرد العربي وهى الدين والجنس والسياسة.

بذلك يحدث فجوة قد تفتح المجال لحديث أكثر صدقا عن مشكلات طال السكوت عنها ولاسيما خلال سنوات ما قبل الانتفاضة الشعبية في مصر عام 2011 التي أنهت حكم حسني مبارك، وتستعرض رحلة وكيل نيابة حديث التخرج داخل إحدى القرى التي تمثل نموذجا مصغرا لأي مدينة أو محافظة.

واختار المؤلف أشرف العشماوي لرواية بيت القبطية للقرية مسرح الأحداث اسم ”الطايعة“ للدلالة على أنها دوما مفعول بها لا فاعل.

وأطلق المرلف أيضا اسم ”التايهة“ على هذه القرية التى يشكل المسيحيون 80 % من سكانها ولكن معظم الأراضي ملك للمسلمين.

وذكرت وكالة رويترز أن بطل الرواية نادر فايز كمال يصادف منذ يومه الأول بالقرية وابلا من المشاكل والحوادث المثيرة للشكوك.

أشرف العشماوى يصورالفاعل مجهول فى رواية بيت القبطية

وتنتهى دائما هذه الحوادث جميعا ومنها القتل وحرق المنازل والمحاصيل وتسميم الماشية بعبارة واحدة بعد التحقيقات وهى ”الفاعل مجهول“.

ورغم أن الفاعل المجهول يبدو معلوما لدى أهل القرية إلا أنهم يفضلون الصمت ويعالجون مشكلاتهم بطرق أخرى بعيدة عن القانون.

ويبدأ وكيل النيابة مع تكرار الحوادث ومرور الأيام في فهم الأمور وربطها ببعضها البعض واستنتاج الفاعل المجهول.

وتشير الرواية لقواعد أخرى وأطراف ذات مصالح من وراء الستار منهم المتعصبون دينيا الذين يؤججون نار الفتنة بين المسلمين والمسيحيين.

ومن ناحية أخرى هناك الجانب المهم وهو الأمن الذي يستغل الأحداث في إثبات أهمية وجوده وإبقاء الجميع تحت السيطرة.

نادر بطل الرواية فى حيرة

يجد نادر بطل رواية بيت القبطية نفسه محاصرا ومدفوعا نحو اتخاذ قرارات لا يرتاح لها بعد أن صار الحديث مكشوفا.

وانكشف الحديث عندما قال له ضابط شرطة ”لازم حس سعادتك الأمني يكون سابق القانون بخطوة.

وأضاف الضابط لنادر: وطبعا معاليك عارف طبيعة الشغل بتاعنا، 90 % حُسن تصرف و10 % يعتمد على القانون“.

ولم يعبر عن صدام القانون مع الطائفية والنفوذ الأمني عندما صور عجز وكيل النيابة عن تحقيق العدالة.

ولكنه بلور هذا الصدام في صورة أعمق حين أبرز في أكثر من مقطع المسدس الذي يضعه نادر حول خصره.

ويتسلح نادر بالمسدس لحماية نفسه لكنه في الواقع قديم جدا وفارغ من الطلقات، تماما مثل القوانين التي عفا عليها الزمن والأحكام القضائية التي لا يتم تنفيذها.

هنا يطرح المؤلف سؤالا محوريا يبدو أنه يبلور معاناة وكيل النيابة الشاب “هل الدين والقانون في خدمة المجتمع، أم أن المجتمع والقانون هما اللذان في خدمة الدين؟”

ويسرد نادر المؤلف حكاية هدى يوسف حبيب بالتوازي مع حكاية وكيل النيابة، وهي المرأة المقصودة في عنوان الراوية (بيت القبطية).

هدى فتاة مسيحية مات والدها وهي صغيرة فتزوجت أمها من شاب يصغرها بعشر سنوات فما كان منه إلا أن اعتدى على الابنة.

مأساة هدى بطلة الرواية

تتواصل مأساة الفتاة بزواجها من رجل على غير دينها ولا تحبه لكنه الأنسب للتستر على ما حدث لها.

تهرب هدى من قريتها دون تخطيط مسبق لتواجه المجهول الذي يقودها لقرية الطايعة، وهناك تصبح مثل ورقة شجر تتقاذفها الرياح.

ويهديها القدر حياة جديدة وزوجا من دينها وبيتا جديدا يصبح مقصدا للتبرك من المسيحيين والمسلمين بسبب أفعالها الطيبة.

ويطلق علي بيتها الجديد ”بيت القبطية“ولكن لأن الحياة ليست دائما عادلة يعود شبح الماضي من جديد.

ويطل الماضى برأسه وتتعكر حياة هدى لتتحول بين ليلة وضحاها من امرأة مبروكة وصالحة لمنبوذة من الكنيسة ومتهمة بقضية زنا.

ويستخدم مؤلف الرواية التحولات التي حدثت في حياة هدى خلال فترة قصيرة في تجسيد ما قد يعانيه المرء في حياته.

وتأتى هذه المعاناة أساسا بسبب ديانة الشخص التي لم يخترها من الأساس وكذلك يعجز عن تغييرها بسبب قيود المجتمع.

وتقول هدى في حديث بينها وبين نفسها ”لم أعد أستطيع العيش في الظل، حياتي كلها على هامش السعادة والاستقرار.

وتظهر هدى هاربة دائما من أشباح كثيرة، فقر وظلم وقهر واضطهاد، وهي لا تتوانى عن مطاردتي وتلحق بي دوما.”

وتتساءل هدى “لماذا يتعامل معي القدر كنبتة رقيقة، يُطلق رياحه نحوي كل حين لتتلاعب بي؟”.

وتتعجب أيضا هدى: “هل لو انقلبت حجرا صلدا بلا مشاعر لكان حالي أفضل ولنعمت بالاستقرار؟“.

ورغم أن نادر وهدى التقيا في بداية الرواية وجمعتهما بعض المواقف فإن لقاءهما في النهاية كان هو الاختبار الحقيقي للاثنين داخل قاعة المحكمة وتحت سقف العدالة.

رواية (بيت القبطية) هي الثامنة لمؤلفها أشرف العشماوي الذي يعمل بالأساس قاضيا وتُرجمت بعض أعماله إلى لغات أجنبية.

وباع أيضا المؤلف أشرف العشماوي حقوق ملكية رواياته لتتحول إلى أفلام سينمائية ومسلسلات تلفزيونية.