التى يشهدها القطاع العقارى خلال الآونة الأخيرة، على خلفية الأوضاع
الاقتصادية والسياسية والأمنية فى البلاد، رصدت «المال» فى جولة لها بمدينة
الصالحية الجديدة بمحافظة الشرقية تغيرات القطاع العقارى بعد مرور ما يزيد
عن العامين على الثورة المصرية.
وأكد عدد من مديرى شركات
الاستثمار والتسويق العقارى بمدينة الصالحية الجديدة تحول راغبى شراء
الوحدات السكنية فى المدينة إلى السكن بالإيجار بدلاً من الشراء لحين
استقرار الوضع، مع تفضيل الأماكن التى يتوافر بها أكبر قدر من الأمان.
وأضافوا
أن مبيعات الوحدات السكنية الفاخرة والمتوسطة تراجعت بشكل ملحوظ وتكاد
تكون معدومة حالياً ونادراً ما تجد عميلاً يريد شراء وحدة.
وقال
محمود أيمن، مدير شركة المجد للمقاولات والاستثمار العقارى، إن الأشهر
الماضية شهدت إقبالاً ملحوظاً على استئجار الوحدات السكنية وليس الشراء،
مشيراً إلى أن راغبى الزواج أو غيرهم يفضلون الإيجار عن التمليك لحين
استقرار الأوضاع الأمنية والسياسية، علاوة على عدم وجود سيولة مالية تسمح
لهم بالشراء.
وأشار إلى أنه بدأ يلاحظ أن غالبية الأسر ذات المستوى
الاجتماعى المرتفع توقفت عن تشييد وحداتهم السكنية الخاصة منتظرين تراجع
أسعار مواد البناء التى ارتفعت مؤخراً بشكل جنونى، علاوة على انتظارهم عودة
الاستقرار الأمني، لافتاً إلى أن منهم من يأتى من الخارج فى إجازته ويقوم
بالبحث عن شقة بالإيجار بدلاً من الشراء.
ويرى أن ما يحدث فى سوق العقارات الآن هو أشبه بالانهيار، لكنه رغم الصورة الضبابية التى يراها حالياً فإنه أكثر تفاؤلاً بالمستقبل.
وأضاف
أن مُلاك الوحدات السكنية سواء الأفراد أو الشركات قدموا تنازلات فى
محاولة منهم لانعاش السوق، مثل طول فترة التقسيط أو خفض قيمة المقدم، ولكن
هذه التنازلات لا تزال ضعيفة مقارنة بحالة ركود قطاع العقارات الكبيرة التى
تشهدها البلاد والتى أثرت على العديد من المدن الجديدة التى كانت تعد
ملاذاً آمناً للاستثمار فى هذا القطاع قبل الثورة.
وأضاف أن أسعار
الوحدات لا تزال مرتفعة مع عدم قدرة أصحاب الشركات العقارية على تخفيضها
نظراً لارتفاع مدخلات مواد البناء بها من حديد وأسمنت وغيرهما، مما يجعل
الشركات تكتفى بخفض قيمة وطول فترة السداد دون خفض السعر الحقيقى للوحدة
السكنية.
وأضاف أن مقدم شراء الوحدات السكنية انخفض ليصل إلى 15 ألف
جنيه بدلاً من 30 و40 ألف جنيه فى السابق، علاوة على طول فترة السداد
والتى تراوحت ما بين 3 و7 سنوات لتحفيز العملاء على الشراء لكن دون جدوى.
وألمح
إلى أن عدداً كبيراً من الذين كانوا يريدون شراء الوحدات اكتفوا بتأجيرها
بعد موافقة الشركة المالكة على ذلك، أو البحث عن شقق للايجار داخل المدينة
لحين استقرار الأوضاع.
وقال إن هناك العديد من العملاء الذين كانوا
يرغبون فى شراء وحدات سكنية أجلوا القرار وتقدموا بطلبات فى قرعة الإسكان
الماضية التى عقدت على آخر 55 قطعة أرض بالمدينة منذ عام وفاز بها بعض
الأفراد ويسعون حالياً إلى الشروع فى البناء.
وأوضح أن سوق العقارات
فى المدينة تنشط كل عام فى موسمين، أحدهما يبدأ مع دخول فصل الصيف وينتهى
بنهايته وهو مرتبط بالإجازة وعودة المسافرين من الخارج، وموسم آخر فى شهر
فبراير، لافتاً إلى أن هذا العام لم يحظ بأى مواسم للعقارات، حيث توقفت
المبيعات تدريجياً فى أشهر فبراير ومارس وأبريل وحتى الآن ونشطت سوق
الإيجارات.
وفى السياق نفسه قال خالد مجاهد، مدير شركة الصفوة
للاستثمار العقارى والتسويق، إن عمل شركات الاستثمار فى المدينة حالياً
يتمثل فى تشطيب الوحدات المتبقية وتشييد مبانى الأفراد والمتمثلة فى
الفيلات والوحدات الفاخرة بشكل طفيف، علاوة على بعض أعمال التشطيبات
الموجودة فى المولات التجارية بالمدينة والتى شيدت منذ فترة وجار تشطيبها
وتسليمها مع نهاية العام الحالى.
وأضاف أن مشكلة ظهور البلطجية
وانتشارهم فى ظل الانفلات الأمنى العام أثرت بشكل كبير على اتجاهات العملاء
فى الشراء لقرب مدينة الصالحية الجديدة من المناطق الزراعية فى المنطقة
الصحراوية المملوكة لبعض الشركات الكبرى والتى يقوم على حراستها الآن
البلطجية والبدو، حيث أصبحت المدن البعيدة عن وسط القاهرة، أقل أماناً مثل 6
أكتوبر، ومدينة الشيخ زايد، والتجمع الخامس، ومدينتى الشرق والعبور،
والقاهرة الجديدة، مما أدى إلى ترقب العملاء لاستقرار الأمن بهذه المدن.
وقال
أشرف نصر، سمسار عقارات بالمجاورة الثامنة، إن الاقبال على شراء العقارات
أصبح محدوداً، وإن وجد عميل يرغب فى الشراء فيكون إقناعه بالشراء ليس
بالأمر السهل.
وأضاف أن مالكى الوحدات السكنية رغم الظروف التى
تشهدها البلاد حالياً فإنهم يرفضون تخفيض الأسعار عما كانت عليه قبل الثورة
والتى ارتفعت بواقع %15 منذ الثورة، وهو ما يجعل المعادلة صعبة بالنسبة
لشركات التسويق سواء بإقناع المالك لتخفيض السعر أو المشترى بالشراء بالسعر
المطروح.
وأشار إلى أن الطلب يتزايد حالياً على سوق الإيجارات، لكن
ذلك يواجه مشكلات أيضاً فى تفضيل المستأجرين للأماكن المؤمنة والتى ازدحمت
بالسكان، خصوصاً المجاورات الأولى والثانية والخامسة التى يوجد بها أفراد
وجراجات للسيارات لقربها من المدينة الصناعية وسوق الجملة، موضحاً أن معظم
المستأجرين من موظفى المصانع بالمدينة بجانب أسرهم، علاوة على بعض العائدين
من الخارج.
وقال السيد عبدالعال، أحد عمال البناء بالمدينة، إن
العمل فى التشييد والبناء فى الوقت الحالى يكاد يكود متوقفاً لعدم وجود
مشروعات جديدة لدى شركات المقاولات بالمدينة.
وأضاف أنه بعد توقف
البناء والتشييد عمل لفترة محدودة فى أعمال تشطيب سوق الجملة بالمدينة
بالمجاورة الخامسة، وبعدها اتجه إلى العمل فى المزارع القريبة من مدينة
الصالحية الجديدة على الرغم أنه لا يفضل ذلك لانخفاض أجر العامل فى المزارع
مقارنة بأجره فى البناء والتشييد والبالغ 70 جنيهاً فى اليوم الواحد.