تهدد أزمة تغيرات المناخ بنسف التقدم الذي أحرزه العالم على مدى الأعوام الخمسين الأخيرة في مجالات التنمية والصحة والحد من الفقر، وتهدد أيضًا بزيادة توسيع أوجه التفاوت في الصحة في أوساط الفئات السكانية وفيما بينها، حيث تؤثر سلبًا على تحقيق التغطية الصحية الشاملة بطرق شتى، منها زيادة تعقيد الأعباء الحالية للأمراض ومفاقمة الحواجز القائمة أمام إتاحة الخدمات الصحية، وغالبًا في الأوقات التي تشتد فيها الحاجة إليها، ذلك أن أكثر من 930 مليون شخص (نحو 12% من سكان العالم) ينفقون 10% على الأقل من ميزانية أسرهم لتغطية تكاليف الرعاية الصحية التي تسببها التغيرات المناخية، ولما كان معظم أفقر الناس لا يستفيدون من تأمين طبي، فإن الصدمات والضغوط الصحية تدفع بالفعل نحو 100 مليون فرد إلى براثن الفقر كل عام، مع تفاقم هذا الاتجاه نتيجة لتأثيرات تغير المناخ، حسب بيان صادر من منظمة الصحة العالمية عن عام 2022.
وطالب محمد الغطريفي؛ وسيط تأمين، بتأسيس مجمعة تأمينية مستقلة لتغطية الكوارث الناجمة عن تغيرات المناخ، مع فرضها إلزاميًا بعد أن أصبحت ظاهرة التغير المناخي مصدر قلق كبير للكثيرين، لا سيما بعد الخسائر التي أسفرت عنها العواصف الترابية اليوم، وألحقت عديدًا من الخسائر في الأرواح والممتلكات والمنشآت الزراعية، مشيرًا إلى أن شركات التأمين المصرية قد وفّرت وثائقًا تغطي ملاحقها الإضافية أخطار الكوارث الطبيعية.
وأضاف أن وثائق التأمين لا تغطي خسائر العواصف الترابية، لأنها تتطلب تغطية بملحق إضافي على وثائق “السيارات” و”الحريق” و”الهندسي”.
والجراف التالي يوضح حجم الخسائر العالمية من الكوارث الطبيعية منذ 2002 وحتى 2022:
وأشار إيهاب خضر؛ وسيط تأمين، إلى أن البلاد الأكثر تضررًا من أخطار الكوارث الطبيعية هي دول العالم الثالث والأقطار الصاعدة في الاستثمارات، إذ تضررت بشدة، بينما لا يغطي التأمين سوى 3% من الخسائر المحتملة في الأسواق الناشئة، مقابل 45% في البلدان المتقدمة.
وأكد على أهمية تصميم منتجات تأمين مستقلة لتغطية المخاطر الطبيعية، لاندراجها تحت تأثر المناخ بالتغييرات التي تواجهه، مما سيضر بدوره نشاط الزراعة والإنتاج الحيواني، ومن ثَم، فإن تلك الكوارث تتبلور في نطاق واحد يجمعها المخاطر الطبيعية.
ويقترح الدكتور محمد جودة؛ رئيس قسم التأمين والعلوم الاكتوارية بكلية التجارة بجامعة القاهرة، إنشاء مجمّعات تأمينية لذلك الخطر الذي تتعدى خسائره إمكانية مؤسسة في المجال بعينها، مما يدفع بها إثر ذلك للإفلاس؛ تماشيًا مع واقع شركات القطاع العازفة عن ذلك النوع بشكل مستقل.
وأشاد بنجاح فكرة المجمّعات التأمينية عمليًا، فيما لاحظه بعين أكاديمية؛ إذ تخفف عبء وقع الخسارة على الشركة الواحدة من كيانات القطاع، بما تعمل به من إستراتيجية توزيع الضرر على العديد من المؤسسات العاملة بالمجال.
وطالب بأن تُنشأ مجمعات تأمينية بكل منطقة جغرافية تكون عُرضة للضرر، حتى تجمع أكبر عدد من العملاء الراغبين في الحصول على تغطية الخسائر الناجمة عما لا تحمد عقباه، مما أطلق عليه «فجائية الكارثة».