رحيل أمير الكويت.. رجل السلام والوسيط "الوحيد" المقبول في الخليج

أحد أبرع الدبلوماسيين في المنطقة

رحيل أمير الكويت.. رجل السلام والوسيط "الوحيد" المقبول في الخليج
عبدالغفور أحمد محسن

عبدالغفور أحمد محسن

12:02 ص, الأربعاء, 30 سبتمبر 20

توفي الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير الكويت وأحد أبرع دبلوماسيي الخليج، والرجل الوحيد الذي قبلته جميع الأطراف المتنازعة في الخليج كوسيط نزيه.

الشيخ صباح الذي اليوم الثلاثاء عن عمر يناهز الـ91 عاما، قضى فترة طويلة من مسيرته المهنية في رأب الخلافات وحل النزاعات سواء داخل المنطقة أو خارجها، وكدبلوماسي محنك جعل من بلاده مركزا موثوقا للوساطة.

وبرغم وساطاته العديدة ودوره المهم في اتفاقات سلام محورية، كان العبء الأكبر الذي حمله الأمير بشجاعه هو دوره في إعادة بناء العلاقات مع العراق التي كانت قد اجتاحت بلاده عام 1990.

الوسيط الوحيد

وتقول بلومبرج، إن الأمير الذي قضى 40 عاما من عمره وزيرا للخارجية (بين عامي 1963 و2003) حافظ على علاقات قوية مع الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، وأعاد بناء العلاقات مع العراق بعد سقوط الرئيس صدام حسين.

وتقلت الوكالة عن شفيق الغبرا أستاذ العلوم السياسية بجامعة الكويت، إن الأمير الراحل أدار سياسة خارجية مدروسة للغاية بالنسبة لدولة صغيرة، وكان الوسيط الوحيد المقبول في أزمة الخليج التي وضعت قطر في مواجهة تحالف من 4 دول عربية هي السعودية والإمارات والبحرين ومصر.

رجل السلام

والشيخ صباح الذي حكم الكويت لمدة 14 عاما، يمتلك مسيرة طويلة في اتفاقات ومبادرات السلام بدأها حتى قبل توليه المنصب الأكبر في بلاده.

خلال فترة السبعينات والثمانينات، شارك الأمير في جهود وساطة لإنهاء الأعمال العدائية بين شمال وجنوب اليمن، وكذلك القتال بين عمان واليمن.

وكان أمير الكويت أيضًا لاعبًا رئيسيًا في وقف العنف بين باكستان وبنجلاديش في السبعينيات وبين بلغاريا وتركيا في الثمانينيات.

كذلك، كان الشيخ صباح والكويت شريكين رئيسيين للسعودية في التوسط باتفاق الطائف لعام 1989 الذي أنهى الحرب اللبنانية وعزز سمعة الوزير آنذاك كدبلوماسي بارع، وفقا لصحيفة ذا ناشيونال.

إعادة بناء العلاقات مع العراق

في سبتمبر 1989، زار الشيخ صباح بغداد والتقى بصدام حسين رئيس العراق آنذاك في محاولة لحل النزاعات الحدودية طويلة الأمد ومطالبات العراق بالجزر الكويتية.

وحتى بعد اجتياح العراق للكويت سنة 1990، قاد الأمير جهود إعادة بناء العلاقات مع بغداد رغم إصرار الكويت على تأمين تعويضات الحرب من العراق لتحصيل ثمن ما نهبته قوات صدام.

ولاحقا، كرئيس للوزراء، تحدث الشيخ عن دعم بلاده للشعب العراقي في الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك عام 2003 وواصل العمل على تحسين العلاقات بين الجيران.

ثم زار بغداد بعد الإطاحة بصدام عام 2003 وطالب بدعم الشعب العراقي.

وبعد 22 عامًا من الغزو، كان أمير الكويت أحد القادة العرب القلائل الذين حضروا قمة جامعة الدول العربية في العراق عام 2012.

وقد كانت تلك القمة التي عقدت في مارس 2012 منبوذة إلى حد كبير من القادة العرب بسبب الإحساس السائد في العديد من عواصم الشرق الأوسط بأن بغداد أصبحت شديدة الارتباط بطهران.

وخلال القمة قال الشيخ صباح: “أعبر عن سعادتي منذ أن وطأت قدمي أرض العراق الصديق بعد أن استعاد حريته وكرامته وديمقراطيته بعد مرحلة مظلمة”.

وعام 2018، ترأس أمير الكويت المؤتمر الدولي لإعادة إعمار العراق والذي ضم ممثلين عن 76 دولة ومنظمة دولية.

وتعهدت الكويت وحدها بتقديم 2 مليار دولار من أصل 30 مليار دولار في شكل ائتمان واستثمار للعراق لمساعدة البلاد في التعامل مع التداعيات التي خلفها تنظيم داعش.

لكن في نهاية المطاف، حال الفساد وعدم الاستقرار السياسي في بغداد دون صرف تلك الأموال.

اليمن والقذافي والمقاطعة

وخلال فترة حكمهما، حافظ الأمير على علاقات معتدلة مع الرئيس الليبي السابق معمر القذافي رغم العداوة التي حملها باستمرار إلى الرياض.

أما في اليمن، وخلال القمة الخليجية الأخيرة التي استضافتها الكويت عام 2017، وصف الشيخ صباح الصراع في اليمن بأنه “مأساوي”.

واستضاف الأمير قمتي سلام في اليمن في محاولة لإنهاء القتال الذي أشعلته سيطرة المتمردين المدعومين من إيران على العاصمة.

وفي الآونة الأخيرة، ساعدت جهود الشيخ صباح في احتواء خلاف دول مجلس التعاون الخليجي عام 2014 بعد أن سحبت السعودية والإمارات والبحرين سفراءها من قطر.

وكان الأمير وراء العديد من المبادرات التي حاولت معالجة “المقاطعة” الكبرى التي اندلعت في منتصف عام 2017.

السياسة الداخلية

وفي الداخل، تقول بلومبرج إن الشيخ صباح ذو الشخصية الجذابة كان “حاكماً تكتيكياً” وموقراً إلى حد كبير من قبل شعبه.

وتابعت: “مع ذلك حافظ الأمير على قبضته القوية على السلطة وصد احتجاجات الشوارع التي قادتها المعارضة في أعقاب ثورات الربيع العربي التي طالبت بإصلاح الديمقراطية في الكويت”.

صعوبات اقتصادية

في عهد الشيخ صباح ، أصيب الاقتصاد الكويتي بالركود، وخضع بشكل شبه كامل لتقلبات أسعار النفط حيث لم تتجاوز جهود تنويع الاقتصاد مرحلة التخطيط.

وقد أدى الانخفاض الحاد في أسعار النفط بعد عام 2014، إلى النيل من نظام الرفاهية الفخم ودفع البلاد إلى المعاناة من عجز كبير في الميزانية باستمرار.

وخلال فترة ولايته، دفعت الحكومات المتعاقبة بقرارات صعبة من بينها خفض الدعم وفرض الضرائب.

مسيرة الشيخ صباح

ولد الشيخ صباح في الكويت في 16 يونيو 1929، قبل أن تصبح البلاد مصدرا ثريا للنفط.

وهو الإبن الرابع لأمير كويتي سابق هو الشيخ أحمد الجابر الصباح الذي حكم خلال الفترة من عام 1921 إلى عام 1950.

وتلقى الأمير الراحل تعليمه في مدارس كويتية، واعتبر نيويورك من بين الأماكن المفضلة لديه، وكان يتردد على عمان في رحلات الصيد وكان من أشد المعجبين بنادي برشلونة.

محطات في حياة أمير الكويت :

1929 : ولد

1962: وزير الإعلام والإرشاد

1963: وزير الخارجية

1978: وزير الإعلام والخارجية ونائب رئيس الوزراء

2003: رئيس الوزراء

2006: أمير الكويت

أهم مبادرات أمير الكويت الراحل:

1989: شريك رئيسي مع السعودية في التوسط لاتفاق الطائف الذي أنهى الحرب اللبنانية

1989: زار بغداد والتقى صدام حسين لحل نزاعات حدودية قبل “حرب الخليج”

2003: زار بغداد بعد الإطاحة بصدام حسين لتحسين العلاقات ودعم العراقيين

2012: أحد القادة العرب القلائل الذين حضروا قمة جامعة الدول العربية في العراق

2014: احتواء خلاف دول الخليج بعد سحب السعودية والإمارات والبحرين سفراءهم من قطر

2017: وصف الصراع في اليمن بأنه مأساوي واستضاف قمتي سلام لإنهاء الحرب

2017: إطلاق عدة مبادرات لإنهاء المقاطعة الخليجية

2018: ترأس المؤتمر الدولي لإعادة إعمار العراق وتعهد بتقديم 2 مليار دولار

*جهود وساطة أطلقها الشيخ صباح في السبعينات والثمانينات:

بين شمال وجنوب اليمن

بين عمان واليمن

بين باكستان وبنجلاديش

بين بلغاريا وتركيا