رحلة «جوميا» من شركة تكنولوجيا معلومات إلى كيان استثمارى يدير منصة خدمات متكاملة

هشام صفوت الرئيس التنفيذى بمصر يكشف لـ«CEO Level»:

رحلة «جوميا» من شركة تكنولوجيا معلومات إلى كيان استثمارى يدير منصة خدمات متكاملة
محمود جمال

محمود جمال

10:56 ص, الأحد, 6 مارس 22

تخطط شركة جوميا مصر لخدمات التجارة الإلكترونية للتحول إلى منصة خدمات متكاملة تحقق لها عائدات على المدى طويل الأجل من خلال التوسع فى طرح خدمات قيمة مضافة واستقطاب عملاء جدد انطلاقًا من إيمان المجموعة الأفريقية بالفرص الاستثمارية الواعدة داخل السوق المصرية مع توافر بنية تحتية مؤهلة لذلك، بخلاف أغلب دول القارة السمراء.

وحلّ هشام صفوت، الرئيس التنفيذى للشركة، ضيفًا، مساء الخميس الماضى، على برنامج «CEO Level» الذى يقدمه حازم شريف، رئيس تحرير جريدة المال، على قناة «المال» عبر موقع يوتيوب.

وقال صفوت، خلال البرنامج، إن “جوميا” تستهدف تحقيق معدل نمو ثنائى بحجم أعمالها، خلال السنوات الثلاث المقبلة، مع الاستمرار فى ضخ استثمارات تستهدف رفع وعي المستهلكين بأهمية التجارة الإلكترونية ومهارات الشراء أونلاين، علاوة على زيادة نسبة انتشار خدمات e-commerce، موضحًا أن الشركة حققت مبيعات، خلال العام الماضى، على مستوى الـ11 دولة أفريقية التى تعمل بها، بلغت قيمتها 990 مليون دولار، عبر توصيل 34 مليون طلب (أوردر)، وخدمة 8 ملايين مستهلك بالقارة السمراء.

كما استعرض رحلة تطور عمل الشركة منذ نشأتها فى نيجيريا خلال عام 2012، مرورًا بطرح جزء من أسهمها ببورصة نيوريوك كأول شركة أفريقية متخصصة فى تكنولوجيا المعلومات، وصولًا إلى التحديات التى تعرقل حركة نمو نشاط التجارة الإلكترونية ومطالب الدعم للصناعة.

وأكد أن نشاط التجارة الإلكترونية ما زال غير مربح للشركات فى الوقت نفسه، وقال إن “جوميا” تصنِّف نفسها كشركة ناشئة بالقطاع فى سوقٍ تحمل مزيدًا من فرص النمو الواعدة محليًّا وأفريقيًّا، مشيرًا إلى أن الشركة افتتحت مؤخرًا أول مركز تقني لتطوير جميع منصاتها الإلكترونية بواسطة مطورين مصريين من المتوقع أن يضم 250 مطورًا بنهاية العام الحالي.

وإلى نص الحوار…

● حازم شريف: من هو هشام صفوت ؟ وكيف بدأ حياته العلمية والمهنية قبل تولّى رئاسة الشركة؟

هشام صفوت: تخرجت فى كلية الهندسة جامعة عين شمس تخصص ميكانيكا (Power) عام 2000، وكنت مولعًا بالحاسب الآلى قبل التحاقى بالجامعة، وبدأت الحصول على شهادات متخصصة فى تكنولوجيا المعلومات أثناء فترة دراستى.

وقررت العمل بعد التخرج مباشرة بإحدى شركات تجارة التجزئة بمنطقة الشرق الأوسط، وتحولت من التخصص الفنى فى نشاط الحاسب الآلى إلى بيع المنتجات نفسها منذ عام 2003، ثم تدرجت بعد ذلك فى المناصب حتى أصبحت مسئولًا عن إدارة العمليات فى هذه الشركة بمصر.

وفى عام 2013 بدأ نشاط التجارة الإلكترونية يخطو نحو الانطلاق مع حداثة النشأة، واتخذت حينها قرارًا صعبًا، ولكن كانت لدى رؤية وكنت متحمسًا لهذا القطاع والتحقت بشركة جوميا مصر رئيسًا للقطاع التجارى بها، ومنذ أواخر 2014 أصبحت رئيسًا تنفيذيًّا لها.

● حازم شريف: ما اسم شركة التجزئة التى التحقت للعمل بها خلال عام 2003؟

هشام صفوت: شركة كمبيومى لتجارة الكمبيوتر.

مصر ثانى أكبر دولة بالمجموعة من حيث الحجم.. ولدينا عمليات فى شمال وشرق وغرب أفريقيا

● حازم شريف: من هى شركة جوميا؟ وما طبيعة الخدمات التى تقدمها للعملاء، خاصة مع وجود لاعبين آخرين بالمجال؟

هشام صفوت: جوميا هى مجموعة أفريقية بدأت نشاطها خلال عام 2012، وتعمل حاليًّا فى 11 دولة أفريقية تغطى شمال ووسط وجنوب القارة، وتعد مصر ثانى أكبر دولة من حيث حجم السوق داخل المجموعة، والتى تهدف إلى تقديم تكنولوجيا التجارة الإلكترونية من أجل مساعدة المجتمعات المحلية على النمو.

بناء على ذلك، تصنف جوميا نفسها كشركة تكنولوجيا معلومات وليس تجارة إلكترونية فحسب، فإستراتيجية المجموعة ترتكز على قطاع تكنولوجيا المعلومات الذى تستطيع من خلاله تطوير منصات إلكترونية متعددة يتم طرحها بالأسواق التى تتواجد بها، بالتعاون مع شركاء ينضمون إليها من أجل زيادة حجم أعمالهم.

● حازم شريف: هل ترى أن انتشار جوميا فى 11 دولة أفريقية فقط خلال 10 سنوات يعد كافيًا، خاصة أن شركات التكنولوجيا تعرف بضرورة سرعة الانتشار والنمو؟

هشام صفوت: بالنظر إلى التوزيع الجغرافى لـ11 دولة أفريقية، سنجد أن جوميا لديها انتشار فى منطقة شمال أفريقيا بالكامل تقريبًا، فى مصر وتونس والجزائر والمغرب، كما تعمل أيضًا فى كينيا وأوغندا بمنطقة شرق القارة، ونيجيريا وغانا وكوت ديفوار فى غرب أفريقيا، بالإضافة إلى دولة جنوب أفريقيا.

من ناحية أخرى تتسم السوق الأفريقية بالصعوبة؛ بدليل أن الشركات العالمية الأخرى بدأت عملها فى مناطق مختلفة من العالم شهدت تطورًا كبيرًا للتكيف مع تطورات قطاع تكنولوجيا المعلومات، إلا أن أفريقيا تعد أحدث عضو ينضم إلى ذلك النادى، وتعتبر جوميا أول شركة أفريقية فى هذه السوق وتعمل على تطوير البنية التحتية للقطاع بالتعاون مع حكومات الدول العاملة بها.

فى الوقت نفسه تعانى دول القارة السوداء تحديًا آخر يتمثل فى عدم وجود بنية تحتية مؤهلة لدى أغلبها لتحفيز هذا القطاع على تحقيق النمو، كما تتفاوت درجة الوعى بالنشاط من دولة لأخرى، وتؤمن الشركة بهذا التحدى انطلاقًا من قناعة جميع مستثمريها بالفرص الواعدة داخل النشاط فى منطقة ناشئة.

● حازم شريف: كم تبلغ القيمة السوقية للشركة فى بورصة نيوريوك؟

هشام صفوت: تم طرح -15 %20 من أسهم جوميا فى بورصة نيوريوك، بقيمة سوقية بلغت 2 مليار دولار.

● حازم شريف: هل تشهد القيمة السوقية للشركة حاليًّا استقرارًا عند مستوى 2 مليار دولار أم تراجعت؟

هشام صفوت: تراجعت.. لكن يجب ألا تنسى أن الطرح فى البورصة له أهداف معينة، على رأسها استقطاب أكبر عدد من المستثمرين الراغبين فى الاستثمار بالقطاع فى المنطقة التى تعمل بها الشركة.

ويرجع سبب اختيار المجموعة لقيد أسهمها فى بورصة نيويورك، إلى اهتمام المستثمرين داخلها بقطاع التجارة الإلكترونية تحديدًا، فضلًا عن وجود أغلب شركات التكنولوجيا بها.

وتشهد القيمة السوقية للشركة خلال رحلة العمل تباينًا من وقت لآخر نتيجة مجموعة ظروف داخلية وخارجية، إلا أن جوميا تمتلك خطة استثمارية طويلة الأجل ما زالت فى بدايتها داخل السوق الأفريقية رغم مرور 10 أعوام على نشأة المجموعة، فعدد سكان القارة السوداء يتجاوز المليار نسمة، بينهم أكثر من 500 مليون مستخدم للإنترنت.

لكن السؤال الأهم: هل يمتلك هؤلاء كل الخدمات التى يستطيع هذا القطاع توفيرها لهم؟ وهل لديهم الوعى الكافى؟ ستكون الإجابة بالقطع “لا”، ولهذا ما زالت فرص النمو قائمة.

إتاحة برامج تحفيزية للمديرين والقيادات.. منها خيار تملك الأسهم stock option

● حازم شريف: هل تتيح جوميا خيار تملك الأسهم stock option للمديرين؟

هشام صفوت: يوجد برامج تحفيزية خاصة للمديرين أو القيادات فى كل دولة تتواجد بها الشركة، ومنها الـstock option، خاصة أن أحد عوامل النجاح يتمثل فى ضمان مشاركة القيادات.

نتحمل نفقات توعية المستخدمين وتنمية مهارات الشراء أونلاين

● حازم شريف: ما نموذج العملbusiness model الذى تستند إليه منصة جوميا لخدمات التجارة الإلكترونية؟ وكيف يختلف عن باقى المنافسين؟

هشام صفوت: قامت جوميا كشركة تكنولوجيا معلومات بإنشاء 3 منصات؛ أولاها تعمل فى قطاع التجارة تحت اسم (جوميا) وهى بوابة إلكترونية تتيح للشركات الصغيرة والمتوسطة والعلامات التجارية المحلية والعالمية استعراض منتجاتها أونلاين، بالإضافة إلى منصة أخرى تتعلق بنشاط اللوجيستيات تمكِّن الشركات العاملة فى خدمات التوصيل بمختلف أحجامها داخل الأسواق التى تتواجد بها المجموعة، من توظيف التكنولوجيا فى عمليات التوصيل، وأخيرًا منصة المدفوعات الإلكترونية تحت مسمى «جوميا باى» لخدمة قطاع التجارة الإلكترونيةعمومًا وكل شركاء النجاح، وتتواجد المنصات الثلاث داخل السوق المصرية.

وكانت منصة جوميا تعتمد عند إطلاق نشاطها رسميًّا فى مصر خلال عام 2012 على نموذج عمل واحد يتمثل فى جذب أكبر عدد من الشركات العارضة عن طريق تنفيذ عمليات بيع وشراء معها، ومع مرور الوقت ونمو قطاع التجارة الإلكترونية استطعنا تحويل المنصة إلى مفهوم market place عبر إتاحة الفرصة لأية شركة لعرض المنتج وتحديد المواصفات وسعر البيع والكميات المخزنة، وتلعب جوميا هنا دور حلقة الوصل بين أكبر عدد من المستهلكين والشركات.

● حازم شريف: هل تمتلك جوميا مخازن للمنتجات؟

هشام صفوت: نقدم المخازن كخدمة لشركائنا بهدف توصيل المنتج للعميل بشكل أسرع، وبالأخص المنتجات سريعة الدوران، وتوفر جوميا هذه الخدمة، سواء للعميل أو الشركة العارضة، كما يتيح ذلك للشركة نفسها التأكد من كل معايير الجودة قبل الشحن للمستخدمين.

● حازم شريف: دعْنا نوضح إذًا أن نموذج عمل جوميا قائم على عدم وجود أسطول خاص لتوصيل المنتجات للعملاء مع توافر مخازن لا تتوافر بها غالبية المنتجات، والاعتماد على توصيل المستهلك للمنتج وتنفيذ المعاملة التجارية عبر منصة الشركة.

هشام صفوت: نعم بالتأكيد، ولكن يوجد أحيانًا بعض المنتجات التى تقتنيها جوميا بشكل حصرى من خلال شراء هذه المنتجات من المصنّعين مباشرة وتمثل نسبة ضئيلة جدًّا.

● حازم شريف: ماذا تقصد بمفهوم «منتج حصرى»؟

هشام صفوت: على سبيل المثال قد تطلق شركة هواتف إصدارًا جديدًا لها بمصر وترغب فى تسويقه بشكل حصرى على جوميا التى تقوم بشراء المنتج مباشرة من العلامة التجارية عن طريق وكلائها وطرحه على منصتها الإلكترونية، وفى هذه الحالة يكون متوافرًا داخل مخازن الشركة نفسها.

● حازم شريف: كم يبلغ عدد العمليات المنفَّذة على منصة جوميا للتجارة الإلكترونية خلال 2021؟ وكذلك حجم المعاملات المالية؟

هشام صفوت: نقدم 3 أنواع من الخدمات داخل جميع الأسواق التى نعمل بها، أولاها خدمات تتعلق ببيع المنتجات التقليدية physical goods مثل الأغذية والإلكترونيات والملابس، بينما يتمثل النوع الثانى فى خدمات توصيل المأكولات من المطاعم أو السوبر ماركت بواسطة منصة «جوميا فوود»، أما النوع الثالث فهو الخدمات الإلكترونية مثل دفع فواتير الكهرباء والغاز والتليفون عن طريق منصة «جوميا باى».

ويعدّ الربع الأخير من كل عام أهم توقيت للشركة سنويًّا؛ كونه يتضمن أهم حملة تخفيضات، وهى البلاك فرايداى التى أطلقتها الشركة لأول مرة فى مصر خلال عام 2014، كما تعتبر فرصة كبيرة لزيادة مبيعات الشركات العارضة إذ تسجل بعض الكيانات نموًّا خلال تلك الفترة بنسبة تصل إلى %100 مقارنة بالعام السابق لها.

وبحسب نتائج أعمال المجموعة، خلال الربع الأخير من 2021، سجلت جوميا نموًّا فى قيمة المبيعات بنسبة بلغت %20 بإجمالى 330 مليون دولار، بينما بلغ حجم عملياتنا على مستوى أفريقيا 11 مليونًا و300 ألف عملية من خلال خدمة 3.8 مليون مستهلك أفريقى.

سجلنا 990 مليون دولار مبيعات العام الماضى.. وتوصيل 34 مليون طلب

على صعيد آخر حققت الشركة مبيعات، خلال العام الماضى، بقيمة 990 مليون دولار، وحوالى 34 مليون طلب (أوردر) على مستوى الـ11 دولة أفريقية التى تعمل بها جوميا، من خلال خدمة 8 ملايين مستهلك بالقارة السمراء.

● حازم شريف: هل تقيس المؤشرات المالية السابقة أداء المنصات الثلاث المملوكة لجوميا؟

هشام صفوت: نعم، جميع الخدمات التى تقدمها جوميا.

● حازم شريف: هل تشمل نتائج الأعمال خدمات اللوجيستيات أيضًا؟

هشام صفوت: قامت منصة اللوجيستيات المملوكة للشركة بتوصيل 34 مليون طلب، خلال العام المنصرم.

نسبة انتشار التجارة الإلكترونية بأفريقيا لا تتجاوز %2 مقابل %20 بالصين و%25 بأمريكا

● حازم شريف: كيف تصنف جوميا نفسها بين المنافسين الإقليميين والعالميين مثل أمازون ومجموعة على بابا؟

هشام صفوت: تعد التجارة التقليدية offline هى المنافس الرئيسى للمجموعة، خاصة أن سوق التجارة الإلكترونية فى أفريقيا ما زالت لا تتجاوز نسبة الـ%1.5 بينما تتراوح النسبة فى السوق المصرية بين 2 و%2.5 من حجم التجارة؛ وهى نسب غير مؤكَّدة، وبناء على ذلك تقوم المجموعة بتوظيف أغلب استثماراتها فى تحويل المستهلكين من قطاع التجارة التقليدية إلى نظيرتها الـ«أونلاين» وليس لمنافسة منصة أخرى على جزء صغير جدًّا من حجم السوق ككل.

فسوق التجارة الإلكترونية لم تصل بعدُ لمرحلة التشبع على غرار قطاع المحمول، ومن ثم يسهم دخول لاعبين جدد محليين أو إقليميين أو عالميين فى نمو القطاع، فعلى سبيل المثال قطاع اللوجيستيات الذى يخدم جميع عمليات منصات التجارة الإلكترونية لجوميا والشركات الأخرى سيستفيد مع نمو حجم أعمال هذه الشركات، وسيتمكن من خفض تكلفة تقديم الخدمة نفسها، ومن ثم إتاحة خدمة التوصيل للعملاء بسعر أقل.

● حازم شريف: نعود مرة أخرى للحديث عن ترتيب جوميا وسط المنافسين فى الأسواق التى تعمل بها.

هشام صفوت: تحتل مجموعة جوميا المركز الأول فى السوق الأفريقية بلا منازع، فى مجال التجارة الإلكترونية.

هيكل المساهمين يضم مستثمرين مقتنعين بقدرات القارة السمراء

حازم شريف: عندما تأسست جوميا فى نيجيريا خلال عام 2012 استثمرت فى نشاطٍ قطعت خلاله الشركات العالمية شوطًا كبيرًا وحصدت جولات تمويلية متعاقبة، الأمر الذى يضع الشركة أمام خيارين؛ أحدهما الاندماج مع شركة أخرى أو زيادة حجم أعمالها بحيث تصبح جاذبة لمستثمرين جدد.

هشام صفوت: ليس بالضرورة أن تستحوذ شركة كبرى على أخرى صغيرة، ولكن العكس صحيح تمامًا إذ بدأت الشركات الكبرى فى صورة كيانات صغرى، لذلك يضم هيكل المساهمين لجوميا مستثمرين مؤمنين بقدرات القارة الأفريقية بعيدًا عن الشركات العالمية المتواجدة فى أمريكا وأوروبا وآسيا.

● حازم شريف: كل ما أُثير من أطروحات سابقة هى أهداف مشروعة، ولكن بالتأكيد يبحث المستثمر دائمًا عن السيناريو الأنسب للتخارج فى عالم الأعمال.

هشام صفوت: أى شركة مدرجة فى بورصة يضم هيكل مساهميها مستثمرين يحملون توجهات مختلفة، حيث يوجد مستثمر لديه نظرة قصيرة الأمد يهدف إلى تحقيق ربح سريع، وآخر يبحث عن تسجيل عائد مستقبلى بناء على رؤية استثمارية تتعلق بمعدل نمو القطاع فى المناطق المتقدمة.

سوق خدمات E-COMMERCE لم يصل بعد لمرحلة التشبع على غرار «المحمول»

وتعتمد المجموعة على مقارنة دول أفريقيا على صعيد خدمات E-COMMERCE مع أسواق متطورة مثل الهند والصين وكيف حققت معدلات نمو ملحوظة، ففى الهند على سبيل المثال تتراوح نسبة انتشار خدمات التجارة الإلكترونية بين 7 و%9 والصين من 15 إلى %20مقابل %25 فى أمريكا، الأمر الذى يمثل دافعًا قويًّا للمستثمرين، خاصة أن النسبة تدور فى أفريقيا بين 1 و%2.

وأغلب الشركات العالمية فى قطاع التجارة الإلكترونية تعمل بمبدأ الـCross broaders، فى حين تعمل مجموعة جوميا داخل السوق الأفريقية عبر شركات تابعة على أرض الواقع عن طريق منتجات مصنعة داخل القارة السوداء، مما يعد نموذج عمل مختلفًا تمامًا عن شركات موجودة فى أمريكا مثل أمازون، أو الصين على غرار «على بابا» والذين يسعون إلى توصيل منتجاتهم للقارة التى نعيش بها.

● حازم شريف: ما معدل العائد على الاستثمار فى قطاع التجارة الإلكترونية بأفريقيا عمومًا وداخل كل سوق تعمل بها جوميا على حدة؟

هشام صفوت: يعتمد نمو قطاع التجارة الإلكترونية على ضخ استثمارات لتغطية الخسائر المحقَّقة، خاصة مع عدم توافر معلومات كافية لدى المستهلك المصرى أو الأفريقية حول كيفية التسوق أونلاين، ومن ثم تتحمل الشركات نفقات طائلة كمرحلة أولى من أجل توعية المستهلكين بمفهوم التجارة الإلكترونية نفسه، يلى ذلك تنمية مهارات الشراء عبر شبكة الإنترنت، سواء عبر تطبيقات للمحمول أو مواقع إلكترونية، بالإضافة إلى وجود خطة لزيادة وتنويع عدد الخدمات المقدَّمة لضمان ولاء العملاء للمنصة.

فمنذ 10 أعوام كان تركيز المستهلكين ينصبّ على شراء أجهزة المحمول والمنزلية، ومع مرور الوقت أصبح يتجه نحو شراء السلع الغذائيةوالملابس والأزياء، لكن لا يمكن تحميل كامل تكلفة الخدمة للمستهلكين انطلاقًا من حرص الشركة على تنمية القطاع.

وتلجأ الشركات من أجل تقليل هذه الخسائر إلى تقديم خدمات مدفوعة للشركاء؛ بهدف تحقيق التوازن بين مصروفاتها وإيراداتها.

تطوير نموذج أعمال أكثر مرونة للمتغيرات العالمية يقلل خسائر التجارة الإلكترونية

● حازم شريف: هل تضمنت القوائم المالية للشركة، خلال العام الماضى، تسجيل خسائر؟

هشام صفوت: نعم، ومع مرور الوقت تنخفض هذه الخسائر بسبب وجود نموذج أعمال أكثر مرونة للمتغيرات العالمية.

● حازم شريف: متى تتحول جوميا إلى نقطة التعادل بين الإيرادات والمصروفات على غرار أمازون؟

هشام صفوت: غير مصرح لى بصفتى رئيسًا تنفيذيًّا للشركة فى مصر الإدلاء بأية تفاصيل فى هذا الصدد، إلا أن قطاع التجارة الإلكترونية فى أمازون مثلًا ما زال يتكبد خسائر حتى الآن، لكن تمتلك خدمات أخرى مثل أمازون ويب سيرفيس تحقق أرباحًا، وعند دمج القطاعات معًا تظهر النتائج المالية تحقيقها أرباحًا.

● حازم شريف: هل تعمل جوميا على تطوير قطاعات أخرى لجنى الأرباح؟

هشام صفوت: نعمل على تقديم خدمات قيمة مضافة ضمن خطة جوميا للتحول إلى منصة متكاملة تقدم خدمات تدرّ أموالًا للشركة لتحقيق التوازن بين الاستثمارات المنفَّذة والعائدات المتوقعة، وتدور كل المباحثات مع الجهات الحكومية فى تأكيد أن قطاع التجارة الإلكترونية يسجل خسائر كبيرة ناجمة عن ضخ كبار اللاعبين فى السوق المصرية استثمارات ضخمة، إلا أن ذلك الأمر لن يستمرّ لفترات طويلة.

لذلك يجب دعم هذا القطاع، خاصة أن اللاعبين الجدد على السوق يستفيدون من وجود بنية تحتية مؤهلة، وهو الأمر الذى لمسناه مؤخرًا من خلال ظهور أجندة التجارة الإلكترونية على توجهات الحكومة المصرية فى الوقت الحالى.

● حازم شريف: ما طبيعة الدعم الذى تحتاج إليه جوميا من الحكومات الأفريقية والمصرية كما هى الحال فى الأسواق العالمية؟

هشام صفوت: يوجد اتجاهان أساسيان؛ أولهما أن تطوير المنصة نفسها يتيح إدماج الاقتصاد غير الرسمى والذى يستحوذ على نسبة تتراوح بين 60 و%70 من حجم السوق، ومن ثم فإن منح حوافز تتمثل فى صورة إعفاءات ضريبية لمدة عام أو عامين، بالإضافة إلى امتيازات فى الدعم، أو قروض ميسرة، تعد كلها من الأمور المطلوبة.

كما يجب أيضًا دعم شركات الشحن التى تخدم القطاع فى مجال اللوجيستيات عبر حوافز مالية أو تقديم أسعار مدعمة للوقود، خاصة أن التجارة الإلكترونية تتسم بإتاحة المنتجات للمحافظات والأقاليم، والتى لا تستطيع التجارة التقليدية تغطيتها بشكل كبير فى ظل ندرة المنتجات أو وجود مغالاة فى الأسعار عن طريق شبكة تجار يتحكمون فى مستويات الأسعار داخل هذه المناطق، فى حين أن التجارة الإلكترونية توضح للمستهلك السعر الحقيقى للمنتج، لكن يظل العائق يتمثل فى كيفية توصيل المنتج بأقل تكلفة.

من ناحية أخرى تسعى منصات التجارة الإلكترونية إلى تحقيق أهداف دعائية، بخلاف البيع، فعلى سبيل المثال قامت جوميا، خلال الربع الثانى من عام 2020 خلال الموجة الأولى من جائحة فيروس كورونا وما ترتب عليها من حالة إغلاق تام للأسواق العالمية، بالتركيز على عرض المنتجات محلية الصنع على منصتها، ومن ثم يجب دراسة كيفية استخدام المنصات الإلكترونية فى تطوير الاقتصاد المحلى ودعم التجارة الداخلية فى المناطق التى تفتقر إلى وجود تجارة تقليدية بالشكل المتعارَف عليه.

● حازم شريف: ما ملامح إستراتيجية جوميا فى مصر خلال الـ5 سنوات المقبلة؟

هشام صفوت: نهدف إلى جعل جوميا المنصة الأكثر استخدامًا بين المصريين الذين يمتلكون هواتف محمولة متصلة بشبكة الإنترنت عبر العمل على تطوير الخدمة القائمة وطرح خدمة جديدة كل فترة، فى الوقت الذى تنمو خلاله سوق التجارة الإلكترونية ذات أرقام ثنائية سنويًّا.

وتُولى الشركة اهتمامًا كبيرًا بقطاع حلول المدفوعات الإلكترونية منذ مطلع 2022، خاصة أن نمو التجارة الإلكترونية فى أية دولة مرتبط بشكل كبير بالمدفوعات الإلكترونية، إلا أن التجارة الإلكترونية فى مصر ما زالت قائمة على مبدأ الدفع عند التسلم cash on delivery، من هنا أطلقنا منصة جوميا للدفع الإلكترونى، وحصلنا خلال الربع الأخير من 2021، على رخصة من البنك المركزى المصرى لتقديم خدمات الدفع الإلكترونى خارج منصة جوميا.

كما أنشأت الشركة كذلك مركزًا تقنيًّا لتكنولوجيا المعلومات فى السوق المصرية كأول مركز لتطوير التكنولوجيا بواسطة مطورين مصريين للمجموعة بأفريقيا، ويعود اختيار مصر؛ لأسباب كثيرة، منها توافر الكفاءات البشرية فى مجال تطوير البرمجيات، ويضم حاليًّا نحو 150 مطورًا مصريًّا من محافظات مختلفة، ولديه فرع آخر فى مدينة الإسكندرية، ونستهدف الوصول إلى 250 مطورًا بنهاية العام الحالى.

ويعمل المركز على تطوير كل المنصات الإلكترونية الخاصة بشركة جوميا.

● حازم شريف: هل يمكن القول إن نموذج عمل نشاط المدفوعات الإلكترونية الجديد قائم على المنصة نفسها دون امتلاك نقاط بيع pos؟

هشام صفوت: نعم، عبر منصة جوميا باى فقط.

● حازم شريف: ما الأنشطة الأخرى التى تدرس المجموعة طرحها فى مصر؟

هشام صفوت: من بين الخدمات الجديدة أيضًا هو تحول مفهوم التجارة الإلكترونية e-commerce إلى مفهوم التجارة السريعة Q-Commerce والتى ترتكز على إنشاء مخازن منتشرة فى مناطق كثيرة يمكن من خلالها توصيل الطلب للعميل فى غضون أقل من 30 دقيقة فقط، وسيتم الإعلان عن كل التفاصيل خلال المرحلة المقبلة.

● حازم شريف: هل يعنى ذلك حصول جوميا على مخازن صغيرة الحجم متقاربة فى المسافات؟

هشام صفوت: نعم، وخصوصًا للمنتجات سريعة الاستهلاك، وتحديدًا مواد البقالة، وذلك ضمن خطة الشركة لزيادة عدد المستهلكين وعدد مرات استخدام منصة جوميا نفسها.

● حازم شريف: كم يبلغ عدد المخازن المتوقع إطلاقها فى هذا الصدد؟

هشام صفوت: لا يمكن الإفصاح عن رقم محدد، ولكن يعد ذلك توجهًا عالميًّا، كما أنه من المتعارف عليه فى السوق المصرية وصول منتجات البقالة فى غضون فترة زمنية تتراوح بين 15 و30 دقيقة.

● حازم شريف: هل تعتزم جوميا تنفيذ خطط أخرى فى مصر؟

هشام صفوت: نستهدف التركيز على المنتجات المحلية من خلال شركائنا المصنّعين، وصولًا إلى الحِرف اليدوية، بالتعاون مع مؤسسة ساويرس وبنك الإسكندرية عبر إنشاء منصة إلكترونية لهم داخل جوميا من أجل عرض منتجاتهم.

● حازم شريف: هل تتجه جوميا لتوقيع اتفاقات مشابهة مع شركات تمويل استهلاكى على غرار تعاونها مع فاليو؟

هشام صفوت: توجد اتفاقات مع بنوك مثل «الأهلى» و«مصر» وشركات مختلفة من أجل تقديم خدمة اشترى حاليًّا وادفع لاحقًاbuy now &pay later والبيع بالتقسيط بصفة عامة؛ بهدف خدمة قطاعات عريضة من المجتمع فى ظل زيادة معدلات التضخم.

● حازم شريف: كيف تفكر الشركة فى إعادة هيكلة عملياتها وهندسة أوضاعها الداخلية؟

هشام صفوت: نهدف فى المقام الأول إلى زيادة عدد المستهلكين، خاصة أن المستثمر لن يتحمل وقتًا طويلًا لجنى العائدات، ولا توجد خطط لدينا حاليًّا لفصل أية قطاعات داخل الشركة فى كيانات مستقلة، ولا سيما مع حرص الشركة على تنوع الخدمات المقدَّمة للعملاء، مقارنة بالمنافسين.

● حازم شريف: هل يفرض مبدأ التنوع من أجل التكامل قيودًا على الشركة فى المنافسة مع المنصات المشابهة؟

هشام صفوت: يفضل المستهلك دائمًا توجيه مدفوعاته ومشترياته مع منصة واحدة فقط، بدلًا من التعدد، فالعالم كله يتجه حاليًّا نحو مفهوم السوبر آب «super app» يضم جميع الخدمات.

● حازم شريف: ما معدل النمو المستهدف للشركة فى حجم الأعمال خلال الـ3 سنوات المقبلة؟

هشام صفوت: نخطط لتحقيق معدل نمو ثنائى، ولا أستطيع الإفصاح عن النسبة المستهدفة بالتحديد.