منذ نحو ثلاث سنوات ونحن نتمنى شيئاً لا يأتى أبداً!
الجميع فى حالة ترقب.. شعباً وحكومة!
لا حديث للناس فى المقاهى والنوادى والمصايف و«المشاتي»، ولا لرجال الأعمال فى مجالسهم الخاصة، ولا حتى للمسئولين فى اجتماعاتهم شديدة الخصوصية، سوى عن التغيير الحتمى المتوقع.
لحظات ظن البعض منا فى البداية أنها استثنائية، أصبحت مع مرور الوقت واقعاً معاشاً، ينبغى أن تتكيف معه.
كيف؟
بأن تتجمد، تتحول إلى رجل أو امرأة من جليد.
ضع نفسك ومشاعرك وجهدك وطاقتك فى ثلاجة محكمة الأغلاق، حتى لا تتبدد سدى، فتعجز عن مطاوعتك، حين تحين اللحظة المناسبة مع قدوم التغيير.
حاول أن تمنع عقارب ساعتك من الدوران، وأن تقتل الملل أولاً بأول، وهو يشرع إلى التسلل بداخلك على مدار اليوم، وأن تكبت الأحلام فى رأسك، عسى أن يأتى الغد بما يحفزك على أن تطلق سراحها مرة أخرى.
تناول طعامك وشرابك وتعامل مع ملبسك وعملك وحياتك كلها بطريقة ميكانيكية، فلن يزيدك الإقبال على هذا كله- لو خالفت النصيحة السابقة- إلا إحباطاً وهما.
أقبض على مدخراتك، خفض مصروفاتك، أرجئ التفكير فى الاستثمار- إذا كان قد تبقى معك ما تستثمره أصلاً- ولا تنشغل كثيراً بالمستقبل، وتمنى فقط غداً أفضل لأطفالك وأنت تودعهم فى رحلتهم اليومية إلى المدرسة.
تحلى بالصبر وأنت تتابع على صفحات الجرائد والمجلات مع طلعة كل نهار، معارك وتطاحن الوزراء والمحافظين والمسئولين مع بعضهم البعض، وكن متسامحاً والتمس لهم العذر، فهم مثلك ينتظرون التغيير، ولكنهم على النقيض منك يخشونه، ويخاف كل منهم أن تأتى لحظة التغيير، وهو يحمل فى عنقه مسئولية حدث جسيم، كسحابة سوداء متكررة، أو معدلات نمو متباطئة، أو سياسة نقدية تحاصرها الخلافات ونقص البنى والأدوات من كل جانب.
لا تجهد نفسك كثيراً فى التفكير والتحليل والتنبؤ بأسماء المسئولين المرشحين لمغادرة مناصبهم أو البقاء فيها، ولا تصغ باهتمام إلى الشائعات التى تسمى رئيس الحكومة والوزراء والمحافظين الجدد، فكلها أمور قد تؤثر على سلامة العقل، بقدر ما لا تخضع لحسابات العقل نفسه على المستوى العملى فى أرض الواقع.
فقد يتوقع الجميع أن يرحل مسئول، فلا يزيده ذلك إلا نفوذاً فى الحكومة الجديدة، وقد يرشح الكل مسئولاً آخر للترقى، فلا يشفع له ذلك فى عدم العودة إلى مقاعد المتفرجين.
باختصار كن معلباً، وضع مفتاح نفسك فى جيب سرورالك الداخلى، واحفظها- نفسك- فى ظروف مواتية، ضد التلف والإحباط والهم والغبار، فربما يأتى التغيير المنتظر، بما يدعوك إلى الخروج من حالة رجل الجليد.
حازم شريف
2:02 م, الأحد, 16 نوفمبر 03
حازم شريف
2:02 م, الأحد, 16 نوفمبر 03
End of current post