رئيس وزراء الهند بين خيارين: إسعاد الناخبين أو إطعام العالم

مصر اعتمدت الهند مصدرا لواردات القمح

رئيس وزراء الهند بين خيارين: إسعاد الناخبين أو إطعام العالم
أيمن عزام

أيمن عزام

11:53 م, السبت, 7 مايو 22

من المرجح أن يؤدي تنامي مهددات الأمن الغذائي إلى دفع رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي إلى معضلة الاختيار بين مواصلة تصدير القمح إلى بلدان العالم المتضررة من انكماش الإمدادات بفعل الحرب في أوكرانيا أو تخزين الغذاء داخل البلاد لمنع ارتفاع معدلات التضخم.

وبحسب وكالة بلومبرج، تسببت موجات الحر الحادة في إتلاف محاصيل القمح في الدولة الواقعة جنوب آسيا مما دفع الحكومة إلى طرح خيار فرض قيود على الصادرات.

وبينما قالت وزارة الغذاء الهندية إنها لا تعتقد حاليا بوجود حاجة لضبط صادرات القمح، فإنها قضية مرشحة لاكتساب الزخم وخلق تداعيات سياسية قادرة على التأثير على مودي وحزبه الحاكم بهاراتيا جاناتا.

تلميع صورة رئيس وزراء الهند

وسعى مودي إلى تلميع صورته وتحسين سمعته وإبرازه كزعيم عالمي جدير بالثقة، لكنه يواجه تزمرا داخليا جراء ارتفاع معدلات التضخم إلى قمم قياسية، وهذه قضية قد تسببت في إسقاط الحكومة السابقة ومهدت الطريق لصعوده إلى السلطة.

وقال مودي الأسبوع الجاري مخاطبا تجمعا يضم العاملين الهنود في ألمانيا:” في الوقت الذي يواجه العالم نقصا في القمح، فإن مزارعي الهند قد قرروا المساهمة بإطعام العالم.”

وأردف :” حيثما واجهت الانسانية مشكلة ما، تقدمت الهند لإيجاد حل.”

وتقدمت الهند لملء الفراغ الناجم عن تضرر وسائل النقل عبر منطقة البحر الأسود بفعل الحرب في أوكرانيا.

وقررت مصر التي تتصدر قائمة مشتري القمح في العالم الاعتماد على الهند مؤخرا واتخاذها مصدرا لواردات القمح.

وقال وزير الغذاء والتجارة الهندي بيوش جويال إن الهند تأمل في أن تصبح دولة مصدرة دائمة للقمح وشحن ما يربوا على 15 مليون طن العام الجاري، صعودا من 7.2 مليون طن في 2021-22.

ويحاول المسئولون الهنود حث منظمة التجارة العالمية على تيسير القواعد حتى يتسنى السماح للهند بالتصدير اعتمادا على الاحتياطيات المحلية.

لكن التحديات المحلية باتت أكثر حدة خلال الأسابيع القليلة الماضية. وتضررت مئات الأفدنة من محصول القمح خلال شهر مارس الماضي الذي عانت خلاله الهند من أعلى درجات الحرارة على الإطلاق، مما تسبب في إتلاف نسبة 50% من المحصول في بعض المناطق داخل البلاد.

سد العجز في الإمدادات

وقال فرانك جيبوجدي، محلل المخاطر السياسية لدى مجموعة إيرواسيا الاستشارية إن إتلاف المحصول سيقيد قدرة الهند على سد العجز في الإمدادات.

وتستهلك الهند صاحبة ثاني أكبر تعداد سكاني في العالم كميات من القمح تصل إلى 107.9 مليون طن، بحسب وزارة التجارة الإمريكية.

وأضاف:” في ظل التأثير الحالي لموجات الحرارة، فإن إدعاء الهند قدرتها على إطعام العالم عبر تصدير فوائض القمح – حال حصولها على تصريح من منظمة الصحة العالمية – يبدو محض هراء.”

وبسبب عرقلة سلاسل التوريد بفعل الحرب، ارتفعت أسعار الشحن وتزايد التعرض لحوادث الطقس الحادة وارتفاع التضخم محليا، خصوصا ما يتعلق بأسعار الحبوب والزيوت.

وفي إشارة على تزايد القلق، قررت الهند رفع أسعار الفائدة الأساسية في خطوة مفاجئة الأربعاء، مما دفع أسعار السندات والأسهم للتراجع. وفي مارس، ارتفعت أسعار التجزئة لتصل إلى أعلى مستوياتها خلال 17 شهرا عند نسبة 6.95%.

ضغوط تضخمية أشد حدة

وقال محافظ البنك المركزي الهندي إن الضغوط التضخمية باتت أشد حادة، خصوصا ما يتعلق منها بالغذاء.

وبلغت أسعار التجزئة فيما يتعلق بالقمح مستوى 29 روبية للكيلو جرام  في المتوسط يوم 5 مايو، لتسجل ارتفاعا بنسبة 7% مقارنة بذات الفترة من العام الماضي.  

وجرى تداول الدقيق المصنوع من الحبوب عند 33 روبية، ليصعد بنسبة 8% مقارنة بذات الفترة من العام الماضي، بحسب بيانات حكومية.

ومنذ وصوله إلى السلطة عام 2014، سعى مودي إلى لعب دور أكبر على صعيد الشئون العالمية، سواء عبر تحفيز الاستثمارات الأجنبية عبر تحرير قوانين الضريبة الهندية أو توفير ملايين اللقاحات المضادة لفيروس كورونا.

وعندما تزايدت الإصابات والوفيات الناجمة عن المتحور دلتا في الهند عام 2021، هرعت الحكومة لزيادة إمدادات اللقاحات محليا بعد أن ارسلت الكثير منها للخارج.

وقالت الحكومة الهندية الخميس الماضي إنها لا تعتقد بوجود حاجة في الوقت الراهن لفرض قيود على صادرات القمح. لكن التقييم ربما يختلف لاحقا، إذ أن ناتج القمح يتجه صوب التراجع إلى مستوى 105 مليون طن عام 2021-22، بحسب أحدث التقديرات. يقل هذا الناتج عن توقعات سابقة استقرت عند 111 مليون طن وعن حصاد بلغ العام الماضي مستوى 109.6 مليون طن.