ألقى الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء ، كلمة بشأن دور الإعلام العربي في الوقت الراهن، في ضوء الأوضاع الإقليمية والعالمية المُحيطة، خلال فعاليات منتدى الإعلام العربي 2020، في دورته التاسعة عشر التي تقام افتراضياً.
وتوجه رئيس الوزراء في مستهل كلمته بالتحية للمشاركين في المنتدى السنوي، الذي يُعقد تحت رعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات العربية الشقيقة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي.
وقال رئيس الوزراء إنه يتأكدُ يومًا بعدَ يومٍ أهميةُ الإعلامِ في واقعِنَا المَعيشيِّ، وعالمِنا المعاصر،ِ فأصبحَ لهُ دورٌ مُهمٌ في شرحِ القضايا وطرحِهَا على الرأيِ العامِّ، لأجلِ تهيئتِهِ إعلاميًّا، وتتعاظَمُ هذهِ الأهميةُ معَ التقدمِّ التِّقَنِيِّ الهائلِ في عالمِ الاتصالاتِ.
ولفت إلى أنه بالعودةِ قليلاً إلى الوراءِ، حينَمَا كانَ الإعلامُ تقليديًّا، يقدِّمُ رسالتَهُ المنوطةَ بهِ، إخبارًا، وتثقيفًا، وتوعيةً، وتنويرًا، وبنظرةٍ إلى الإعلامِ في وقتِنَا الراهنِ، نُدركُ أنَّهُ أصبحَ سلاحًا مِنْ أقوَى الأسلحةِ المنوط بها الدفاع عن الدولة الوطنية وتثبيت أركانها، ومُجابهةِ الأخطارِ التي تُحيطُ بِهَا سواءً بالداخلِ أوْ الخارجِ.
وأضاف رئيس الوزراء أن القرنُ الحادِي والعشرينَ يُعدُّ عصرُ الإعلامِ والدعايةِ الدوليةِ بكلِّ مكوناتِهَا السياسيةِ، والعسكريةِ، والاقتصاديةِ، والاجتماعيةِ، وأنه معَ ثورةِ الاتصالاتِ والمعلوماتِ، أصبحَ العالمُ قريةً إلكترونيةً صغيرةً.
وتابع أنه معَ مَا تُشكِّلُهُ وسائلُ الإعلامِ منْ دورٍ بالغِ التأثيرِ، في العمليةِ السياسيةِ، ومَا تعكِسُهُ منْ طبيعةِ العلاقةِ بينَ الدولِ ومجتمعاتِهَا، وتعزيزِ قيمِ المشاركةِ السياسيةِ، وصُنعِ القرارِ السياسيِّ، فقد أصبحَتْ وسائلُ الإعلامِ، إمَّا مصدرَ قوةٍ للدولِ أو مصدرَ ضعفٍ لهَا، يمكنُ استغلالُهُ في حروبِ الجيلِين الرابعِ والخامسِ.
وأضاف أن وسائلُ الإعلامِ العربيةُ والعالميةُ في الآونةِ الأخيرةِ، ركَّزَتْ على التهديداتِ والتحدياتِ التِي تواجهُ المنطقةَ، ومنْهَا ظاهرةُ الإرهابِ والتطرفِ، ومَا لَهَا منْ انعكاساتٍ علَى المنطقةِ العربيةِ وعلى العالمِ أجمعَ، وأنها لاشكَّ ظاهرةٌ تحظَى باهتمامِ الشعوبِ، والحكوماتِ في شتَّى أنحاءِ العالمِ، لِمَا لهَا منْ آثارٍ خطيرةٍ على أمنِ الدولِ واستقرارِها بل ومستقبلها بوجه عام.
وأكد الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء أن مصر واجهَتْ عِدةَ تهديداتٍ وتحدياتٍ، كانَ للإعلامِ دورٌ بارزٌ فيهَا، فيمَا يتعلقُ بالملفِ المائيِّ، ومَا دارَ حولَهُ منْ شائعاتٍ وأكاذيبَ، وكذلك الصراعِ في ليبيا، إضافةِ إلى الصراعاتِ على مصادرِ الطاقةِ في شرقِ المتوسطِ.
وتابع أنه منْ هذهِ المُنطلقاتِ يتضحُ لنا الدورُ المُهمُّ للإعلامِ في مكافحةِ الإرهابِ، والفكرِ المتطرفِ المُؤسِّسِ لَهُ، منْ خلالِ نشرِ الفكرِ الوسطيِّ المعتدلِ وقيمِ التعايشِ المشتركِ، حيثُ إنَّ العالمَ حاليَّا، يشهدُ ثورةً تقنيةً ومعلوماتيةً أتاحتْ لوسائلِ الإعلامِ مزيدَ مِنَ الفرصِ لتعظيمِ دورِهَا وتحقيقِ رسالتِهَا وأهدافِهَا، منْ خلالِ ظهورِ الكثيرِ منْ وسائلِ الإعلامِ الحديثةِ، ذاتِ القدرةِ العاليةِ على الوصولِ لقطاعاتٍ جديدةٍ مِن الجمهورِ لمْ يكُنْ في مقدورِ وسائلِ الإعلامِ التقليديةِ الوصولُ إليها.
وقال رئيس الوزراء أنه مِن المؤسفِ أنَّ العديدَ مِن الجماعاتِ الإرهابيةِ استغَلَّتْ بعضَ وسائلِ الإعلامِ للترويجِ لخِطابِهَا المُضلِّل ، ووظفتْهَا كذلك في تجنيدِ المزيدِ مِن الأتباعِ، الأمرُ الذِي يُحتِّمُ بطبيعةِ الحالِ قلبَ الطاولةِ على مَا تسعَى إليهِ تلك الجماعاتُ منْ أهدافٍ خبيثةٍ تُزعزِعُ استقرارَ الأوطانِ، منْ خلالِ قيام الإعلامِ بدوره الحقيقى بشكلٍ واعٍ مستنيرٍ لمحاربةِ الفكرِ الإرهابيِّ.
وأضاف أن التطورَ التكنولوجيَّ أتاح لَنَا الاستفادةَ منْ تطبيقاتِ الذكاءِ الاصطناعيِّ بِمَا لَهَا منْ قدرةٍ عاليةٍ علَى تَتَبُّعِ مثلِ تلك الأخبارِ والشائعاتِ الهدَّامةِ، ورغمَ إيمانِنَا بالدورِ الحيويِّ للتكنولوجيَا، في تطويرِ بيئةِ العملِ الإعلاميِّ، فإنَّ هذا لا يَعنِي أنَّ التكنولوجيا وحدَهَا كافيةٌ لخَلْقِ إعلامٍ قويٍّ حيث يظلُّ الإبداعُ الإنسانيُّ، والفكرُ الابتكاريُّ، والعملُ البشريُّ الخلَّاقُ، مِنْ أهمِّ الأعمدةِ الأساسيةِ التِي تُحقِّقُ منظومةً إعلاميةً مُتميزةً قِوامُهَا إعلاميونَ، على قدرٍ عالٍ مِن الكفاءةِ والمهارةِ والتميزِ والمهنية.
وقال رئيس الوزراء إن مصر حقَّقَتْ نجاحاتٍ عديدةً في ملفِ الإرهابِ رغمَ الدعمِ الكبيرِ الذِي يتلقَّاهُ منْ جهاتٍ كثيرةٍ، ومصر مَا زالَتْ في طريقِهَا للقضاءِ عليهِ وبترِهِ منْ جُذورِهِ، وتساندها وسائل الإعلامِ المهنية في توضيحِ الحقائقِ وكشفِ الوجهِ الحقيقيِّ للإرهابِ وإظهارهِ للمجتمعِ الدوليِّ ليكونَ شاهدًا وداعمًا لِمَا تقومُ بِهِ مصرُ في حمايةِ أرضِهَا والمنطقةِ بأسرِهَا، بلْ والعالمِ كلِّهِ منْ خطرِ الإرهابِ.
وتابع: “ولذا أحيى جهودَ مؤسساتِ الدولةِ الإعلاميةِ ومراكزِهَا الفكريةِ وجامعاتِهِا في إبرازِ مساوئِ الإرهابِ التي تُعانِي منْهَا جميعُ الدولِ، وتفكيكِ المنظومةِ الفكريةِ للتنظيماتِ الإرهابيةِ وتحليلِهَا للقيامِ بمُعالجتِهَا وحمايةِ شبابِنَا منْ أغلالِهَا” .