استطاع مكتب «Ideal Group Consulting» الاستشارى متعدد التخصصات ما بين الإنشائى والإلكتروميكانيكال، تنفيذ حجم أعمال خلال عام 2020 تتجاوز 2.8 مليار جنيه، فيما يواصل المكتب خططه التوسعية لاقتناص مزيد من الأعمال مستندا على ندرة تخصصاته بالسوق المحلية، والطفرة العمرانية الحالية.
وفى هذا الإطار حاورت «المال» رئيس مجلس إدارة واحد من أبرز المكاتب الاستشارية العاملة فى مجال ومكافحة الحريق وأنظمة الإنذار، وهو الدكتور مهندس حاتم صادق، رئيس مكتب «Ideal Group Consulting» والأستاذ بكلية الهندسية بجامعة حلوان، للتعرف على أبرز مشروعات المكتب وما الذى يحتاجه قطاع الاستشارات ليحرز مزيدا من التقدم والاستقرار، ورؤيته للسوق المصرية.
أصبح التخصص حالياً سمة رئيسية فى معظمة المشروعات التى تشهدها السوق المصرية، فلم يعد مطلوباً من الاستشارى العام للمشروع أن يجيد تنفيذ جميع مكونات وعناصر المشروع، بل أصبح من الضرورى اللجوء إلى استشارى متخصص سواء كان معماريا أو إنشائيا أو إلكتروميكانيكال، ولعل أحد أبرز هذه التخصصات هو مجال الإلكتروميكانيكال ومكافحة الحريق وأنظمة الإنذار لما يشهده من تعقيدات فنية ويستلزم كفاءات وخبرات قادرة على الوفاء بمتطلبات هذا التخصص الهام.
بداية، قال الدكتور حاتم صادق، إن مكتب «Ideal Group Consulting» تأسس فى عام 1996، وهو مكتب استشارى متعدد التخصصات ما بين الإنشائى والإلكتروميكانيكال وغيرهما، ويمتلك فى سابقة أعماله أكثر من 1985 مشروعا على مستوى العالم، وأبرز الأسواق التى عمل بها المكتب الاستشارى الإمارات والسعودية وقطر والبحرين وليبيا والنمسا وإيطاليا والمغرب والسودان وجيبوتى ونيجيريا، ويعتبر المكتب معتمدا من أفضل وأكبر الجهات العالمية ومن بينها «CFPS Engineer».
وأضاف أن المكتب يركز حالياً على السوق المصرية، لأنها تشهد حالياً طفرة إنشائية هائلة، يقودها الرئيس عبد الفتاح السيسى وحكومته، جعلت من مصر السوق الأنشط على مستوى المنطقة بل وأصبح هو الذى يجذب الشركات الأجنبية للعمل به، وذلك على العكس من العقدين الأخيرين، حيث كانت تتركز الأعمال بأسواق الخليج.
وأشار إلى أن المكتب يحرص على تنمية وتطوير مهارات العنصر البشرى على الدوام من خلال إيفادهم لحضور المؤتمرات الدولية المتخصصة وتنظيم دورات تدريبية يحاضر فيها متخصصون على المستوى العالمي، فيجب على المهندسين أن يكونوا على دراية تامة بأحدث التكنولوجيا فى المجال الهندسي.
نستحوذ على %60 من السوق ونسبة أعمال الإلكتروميكانيكال تتراوح بين 10 إلى %15
ولفت إلى أن المكتب استطاع حجز مقعد له فى صدارة قطاع الإلكتروميكانيكال من بين أكبر 4 مكاتب متخصصة، وتصدر منفرداً مجال مكافحة الحريق، وتكفى الإشارة إلى أن حصة المكتب تصل إلى 60%من مشروعات مكافحة الحريق، بينما تتراوح نسبة المكتب من أعمال الإلكتروميكانيكال بصورة عامة ما بين 10 إلى %15
وكشف صادق أن حجم أعمال المكتب خلال عام 2020 تجاوز 2.8 مليار جنيه، مشيراً إلى أن أكبر المشروعات خلال هذا العام كان مجمع مصانع الرخام التى افتتحها رئيس الجمهورية مؤخراً فى كلٍ من العريش ورأس سدر والمنيا وأسوان وجفجافة بسيناء، وبالفعل بدأت نسبة كبيرة من هذه المصانع فى العمل والإنتاج.
وأضاف أن المكتب عمل أيضاً مع الهيئة الهندسية للقوات المسلحة فى مدينة غرب الشروق، والتى تعد من أحد أكبر المدن الجديدة، وتمثل دور المكتب فى الاستشارات الخاصة بأعمال مكافحة الحرائق وأنظمة الإنذار وسحب الدخان ومسالك الهروب للطوارئ، كما تعاون المكتب مع جامعة القاهرة وتحالف «أوراسكوم ـ بيسكس» فى مشروع المتحف الكبير والذى سيكون المتحف الأكبر عالمياً.
ولفت إلى أن المكتب عمل سابقاً مع «محرم باخوم» فى إنشاء أنظمة مكافحة الحرائق فى أنفاق السويس والتى تعد ثانى أطول نفق عالمياً حيث يصل طولها إلى 10 كيلو مترات تقريباً.
وأشار إلى أنه هناك فئة من المشروعات التى تستلزم اشتراطات محددة، فنظام مكافحة الحرائق فى قطاع المستشفيات يختلف عن الأبراج ناطحات السحاب يختلف عن المصانع يختلف عن المنشآت البترولية، فمثلاً فى المستشفيات يتم مراعاة أن تكون البدائل المتاحة للطوارئ فى نفس الطابق نظراً لوجود مرضى غير قادرين على الهروب إلى الشارع، وبالتالى يتم تقسيم الطابق إلى فراغات متجاورة بحيث يمكن للقائم على مراقبة أنظمة الحريق أن يفصل بين كل فراغ وآخر بما يمنع امتداد الحرائق إلى الفراغ المجاور.
وعلى صعيد المشروعات الخارجية، قال صادق إنه من بين أبرز هذه المشروعات كان مشروع مجمع محطات فى مدينة روما بإيطاليا وشملت أدوار المكتب أنظمة مكافحة الحريق وتأمين المخارج والمداخل وأنظمة الإنذار وأبواب الطوارئ.
وبشكل عام، قال الدكتور حاتم صادق إن قطاع الاستشارات الهندسية فى مصر يعانى من عدم وعى لدى بعض الأفراد بأهمية التخصص فى مجالات الاستشارات، فنجد أن الاستشارى الإنشائى يتدخل فى عمل الاستشارى المتخصص فى أعمال الإلكتروميكانيكال، وهو ما ينتج عنه أخطاء ومخاطر وتكلفة فى تنفيذ المشروعات.
وطالب أستاذ الهندسة بجامعة حلوان فى هذا الصدد، بضرورة أن تقوم نقابة المهندسين بوضع تصنيف لكافة المهندسين، فهناك فرق بين المكتب الهندسى وبين المكتب الاستشارى وبيت الخبرة، كما هناك نوعية من المشروعات التى تستلزم خبرات معينة فى المكاتب الاستشارية التى تنافس عليها، فمثلاً مشروعات الأبراج ناطحات السحاب التى اتجهت مصر لإنشائها مؤخراً، لا يجب السماح لأى استشارى أو مصمم العمل بها وإنما يجب أن يمتلك حد أدنى من الخبرات التى اكتسبها سابقاً فى مشروعات مشابهة، وهو ما سيصب فى مصلحة المشروع فى النهاية.
واقترح أن يتم الاستعانة بإحدى الجهات الدولية المحايدة والمشهود لها بالكفاءة والأمانة لوضع تصنيف كافة الاستشاريين، وذلك من خلال عدة معايير مثل عدد المشروعات وحجمها ونوعها وخبرات المهندسين داخل كل مكتب.
كما أوضح أن القطاع يعانى من مشكلة أخرى، وهى لجوء بعض المكاتب الاستشارية غير الجادة لحرق الأسعار لحسم المنافسة لصالحها، ثم تصطدم بعد ذلك بعدم تمكنها من استكمال المشروع بالأسعار التى حددتها سابقاً بما يضر فى النهاية كافة أطراف القطاع بداية من المالك الذى سيتوقف مشروعه أو تظهر به العديد من العيوب مستقبلاً، ثم الاستشارى الجاد الذى رفض حرق أسعاره، مشيراً إلى التصنيف الذى طالب به سيعالج هذه الظاهرة السلبية.
ولفت إلى أن الفترة الأخيرة شهدت منافسة جديدة من جانب عدد من الاستشاريين الأجانب، ورغم أن الاستشارى المصرى يمتلك أفضلية عالية نتيجة لانخفاض تكاليفه الإدارية ودرايته التامة بمعطيات القطاع واحتياجاته، إلا أن الاستشارى الأجنبى يتسلح بالاسم القوى وخبراته العريضة عالمياً، موضحاً فى هذا الصدد لعدم تفعيل قانون نقابة المهندسين والذى يفرض على الاستشارى الأجنبى الدخول فى شراكة أو تحالف مع نظير له مصرى على أن لا تقل نسبة الأخير عن %51 وهو ما أسفر عن وجود كيانات أجنبية تعمل فى مصر دون أى استفادة للمكتب المصري.
وأشاد صادق بجهود الدولة التنموية خلال السنوات الأخيرة، والتى كان أبرز ملامحها إنشاء مدن جديدة متكاملة تتوافق مع تكنولوجيا البناء الحديثة بما يجعلها مدن ذكية، مثل العاصمة الإدارية الجديدة والعلمين الجديدة وغيرهما، مشيراً إلى أنه الهدف القادم للدولة يجب أن يكون الوصول إلى «الانبعاث الصفري» من خلال إعادة تدوير جميع النفايات لإنتاج مواد مثل الطاقة والوقود وغيرها، وهو أحدث أساليب التخطيط العمرانى دولياً.
وأكد أن هذه المدن تفتح آفاق تنمية جديدة ولها آثار إيجابية عديدة، فعلاوة على الأهداف المتعلقة بتفتيت الكتل السكانية من مناطق الزحام والتوسع الأفقى وزيادة مساحة العمران، فهناك هدف اقتصادي، فقطاع الإنشاءات يمثل %25 من حجم الاقتصاد المصري، ورواجه يضمن تشغيل أكثر من 20 مهنة وصناعة مرتبطة بما يحدث نشاط ورواج اقتصادي.
وشدد صادق على أهمية التعليم الفنى فى المنظومة الهندسية المصرية، حيث يعانى القطاع فى توفير العمالة الفنية الماهرة والتى تستطيع مواكبة حالة الحراك العمرانى الحالي، وذلك فى الوقت الذى يمكن لمصر أن تستثمر فيه فى التعليم الفنى وتكون بؤرة تصديرية عظمى لباقى دول المنطقة فنسبة الشباب تصل إلى %70 من تعداد الشعب، وهو ما سيزيد من موارد مصر من النقد الأجنبى من خلال زيادة تحويلات المصريين بالخارج.
وألمح إلى أنه بالتوازى مع تطوير التعليم الفنى يجب على الدولة تبنى مخطط لربط التعليم العالى بمتطلبات العمل وتأهيل الخريجين بالمهارات الأساسية التى يحتاجها للاندماج فى سوق العمل.
وأشار إلى أن الدولة بدأت مخططاً طموحاً فى هذا المجال بإنشاء 15 جامعة أهلية جديدة، ولكن يجب على هذه الجامعات العمل ومبكراً على الحصول على الاعتمادات الدولية اللازمة بما يفتح فرص عمل للخريجين خارج مصر، على أن تختص هذه الجامعة بتحديد التخصصات التى تحتاجها مصر والمطلوبة فى الأسواق العالمية، وتطوير طرق تقييم وامتحان الطلاب، وهو ما سينهض بالعملية التعليمية.
ولفت إلى أن الدولة يمكن أن تتخذ من المشروع القومى لتطوير وإنشاء 4500 قرية، والتى أعلن عنها الرئيس السيسى مؤخراً، نقطة انطلاق لتطوير مهارات العمالة، وذلك من خلال الاستعانة بالشباب من المحيطين بكل قرية فى تطوير قريته على أن يقود هؤلاء الشباب بعضاً من ذوى الخبرات فى كل تخصص، وهو ما سيخلق بعد انتهاء المشروع كوادر شابة ومدربة فى جميع أنحاء مصر قادرة على استكمال مسيرة العمران مستقبلاً.
وتوقع الدكتور حاتم صادق أن تصبح مصر خلال 5 سنوات أكبر سواق واعدة من حيث الجاذبية للاستثمارات متسلحة بذلك بسوق استهلاكية قوية للغاية قوامها 100 مليون فرد، وأن تحقق مصر خلال 10 سنوات نهضة قوية على غرار دول آسيا شريطة استمرار حالة الاستقرار ومسيرة التنمية وبنفس المعدل، وإذا اهتمت مصر بالقطاع الصناعى والعمل على زيادة المكون المحلى وزيادة صادرات مصر الصناعية ستصبح مصر خلال 20 عاماً من القوى الاقتصادية العُظمى وتحديداً من السبع الكبار.
وتخرج الدكتور حاتم صادق فى كلية الهندسة بجامعة القاهرة عام 1991، والتحق بالعمل بعد التخرج فى هيئة الطاقة الذرية ثم قام بالتدريس فى كلية الهندسة بجامعة حلوان بداية من 2003 تخللها رحلة عمل من خلال التدريس بالجامعة الأمريكية، وكان من أوائل من أدخل مقرر متخصص عن مكافحة الحريق فى جامعات الشرق الأوسط، ويمتلك العديد من براءات الاختراعات والمسجلة فى المنظمة العالمية للملكية الفكرية «WIPO».