رئيس «القطع المستردة» بـ«الآثار»: الحكومة تتابع قضية «اللوفر» منذ عامين قبل تداولها إعلاميا

«الحفر خلسة» من أبرز الصعوبات التى تواجهنا.. واتفاقية «اليونسكو» تجعل إثبات الملكية على بلد المنشأ وليس الحائز

رئيس «القطع المستردة» بـ«الآثار»: الحكومة تتابع قضية «اللوفر» منذ عامين قبل تداولها إعلاميا
دعاء محمود

دعاء محمود

9:24 ص, الأربعاء, 24 أغسطس 22

«مصر على دراية وتتابع منذ عام 2020 كافة التفاصيل المتعلقة بقضية التجارة غير المشروعة بالآثار المصرية والمتورط فيها مدير متحف اللوفر السابق»، بهذه العبارة عرض شعبان عبد الجواد رئيس إدارة الآثار المستردة بوزارة السياحة والآثار، الموقف المصرى إزاء تلك القضية التى تشغل الرأى العام العالمى منذ الكشف عنها بوسائل الإعلام العالمية فى شهر مايو الماضى لعام 2022.

وجدير بالذكر، أنه خلال شهر مايو الماضى، تم توجيه اتهامات إلى الرئيس السابق لمتحف اللوفر فى باريس جان لوك مارتينيز، الذى ترأّس أكبر متاحف العالم بين أعوام 2013 و2021، بالتواطؤ والاحتيال ضمن عصابة منظمة لتهريب المئات من القطع الأثرية المسروقة من مصر ودول أخرى فى المنطقة، وتم وضعه تحت الرقابة القضائية، إلا أن «مارتينيز» نفى هذه التهمة.

قضية اللوفر

وقال عبد الجواد فى حواره مع «المال»، إن هناك جهودا مُضنية مبذولة من كل الجهات المعنية الممثلة فى إدارة الآثار المستردة بالوزارة، والتعاون الدولى بمكتب النائب العام المصرى، ووزارة الخارجية ممثلة فى السفارة المصرية بباريس، بالإضافة إلى كافة الجهات الرقابية والأمنية بخصوص هذا الملف.

وأضاف عبد الجواد، أن هناك متابعة صارمة لسير التحقيقات ولا يتم الخوض فى تفاصيل القضية بوسائل الإعلام المختلفة حفاظًا على سريتها وحرصًا على نجاحها، مؤكدا أنه بمجرد انتهائها سيتم الكشف عن كافة التفاصيل المتعلقة بتلك القضية.

وأشار إلى أن الإدارة تنتظر انتهاء تحقيقات السلطات الفرنسية والأمريكية للعمل على استرداد كافة القطع الآثرية التى خرجت من مصر بطريقة غير شرعية، مشددا على استمرار الدولة المصرية بجميع مؤسساتها فى اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة بهذا الشأن.

الدول الرئيسية فى تجارة الآثار

وعن أبرز الدول التى يتم بها الاتجار فى الآثار، قال عبد الجواد، إن دول «أمريكا، سويسرا، فرنسا، إنجلترا وإسبانيا» بالإضافة إلى عدد من دول الاتحاد الأوروبى من أبرز الدول التى تشهد رواجًا فى تجارة الآثار.

وأضاف أن الدول التى تم استرداد آثار مصرية منها خلال الأعوام الأخيرة، هى أمريكا يليها دول «سويسرا، فرنسا، إنجلترا، اسبانيا، قبرص وبعض البلدان العربية مثل الإمارات، الكويت والأردن».

مافيا التهريب بسندات ملكية مزورة

وذكر عبد الجواد، أن من أهم القطع التى تم استردادها خلال الخمس أعوام الأخيرة، تابوت من الخشب المرصع بالذهب لكاهن يدعى «نجم عنخ»، كان بحوزة متحف المتروبوليتان الذى اشتراه من أحد تجار الآثار، منوها بأن هذا التابوت من أبرز القضايا فى ملف غسيل الآثار بسندات ملكية مزورة والتى لاقت رواجا على مستوى العالم.

وتابع أن متحف المتروبوليتان كان يمتلك وثائق ملكية تعود لعام 1971 ولكن بعد مجهودات لنحو عام ونصف مع مكتب المدعى العام الأمريكى، تم الكشف عن أنها مزورة والمتحف اشترى القطعة من أحد تجار الآثار الفرنسيين بعد سداد 5 ملايين دولار.

وأشار إلى أنه منذ عام 2015 وحتى الآن شهدت عملية استرداد القطع الآثرية من الخارج طفرة كبيرة، إذ تتعاون كافة الجهات المصرية فى استعادة القطع.

خط سير عمليات التهريب

وعن خط سير عمليات تهريب الآثار، قال عبد الجواد إن أوروبا تعتبر المركز الرئيسى فى عمليات التهريب إذ يتم تهريب القطع الآثرية إليها من دول المنشأ ومن أوروبا إلى الولايات المتحدة الأمريكية.

ولفت إلى أن أمريكا تُعد من الدول الكبرى فى تجارة الآثار المصرية ويساعدها فى ذلك مساحتها الشاسعة إذ تضم أكثر من 50 ولاية مما يُسهل من عمليات التهريب، متابعا أنه بعد ذلك يتم تهريب القطع إلى دول أخرى أو تُعرض فى صالات مزادات أو على مواقع البيع الإلكترونى.

إحصائيات لمدة 7 أعوام

وأكد أن إدارة الآثار المستردة التى يرأسها، نجحت بنسبة تخطت الـ %90 فى كافة القضايا التى تطالب فيها بحق مصر من آثارها المنهوبة فى الخارج، كاشفًا عن استرداد نحو 29 ألف قطعة آثرية على مدار 7 أعوام خلال الفترة من عام 2011 وحتى 2021.

ولفت عبد الجواد، إلى أن عام 2018 استحوذ على المركز الأول فى عدد القطع الآثرية المُستردة من الخارج بنحو 21 ألف و882 قطعة آثرية، موضحا أن تلك القطع المُستردة كانت مُهربة فى حاوية إلى دولة إيطاليا وبفضل الاتفاقية الثنائية الموقعة بين مصر والجانب الإيطالى عادت القطع سريعًا.

وأضاف أن العام الماضى 2021، شهد أيضًا ارتفاعًا فى عدد القطع المستردة من الخارج بواقع 5263 قطعة آثرية منها 5 الآف قطعة استردت من الولايات المتحدة الأمريكية و263 قطعة من دول أخرى.

وأشار إلى أنه فى عام 2015 تم استرداد نحو 451 قطعة آثرية من الخارج، وفى 2016 وصل عدد القطع المستردة إلى 363 قطعة، بينما فى عام 2017 قامت الإدارة باسترداد نحو 553 قطعة.

وتابع عبد الجواد، أنه خلال عام 2019 تم استرداد نحو 6 قطع آثرية، فيما وصلت عدد القطع المستردة إلى مصر فى عام 2020 إلى 466 قطعة آثرية.

2022 مبشر فى عودة القطع المهربة

وبسؤاله عن تفاصيل خطة الاسترداد خلال العام الجارى، قال إن أغلب عمليات استرداد الآثار تكون فى نهاية العام نظرًا لأن عملية الشحن والتغليف وإنتهاء القضايا يستغرق مدة زمنية طويلة، متابعا أن عام 2022 سيكون مبشرًا فى عودة القطع الآثرية المهربة.

وأوضح أنه خلال شهر يونيو الماضى، تم إجراء مباحثات مع مديرة الإدارة المعنية بالنقل الدولى للممتلكات الثقافية بمكتب الثقافة الفيدرالى، وممثلين من الأجهزة الفيدرالية المختلفة، من بينهم وزارة الخارجية السويسرية ومكتب العدل الفيدرالى ومكتب النائب العام بكانتون زيورخ، لبحث ملف استرداد الآثار المصرية المهربة وذلك فى ضوء الاتفاقية الموقعة بين البلدين فى عام 2010 بشأن منع استيراد ونقل القطع الأثرية بطرق غير مشروعة وإعادتها إلى موطنها الأصلى.

وأشار إلى أنه جارٍ الترتيب لاستعادة مجموعة من القطع الأثرية التى تنتمى للحضارة المصرية القديمة، سبق وأن تسلمها السفير وائل جاد، من مكتب الثقافة الفيدرالى فى أغسطس 2021.

وتشمل هذه القطع جزءا من تمثال سيدة من الألباستر، قطعة حجرية عليها نحت يمثل جزءا من المعبود بس، غطاء لإناء كانوبى من الحجر ممثل بالشكل الآدمى، تمثال أبو الهول من الحجر، ولوحة من الحجر عليها نقوش تمثل بعض الشخصيات والكتابات.

وكشف عن الجهود المبذولة من قبل الدولة المصرية للقضاء على مافيا تهريب الآثار، مشيرا إلى أن هناك جهودا كبرى للحد من الإتجار من خلال تأمين المواقع الآثرية، وتحديث الجزء الأمنى الخاص بكاميرات المراقبة والأسوار، بالإضافة إلى تسجيل وتوثيق كافة القطع الآثرية المصرية الموجودة فى المتاحف والمخازن.

وأضاف أنه يتم جرد المخازن المتحفية بشكل دورى، مشددا على أن كافة المنافذ البحرية والجوية والبرية مؤمنة وهناك مجموعة من المكاتب التابعة للوزارة مختصة بعمليات الفحص لأى قطعة مشتبه فى أثريتها.

الاتفاقيات الثنائية

وفى حديثه عن الاتفاقيات الثنائية، قال عبد الجواد إن مصر عقدت اتفاقيات ثنائية مع عدة دول بهدف المساعدة فى عمليات الاسترداد والحد من الإتجار فى الآثار.

وذكر أن مصر كانت أول دولة فى الشرق الأوسط وأفريقيا وقعت اتفاقية ثنائية مع الولايات المتحدة الأمريكية فى مجال استرداد الآثار خلال عام 2016، وتم تجديدها فى العام الماضى لمدة 5 أعوام مقبلة.

وأوضح أن الوزارة عقدت اتفاقيات ثنائية خلال الفترة الماضية مع عدة دول خاصة الدول المجاورة لمصر أبرزها «السعودية، ولبنان، والأردن، وقبرص، وإيطاليا، وإسبانيا، وسويسرا وأمريكا»، بالإضافة إلى دول أمريكا اللاتينية مثل بيرو، المكسيك والاكوادور إذ تعانى تلك الدول من تهريب آثارها أيضًا.

وأشار إلى أن الإدارة تتفاوض حاليًا مع دول فرنسا وإنجلترا لعقد اتفاقيات ثنائية للحد من الإتجار، بالإضافة إلى بعض دول الخليج العربى.

وأكد أنه بمجرد استقرار الأوضاع السياسية فى دولتى ليبيا والسودان سيتم إجراء مباحثات لعقد اتفاقيات ثنائية، لافتا إلى أن مصر تلقت طلبات من دول عربية مثل اليمن والعراق وليبيا وسوريا، والصين لاستنساخ التجربة المصرية فى عملية استرداد الآثار المهربة إلى الخارج.

طرق الاسترداد

وحول كيفية استرداد الآثار المصرية المفقودة أو المهربة فى الخارج، يقول رئيس إدارة الآثار المستردة، إن الإدارة تتابع كافة المزادات والمواقع الإلكترونية وفى حال تم رصد قطع آثرية تقوم بمخاطبة صالات المزادات لوقف البيع.

وأضاف أنه يتم إخطار السلطات المعنية والجهات الأجنبية، للمطالبة بوقف البيع فى المزاد حتى يتم التأكد من شرعية خروج القطع الأثرية من عدمها.

وأشار إلى أن هناك عدة طرق للاسترداد إما عن طريق الدبلوماسية والتفاوض وفى أغلب الأحيان نلجأ إليها وتنجح من خلال وزارة الخارجية المصرية والسفارات لأنهم بمثابة حلقة الوصل ويمتلكون القدرة لضبط الحوار مع العالم الخارجى.

وتابع عبد الجواد، أن هناك طرق أخرى وهى اللجوء للقضاء أو من خلال الاتفاقيات الثنائية، قائلا «احنا مش بندفع فلوس لاسترداد الآثار إلا فى حالات رفع القضايا أو القيام بأعمال الشحن والتغليف».

وشدد رئيس الإدارة، على أنه لا توجد قطعة آثرية مصرية يشتبه فى أثريتها الإ ويتم العمل على استردادها، مشددا على حرصهم لعودة القطع المهربة للخارج إلى مصر.

وأكد أن العمل على عودة الآثار المصرية المهربة ليس بغرض تخزينها ولكن الهدف هو ترميم القطع ودراستها ومن ثم عرضها على الجمهور فى المتاحف المصرية المختلفة.

تحديات وصعوبات

وعن أبرز الصعوبات التى تواجه مصر فى استرداد آثارها، قال عبد الجواد إن القطع الأثرية غير المسجلة والناتجة عن الحفر خلسة فى المناطق الأثرية، من أبرز المعوقات التى تواجه الإدارة، مشيرا إلى أن عمليات الحفر انخفضت خلال الفترة الحالية عن عام 2011.

وذكر أنه بعد ضبط قطع آثرية فى الخارج تطالب صالات المزادات بسند الملكية وصور القطع والنشر العلمى لها، مشيرا إلى أنه تم اتخاذ إجراءات للحد من عمليات تهريب الآثار من بينها أى بعثة أجنبية تعمل فى مصر عليها تسجيل كل قطعة آثرية فور اكتشافها، بالإضافة إلى وجود مرافقين مصريين لكل البعثات العاملة.

وأشار إلى صعوبة عملية استرداد بعض القطع الأثرية لأنها ليست نزاعا بين شخصين وإنما بين دولتين لكل منهما اتفاقيات وقوانين محلية مختلفة.

وتابع رئيس إدارة الآثار المستردة أنه من السهل اكتشاف آثار فى أرض مصر ولكن من الصعب استرجاعها بعد تهريبها للخارج، خاصة بعد أن يتملكها حائز أجنبى فى دولة لها قوانين مختلفة، ومن هنا نحاول التدخل بالدبلوماسية أو بالقانون لاستعادتها.

وأكد حرص الدولة على استرداد القطع الآثرية المُهربة للخارج بطرق غير شرعية، منوهاً بأن هناك قطع خرجت من مصر بطرق شرعية نظرا لوجود وثيقة ملكية كانت تسمح بخروج الآثار قبل إصدار قانون رقم 117 لعام 1983 والذى منع تجارة الآثار أو إهداءها بالكامل.

وأوضح أن الأزمة تكمُن فى أن مصر الجديدة مبنية على مصر القديمة، فالدلتا وشريط وادى النيل الذى يعيش فيه المصريون حالياً هو نفس المكان الذى عاش فيه القدماء.

ورفض الإفصاح عن عدد القضايا التى تعمل عليها الإدارة حالياً، إلا بعد الانتهاء منها والنجاح فيها حفاظًا على سريتها.

اتفاقية اليونسكو

وحول إمكانية تعديل اتفاقية اليونسكو، قال إن هناك بعض البنود التى لا تتماشى مع مصر فى الاتفاقية والمشارك فيها 139 دولة، من بينها عدم تطبيق الاتفاقية بأثر رجعى، موضحاً أن الوزارة تعوض ذلك من خلال الاتفاقيات الثنائية.

وأضاف أن الاتفاقية رغم أنها ساعدت كثيراً فى عودة الآثار المصرية المهربة، إلا أن تعديل البنود صعب لآن ذلك يحتاج إلى اقناع دول كثيرة مشاركة فى الاتفاقية والتى تضم دولا متضررة ودول الأسواق المباع بها الآثار.

وتابع أن بعض بنود الاتفاقية بها قصور إذ تضع عاتق إثبات ملكية القطع الآثرية على بلد المنشأ وليس حائز القطع.

واختتم بالإشارة إلى أهمية زيادة الوعى الآثرى وقيام وسائل الإعلام والدراما المصرية بتسليط الضوء على مخاطر الاتجار بالآثار، مضيفاً أن الدراما أحياناً تشجع البعض على البحث عن الآثار بهدف الثراء السريع.

يشار إلى أن الإدارة تم إنشاؤها عام 2002 بقرار من الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار الأسبق الدكتور زاهى حواس، بغرض متابعة ورصد كل ما يُعرض من آثار مصرية فى الخارج سواء عن طريق صالات المزادات والمواقع الإلكترونية أو ما يتم ضبطه من خلال التهريب للخارج.

جدول يوضح أعداد القطع الآثرية المُستردة من الخارج إلى مصر خلال 7 أعوام

عدد القطع المستردة من الخارجالعام
4512015
3632016
5532017
21 ألفًا و8822018
62019
4662020
52632021