شهدت أسعار مواد البناء وفى مقدمتها حديد التسليح تقلبات كبيرة خلال الأسابيع الماضية؛ فى ضوء عدم انتظام عمليات البيع والتوريد، وقال محمود مخيمر سليم، رئيس مجلس إدارة شعبة وكلاء وتجار الأسمنت ومواد البناء لدى الغرفة التجارية بالإسكندرية، إن تلك التقلبات أثرت بصورة سلبية على المستهلكين والتجار، وانعكست على السوق بصورة عامة.
وأضاف أن عددًا من شركات المقاولات الخاصة توقف بشكل شبه تام منذ أكثر من عام مما انعكس على سوق مواد البناء فى المحافظة الساحلية، وتراجعت حركة مبيعات القطاع بشكل ملحوظ، وتابع إن 40 % من التجار بالثغر تخارجوا من السوق بسبب عدم القدرة على مواجهة مصروفات التشغيل خلال العام الماضى.
وأشار- فى حواره لـ « المال » – إلى أن التقلبات السعرية لمواد البناء يرجع جزء منها إلى تذبذب حركة الأسعار العالمية، وتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، مضيفا أن عدة تجارتكبدوا على آثارها خسائر كبيرة بسبب تغير الأسعار المحلية للمنتجات فى فترة وجيزة، فضلا عن أن بعض الوكلاء عند شرائهم بالأسعار المرتفعة لم يستطيعوا بيع بضائعهم فيما بعد نتيجة تراجع ثمنها.
ولفت إلى أن سعر طن الحديد تراجع حاليا إلى 18 ألف جنيه فى المتوسط بعد أن بلغ 24 ألفا قبل عدة أسابيع، مشيرا إلى أن سعره لدى شركة الدخيلة يبلغ 18.171 ألف جنيه وبالسويس والمراكبى والمصرية 18.071ألف، بينما يبلغ سعر الطن الاستثمارى 17.900 ألف جنيه، ونوه بأن هذه الأسعار هى تسليم المصنع ويضاف إليها تكلفة نولون الشحن.
وكشف عن ارتفاع حجم البيع النقدى وانخفاض نظيره الآجل، منوها بأن البيع النقدى كان لا يزيد فى الظروف الطبيعية عن %20 من إجمالى المبيعات وكان الغالب فى التعاملات هو «الآجل» بنحو%80.
بينما وصل البيع النقدى إلى %50 من الحجم الإجمالى حاليا، والباقى عبر «الآجل».
وأضاف «مخيمر» أن الكميات المعروضة من مواد البناء سواء الحديد والأسمنت بالسوق المحلية تزيد عن حجم الطلب بنسبة %30 ورغم ذلك هناك ارتفاع فى أسعارها نتيجة زيادة تكاليف الإنتاج.
وأشار إلى أن عددًا من شركات الأسمنت تقدم حافزًا للتجار يتراوح من 10 إلى 15 جنيها على كل طن لتساعدهم فى مواجهة تلك التقلبات السوقية، لافتًا إلى أن أساطيل النقل لدى بعض التجار يعمل بـ %25 فقط من طاقته؛ نظرا لتراجع جدوى التشغيل، وعدم تغطية تكلفة تشغيل السيارات من سولار وزيت وقطع غيار ومساعد سائق وغيرها من المصروفات.
وتابع إنه نتيجة لأوضاع التشغيل السابق ذكرها، لجأ بعض التجار لتقليل عدد العمال والسائقين العاملين بسبب عدم قدرته على توفير رواتبهم.
ولفت إلى توقف حركة البناء الأهلى للأفراد حاليًا بعد أن كانت تمثل 90 % من عمليات التشييد على مدار السنوات الماضية مما أدى إلى ركود فى الأسواق.
وأشار إلى أن أسعار طن الأسمنت فى المتوسط بالنسبة لشركة العامرية للأسمنت تبلغ 1260 جنيها، وفى شركة الإسكندرية 1320 ولدى«المصريين» 1250 وبالسويدى 1240 فى حين تبلغ 1240 جنيهًا لدى مجموعة السويس التى تضم أسمنت السويس وحلوان وطرة.
بينما يبلغ سعر طن أسمنت المسلح لدى شركتى سيناء والعريش نحو 1150 جنيها وبشركة لافارج 1180 ولدى المصريه للأسمنت 1250.
وأشار إلى أن عددا من شركات المقاولات توقف خلال الشهور الماضية عن سداد التزاماته لصالح وكلاء الأسمنت وتجار مواد البناء، مشيرًا إلى أن بعض مصانع الأسمنت بدأ قبل 3 شهور فى إجبار الوكلاء على دفع مبالغ تفوق القيمة الفعلية لسعر طن الأسمنت بزيادة 220 جنيها.
وتابع إن التاجر أو الوكيل يورد 1521 جنيها للشركات عن كل طن أسمنت، فى حين أن السعر الفعلى له يبلغ 1300 جنيه؛ وتظل باقى تلك المبالغ محفوظة لدى الشركات كرصيد لديهم لمدة شهر حتى ميعاد شراء الشهر المقبل.
وقال«مخيمر» إن هذه الأشياء تفاقم ظروف التشغيل الصعبة فى ظل الركود الذى تعانى منه أسواق مواد البناء، وتؤثر على نشاط الوكلاء والتجار، وتحملهم أعباء إضافية فى توفير سيولة مالية كبيرة.
وأوضح أن هذا النظام الذى اتبعته أكثر من شركة ومصنع أسمنت بدأ منذ ثلاثة شهور فقط، بينما قبل ذلك كانت الشركات تحجز مبالغ بسيطة تزيد عن سعر الطن بما يتراوح من 30 إلى 50 جنيها فقط.
وأشار إلى أن خريطة إنتاج مواد البناء بالسوق المحلية شهدت تغيرات كبيرة خلال السنوات الماضية، لافتا إلى اعتماد عدد من الشركات فى التصنيع على مزيج من مصادر الطاقة، وتستورد الفحم من الخارج، وتابع إن هذا الأمر ينعكس فى النهاية على تكلفة الإنتاج.
وكشف عن تراجع حركة الاستهلاك المحلي للأسمنت بنحو 50 % خلال الـ 6 شهورالماضية، لافتا إلى أن إنتاج مصر منه يبلغ 85 مليون طن سنويا، بينما يزيد استهلاك السوق المحلية عن 50 مليون طن فى المتوسط.
وقال إنه على سبيل المثال كان التاجر الذى يبيع 100 طن شهريا فى المتوسط أصبح لا تتجاوز إجمالى الكميات التى يبيعها فى الفترة الراهنة 50 طنًا فقط.
وأوضح أن حركة البيع لدى التجار كانت تعتمد بشكل رئيسى فى وقت سابق على شركات المقاولات الخاصة بنسبة %60، وتتوزع النسبة المتبقية على المخازن، وصغار التجار، لكن مع تراجع نشاط شركات المقاولات الخاصة خلال الشهور الماضية بسبب توقف حركة البناء للنشاط العقارى بالمحافظة منذ عام أو أكثر، لم يعد أمام تاجر الجملة إلا صغار التجار والمخازن.
وأشار إلى أن حصة صغار التجار والمخازن ارتفعت إلى %50 بدلاً من %40 سابقاً، وأصبح البيع الفردى لصغار التجار هو الغالب على حركة المبيعات.
وأضاف أن تراجع حركة المبيعات بالقطاع وانخفاض هامش ربح التجار، وعجزهم عن توفير تكاليف التشغيل فى ظل الظروف الراهنة دفع الكثير منهم للتفكير فعليا فى تغيير النشاط ، لافتاً إلى أن هناك نسبة بالفعل شرعت فى ذلك وأغلقت محلاتها، وتقدر نسبتهم بـ %40 من التجار بالمحافظة.
ولفت إلى صعوبة تصريف التجار لمخزوناتهم من البضائع فى محافظات أخرى مجاورة للمساهمة فى تخفيف الأعباء؛نظرًا لوجود تجار آخرين هناك ولديهم عملاؤهم، وبالتالى فإن اتخاذ خطوات من هذا الشأن تقتضى تخفيض أسعار بيع المنتجات بصورة لا تمكنهم من تغطية تكاليف نولون شحن السيارات إلى هذه المحافظات.
وقال إن من يلجأ من التجار لتلك الخطوة يمثل نسبة بسيطة للغاية، ويعتمد على الشاحنات المملوكة لهم للنقل.