قال مدحت اسطفانوس رئيس شعبة الأسمنت ونائب رئيس غرفة مواد البناء باتحاد الصناعات، إن زيادة الإنتاجية وعدم وجود استهلاك يقابلها وضع صناعة الأسمنت فى خطر شديد.
وأوضح أنه من المتوقع أن يصل حجم الاستهلاك هذا العام إلى 48 مليون طن، فى حين يقدر الإنتاج بنحو 84 مليون طن.
وأشار إلى أن مديونية شركات الأسمنت للبنوك تصل لنحو 20 مليار جنيه.
وأضاف فى حواره لـ«المال» أن الارتفاع المتتالى فى أسعار مدخلات الإنتاج، سبب رئيسى فى المشكلة، وكذلك الزيادة فى المعروض.
ولفت إلى أن كل مصانع الأسمنت تخسر حالياً نحو 200 جنيه فى الطن.
وأضاف أن الحل بيد الحكومة، واصفاً مصانع الأسمنت بأنها كالمريض الذى عليه أن يفسر سبب مرضه.
وقال إن الحكومة هى من سمحت بهذه الزيادة فى الطاقات الإنتاجية، وذلك بالسماح ببناء مصانع جديدة رغم ارتفاع تكلفة الإنتاج، وقلة الطلب.
وأوضح أن على الدولة ايجاد حل لضبط آليات السوق، وإحداث توازن بين العرض والطلب.
ووصف الحديث عن إنشاء هيئة لتنظيم شئون صناعة الأسمنت بـ«الكلام الفارغ»، وضد المنافسة وحرية السوق «لو كده الدولة تشترى كل المصانع وتمتلك الصناعة أحسن».
رصف الطرق لا يستهلك الكثير من المخزون
واستطرد قائلاً إن رصف الطرق بالخرسانة أو البلاطة الخرسانية، لن يؤدى لاستهلاك الكثير من المخزون، موضحاً أن الرصف قد يستهلك مليون طن فقط، وهو رقم هزيل مقارنة بالموجود فعلياً، وأضاف أن الفجوة بين العرض والطلب مخيفة.
وأشار إلى أن مصانع الأسمنت لا تستطيع الاستمرار «نفسها هايتقطع قريب وهتقفل»، لعدم وجود توازن بين العرض والطلب.
وأكد رئيس شعبة الأسمنت أن السوق كانت تعانى من فائض بنحو 25% قبل 25 يناير 2011، وبدخول مصانع جديدة بعدها تفاقمت الأزمة.
وعن وجود مصانع أجنبية بالسوق المحلية، قال اسطفانوس: المصانع الأجنبية تواجدت قبل الأزمة، وأصحابها لا يستطيعون إغلاقها لأنهم وضعوا فيها مليارات؟ وأضاف أن تلك المصانع أمام مشكلة كبيرة، وليس باستطاعتها التخارج حالياً، لأن عليها التزامات تجاه الدولة .
وقال إن المنتج المصرى من الأسمنت لا يمكن تصديره لأن سعره مرتفع، مقارنة بمنافسيه.
وأوضح أن الطن المصرى يزيد بنحو 12 دولاراً، مضيفا أن الزيادات الحقيقة فى أسعار الأسمنت بدأت عام 2015، وشهد القطاع خلال 2013 و2014 إغلاق مصانع لعدم توفر الطاقة.
وأوضح أن على الدولة أن تتدخل بتحديد سعر للطن، بعد دراسة كل عناصر التكلفة، وأشار إلى أن المصانع لا تضارب بعضها فى الأسعار فالكل يحاول تصريف إنتاجه لكى يسدد التزاماته، مثل مرتبات العمال والموظفين وأقساط البنوك .
وقال إن مديوينة شركات الأسمنت للبنوك تبلغ من 15 إلى 20 مليارجنيه، والبنك المركزى أعطى تعليمات للبنوك بأن تأخد مخصصات من المصانع مقابل الديون، لأنها ديون أصبحت مشكوك فى تحصيلها بعد الخسائر المتتالية للقطاع، خاصة أن الأسمنت سلعة غير قابلة للتخزين لفترة طويلة.
ولفت إلى أن أزمة الأسمنت تلقى بظلالها على الاستثمارات، ولابد ان تنتبه الدولة لذلك، قائلاً: سبق وعقدنا اجتماعات مع الحكومة وعرضنا المشكلة على أعلى المستويات، وفى انتظار الرد.
وأشار إلى أن الدولة شعرت بالمشكلة لأن استثماراتها فى الأسمنت تخسر، وتم غلق أحد مصانعها وهو مصنع القومية الذى تأسس عام 1955.
خفض سعر الفائدة لن يؤثر كثيرا على أسعار مواد البناء
وأضاف أن خفض سعر الفائدة لن يؤثر كثيراً على أسعار مواد البناء، رغم تأثيره الإيجابى على قطاع العقارات، لأنه كلما انخفض سعر الفائدة كلما زدادت طرق وأساليب التقسيط لشرائح جديدة من الراغبين فى شراء وحدات بغرض السكن، أو مكاتب إدارية وتجارية .
وقال إن الطلب على العقارات لن ينتهى، لكن يحدث تشبع فى حصص الشرائح المستهدفة، مثل الفئات الغنية أو المتوسطة، وهى فئات لا تتعدى فى الغالب 20% من حجم السوق.
وأضاف أن الحكومة طلبت حلول من مصانع الأسمنت وباعتبارى رئيس الشعبة، قلت أننا المرضى، وأنتم الطبيب، وعليكم إيجاد علاج .
وتابع: فتح أسواق خارجية صعب، ولم تتخذ خطوات ايجابية على أرض الواقع لتفعيل بروتوكول التعاون بين غرفة مواد البناء ونظيرتها الليبية، والجانب الليبى لم يطلب شيئاً، ولم يتقدم أحد من الجانب الليبى حتى الآن بسبب الظروف السياسية هناك.
أسعار الكهرباء غير طبيعية
وفيما يخص الأعباء، قال إن التكاليف غير طبيعية ويتمثل جزء منها فى الضرائب على المحاجر وأسعار الكهرباء، مشيراً إلى أن سعر الكيلوات للصناعة بلغ 140 قرشاً، ارتفاعاً من 8 قروش، وهو سعر أغلى من المباع للبيوت و«النايت كيلب».
وأكد اسطفانوس أن الدولة أدرى بالوضع العام للصناعة، والتى تموت إذا لم يتم اتخاذ إجراءات لإحيائها، وقال إن الأسمنت ركن أساسى فى صناعة الإنشاءات التى تمثل حوالى 20% من الناتج القومى.
وفيما يخص المواد العازلة، قال إن المطور الذى يتحدث عن استحداث تكنولوجيا جديدة مجرد «شو إعلامى»، فنحن بالفعل نستخدم طبقات عازلة للحرارة تضاف للخرسانة، وتكون أمان للمبنى وديمومته، وسبق ونفذت مشاريع باستخدام مواصفات قياسية فى البناء غير المواصفات المصرية، كانت لصالح جهات أجنبية فى عام 1980، منها مشروع النايل توروز، وهيلتون رمسيس، ومركز التجارة العالمي، وأشار إلى أن لدى مصر مواصفات محلية جيدة.
وقال إن مصانع الأسمنت لا تدفع ضرائب لأنها تخسر، ويكفى أنها تدفع ضريبة القيمة المضافة بنسبة 14%، وسبب فرضها أن المنتج لا يحقق ربحاً، ولا وجود لأرباح تجارية، وهى ضريبة موجودة فى العالم كله، لكن الاختلاف فى التطبيق، فالمفروض تطبيقها على كل مراحل الإنتاج مع عدم فرض أى رسوم على المنتج النهائى، حتى لا تكون عائقًا أمام عملية التصدير .
50% من مصانع السيراميك تم إغلاقها
وأضاف أن 50% من مصانع السيراميك تم إغلاقها، بسبب وفرة المعروض ودخول استثمارات جديدة، لهذا لابد من وجود رؤية مستقبلية يتم بموجبها وقف الاستثمار فى قطاعات بعينها، وعلى رأسها مواد البناء، لأنها ليست سلعاً تصديرية حالياً.
وأوضح أن المواصفات القياسية المصرية جيدة، لكن الكواليتى غير جيد، وهناك تجاوزات فيما يخص المواصفات القياسية لمواد البناء، وطالما لا تمس سلامة المبنى يتم تمريرها.
وعرض اسطفانوس مطالب غرفة مواد البناء، ومنها إعادة النظر فى السياسات العامة تجاه الصناعة، والنظر لها على أنها ليست مجرد ماكينة تدر دخلاً للدولة، لكنها المحرك الأساسى للتنمية، ولابد أن تفتح الدولة آفاق جديدة بصناعات غير قائمة تحل محل المستورد، أو صناعات لدينا فيها ميزة نسبية فى التصدير مثل الصناعات التعدينية.
وايضاً سرعة التدخل لإنقاذ صناعة مواد البناء، وإلا ستنهار خلال سنوات.