ألقى “بيدرو سانشيز”، رئيس حكومة مملكة إسبانيا، كلمة خلال فعاليات منتدى الأعمال المصرى الإسباني، صباح اليوم، بحضور الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء، وأعضاء وفدى البلدين ، استهلها بتقديم الشكر للرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، وللحكومة، والشعب المصرى على حفاوة الاستقبال التى لمسها خلال زيارته الأولى لمصر كرئيس للحكومة الإسبانية، وأعرب عن امتنانه للرئيس السيسى على تسهيل كافة الإجراءات من أجل عقد هذا المنتدى.
وقال رئيس حكومة مملكة إسبانيا أن عام 2020 شهد وقوع أزمة جائحة كورونا، وكان هناك مزيج من عدم اليقين والألم على مستوى دول العالم أجمع إزاء هذا الوباء، ولكننا فى عام 2021 يمكننا أخيرا أن نتطلع إلى المستقبل بنظرة أكثر تفاؤلية، بفضل عمليات التطعيم باللقاحات المضادة للفيروس، التى أثبتت أنها أحد أكبر الانتصارات البشرية.
ونوّه ” بيدرو سانشيز” إلى الجهود التى بذلتها الحكومتان من أجل مواجهة تداعيات هذه الجائحة وتحقيق التعافى الاقتصادى منها، من خلال التعاون مع المجتمع الدولي، مؤكداً أن مثل هذه الأزمات العالمية تحتاج إلى تفاعل وتجاوب على مستوى دول العالم أجمع، لافتا إلى أن مسألة التعافي، سواء بالنسبة لمصر أو لإسبانيا مسألة مهمة للغاية، حتى تكون مجتمعاتنا آمنة، وبالتالى عودة تنشيط حياتهم.
وفى ضوء ذلك، قال ” سانشيز” إن من أولويات حكومته كما هو الحال بالنسبة للحكومة المصرية وبقية المجتمع الدولي، هو الحصول على اللقاح، لذا تتجه جهود مختلف دول العالم نحو تطعيم مواطنيها بهذه اللقاحات، وتعمل إسبانيا بإصرار فى إطار متعدد الأطراف لضمان تحقيق ذلك، وحققوا تقدما ملحوظا فى هذا الإطار.
وأشار إلى تخصيص ما يقرب من 4.5 مليون لقاح لمصر من خلال آلية “كوفاكس” متعدد الأطراف، لأنه فى نهاية المطاف التحديات العالمية تتطلب استجابات عالمية، ولن يكون أحد آمنا حتى نكون جميعا آمنين، كما تذكرنا بذلك دوما منظمة الصحة العالمية.
رئيس الحكومة الإسباني: مصر واحدة من اقتصادات العالم القليلة التى حققت نموا إيجابيا خلال هذه الفترة من تفشى جائحة “كورونا”
وأشار رئيس حكومة مملكة إسبانيا إلى أن مصر واحدة من اقتصادات العالم القليلة التى حققت نموا إيجابيا خلال هذه الفترة الصعبة من تفشى جائحة “كورونا”، وخاصة فى 2020، وهنأ الدولة والحكومة المصرية على تحقيق هذا النمو، الذى أسهم فى التخفيف من وطأة الأزمة القاسية، بفضل الإجراءات السريعة التى اتخذتها، سواء على الصعيد الاقتصادي، أو فى مجال الرعاية الصحية.
وهنأ القطاع الخاص ومجتمع الأعمال فى مصر على جهودهم التى أسهمت بدورها فى التخفيف من حدة العواقب الوخيمة لهذا الوباء العالمي، كما وجه الشكر للشركات الإسبانية لدورها فى هذا الصدد.
سانشيز: الحكومة المصرية تعمل منذ عام 2014 بكل اجتهاد وشجاعة على إجراء الإصلاحات الاقتصادية حكومة مملكة إسبانيا اختارت
ولفت رئيس حكومة إسبانيا إلى أن الحكومة المصرية تعمل منذ عام 2014 بكل اجتهاد وشجاعة على إجراء الإصلاحات الاقتصادية التى تمكن من الانفتاح الاقتصادى الذى يمكننا أن نحتفى به اليوم.
ونوّه للعديد من الإصلاحات التى قامت بها فى النواحى المالية والاستثمارية، وهى أمثلة توضح مدى تحسن مناخ الاستثمار فى مصر وهى ما ذكرتها مؤشرات المؤسسات الدولية، مضيفاً أن العلاقات بين البلدين قوية وتاريخية ليس فقط على المستوى السياسي، وتمتد إلى المستويات الاقتصادية والتجارية، مما يتمثل فى الشراكات التى تجمع بين البلدين.
مؤكدا أن لديهم نية راسخة لتفعيل وتوطيد ذلك فى المستقبل، كما أن علاقتنا التاريخية وثيقة، ونحن نعتبر أنفسنا دولتين صديقتين تتمتع بعلاقات تجارية مميزة بين الاتحاد الأوروبى ومصر.
وقال ” سانشيز” : فى عام 2004 حصلنا على اتفاقية الشراكة، وبلغت الصادرات الإسبانية إلى مصر رقما قياسيا تاريخيا فى 2018 قبل تفشى الوباء، وهذه الأرقام تؤيد عمق العلاقات بين البلدين، ولكن نتيجة للوباء فمن الطبيعى وبشكل حتمى انخفضت الصادرات إلى مصر فى عام 2020 مقارنة بالعام السابق، ونفس الشيء حدث مع الواردات، إلا أننى على يقين أننا فى هذا العام 2021 ، ستعود معدلات التبادل والتدفق التجارى بين البلدين مرة أخرى إلى حيويتها.
ولفت إلى أن الأرقام والبيانات الأولى تشهد على ذلك، فهى مشجعة للغاية، حيث شهدت فى الفترة من يناير إلى أغسطس 2021 نموا فى الصادرات الإسبانية مقارنة بالفترة نفسها من العام 2020، ونمت الواردات فى غضون ذلك أيضا. وبالتالي، فإن علاقاتنا التجارية ليست حيوية وديناميكية فحسب، بل متنوعة ومرنة، لذلك أعتقد أنه يمكننا الاعتماد على قوتها ومرونتها واستقرارها.
وأضاف فيما يتعلق بالاتحاد الأوروبي، أن إسبانيا احتلت فى عام 2020 المرتبة الرابعة كمورد لمصر بعد ألمانيا وإيطاليا وفرنسا، وتحتل المرتبة الثالثة كوجهة للصادرات المصرية إلى الاتحاد الأوروبى بعد إيطاليا وألمانيا، ومع ذلك وعلى الرغم من عمق علاقاتنا فيما يتعلق بتدفق تجارة الصادرات والواردات، إلا أننا لا يزال أمامنا طريق طويل لنقطعه خلال السنوات المقبلة.
وقال رئيس الوزراء الأسبانى إن حجم الاستثمارات المصرية فى إسبانيا جيد بنسبة كبيرة، كما أنهم يضعون مصر على قائمة الدول التى يستثمرون بها، لكنه لديه يقين أن الوضع الحالى للعلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين لا يعكس إمكاناتهما وهذا هو السبب فى أنهم يسعون إلى أن تزداد علاقاتهم الاقتصادية بشكل كبير خلال السنوات المقبلة، ولدىه ثقة كبيرة فى أنه يمكنهم تحقيق ذلك على نحو إيجابى ومُرضٍ لكلا البلدين، ويأمل أن تساهم اللقاءات التى يتم عقدها فى هذه الزيارة فى تحقيق ذلك.
وأضاف أن أزمة جائحة كورونا منحت فرصة لتعلم تجربة مهمة للغاية تتمثل فى ضرورة اتحاد الدول مع بعضها البعض من أجل مواجهة كافة التحديات التى يمكن أن تواجه العالم، ولذا فهم فى بلادهم يدعمون الشركات الإسبانية التى تعمل فى الخارج لتستمر نشاطاتها.
كما أكد رئيس الوزراء الإسبانى أن القارة الأفريقية شريك استراتيجى مهم للغاية للاتحاد الأوروبى بشكل عام ولإسبانيا بصفة خاصة، ومصر هى دولة أساسية بل محورية فى قارة أفريقيا، ليس فقط على الصعيد السياسى ولكن أيضا على الصعيد الاقتصادى والتجاري، فهى أكثر الدول العربية التى تشهد نموا سكانيا، مما يفرض ضرورة أن يتناسب حجم وجود قطاع الأعمال الإسبانى مع الحجم الهائل للسوق المصرية.
وفى هذا السياق، أكد ” سانشيز” أن حكومة مملكة إسبانيا اختارت مصر كدولة ذات أولوية فى استراتيجيتنا التى تستهدف تعزيز الشراكات فى القارة الأفريقية، من خلال تفعيل التواجد الإسبانى بها والقدرة التنافسية لقطاع الأعمال الإسبانى فى مجالات معالجة المياه، والطاقة المتجددة، ومجال الأغذية الزراعية، والسكك الحديدية، لكونها قطاعات مهمة تسهم فى توطيد العلاقات الثنائية بين البلدين.
وأضاف أن وزارة العلاقات الدولية والخارجية بالحكومة الإسبانية قامت بتنفيذ مؤتمر أفريقيا، ومصر واحدة من أهم الدول الاقتصادية بالقارة، ولذلك فمن الضرورى العمل على زيادة التقارب بين الدولتين من خلال هذا المشروع المستقبلى للتعاون، معبرا عن ثقته فى أن الشركات الإسبانية يمكنها أن تساهم بشكل كبير فى تنمية القطاعات المصرية، كما يحدث حاليا من خلال بعض الشركات العاملة فى مصر.
ولفت رئيس الوزراء الإسبانى إلى أن هناك نتائج جيدة لقطاع الأعمال الإسبانى فى مصر، حيث أسهم فى 80% من توليد طاقة الرياح وإنشاء أكبر محطة لتحلية المياه فى القارة الأفريقية قامت بها شركات إسبانية، وهو أمر يجعله فخورا بصفته رئيسا لحكومة مملكة إسبانيا بهذه النتائج.
وتابع أن الشركات الإسبانية تعمل على توفير فرص عمل، ويمكننا من خلال هذا التعاون توسيع أطر العمل المشترك، حيث أن لديهم رغبة قوية فى المساهمة فى النمو والحراك الاقتصادى الذى تشهده مصر، من خلال تنمية المجتمع المصري.
وكذلك ما تشهده العاصمة الإدارية الجديدة من مشروعات كبيرة، ومشروعات تحسين البنية التحتية فى قطاع النقل بمصر، كما يمكنهم أن يساهمون بشكل كبير فى مشروعات المياه والطاقة الجديدة لتحسين الخدمات المقدمة، والشركات الإسبانية يمكنها أيضا أن تقدم خبراتها وتنقل التكنولوجيا إلى جميع هذه القطاعات، من أجل تحسين جودة الحياة فى مصر.
وأكد ” سانشيز” أن البروتوكولات التى سيوقعها الطرفان تتيح فرصة أكبر للمساهمة فى قطاعات مهمة، وتسمح بتفعيل عمل الشركات الصغيرة والمتوسطة، سواء المصرية أو الإسبانية، مضيفا أن تأسيس منتدى الأعمال المصرى الأسبانى يحظى باهتمام كبير لكلا البلدين، والذى سينطلق قريبا بعد التوقيع على البروتوكول الخاص به.
واختتم رئيس حكومة مملكة إسبانيا بالتأكيد أن الدرس الذى تعلمناه من جائحة كورونا هو ضرورة الانفتاح على الآخر والتعاون فيما بين الدول، مجددا ثقته فى أن تساهم الشراكات الاقتصادية والتجارية بين البلدين بشكل كبير فى تحقيق النمو المنشود لبلدينا وتحسين جودة الحياة فى مجتمعاتنا، وهو ما يستحق أن نعمل معا من أجله.
وقال: أنا موجود حاليا فى مصر من أجل هذا الهدف، وأتمنى تكرار الزيارات المتبادلة فى المستقبل بما يؤدى إلى توطيد العلاقات الثنائية بين البلدين.