قبل عام و15 يوماً بالكمال والتمام، نشرت “المال” حوارًا مع رئيس هيئة التنمية السياحية سراج الدين سعد، بمناسبة انعقاد المؤتمر الاقتصادي، الذي راهن عليه هو وكثيرون من رؤساء الجهات صاحبة الولاية على أراضي الدولة في إنعاش حركة الطلب على أراضيها الاستثمارية، إلا أنه طوال تلك الفترة لم يتمكن من طرح متر أرض واحد، التزاماً بأحكام قانون الاستثمار.
وبمناسبة انعقاد مؤتمر “المال جي تي إم” الأول، تحت عنوان “حوار مع الحكومة”، كشف سراج الدين أنه حصل مطلع الشهر الحالى موافقة من مجلس إدارة هيئته على طرح 30 قطعة أرض لتوسعات مشروعات قائمة، تشمل زوائد خلفية أو توفيق أوضاع لمستثمرين تم فسخ تعاقداتهم في وقت سابق، وهما حالتان فقط، وستعاد لهم أراضيهم وفقاً للأسعار الجديدة التى حددتها هيئة المجتمعات العمرانية، والمفاجأة أن تلك المشروعات كانت جاهزة للطرح منذ أكثر من عام.
وأوضح رئيس التنمية السياحية أن بعض المستثمرين أبلغوه بصعوبات في تدبير السيولة المالية “الكاش” لسداد الدفعة المقدمة للحصول على أراضي جديدة بهدف الاستثمار أو التوسع في مشروعات جديدة.
تخصيص أراضٍ جديدة
في هذا السياق، قال سعد إن مجلس إدارة هيئة التنمية السياحية وافق في اجتماعه مطلع الشهر الحالى على تخصيص 30 قطعة أرض، بعد انتهاء هيئة المجتمعات العمرانية من تسعير الأراضي، للمستثمرين لتوسعات مشروعات قائمة سواء كانت امتدادًا خلفيًا أو مساحات نتجت عن نقل طرق أو أبراج كهرباء أو توفيق أوضاع لمشروعات قديمة كانت في حوزة المستثمرين وتم فسخ الارتباط لعدم الجدية، وتمت إعادة التعاقد معهم بأسعار جديدة.
وأضاف سراج أن الهيئة أخطرت المستثمرين بالموافقات المبدئية لتخصيص تلك الأراضي، وتم منحهم مهلة لمدة شهر للالتزام المالي بمقدم الأراضي، والذي يتوزع بواقع 7% لمصروفات إدارية، و20% “دفعة مقدمة”، إلى جانب الالتزام بتقديم المستندات الفنية المطلوبة لتنفيذ المشروع فور تسلم الأرض.
وحسبما أفاد رئيس “هيئة التنمية السياحية”، انتهت هيئة المجتعمات العمرانية “التابعة لوزارة الإسكان”، إحدى الهيئات المنوط بها تسعير أراضي الجهات الحكومية، من تسعير 112 قطعة أرض.
تسعير الأراضي
وبلغ سعر متر الأرض 10 دولارات فى منطقة رأس سدر، وهو أدنى سعر لأراضى «التنمية السياحية» التى تم تسعيرها مؤخرا، وجاءت منطقة الساحل الشمالى كأعلى سعر، إذ تراوحت أسعار المتر ما بين 42 و53 دولارًا، ولأول مرة تنتهى الهيئة من تسعير أراضٍ مملوكة لها منذ 2004، إذ كانت الهيئة متوقفة عن طرح الأراضى فى تلك المنطقة لأسباب لم يحددها رئيسها، بينما بلغ سعر المتر فى منطقة البحر الأحمر 26 دولارًا، و42 دولارًا فى العين السخنة، و1.1 دولار مقابل حق الانتفاع السنوى للمتر فى طابا، “التى يحظر فيها البيع”.
وأكد سراج أن أسعار الأراضي مقبولة وليست مبالغًا فيها، إلا أن أحد المستثمرين أبلغه في لقاء أن الشركات لا تمتلك السيولة المالية لسداد الدفعة المقدمة قيمة الأراضي لعدم توافر “الكاش”، ولكن سراج يرى أن المستثمر الذي لا يمتلك قيمة تلك المبالغ لا يمكنه البدء في تنفيذ مشروع تنموي كبير.
وشدد رئيس التنمية السياحية على ضرورة أن يعبر المستثمر عن قدرته المالية قبل البدء في المشروع لإثبات جديته، مضيفاً أنه بعد سداد قيمة مقدم الأرض يتم منح المستثمر فترة سماح 3 سنوات، والباقي على أقساط لمدة 10 سنوات.
وبالرغم من أن رئيس هيئة التنمية السياحية يتمسك بعدم التنازل عن الحصول على مقدم أراضٍ لا يقل عن 20% إلى جانب 7% مصروفات إدارية، لكنه كشف أنه توجد قطع أراضٍ يزيد مقدمها على 50 مليون جنيه.
المشروعات العملاقة
وأعلن رئيس هيئة التنمية السياحية في حواره مع “المال”، أنه يعتزم طرح المرحلة الثانية من أراضي التنمية السياحية الشهر المقبل، بعد الانتهاء من إعداد كراسات الشروط اللازمة لعملية الطرح، مؤكدا أنها لا تختلف عن آخر كراسة شروط طرحتها الهيئة، ولكن بأسعار الأراضي الجديدة.
وأضاف أنه سيتم عرض تلك الكراسة على الهيئة العامة للاستثمار للتصديق عليها بموجب أحكام تعديلات قانون الاستثمار رقم 17 لسنة 2015، استكمالاً لمنظومة الشباك الواحد. وتتضمن الكراسة سداد 27% من قيمة الأرض، وألا يقل رأسمال الشركة عن 50% من التكلفة الاستثمارية التقديرية للمشروع.
يذكر أن قانون الاستثمار يُلزم جميع الجهات الحكومية بطرح أراضيها عبر نافذة الهيئة العامة للاستثمار، على أن يتم تسعير الأراضى من خلال هيئة المجتمعات العمرانية، أو هيئة المساحة أو الخدمات الحكومية أو اللجنة العليا لتثمين أراضى الدولة.
وأكد سراج أنه تلقي رغبات من المستثمرين للحصول على أراضي هيئته، لكنه ترك معايير الحكم على جاذبية مشروعات الهيئة لمرحلة ما بعد تلقي العروض الفعلية، بعد طرح كراسات الشروط.
وتشمل المرحلة الثانية من أراضي هيئة التنمية السياحية طرح مشروعات عملاقة، بإجمالى 16 مليون متر مربع التى أعلنت عنها الهيئة فى مؤتمر مارس 2015، وتوقعت مصادر مطلعة في وقت سابق لـ”المال” أن ينخفض حجم الطلب على الأراضي السياحية بنسبة تزيد على 50% مقارنة بالعام الماضى، بسبب حالة الركود التى يعانى منها القطاع السياحى، خاصة بعد كارثة سقوط الطائرة الروسية نهاية أكتوبر الماضى.
وأعلن سراج أن الهيئة العامة للاستثمار انتهت خلال الأيام القليلة الماضية من تشكيل اللجان التى ستتولي مهام البت في العروض المقدمة، برئاسة علاء عمر الرئيس التنفيذي للهيئة، وعضوية الجهات المعنية والممثلين القانونيين لها.
قرار البنك المركزي
ويرى رئيس هيئة التنمية السياحية أن قرار البنك المركزي بخفض سعر صرف الجنيه أمام الدولار بواقع 113 قرشاً، ثم زيادته 7 قروش مرة أخرى، سيساعد المستثمرين على اتخاذ القرار الاستثماري، مشيراً إلى أنه لا يعقل أن يكون الفرق بين سعري الصرف الرسمي وغير الرسمي 2 جنيه، بصرف النظر عن نوعية القرار الاستثماري الذي سيتخذه المستثمر.
وفي سياق متصل، كشف سراج عن قيام الهيئة بإعداد حصر الأراضي التى سيتم سحبها من المستثمرين غير الجادين، الذين لم يلتزموا بالبرامج الزمنية التى بموجبها حصلوا على تخصيص بالأراضي، كما أنهم حصلوا على أكثر من ثلاث مهلات لتنفيذ المشروع، ولكن عجزوا عن الوصول لمعدلات الـ 10% من جملة اعتماد المشروع.
ويرى رئيس هيئة التنمية السياحية أنه من الظلم المساواة بين مستثمر تجاوز معدلات تنفيذ المشروع عن 60%، ومستثمر آخر لم يصل إلى نسبة الـ 8%، مضيفًا أن المستثمر الجاد هو الذي تمكن من تنفيذ 25% من إجمالي أعمال المشروع.
وفي المقابل أن هيئته تمنح كل التسهيلات في سداد المستحقات المتأخرة على الشركات الجادة مراعاة للظروف الاقتصادية التى يمر بها القطاع في الوقت الراهن.
وبعد أزمة سقوط الطائرة الروسية تضرر القطاع السياحي بشكل حاد، حيث تجاوزت خسائره الـ1.6 مليار دولار في أربعة أشهر.