لم تنتهِ أزمة حتى تبدأ أخرى جديدة أمام المطورين العقاريين، فبعدما تراجعت حدة تأثيرات فيروس كورونا، حتى نشبت حرب بين روسيا وأوكرانيا، لتتفاقم الأمور وتؤثر بشكل كبير على أسعار مدخلات صناعة العقارات.
وفى الأشهر الأخيرة، بدأ العالم يتعامل مع تأثيرات الحرب التى لم تنتهِ بين موسكو وكييف، واعتقد المطورون العقاريون أن الأمور ربما تشهد نوعًا من الاستقرار، إلا أن قرارًا من البنك المركزي، فيما أطلق عليه «التعويم الحر» لتحديد سعر الدولار أمام الجنيه، وما تبعه من وقف التمويل الممنوح للمطورين العقاريين بفائدة %8 جعل الأمور أكثر تعقيدًا.
«المال» التقت المهندس طارق شكري، وكيل لجنة الإسكان بمجلس النواب، رئيس غرفة التطوير العقارى باتحاد الصناعات، للوقوف على حالة القطاع العقاري، وما هو السبيل للخروج من الأزمات المتتالية التى ربما أنهكت العديد من المطورين، علاوة على تأثر أسعار المنتج المقدم للعملاء.
قال طارق شكري، إن العديد من الصعوبات والعقبات تواجه القطاع العقارى حاليًا بعد ارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه فى أعقاب قرار البنك المركزى بتحرير سعر الصرف، وما سبق هذا القرار من حرب ما زالت مشتعلة بين موسكو وكييف، وتلقى بظلالها على الأوضاع الاقتصادية بشكل سلبي.
وأكد أن هذه المرحلة هى الأصعب أمام المطورين العقاريين، مشيرًا إلى أن الأمور خلقت أزمات حتى أمام الشركات المستقرة، فى ظل عدم القدرة على تسعير سعر المنتج فى ظل الأزمات، وزيادة أسعار مواد البناء بشكل غير مستقر.
وأضاف «شكري» خلال حوار مع «المال»، ما زاد من تفاقم الأزمة أمام الشركات هو القرار الأخير الصادر من الحكومة والخاص بإلغاء التمويل الممنوح للمطورين بفائدة %8 معتبرًا أن هذا القرار ستكون له تأثيرات سلبية أيضًا عليهم وسيشكل عبئا جديدا.
وأصدر الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء يوم 19 نوفمبر الماضى، قرارًا بتولى وزارة المالية إدارة ومتابعة جميع المبادرات التمويلية ذات العائد المنخفض بدلًا من البنك المركزي، وتم نشر القرار فى الجريدة الرسمية.
ونص القرار على أن تتولى وزارة المالية اتخاذ القرارات وتحديد الضوابط المتعلقة بالمبادرات والخاصة بتحديد المستفيدين والتكلفة والمدى الزمنى والجهة التى ستتولى الإدارة التنفيذية لكل مبادرة، ومصدر تمويل كل مبادرة، والجهة التى ستتحمل التكلفة، لتنعكس التكلفة والموارد الخاصة بتمويل المبادرات ضمن بنود الموازنة العامة، وذلك بعد موافقة مجلس الوزراء بناء على عرض وزير المالية.
وذكر القرار 5 مبادرات تمويلية، منخفضة العائد، تنتقل تبعيتها لوزارة المالية هي: التمويل العقارى لمتوسطى الدخل ذات العائد %8 ومبادرة دعم السياحة، ومبادرة إحلال المركبات، والتمويل العقارى لمحدودى ومتوسطى الدخل بعائد %3 ومبادرة تشجيع طرق الرى الحديثة، دون الإشارة لوضع مبادرتى المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومبادرة القطاع الخاص الصناعى والزراعى والمقاولات.
واستكمل أنه فى ظل هذه المتغيرات علينا أن نبحث عن بدائل تمويلية بضوابط أقل تكلفة مع جهات أخرى كوزارتى المالية والإسكان، لضمان الحفاظ على الكيانات والشركات العقارية العاملة فى السوق المصرية.
وحول تأثير القرارت الأخيرة على أسعار الوحدات، قال رئيس غرفة التطوير العقارى باتحاد الصناعات، من الطبيعى أن تشهد أسعار الوحدات زيادة ربما تصل إلى %15 فى ظل ارتفاع مدخلات الصناعة العقارية، مشيرًا إلى أن الشركات ربما تلجأ لتحديد قيمة سعرية يوم بيوم، خاصة مع عدم استقرار سعر صرف الدولار أمام الجنيه.
واستطرد، على مدى السنوات الماضية اتخذت الحكومة العديد من الخطوات المتسارعة لتحسين مناخ الأعمال وتحفيز النمو الذى يقوده القطاع الخاص، من خلال أجندة إصلاح استباقية ماليًا واقتصاديًا، تقوم على اتخاذ قرارات جريئة للإصلاح الاقتصادي، بتوجيهات مباشرة من الرئيس.
واعتبر «شكري» أنه رغم الأزمات المتلاحقة التى يتعرض لها القطاع، والتى يأتى أغلبها بفعل تأثيرات خارجية، لكن قطاع العقارات المصرى لديه القدرة على امتصاصها بل وتحويلها لفرص، خاصة أنه يمثل نسبة كبيرة من حجم الاقتصاد المحلي.
وأكد أن تماسك القطاع العقارى خلال الفترة الماضية ساهم فى زيادة قناعة العملاء بأن العقار هو الملاذ الآمن للاستثمار، كما أنه هو الأكثر ربحية فى فترة الأزمات، وهو ما يؤكده زيادة المبيعات التى تقدر بـنحو 150 مليار جنيه، التى تمكنت الشركات العقارية المقيدة بالبورصة من تسجيلها فى النصف الأول من العام الجاري، علاوة على الأرقام الجيدة التى ظهرت فى الربع الثالث من العام.
وانتقل وكيل لجنة إسكان البرلمان إلى خطة الدولة المصرية لتعزيز الاقتصاد الأخضر، مشيدًا بالتوجه الحكومى نحو دعم العمران الأخضر، من خلال العمل على تعزيز مجالات الاستثمار فيه، وتمكين القطاع الخاص وتحسين القدرة التنافسية للاقتصاد المصرى، وتعزيز الصناعة المحلية، وزيادة الصادرات.
واستكمل هناك توجيهات من القيادة السياسية لدعم الفرص الحقيقية التى تساهم فى نمو الاقتصاد الأخضر، ومصر تتطلع إلى استكشاف آفاق جديدة للمشروعات الخضراء، عبر دفع وتشجيع المزيد من الأفكار المبتكرة، وبحث الفرص الاستثمارية الحالية فى مجالات الطاقة النظيفة والمتجددة والتصنيع والصحة.
وأوضح مصر لديها خطة لزيادة حصة الطاقة المتجددة لتصل لـ%42 بحلول العام 2030، والتى تمثل حاليًا %20 من إنتاجنا من الطاقة، وهو ما سيجعل مصر مركزا إقليميا للطاقة من خلال عمليتى الإنتاج والتصدير للطاقة النظيفة، وفتح الطريق أمام الاستثمارات المحلية أو الأجنبية فى هذا المجال.
وحول موقف مشروع قانون التصالح، قال وكيل لجنة إسكان البرلمان، إن المشروع فى الوقت الحالى أمام «الشيوخ»، ومن المتوقع أن يصل لمجلس النواب لمناقشته خلال ديسمبر المقبل، للتصويت عليه بعد دراسته بشكل مستفيض ومراجعته بشكل جيد.
واعتبر «شكري» أن مؤتمر المناخ الذى احتظنته مصر خلال الأيام الماضية، سيكون دافعًا نحو تحقيق التنمية المستدامة ودعم العمران الأخضر، بما له من تأثيرات على البيئة تسهم فى خلق حياة كريمة للمصريين.
وأضاف أن مصر اتخذت خطوات جيدة فى ملف البنية التحتية وعملية التحول الرقمى والعمران الأخضر، وجميعها ملفات مهمة ربما تأخرنا فيها كثيرا، لكننا نسير فيها فى الوقت الحالى بشكل أكثر من رائع لتحقيق رؤية مصر 2030 بدعم وتخطيط من القيادة السياسية.
ونشرت «المال» فى السابق جدول أولويات الإسكان بمجلسى «النواب» و«الشيوخ» والتى تصدرها مشروعا قانون المطوريين العقاريين، وتعديلات قانون التصالح مع مخالفات البناء أولوياتهما خلال دور الانعقاد الثالث من الفصل التشريعى الثانى لأهميتهما بالنسبة للقطاع العقارى.
يشار إلى إعلان الحكومة موافقتها على مشروع قانون جديد للتصالح فى بعض مخالفات البناء، والذى يتضمن تسهيلات جديدة وشروطًا مخففة، خاصة أن طلبات التصالح بلغت حوالى 2.8 مليون فى المدن والقرى.
وتولى اللجنة اهتمامًا كبيرًا لمشروع قانون المطورين العقاريين، وتنتظر إرساله من الحكومة لمناقشته، موضحًا أن مشروع القانون حاليًا تحت الدراسة، وتم تحديث العديد من النقاط فيه.
الدولة تسير بشكل جيد نحو الاقتصاد الأخضر والتحول الرقمى بدعم من القيادة السياسية
مصر ستكون مركزًا إقليميًا للطاقة النظيفة عبر عمليتى الإنتاج والتصدير