قالت رئيسة مولدوفا مايا ساندو إن موسكو تحاول زعزعة استقرار بلادها، لكن الجمهورية السوفيتية السابقة الصغيرة قد تنضم إلى الاتحاد الأوروبي بحلول عام 2030 إلى جانب منطقة “ترانسنيستريا” الانفصالية رغم التواجد الحالي للقوات الروسية.
يكمن مفتاح حل الصراع الانفصالي بمولدوفا في متابعة الإصلاحات الاقتصادية ومحاربة الفساد.
وقالت مايا ساندو إن متابعة الإصلاحات سيضع الدولة البالغ عدد سكانها 2.6 مليون نسمة – وهي واحدة من أفقر دول أوروبا – على مسار واضح للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وسيظهر للمواطنين في “ترانسنيستريا” أن العلاقات مع التكتل، وليس روسيا، ستفيد حياتهم.
أضافت ساندو (51 عاماً) عبر مقابلة في تشيسيناو، أمس الثلاثاء، قبل يومين من استضافتها قمة أمنية لزعماء أوروبيين: “كلما أسرعنا في زيادة مستويات المعيشة، كلما سنحت لنا فرصة لم الشمل بوتيرة أسرع.. وهذا هو هدفنا 100%”.
الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي
على غرار ما حدث في أوكرانيا، حيث أطاحت الاحتجاجات بالرئيس المدعوم من جانب موسكو فيكتور يانوكوفيتش خلال 2014 عندما تراجع عن اتفاق يسمح بتوثيق التعاون مع الاتحاد الأوروبي، فازت مولدوفا بوضع دولة مرشحة للانضمام إلى التكتل العام الماضي.
منذ ذلك الحين تعتمد مولدوفا على الدعم الغربي لمواجهة الاضطرابات المالية وموجة اللاجئين بسبب الحرب في أوكرانيا المجاورة ونقص الكهرباء الناجم عن الحرب ومعدل التضخم في خانة العشرات.
قالت ساندو إن أزمة الغلاء أعاقت الجهود المبذولة لرفع مستويات معيشة الناس والتركيز على الإصلاحات المطلوبة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وخاصة على الجبهة القضائية.
في الوقت نفسه، تتهم الحكومة في تشيسيناو روسيا بالسعي إلى قمع تطلعات مولودوفا للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي من خلال إثارة عدم الاستقرار ودعم القوى السياسية الموالية للكرملين وتنظيم احتجاجات ضد الإصلاحات التي تهدف إلى زيادة الشفافية وسيادة القانون.
نفت موسكو مراراً التدخل في شؤون مولدوفا، لكنها تحتفظ بأكثر من ألف جندي في “ترانسنيستريا” يقول محللون عسكريون غربيون إنها تشكل خطراً على الاستقرار في مولدوفا والأمن في أوكرانيا، الجارة الشرقية.
الإطاحة بالحكومة
كشفت ساندو في فبراير الماضي، عن معلومات استخبارية وردت من أوكرانيا تقول إن روسيا تحاول الإطاحة بحكومتها.
قالت ساندو: “لسوء الحظ، ستظل روسيا مصدراً لعدم الاستقرار على مدار سنوات عديدة قادمة.. لقد شعرنا بمحاولات روسيا لزعزعة استقرار بلدنا وتقويض جهودنا لبناء مؤسسات قوية وإرساء ديمقراطية قوية، وهذا هو السبب في أن الاندماج مع الاتحاد الأوروبي مهم جداً بالنسبة لنا”.
كما واجهت إصلاحات الحكومة السابقة للانضمام إلى التكتل، والتي تشمل جهود مكافحة الفساد وقمع الأوليغارشية المتهمين بنهب الأموال العامة، معارضة من جانب الأحزاب السياسية الموالية لروسيا، والتي دعت إلى استقالة ساندو.
لكنها قالت إنها تسعى لإعادة انتخابها العام المقبل للحفاظ على المشاعر المؤيدة لأوروبا، وتجنب التراجع في دعم الخروج من فلك موسكو.
يتطلب الأمر أيضاً حل الأزمة سلمياً مع “ترانسنيستريا”، التي خاضت حرباً مع مولدوفا في عام 1992 بعد إعلان الاستقلال خلال عام 1990. في حين أن “ترانسنيستريا” البالغ عدد سكانها أقل من 500 ألف شخص غير معترف بها لدى الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، فإن الصراع يمكن أن ينسف أي فرصة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.
الدمار في أوكرانيا
هناك عامل آخر يتمثل في الأمن. وفي حين أن دستور مولدوفا يؤكد حيادها، فإن الدمار الذي أحدثته الحرب الروسية في أوكرانيا أدى إلى إثارة نقاش عام حول ما إذا كان ينبغي بحث الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي “الناتو”. تسببت تصريحات من جانب موسكو في تعزيز هذا التوجه.
في فبراير وصف وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مولدوفا بأنها “أوكرانيا التالية”، في إشارة إلى معارضة بلاده انضمام دول الكتلة الشرقية السابقة إلى التحالفات الغربية مثل الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي.
قالت ساندو: “بالطبع نحن لا نشعر بالأمان.. اليوم لا يزال غالبية الناس يعتقدون أنه يجب الحفاظ على الحياد. يتعين علينا متابعة ما سيحدث في غضون ستة أشهر أو بعد عام من الآن”.