قالت أوما راماكريشنان، رئيس بعثة صندوق النقد الدولي لمصر، إن الحكومة المصرية تولي أولوية قصوى لأرزاق الموطنين وحسن أحوالهم كما يتبين من منهجها الذي يركز على ثلاثة أبعاد.
وأوضحت – ردا علي كيفية حماية مصر شرائح السكان المعرضة للتأثر جراء فيروس كورونا، أن تلك الأبعاد تتمثل في أنه أُجريت زيادة كبيرة في مخصصات الإنفاق الصحي منذ بداية الجائحة، وتم توسيع تغطية برنامجي تكافل وكرامة اللذين يقدمان تحويلات نقدية مشروطة.
جاء ذلك في الحوار الذي أجراه معها فريق بلدان في دائرة الضوء بالصندوق لمناقشة ما يواجه البلاد من تحديات اقتصادية، ونشره الصندوق علي موقعه الالكتروني أمس.
وتابعت أنه إضافة إلى ذلك، استحدثت الحكومة برامج جديدة لتقديم التحويلات النقدية للعمالة غير المنتظمة التي وقع عليها ضرر بالغ من الأزمة، وتوزيع المستلزمات الطبية والصحية على القرى الفقيرة، وكذلك تعمل الحكومة مع منظمات المجتمع المدني لتقديم دعم إضافي للمحتاجين.
أما البعد الثاني فهو لضمان استمرار توفير الحماية الاجتماعية الضرورية، تعهدت الحكومة بحد أدنى من الإنفاق على البرامج الصحية والاجتماعية حتى تتوافر الموارد المطلوبة لهذه الخدمات الأساسية.
وثالثا، ستجري الحكومة مراجعة للإنفاق الاجتماعي – مع التركيز في البداية على الحماية الاجتماعية، ثم الصحة والتعليم – لتقييم مدى كفاية الإنفاق ودرجة كفاءته وتحديد المجالات التي تتطلب التحسين. وستكون هذه المراجعة بدعم من البنك الدولي.
وقال صندوق النقد الدولي، إن مصر كانت واحدة من أسرع الأسواق الصاعدة نموا قبل ظهور الجائحة، ولكن الاضطرابات المحلية والعالمية الكبيرة التي أسفرت عنها الجائحة أثرت على الآفاق وغيرت أولويات السياسات.
وقالت”راماكريشنان”، انه مثلما هو الحال مع البلدان الأخرى، هناك تأثير لفيروس كورونا المستجد على الاقتصاد المصري سواء من خلال إجراءات احتواء الفيروس أو التوقف المفاجئ في حركة السياحة، وهبوط الصادرات، وانخفاض تحويلات العاملين في الخارج، وانخفاض إيرادات قناة السويس.
كذلك تعرضت مصر لخروج تدفقات رأسمالية قدرها حوالي 16 مليار دولار، في ذروة التوجه العالمي لتجنب المخاطر خلال شهري مارس وإبريل.
وأضافت أنه فرض اقتران هذين العاملين ضغوطا كبيرة على ميزان المدفوعات – رغم تعويض جزء من هذا التأثير من خلال هبوط الواردات المترتب على انخفاض الطلب المحلي.
وتابعت : مع ركود الاقتصاد العالمي وتقلص النشاط المحلي، من المتوقع أن يسجل النمو انخفاضا ملحوظا.
وبالإضافة إلى ذلك، هناك تراجع في الإيرادات بينما تحتاج الحكومة إلى زيادة عاجلة في الإنفاق على الصحة والحماية الاجتماعية.
وتابعت أنه للتعامل مع تداعيات الجائحة، اتخذت السلطات منهجا استباقيا بطلب الدعم من الصندوق على مرحلتين.
ونوهت إلى أنه كانت الأولى حين طلبت تمويلا بقيمة 2,8 مليار دولار أمريكي من خلال أداة التمويل السريع، وهو ما تمت الموافقة عليه في مايو، حتى تتمكن من مواجهة الإنفاق الصحي والاجتماعي اللازم للفئات الأكثر عرضة للتأثر.
أما الثانية فتمثلت في طلب اتفاق للاستعداد الائتماني (SBA) يتيح تمويلا بقيمة 5,2 مليار دولار أمريكي لمساعدة الحكومة على الاحتفاظ بالمكتسبات الاقتصادية التي تحققت في الأربع سنوات الماضية – مع الاستمرار في ضمان الإنفاق الصحي والاجتماعي الملائم – وإعطاء دفعة إضافية للإصلاحات الهيكلية بما يضع مصر على مسار التعافي المستمر.
وقالت إن هدف الحكومة هو وضع مصر على مسار قوي نحو التعافي.
وأضافت أنه يجري اتخاذ إجراءات تيسيرية من خلال سياسة المالية العامة لدعم الاقتصاد وتلبية الاحتياجات المترتبة على الأزمة، بما في ذلك الإنفاق الصحي (26%) والحماية الاجتماعية (10%).
وتابعت: تعمل الحكومة أيضا على تطبيق إجراءات لتعويض جانب من النقص في الإيرادات، بما في ذلك تشجيع التعافي الأخضر من خلال رسم على استهلاك منتجات الوقود.
وتابعت : لكن يتعين الموازنة بين الإنفاق المطلوب لمواجهة الأزمة من ناحية وضرورة تجنب الزيادة المفرطة في الدين العام من ناحية أخرى، وبمجرد بدء التعافي، تهدف الحكومة إلى استئناف تخفيض الدين والحفاظ على استدامة المالية العامة على المدى المتوسط.
وتابعت أنه لتحقيق هذا الهدف، تقوم السلطات بتحديث استراتيجية الدين للحد من مواطن التعرض لمخاطر الدين كما تعمل على تعبئة الإيرادات الإضافية اللازمة لمواجهة زيادة الإنفاق الاجتماعي.
وقالت إن السلطات ملتزمة بالحفاظ على معدل تضخم منخفض ومستقر، وعلى مرونة سعر الصرف، والسماح بتعديلات في سعر الصرف على نحو منظم.
أشارت إلى أنه لا تزال الأولويات تتضمن الحفاظ على استقرار القطاع المالي مع استمرار الرقابة القوية والرصد الحثيث لما قد ينشأ من مخاطر مالية.
وذكرت أن السلطات تعهدت أيضا بمواصلة الإصلاحات الهيكلية التي بدأت في ظل “تسهيل الصندوق الممدد”.
وعلى وجه التحديد، سيتم تحسين عملية الميزانية، وتسليط مزيد من الضوء على العمليات المالية للمؤسسات المملوكة للدولة والسلطات الاقتصادية، وتعزيز المنافسة بالعمل على تهيئة ظروف تتيح التنافس على قدم المساواة، وتعديل قانون الجمارك لتحسين مناخ الاستثمار في مصر.
وذكرت أنه ساهم برنامج الإصلاح الاقتصادي الجريء الذي اعتمدته مصرمنذ عام 2016 مساهمة كبيرة في تعزيز صلابة الاقتصاد.
وقالت إن النمو الاقتصادي قبل الجائحة كان أكثر من 5%، والاحتياطيات الدولية في مستوى مريح، والدين في مسار هبوطي.
تابعت إن الحكومة كانت قد شرعت في إصلاحات إضافية لتعزيز بيئة الأعمال واعتماد نموذج للنمو بقيادة القطاع الخاص من أجل زيادة خلق الوظائف.
وقالت إنه سمحت هذه الخطوات للحكومة بإطلاق استجابة سريعة وشاملة للجائحة، ولكن هناك تحديات باقية رغم التقدم الملموس في تخفيض الفقر وعدم المساواة.