ذبول المشروع السياسى المتأسلم لتركيا

ذبول المشروع السياسى المتأسلم لتركيا
شريف عطية

شريف عطية

7:18 ص, الأحد, 17 نوفمبر 19

لم يعتد البيت الأبيض معاملة ضيوفه من رؤساء الدول- خاصة الحليفة- بمثل تلك الخشونة التى سبقت وواكبت زيارة الرئيس التركى لواشنطن 13 نوفمبر 2019، ذلك على خلفية قرارى الكونجرس بشأن «إبادة» تركيا الأرمن 1915، وعن المطالبة بمعاقبتها جراء العملية العسكرية الأخيرة شمال شرقى سوريا، ناهيك عن تهديد الرئيس «ترامب» أكتوبر الماضى تدمير الاقتصاد التركى.. كما فى مخاطبته «أردوغان».. «لا تكن متصلباً- لا تكن أحمق»، وما إلى ذلك من مواقف متباينة غير صديقة بين الإدارتين الأميركية والتركية قد تهدد بانفضاض الرابطة القوية فيما بينهما، لأسبابهما، ما قد يؤكد ربما الأنباء المتواترة عن اتجاه واشنطن للرهان مجدداً على دور للمؤسسة العسكرية التركية فى إدارة البلاد.. خاصة مع تصاعد المعارضة ضد الحزب الحاكم بشكل غير مسبوق منذ سنوات، دعته إلى إنفاق مليارات الدولارات على جماعات الضغط الأميركية «اللوبي» من أجل تبييض وجه «أردوغان» بعدما تلطخ بفضائح الفساد والرشوة التى طفت على السطح منذ عام 2013، وذلك لتحسين صورته فى العالم الغربى.

على صعيد مواز، لم يعد الاقتصاد التركى إلى سابق عافيته (حالات الانتحار شبه الجماعية بسبب الفقر) إذ كان الرواج الاقتصادى أحد الأسباب الرئيسية لتصاعد شعبية الحزب الحاكم فى الداخل، وإلى تشجيعه من ثم لإحياء «الإرث العثماني» فى الخارج- زمن الاستعمار التركى الملتبس بعباءة «الخلافة»، قبل أن يلتقى ويتفق فى إطارها مع جماعات الإسلام السياسى فى بلاد المسلمين عامة، للتآمر على الشعوب العربية، إلا أن نصاله تكسرت فى سوريا على النحو المشهود فى السنوات الأخيرة، ليتجه إلى التركيز على مصر، سواء بتبنى المعارضة الإخوانية أو من خلال تصدير العنف إليها عبر تمويل الجماعات الإرهابية فى طرابلس ليبيا، والتى أرسل إليها مؤخراً أكثر من خمسة ملايين رصاصة، فضلاً عن الطائرات المسيرة والمدرعات إلى ميلشيات «الإخوان»، ناهيك عن تصريحات «أردوغان» عن حق بلاده التدخل فى الشأن الليبى، معللاً ذلك باعتبار ليبيا «إرث أجداده»، وأن جغرافيتها جزء من الإمبراطورية العثمانية، وهى التى لم تترك خلال استعمارها لبلاد العرب 500 عام، أى أثر حضارى.. سوى أبشع وأشنع طريقة إعدام عبر التاريخ (الخازوق) يتباهون بعرضه فى المتحف القومى التركى، أى أن «أردوغان» يتحدث عن ميراث لغير وارث.

ولما كانت ليبيا هى آخر الأحلام (الكابوسية) للأمة الطورانية، للسيطرة من خلالها على جارتها مصر، فإن دخول الولايات المتحدة على خط الأزمة الليبية مؤخراً- على لسان الرئيس ترامب- لمنع تدخلات الدول الأجنبية، سوف يضع فصل النهاية لمساعى أردوغان النرجسية الشوفينية لحكم ليبيا خاصة، ولبلاد المسلمين «العربية» على وجه العموم، ومن ثم إلى ذبول المشروع السياسى المتأسلم، من بعد افتقاده الانضباط إثر المشاركة فى الحكم من عدمه.