متحف الحضارة يٌعد الأول من نوعه فى مصر والعالم العربى حيث يقدم نظرة شاملة على الحضارة المصرية من عصور ماقبل التاريخ وحتى يومنا هذا، هكذا بدأ الدكتور أحمد غنيم الرئيس التنفيذى لهيئة المتحف، حواره مع «المال».
وأضاف «غنيم» أن المتحف يعرض العديد من القطع المميزة والتى تساعد الزائر على فهم الحضارة المصرية عبر عصورها المختلفة بداية من عصور ما قبل التاريخ مرورا بالعصر المصرى القديم، واليونانى الرومانى، والقبطى، والإسلامى وصولاً إلى العصر الحديث والمعاصر.
وتابع إن المتحف يقع فى قلب مدينة الفسطاط عاصمة القاهرة الإسلامية القديمة، لافتا إلى أنه فى عام 1982 أعلنت منظمة اليونسكو بناء على طلب من الحكومة المصرية عن حملة دولية لإنشاء متحف النوبة فى أسوان ومتحف الحضارة.
وأشار إلى أن الجهود المشتركة أسفرت عن اختيار الموقع الحالى للمتحف فى منطقة الفسطاط والذى تم اختياره عام 1999 بدلاً من أرض الجزيرة التى تم تحديدها سابقاً وتعرف حالياً باسم دار الأوبرا المصرية، حيث تم وضع حجر أساس المتحف فى عام 2002.
وأكد أن المتحف يمثل منارة ثقافية للزائرين والباحثين، مشيراً إلى أنه فى متحف الحضارة تم تغيير النمط التقليدى لزيارة المتاحف من خلال استخدام وسائل التكنولوجيا وأساليب العرض الحديثة وشاشات تفاعلية مما يمنح الزائر تجربة مختلفة وممتعة للزيارة.
2 مليون دولار قيمة مساهمة «اليونسكو» فى المشروع
وعن حجم تكلفة إنشاء المتحف، قال «غنيم» إنه حتى الآن تم صرف نحو 2 مليار جنيه بتمويل من الحكومة فيما عدا مايقرب من 2 مليون دولار تم صرفهم من قبل منظمة اليونسكو، مضيفاً أن المتحف لايزال يحتاج إلى بعض الأموال لاستكمال أعمال تجهيز قاعات أخرى بداخله.
ولفت إلى أن توفير التمويل اللازم لهذا الصرح الكبير والمقام على مساحة 33 فدانا أمر «صعب» موضحاً أن المشروع تعرض لعدة تعثرات مالية وسياسية بسبب الأحداث التى شهدتها مصر حتى عام 2013، ولكن بدعم الرئيس عبد الفتاح السيسى انطلق المشروع إلى الأمام وتم افتتاحه أوائل العام الجارى.
وكان الرئيس عبد الفتاح السيسى، افتتح المتحف القومى للحضارة المصرية بالفسطاط خلال شهر أبريل الماضى، فى نفس اليوم الذى استقبل فيه موكب المومياوات الملكية بعد نقلها من المتحف المصرى بالتحرير إلى متحف الحضارة فى موكب مهيب ضم نحو 22 مومياء ملكية «18 ملكا و4 ملكات» و17 تابوتا، من الأسرات السابعة عشر وحتى الأسرة العشرين.
وأشار “غنيم” إلى أن عدد قاعات المتحف المفتوحة للزوار حالياً هم: القاعة الرئيسية (المركزية) والتى تضم قطع آثرية مميزة من عصور ما قبل التاريخ وحتى العصر الحديث، أما القاعة الثانية وهى المومياوات الملكية والتى تم افتتاحها فى أبريل الماضى.
1600 قطعـة آثرية معروضـة داخـل القاعة المركزية.. و50 ألفا فى المخـازن
ونوه إلى أن عدد القطع الآثرية المعروضة داخل القاعة المركزية تصل إلى 1600 قطعة، بينما يصل عدد القطع الآثرية الموجودة فى المخازن إلى 50 ألفا.
وشدد على أن المخازن مؤمنة على أعلى مستوى والدخول إليها بالبصمة، كما أن هناك كاميرات فى كل مكان بالمتحف.
وقال «غنيم» إن القاعة الثالثة (المؤقتة) من المقرر افتتاحها أواخر العام الجارى، مشيراً إلى أنه سيتم عرض مقتنيات متحف النسيج داخل تلك القاعة.
وعن عدد القطع الآثرية التى سيتم عرضها داخل القاعة المؤقتة، أكد أن مقتنيات متحف النسيج بالكامل انتقلت إلى متحف الحضارة ولكن عدد القطع التى سيتم عرضها فى القاعة متوقف على سيناريو العرض قائلاً” احنا مش عايزين نعمل حشو للآثار وخلاص أو تكديس ليها بالعكس لابد من عرضها بشكل لائق”.
وأضاف أن هناك لجنة مختصة حالياً برئاسة الدكتور محمود مبروك تقوم بهذا الدور وهو إعداد سيناريو العرض المناسب.
جار البحث عن تمويل لتجهيز قاعة العاصمة وندرس استخدام تقنية «الهولوجرام»
ولفت إلى أنه جار البحث عن تمويل لتجهيز قاعة (العاصمة) وهى القاعة الرابعة والأخيرة للمتحف، مؤكدا أنه يسعى لتدبير التمويل المالى أولاً خاصة وأن هناك العديد من المقترحات لسيناريو العرض بالقاعة وفى حال تنفيذها ستحتاج إلى تكلفة مالية كبرى مثل استخدام تقنية «الهولوجرام».
وأشار إلى أن المتحف يُعد أيضا مؤسسة بحثية فلدينا مجموعة من المعامل ومراكز الترميم على أعلى مستوى فى العالم، مضيفاً أن هناك بعض المعامل غير موجودة سوى فى متحفى اللوفر بباريس وأبو ظبى، ولكنها أصبحت موجودة الآن بمتحف الحضارة.
نستقبل من 60 إلى 70 ألف زائر شهريا أغلبهم مصريين
وبسؤاله عن عدد الزوار، قال إن المتحف يستقبل من 60 إلى 70 ألف زائر شهرياً، مشيراً إلى أن شهر أغسطس الماضى حقق أعلى معدلات فى الزيارة بخلاف شهر سبتمبر والذى انخفضت فيه أعداد الزوار مقارنة مع الشهر السابق له نظراً لدخول موسم الدراسة.
ونوه بأن %70 من أعداد الزوار من المصريين، مشيرا إلى أنه كان متوقع توافد سكان القاهرة والجيزة فقط لزيارة المتحف ولكن سكان جميع المحافظات يأتون للزيارة.
وأكد أن العاملين فى المتحف راضون عن ماتم إنجازه حتى الآن، مشيراً إلى أن ارتفاع أعداد الزوار من عدمه متوقف على حجم الحركة السياحية الوافدة لمصر وتطور أزمة كورونا فى العالم والتى من الممكن أن تؤدى لانخفاض أعداد الزوار.
وأشار إلى أن جميع الجنسيات تأتى لزيارة المتحف وخاصة العرب، والأفارقة وأعداد كبرى من الآسيويين، كما أن كل الفئات العمرية من الأطفال والشباب وكبار السن يأتون لزيارة المتحف.
وأوضح أن إيرادات المتحف حالياً “جيدة” مع مراعاة أن هناك بعض الفئات المستثناة من دفع ثمن التذكرة، متابعا أن زيادة حجم الإيراد مرتبط بارتفاع حجم الحركة السياحية الوافدة إلى مصر وتطور أزمة كوفيد- 19.
وتابع إن الفئات المستثناة هم كبار السن (فوق60 عاما)، وأصحاب الهمم المصريين والمرافق لهم والأطباء، وأسر الشهداء، والعاملين بوزارة السياحة والآثار، والأطفال تحت سن 6 سنوات، والمحاربون القدماء، وخريجو كلية الآثار – كلية السياحة – كلية الآداب «قسم تاريخ ، قسم حضارة» – كلية الهندسة – كلية فنون جميلة «قسم عمارة» – كلية فنون تطبيقية – نقابة الفنانين التشكيلين.
وجدير بالذكر أن تذكرة الدخول للمتحف والتى تشمل زيارة قاعتى المومياوات والعرض المركزى، تصل إلى 60 جنيها للزائر المصرى، و30 جنيها للطالب المصرى، أما الزائر الأجنبى فتصل إلى 200 جنيه، وللطالب الأجنبى 100.
ولفت “غنيم” إلى أنه جار العمل على إصدار تذكرة موحدة لزيارة المتحف وبحيرة عين الصيرة ولكن بعد افتتاح الخدمات فى البحيرة.
وحول تشغيل وإدارة الخدمات بالمتحف، قال إنه تم توقيع عقد مع أحد المستثمرين المصريين لإدارة وتشغيل الخدمات بمتحف الحضارة، مؤكداً أن المستثمر سيقوم بتشغيل وإدارة الخدمات فقط وليس له علاقة بكل ماهو آثرى.
وقعنا عقدا مع مستثمر مصرى لإدارة وتشغيل الخدمات وسيتم افتتاح 5 مطاعم وكافتيريات
وأضاف أنه من المقرر افتتاح 5 مطاعم وكافتيريات داخل المتحف من قبل المستثمر والذى سيبدأ العمل فى القريب العاجل.
وبسؤاله عن وجود أفكار جديدة يمكن تطبيقها لزيادة أعداد الزوار للمتحف، قال إن هناك حفلات ترويجية يتم إقامتها الهدف الأول منها هو الترويج لمتحف الحضارة مع العلم أنه لا يتم بيع تذاكر للحفلة، مشيراً إلى أن بيع التذاكر لحضور الحفلات له إجراءات معينة وجار العمل عليها.
وكان المسرح الرومانى المكشوف بالمتحف القومى للحضارة المصرية، استضاف خلال شهر أكتوبر الجارى احتفالية موسيقية لعازفة الماريمبا الشهيرة نسمة عبد العزيز، ضمن البرنامج الثقافى والفنى الذى ينظمه المتحف.
وأشار”غنيم” إلى أن مثل هذه الفعاليات تنقل ملامح من الثراء والتنوع الإبداعى المصرى فى الساحة الثقافية مما يؤكد قيام المتحف بدوره كمؤسسة حضارية وثقافية وفنية لرفع الوعى السياحى والأثرى والارتقاء بالذوق الفنى وربط جميع أفراد المجتمع بالمتحف وتراث وحضارة أجدادهم.
ولفت إلى أنه تلقى العديد من العروض من بعض الوزارات والشركات الكبرى فى مصر لإقامة حفلات خاصة لتلك الشركات واستضافة الفنانين لإحيائها.
وعن تطبيق الإجراءات الاحترازية بالمتحف، قال إن هناك تعليمات مشددة منذ دخول المتحف من البوابة الرئيسية بعدم السماح لأى زائر بالدخول من دون كمامة، ولا يسمح أيضاً للعاملين بعدم ارتداء الكمامة مع اتباع الإجراءات الاحترازية والوقائية اللازمة للحفاظ على صحة الزائرين.
وحول مصير مشهد آل طباطبا، قال الرئيس التنفيذى لهيئة المتحف، إن المشهد من المقرر نقله إلى حيز المتحف خلال الفترة المقبلة.
يشار إلى أن مشهد آل طباطبا هو ضريح تم تأسيسه فى القرن الرابع الهجرى، العاشر الميلادى، شيده محمد بن طغج الإخشيدى، مؤسس الدولة الإخشيدية، بين أعوام 935l، و946 م، وملحق به مسجد يتكون من مربع يبلغ طوله 18 مترًا، ومبنى من الطوب “الآجر” وفى الجدار الشرقى يوجد المحراب، ويقسم المربع إلى ثلاثة أروقة بواسطة صفين من الدعامات بأركان كل منها أعمدة مدمجة.