الحوار مع رئيس الوزراء الدكتور أحمد نظيف في هذا التوقيت ذو نكهة خاصة، فنحن أمام مفترق طرق سياسية واقتصادية واجتماعية، وقد لا نبالغ إذا ما اعتبرنا أن العام المقبل وما تبقي من العام الحالي، الفترة الأكثر »مصيرية« وأهمية في تاريخ مصر علي مدار الثلاثين عاماً الماضية.
الحديث عن التغيير واحتمالاته وشائعاته لا ينقطع في أوساط النخبة السياسية والمالية والتحديات الخارجية تطل برأسها، ما يحتم علي الحكومة في بعض الأحيان الالتفات لتعديل جدول الأولويات، والمثل الأبرز في ذلك، ملف دول حوض النيل، الذي فرض نفسه في الفترة الأخيرة.
علي الأبواب.. انتخابات برلمانية فرئاسية… يظن كثيرون أن سبل التعامل معها تحدد نتائجها.. ونتائجها بدورها ترسم إلي حد كبير ملامح المستقبل لسنوات طويلة .
مئات الأسئلة تطوف بأذهاننا.. انتقينا من بينها، ما يعبر عن هواجس المستثمرين في مناسبة مهمة تخصهم، تتمثل في تجمعهم السنوي عبر مؤتمر »اليورومني« بالقاهرة والذي يعقد اليوم وغدا، واعتادوا من خلاله علي محاورة الحكومة التي جلبت هي الأخري علي محاورتهم، وتوصيل بعض الرسائل إليهم، بعضها يكون »خبريا« شديد الوضوح، وبعضها قد يكتنفه الغموض أحياناً إلي درجة »التلغيز« إن جاز التعبير.
ولحسن الحظ، فإن الحوار مع الدكتور نظيف لم يكن في أغلبه من النوع الأخير، علي الأقل فيما يتعلق بالرؤي والسياسات الخاصة بالاقتصاد، والوسائل التي تعتزم حكومته من خلالها مجابهة العديد من تحديات النمو في الفترة المقبلة.

الدكتور أحمد نظيف، ، أكد في عبارة حاسمة- أن مصر لم تعد تحتاج إلي برنامج تحفيز جديد ، في ظل المؤشرات التي تؤكد تزايد قوة الاقتصاد.
ووجه نظيف رسالة إلي المشاركين في المؤتمر من خلال »المال«، أكد فيها أن مصر أصبحت علي قمة الدول الجاذبة للاستثمار، والمستعدة لاستقبال استثمارات جديدة في المرحلتين الحالية والمقبلة.
قال: إن الحكومة تستهدف %6 علي الأقل معدل نمو في الناتج المحلي الإجمالي في العام المالي الحالي، مشيراً إلي أن مؤشرات نتائج الربع الأول تبشره بالنجاح في تخطي هذا المعدل.
أحمد نظيف: الاستثمارات الأجنبية تتجاوز رقم الـ 6.8 مليار دولار المحققة العام الماضي
وتوقع أن يتجاوز حجم الاستثمارات الأجنبية الرقم الذي تحقق العام الماضي، والبالغ 6.8 مليار دولار، إلا أنه أكد صعوبة الوصول إلي رقم 13.2 مليار دولار الذي تحقق في العام قبل الماضي.
ومن جهة أخري.. اعتبر رئيس الوزراء خروج الدكتور محمود محيي الدين من وزارة الاستثمار لتعيينه مديراً لصندوق النقد الدولي، فرصة لإعادة النظر في بعض أدوار وزارة الاستثمار.. وفي هذا الصدد، تحدث عن مشروع القانون الخاص بإنشاء جهاز إدارة الأصول المملوكة للدولة، موضحاً أن هذا التشريع يسمح بإدارة هذه الأصول كمحفظة بالشراء والبيع والاستثمار والتطوير، مع فصل الملكية وتحقيق القدرة علي المنافسة مع القطاع الخاص.
وأكد أن هذا التشريع سيكون جاهزاً خلال العام المقبل، إلا أن استكمال تنفيذه سوف يحتاج ما بين عامين وثلاثة أعوام، وقال: »إننا نحتاج إلي فترة لانتقاء الأصول التي سوف تؤول للجهاز، حتي تتوافر لإدارته محفظة صحية متنوعة يمكن من خلالها تحقيق أداء جيد.
الإدارة التنفيذية لإدارة أصول الدولة تبدأ بوحدة داخل وزارة الاستثمار ونفكر في استقلال الجهاز ونقله لمجلس الوزراء في مرحلة تالية
وحول استمرار تبعية جهاز الرقابة المالية غير المصرفية، لوزارة الاستثمار.. قال نظيف إن هناك اتجاهاً حالياً لنقل الجهاز إلي مجلس الوزراء، وهو نفس المصير الذي يمكن أن يؤول إليه جهاز إدارة أصول الدولة، حيث يمكن أن تبدأ إدارة الجهاز بوحدة داخل وزارة الاستثمار، مع التفكير في استقلال الجهاز، ونقل تبعيته إلي مجلس الوزراء في مرحلة تالية.
وفي شرحه لدور وزارة الاستثمار خلال المرحلة المقبلة، قال الدكتور نظيف: إن وزير الاستثمار يتولي تجهيز مناخ الاستثمار، ويلعب دور »المروج العام« والمكتب الأمامي Front Office في جذب الاستثمارات.
ورداً علي سؤال »المال« حول مصير قانون »تعارض المصالح العامة والخاصة»، الذي سبق أن تحدث عنه الدكتور محمود محيي الدين، أكد رئيس الوزراء أنه لا يوجد مشروع قانون محدد، ولم يتم طرح ذلك علي مجلس الوزراء، وهو لا يعارض هذا الاتجاه، ولكنه أشار إلي أنه موضوع كبير يحتاج إلي مناقشة مجتمعية واسعة«.
وحول قضية الطاقة.. أكد الدكتور أحمد نظيف أن مصر مؤهلة لأن تصبح مركزاً محورياً لتداول ونقل الطاقة، مشيراً في هذا الصدد إلي أن الحكومة قامت بتعديل عقود تصدير الغاز، بما فيها الإسرائيلية، لتتناسب مع الأسعار العالمية، وأوضح أن القراءة المتأنية لمنحنيات استهلاك وتوليد الطاقة، تؤكد أننا في الطريق للتحول إلي دولة صناعية إذا حافظنا علي معدلات النمو العالية الحالية، ولابد أن نكون مستعدين لفكرة استيراد الطاقة، لأننا سوف نتخطي حدود قدرتنا علي الاكتفاء الذاتي من إنتاجها.
وأشار إلي أن مشروعات الطاقة تأتي علي رأس المشروعات التنموية المشتركة الجاري بحثها مع دول حوض النيل، وبهذه المناسبة أوضح أن مصر اقترحت عقد اجتماع اللجنة العليا المصرية- السودانية القادم في جنوب السودان، كما أن هناك مبادرة مصرية متكاملة للتنمية في دول حوض النيل، ومن المنتظر الانتهاء منها قبل نهاية العام الحالي.
وإلى نص الحوار..
بداية ما الرسالة التي ترغب الحكومة في ابلاغها للمستثمرين من خلال مؤتمر «اليورومني»؟
نظيف: هناك ثلاث رسائل رئيسية، الأولي: أن مصر باتت من أكثر الدول استعدادا لاستقبال استثمارات جديدة في المرحلة الحالية بعد أن اكد اقتصادها خلال الفترة الماضية قدرته علي الصمود أمام العديد من التحديات التي نجمت عن الأزمة المالية العالمية. وبطبيعة الحال، فإن ذلك لم يأت اعتباطا، وانما لان الاقتصاد المصري يمتلك مقومات سمحت له باجتياز هذا الاختبار، فعلاوة علي أنه اقتصاد متنوع، فقد خضع لعملية اصلاح جذرية، ساعدته علي تجاوز الأزمة.
والرسالة الثانية هي: أن مصر تمتلك فرصا للاستثمار حقيقية وغير عادية، فهي بلد ينمو بمعدلات كبيرة، كما أن التشريع الذي أقره مجلس الشعب مؤخرا، لتنظيم عمليات المشاركة مع القطاع الخاص PPP، يفتح آفاقا جديدة أمام المستثمرين، للدخول في مشروعات البنية التحتية التي تساهم بدورها في دفع الاستثمار في باقي المجالات.
وأكثر من ذلك فإن النمو في السوق المحلية، يتيح فرصا واعدة، وأهم مثال علي ذلك، ما تطرحه الحكومة حاليا من مشروعات، لانشاء مراكز تجارية في كبري المدن والمحافظات.
أما الرسالة الثالثة فهي إعادة التأكيد علي ما نتمتع به من مزايا تنافسية، كالموقع الجغرافي ورخص العمالة، وارتباطنا بعدد كبير من اتفاقيات التجارة الحرة، تتيح استهداف أسواق أخري عبر الاستثمار في مصر، وأيضا استقرار المناخ الاقتصادي. واعتقد أن كل ما سبق، من شأنه أن يجعلنا علي قمة الدول المستهدفة للاستثمار.
المال: بعض المستثمرين، قد يطرحون أسئلة يعبرون بها عن قلقهم حيال مسألة الاستقرار السياسي خلال الفترة المقبلة؟
نظيف: اعتقد أن الأيام أثبتت اننا دولة مستقرة سياسيا، وكلنا تابعنا حجم الجهد الكبير الذي بذله الرئيس مبارك خلال جولته الآخيرة في الولايات المتحدة الأمريكية، والنشاط المكثف الذي قام به عقب عودته، مما طمأننا علي صحته، ومثل أكبر رد علي تساؤلات الناس حول المستقبل.
رسالة للمستثمرين: الحزب الوطني مازالت لديه الأغلبية واليد الطولي.. وقادر تماماً علي التعامل مع سيناريوهي الانتخابات الرئاسية
المال: القلق علي المستقبل ينبع أساسا من عدم وضوح الرؤية حول مرشح الحزب الحاكم لانتخابات الرئاسة العام المقبل؟
نظيف: هذا الحديث سابق لأوانه، ولكن علي أي حال، اعتقد اننا أمام بديل من اثنين، الأول أن يقرر الرئيس ترشيح نفسه مرة أخري، خاصة وقد ظهرت بوضوح قدرته علي ذلك خلال الفترة الماضية، وهو السيناريو الذي سيرحب به الجميع. أما البديل الثاني فيتمثل في أن يقرر الرئيس لأي سبب آخر أن يتقاعد، وهذا هو ما لانرغب فيه. ما أريد أن أقوله إنه حتي لو كان المستثمر يفكر بالطريقة التي ذكرتها، فرسالتي إليه، أن الحزب الوطني الحاكم مازالت لديه الأغلبية، واليد الطولي داخل الحياة السياسية، وقادر تماما أن يرشح البديل.
المال: نعود مرة آخري إلي الاقتصاد، هل تعتزم الحكومة خلال العام المالي الحالي الاعلان عن برنامج للتحفيز علي غرار البرنامج الذي قامت به العام السابق ؟ أم تري أن الحاجة قد انتفت إليه بعد عودة الاقتصاد للنمو بمعدلات مرتفعة عن وقت الأزمة العالمية؟
نظيف: اعتقد اننا لسنا في حاجة إلي برنامج تحفيز في هذه المرحلة. نعم نعلم أن الاقتصاد العالمي يمر بمرحلة عالية من الديناميكية في الوقت الحالي، وبالتالي لانستطيع أن نتخذ قرارات مطلقة في مثل هذه الأمور، بل علي العكس ينبغي أن نكون ذوي رؤية واضحة، وقدرة سريعة علي الحركة في نفس الوقت.
وما أقوله إننا لسنا بحاجة الآن لبرنامج تحفيز، فالمؤشرات التي رأيناها خلال الفترة الأخيرة، تؤكد أن الاقتصاد المصري يزداد قوة من ربع إلي آخر، كما يشير إلي ذلك تطور معدلات النمو.
ومع ذلك فإننا نتابع عن كثب نسب البطالة، وحتي الآن فإن مؤشراتها مستقرة مع أن قوة العمل تزداد سنويا ما بين 600 و700 ألف مواطن.
وكنا قد نجحنا قبل الأزمة في خفض البطالة بتوفير فرص عمل تفوق الزيادة الوافدة إلي سوق التوظيف، ولكن حتي في ظل الأزمة لم نشهد موجات لتسريح العمالة كما حدث في الأسواق العالمية، بل علي العكس مازلنا نعمل علي تنمية مواردنا البشرية من خلال التدريب والتأهيل المهني وتطوير التعليم وكل ما يرتبط بإعداد الكوادر الفنية علي وجه الخصوص وذلك لمواجهة النقص في هذا المجال تحديدا.
المال: الاجابة إذن. . . لايوجد برنامج تحفيز جديد؟
نظيف: نعم لايوجد برنامج تحفيز علي الأقل في الأجلين القصير والمتوسط ولانري حاجة لذلك في ظل حفاظنا علي انفاقنا الاستثماري، خاصة إننا سنتوجه كما ذكرت في المرحلة المقبلة لمشروعات الشراكة ما بين القطاعين العام والخاص .
الناتج المحلي مرشح لتخطي معدل نمو %6 العام الحالي
المال: ما معدل النمو في الناتج المحلي الاجمالي الذي تستهدفه الحكومة في العام المالي الحالي 2010/2011 ؟وكذلك حجم الاستثمارات الاجنبية المستهدفة؟
نظيف: 6% علي الأقل، ولاحظ إننا قد اقتربنا من ذلك في الربع الأخير من العام المالي الماضي 2009/2010 ، وحققنا خلاله %5.6، ونحن الآن في انتظار نتائج الربع الأول من العام الحالي الذي سيظهر إلي حد كبير الاتجاه العام، ولكن اعتقد أن المؤشرات تبشر، أننا سننجح في تخطي الـ%6 .
أما فيما يتعلق بالاستثمارات الأجنبية المباشرة، فإن التحدي الرئيسي أمامنا أن نتخطي الرقم الذي تحقق العام الماضي ويبلغ 6.8 مليار دولار نصفها تقريبا ذهب إلي قطاع البترول. ولاحظ إننا نتعامل مع الرقم السابق بأسي لاننا حققنا أعلي منه في الأعوام السابقة، وننسي في نفس الوقت أننا حتي عام 2004 قبل تولي الحكومة الحالية- لم نتجاوز أبدا رقم الـ 2 مليار الذي تحقق في العام، أغلبها في قطاع البترول.
الخلاصة إنني لا أستطيع أن أحدد لك رقما محددا في ظل التذبذب الكبير الذي تمر به الأسواق العالمية، ويصفة عامة أستطيع أن أخبرك أنه من الصعب أن نصل إلي رقم 13.2 مليار دولار الذي حققناه العام قبل الماضي، ولكنني بإمكاني أن أؤكد أننا سنتجاوز أرقام العام الماضي.
أحمد نظيف: خروج محيي الدين فرصة لإعادة النظر في بعض أدوار وزارة الاستثمار
المال: بمناسبة الاستثمار، هل سيطرأ أي تعديل علي الأدوار المنوطة بوزارة الاستثمار في أعقاب خروج وزيرها الدكتور محمود محيي الدين مطلع الشهر المقبل لتسلم منصبه الجديد كمدير بالبنك الدولي؟
نظيف: بالقطع سيمثل ذلك فرصة لاعادة النظر، ودعني أؤكد أولا أن الدكتور محيي الدين، قد وضع قواعد جيدة لانشاء هذه الوزارة التي تم استحداثها عند تشكيل الحكومة الحالية في 2004، فقد تغير الفكر من كونها وزارة يقتصر عملها علي ادارة قطاع الأعمال العام أو حتي لبرنامج الخصخصة، إلي وزارة للاستثمار بشقيه العام والخاص.
واعتقد إننا بحاجة أكثر للسير في هذا الاتجاه في المرحلة المقبلة، بمعني إننا قد تحدثنا مؤخرا عن تشريع جديد لادارة الأصول المملوكة للدولة التي ستظل محتفظة بملكيتها لفترات طويلة، تسمح لنا بادارتها كمحفظة بالشراء والبيع والاستثمار والتطوير بأي شكل، ولكن مع فصل الملكية عن الادارة، وبما يحقق لهذه الادارة المستقلة القدرة علي المنافسة ، وبحيث يكون الفرق بين طبيعة هذه المحفظة والقطاع الخاص، يكمن فقط في الملكية وليس في جودة الادارة ومدي كفاءتها. وذلك الجزء يمثل عنصرا أساسيا في تفكيرنا في المرحلة المقبلة، هذا فيما يتعلق بمسألة الأصول المملوكة للدولة، أما بالنسبة لهيئة الاستثمار التابعة للوزارة، فاعتقد أنه لاغني عنها.

المال: فيما يختص بالاستثمار هل سيلعب الوزير الجديد دور المروج للاستثمار بصفة عامة أم سيتداخل ويتدخل في تنفيذ الاستثمارات أيضا، خاصة أن البعض يردد أن كثيرا ما شهد عمل الدكتور محيي الدين نوعا من الصدام مع عمل الوزراء المسئولين عن القطاعات المختلفة؟
نظيف: منذ بداية تأسيس هذه الوزارة و قرارنا أن وزيرها يلعب دور الواجهة أو المكتب الأماميFront Office في جذب الاستثمارات، وهذا ما أصرينا عليه، وحتي لوكان هناك بعض السادة الوزراء يري تداخلا في عمله من جانب وزير الاستثمار-كما تقول أنت- فإن ذلك يعد شيئًا طبيعيا للغاية، ذلك أن الاستثمار كموضوع يتخطي فكرة الوزارة القطاعية، التي قد تهتم بالاستثمار في الزراعة أو الصناعة أو السياحة وغيرها من المجالات. وفي هذا الاطار فإن ما نقوم به ليس بدعة، فكل دول العالم لديها هيئات للترويج للاستثمار مستقلة تماما عن الوزارات القطاعية، لكن عملية التنسيق بينها قائمة.
المال: هيئات وليست وزارات؟
نظيف: في بعض الأحيان وزارات، ولكن المهم ألا تكون الهيئة في نطاق وزارة أخري، وعلي سبيل المثال، لو أخذنا التجربة الايرلندية، هم لديهم هيئة للترويج «Irish Promotion Agency «، وهي تتبع مباشرة رئيس الوزراء. وكون المسئول عن ذلك عندنا بدرجة وزير فهذا أفضل من وجهة نظري، لانه سيكون موجودًا بمجلس الوزراء، وبالتالي التنسيق سيكون أعلي.
المال: إذن الوزير الجديد سيلعب دور المروج العام أو الواجهة فيما يتعلق بالاستثمار؟
نظيف: نعم .
المال: ثم يسلم حصيلة عملية الترويج والجولات للوزارات القطاعية كل بحسب تخصصه؟
نظيف: بالتأكيد. . فهناك توزيع للأدوار، وذلك لايقلل من دور الوزارات القطاعية نفسها سواء التجارة والصناعة أو السياحة والزراعة وغيرها في الترويج للمشروعات الخاصة بها، ولكن لابد أن تتولي جهة أو كيان مسئولية الترويج لمصر، وتجهيز المناخ العام للاستثمار، والاعداد للمؤتمرات الجاذبة للمستثمرين، وذلك كان الدور الرئيسي الذي يقوم به الدكتور محيي الدين.
ولنأخذ علي سبيل المثال، مسألة تأسيس الشركات، كان يكتنفها العديد من الصعوبات، تجعل عملية التأسيس تستغرق من شهرين إلي ثلاثة، الآن تتم في 48 ساعة وهناك معوقات أخري كعدم توافر تشريعات متطورة لعمليات كالافلاس وغيرها من سيتولي بحثها وتذليلها وايجاد الحلول المناسبة لها؟ إذن هناك وظيفة »Function « لم نزل في حاجة لها، ضمن حقيبة وزارة الاستثمار.
المال: في التصور الجديد هل سيظل جهاز ادارة الأصول تابعا لوزارة الاستثمار؟
نظيف: التغيير سيكون في شكل الكيان التنظيمي . ويتمشي مع التغيير الذي حدث في الفلسفة والسياسة الذي بدأناه في عهد محيي الدين، بالتحول من سياسة الخصخصة إلي سياسة ادارة الأصول، وما نقوم حاليا من خلال اعداد مشروع ادارة الأصول التابعة للدولة، هو بمثابة تأسيس لكيان يجسد هذه السياسة في صورة مؤسسية.
المال: متي يدخل المشروع إلي مجلس الشعب؟
نظيف: أتمني أن يدخل الدورة المقبلة.
المال: ما هي المعايير التي تم وضعها لاختيار ادارة هذا الجهاز، علما بان هذه الأجهزة تتم ادارتها في الدول المختلفة من كوادر محترفة علي أعلي مستوي من الكفاءة، وتمتلك خبرات سابقة من العمل في كبريات بنوك الاستثمار والمؤسسات المالية العالمية؟
نظيف: هذا بالفعل نضعه في الحسبان، ولكن في المرحلة الحالية، نفضل ان نترك مساحة للوزير الجديد كي يدرس ويستوعب الموضوع بأكمله، ويضع خطة لتنفيذه، وفي جميع الأحوال، فإننا لن نعيد اختراع العجلة من جديد، وسنراعي ذلك عند تكوين الهيكل المؤسسي واختيار الكوادر.
المال: في تقديرك متي سيظهر الجهاز بفريق ادارته وشكله النهائي ويبدأ العمل في السوق؟
نظيف: بضع سنوات حتي يعمل الجهاز بطاقته القصوي . وعلي أي حال اعتقد أنه سيكون لدينا التشريع الخاص به في العام المقبل ولكن تنفيذه في أرض الواقع يحتاج من عامين إلي ثلاثة أعوام. ولاحظ أننا نتحدث عن ادارة أصول مملوكة للدولة وليس فقط شركات قطاع الأعمال العام، وبالتالي سيكون أمامنا فترة كي يتم انتقاء الأصول التي تئول للجهاز، حتي يتوافر لادارته محفظة صحية متنوعة، يمكن من خلالها تحقيق أداء جيد.

المال: هل يمكن أن يكون للجهاز ادارته التنفيذية العام المقبل؟
نظيف: أتصور ان نبدأ بوحدة داخل الوزارة، فنحن لن نبدأ من فراغ، والدكتور محيي الدين كما ذكرت كان قد عمل بالفعل في هذا الاتجاه.
المال: هل هناك تفكير في أن يتبع جهاز ادارة الأصول مباشرة لرئيس مجلس الوزراء؟
نظيف: نحن نفكر بالتأكيد في أن يتطور الجهاز ليصبح مستقلا مثل باقي التجارب العالمية كالتجربة الماليزية علي سبيل المثال، وبالتالي نقل تبعيته لمجلس الوزراء. والحقيقة أن تفكيرنا يتجه إلي أن يكون هناك وزير مسئول عن الجهاز أثناء تكوينه، ومثال علي ذلك أيضا جهاز الرقابة المالية غير المصرفية، الذي يفترض أن يكون جهازًا مستقلاً كالبنك المركزي، ولكننا جعلنا تبعيته في مرحلة التكوين للوزير محيي الدين.
المال: ذلك يفتح الباب للسؤال: هل سيظل جهاز الرقابة تابعا لوزير الاستثمار في المرحلة المقبلة؟
نظيف: لا. . نحن نفكر حاليا في نقل تبعيته لرئاسة الوزراء.
المال: الا يوجد تفكير لنقل تبعيته لمحافظ البنك المركزي؟
نظيف: لا. . نحن نصر علي أن تكون هناك استقلالية ما بين الرقابة علي الجهاز المصرفي، والرقابة علي القطاع المالي غير المصرفي. ولكن ما أستطيع التأكيد عليه أننا لم نقرر بعد إذا ما كان ذلك سيتم مع تكليف وزير الاستثمار الجديد أم نعطي له فرصة عدة أشهر، ونري كيف سيتفاعل معنا.
قانون تعارض المصالح العامة والخاصة مجرد فكرة ويحتاج إلي مناقشة مجتمعية تستغرق وقتاً طويلا
المال: هناك من يقول إن قصة سن مشروع قانون ينظم تعارض المصالح العامة والخاصة قد انتهت مع خروج الدكتور محيي الدين من الوزارة بل إن بعض الشائعات تذهب إلي انها أحد أسباب خروجه. ما مصير هذا القانون؟
نظيف: أولا قانون تعارض المصالح هو مجرد فكرة، ولايوجد له حتي هذه اللحظة مشروع قانون محدد مطروح علي الساحة السياسية أو التشريعية ومن ثم الأجندة التشريعية.
هذه الفكرة كانت تطرح تساؤلا: هل نحن بحاجة لمشروع قانون في هذا الصدد أم لا؟ وذلك كغيره من الأفكار المطروحة للنقاش كقانون محاكمة الوزراء.
ثانيا فكرة تعارض المصالح ليس موضوعها الوحيد هو الوزراء، إنما تشمل دائرة أوسع بكثير كأعضاء مجلس الشعب علي سبيل المثال أو شخصيات عامة أخري، وهو موضوع كبير يحتاج إلي مناقشة مجتمعية، لانك في نهاية المطاف أيضا لا تريد تقييد البلد أكثر من اللازم، إذا لم يتم تعريف عبارة تعارض المصالح تعريفا دقيقًا

وإذا كان تفكيرنا قد انصب في هذه المرحلة علي الحكومة فإن ذلك يرجع لما يثار دائما عن وجود وزراء بها من قطاع الأعمال، وهل ينجم عن ذلك تعارض مصالح أم لا. وهذا التفكير بالمناسبة تؤكده السياسات والمحددات التي وضعناها منذ عام 2004 عند تشكيل الوزارة ودخول أول وزير من قطاع الأعمال الخاص.
المال: ولكن الدكتور محيي الدين قال في تصريحات سابقة إن هناك مشروع قانون؟
نظيف: هو يقترح.
المال: ولكنه قال في تصريحات له مؤخرا لجريدة الشروق إنه يستطيع أن ينقل عن كل من أمين عام الحزب صفوت الشريف وأمين السياسات جمال مبارك أن هناك مشروعا لقانون تعارض المصالح؟
نظيف: لم يعرض علي مجلس الوزراء حتي الآن مشروع لقانون تعارض المصالح، قد يكون هناك تفكير في ذلك داخل الحزب، ونحن كحكومة نرحب بهذا الاتجاه وأنا شخصيا لست ضده، ولكن الموضوع له أبعاد كثيرة كما ذكرت، وأنت رجل عملي تريد الحصول علي إجابة محددة، لذلك أقول لك لم يعرض علينا مشروع قانون .
وكما نعلم فإن الدكتور محيي الدين كان متحمسا جدا لهذا الفكر، واعتقد أنه أعد بعض المسودات، هذا شيء جيد، ولكن هل وصلنا به لمرحلة من النضج كمشروع قانون يعرض علي مجلس الشعب؟ اعتقد أن ذلك غير منتظر في هذه المرحلة. وعلي أي حال فنحن لم نناقش الأجندة التشريعية الكاملة للدورة القادمة، وتصوري أنني أستطيع ان أجيب علي سؤالك بشكل ادق خلال شهرين.
أما بخصوص الشائعات التي أثيرت حول خروج الدكتور محيي الدين، فأؤكد لك أنه لاتوجد أي علاقة بين ذهابه إلي البنك الدولي وأي شيء داخل الحكومة، وإنما اعتقد أن التعيين كان فرصة جيدة جدا للدكتور محمود ولمصر، والمفاوضات بدأت منذ عدة أشهر، و استطلع الوزير رأيي في قبول المنصب، وقد رحبت بذلك، وأتصور أن المنصب يعكس تقديرًا له في حد ذاته، كما أن الحكومة تقدر ما قام به في فترة مكوثه في الوزارة.
أحمد نظيف: نسير في طريق التحول لدولة صناعية إذا حافظنا علي معدلات النمو الحالية
المال: كيف تفكر الحكومة في ملف الطاقة، خاصة وقد أعلنت عن موافقتها علي استيرادها لتلبية الاستهلاك المتزايد للصناعة؟
نظيف: القراءة المتأنية لمنحنيات استهلاك الطاقة محليا وقدرتنا علي توليد طاقة ذاتيا، تؤكد أن مصر علي الأرجح في طريقها للتحول إلي دولة صناعية في المرحلة القادمة،و إذا ما حافظنا علي معدلات النمو العالية الحالية.
فإننا سنتخطي قدرتنا علي الاكتفاء ذاتيا من الطاقة وذلك علي المديين المتوسط والطويل. قدلا يحدث غدا، ولكن لابد أن نكون مستعدين لفكرة استيراد الطاقة.
ولكن الأهم من ذلك، أن تصبح مصر مركزا لتداول الطاقة، واعتقد أننا مؤهلون لذلك بشكل جيد، فنحن نكرر البترول ونصنع منتجاته المختلفة، ولدينا خطوط لنقل البترول والغاز الطبيعي، نقوم بالتصدير من خلالها، ولكن من الوارد جدا أن نستقبله »الغاز« لنستخدمه محليا أولنصدره بعد اسالته، من خلال محطات الاسالة العملاقة التي نمتلكها، استغلالا لميزة الموقع الجغرافي. وهذا التفكير لم يأت اعتباطا، إنما كجزء من استراتيجية، تشمل أيضا الاستثمار في بنية أساسية للغاز علي أعلي مستوي. وقد بدأنا التفكير في ذلك عندما وصلنا إلي معدلات نمو تقترب من %7 قبل عامين، وأيقنا أن استمرارها مرهون بتوفر الطاقة.
وتتضمن الاستراتيجية كذلك الربط الكهربائي مع الكثير من الدول من بينها المملكة العربية السعودية الغنية بالطاقة، ويمتد مجال اهتمامنا في ملف الطاقة إلي دول البحر المتوسط وجنوبا إلي أفريقيا.
مصر مؤهلة لأن تصبح مركزاً محورياً لتداول ونقل الطاقة
المال: أفهم أن تلك الاستراتيجية تستهدف تحول مصر إلي مركز يتم من خلاله نقل الطاقة؟
نظيف: بالضبط. . . لاحظ أن أفريقيا غنية بموارد الطاقة ومن أهمها المساقط المائية الهائلة في وسط أفريقيا، ومن الممكن أن تصدر الطاقة من خلالنا إلي أوروبا، كل ذلك نضعه في اعتبارنا في خطة طويلة ومتوسطة الأجل، والخلاصة أننا نعلم تماما أنه لكي نصل لمعدلات نمو تتجاوز الـ %7، لابد أن نتأكد من مصادر الطاقة، صحيح أنه توجد مؤشرات ايجابية فيما يخص احتياطيات مصر من البترول والغاز، ولكن في تقديري أنه لاينبغي أن تعتمد استراتيجيتنا علي الاكتفاء الذاتي، بل علي ان نصبح دولة محورية في مجال الطاقة.
أحمد نظيف : قمنا بتعديل عقود تصدير الغاز- بما فيها الإسرائيلية- لتتناسب مع الأسعار العالمية
المال: ولكن ألا يشكل الاعلان عن الاتجاه إلي استيراد الطاقة وخصوصا الغاز الطبيعي ضغطا سياسيا علي الحكومة في ظل قيامها خلال السنوات الماضية بتوقيع اتفاقيات لتصدير الغاز المصري بأسعار منخفضة للعديد من الدول مثل اسرائيل وإسبانيا والأردن؟
نظيف: علي الاطلاق، لاننا كما ذكرت نستهدف القيام بدور الدولة المحورية، ومن ثم لابد وأن نتوقع أن نستقبل الطاقة ونصدرها والا لما أقدمنا علي إنشاء محطات الاسالة الضخمة التي قمنا بها، ولاخط الغاز العربي الذي يذهب إلي الأردن وسوريا وقريبا إلي تركيا ولا خط الغاز إلي اسرائيل التي تتحدث اليوم بالمناسبة أن لديها غاز طبيعي وستقوم بتصديره. أيضا نحن نصدر الطاقة بالأسعار العالمية، علي عكس الاعتقاد الخاطئ اننا نصدرها بأسعار أقل.
المال: هل ينطبق ذلك علي الغاز الطبيعي تحديدا؟
نظيف: ينطبق علي كل أنواع الطاقة، لانك عندما تقارن الأسعار لابد أن تضع في اعتبارك أن هناك فرقا بين أسعار الغاز في السوق الحاضرة» Spot Market « وبين أسعار العقود طويلة الآجل. وأغلب العقود التي تتحدث عنها مضي علي توقيعها سنوات عديدة، ومع ذلك فقد قمنا بتعديل هذه العقود بما فيها الخاص بتصدير الغاز لاسرائيل لتتناسب مع الأسعار العالمية. وفي هذا الاطار أؤكد أن قرار تصدير الغاز كان صحيحا، وقرار إعادة التسعير صحيحا، وكذلك القرار القادم سواء بالتصدير أو الاستيراد.

المال: هل تم تعديل كل العقود؟
نظيف: جميع العقود دائما خاضعة للتعديل. وهناك آلية للتعديل بكل عقد نعمل من خلالها باستمرار.
أحمد نظيف : لا نستهدف تخفيض الدعم.. وإنما إعادة توزيعه بكفاءة علي الخدمات التعليمية والصحية
المال: أنتقل إلي قضية الدعم ولكن سؤالي علي غير المألوف يتناولها من المنظور الاقتصادي وليس الاجتماعي. بمعني هل يمكن ان يؤدي الاتجاه الذي أعلنت عنه الحكومة منذ فترة بالتحول تدريجيا من الدعم العيني إلي نقدي، إلي تخفيض فاتورة الدعم، وبالتالي تقليل العجز في الموازنة أو حتي توجيه الموارد إلي أوجه انفاق أخري؟
نظيف: نحن نسير في اتجاه واضح وهو ضرورة تقنين الدعم ووصوله إلي مستحقيه، ولكي نحقق ذلك الهدف، ينبغي أن نستكمل البنية التحتية اللازمة له. وقد بدأنا بالفعل فانتهينا من اصدار بطاقة الأسرة المميكنة التي تحدد الأسر المستحقة للدعم، ثم أضفنا الأسر التي تستحق الضمان الاجتماعي ويتجاوز عددها حاليا مليونًا، ليصبح المجموع حاليا 11 مليون أسرة، من بينها مليون تحصل علي دعم نقدي وهي أسر الضمان الاجتماعي، وباقي الأسر يحصلون عليه عينياً في صورة سلع باستخدام بطاقات الأسرة. والأهم من ذلك أنه قد أصبحت لدينا قاعدة بيانات، نستطيع بها مراقبة النظام ككل، والتحقق من وصول المقررات التموينية للشخص المستحق.
المرحلة القادمة نستهدف فيها عدة أمور الأول: هو درجة أعلي من العدالة عن طريق تصنيف الأسر بحسب احتياجها للدعم فهناك تفاوت في درجة الاحتياج يجب تحديده، بحيث من الممكن أن يحصل البعض علي دعم كلي والبعض الآخر الأقل احتياجا علي دعم جزئي.
وثانيا إننا نفكر جديا في تخيير الناس مابين صرف السلع التموينية أو الحصول علي مقابلها النقدي. بمعني أن البطاقة المميكنة الحالية يمكن أن تذهب بها للبقال، لتحصل علي عدد من السلع، لنفترض أنها تتضمن دعما تبلغ قيمته 20 جنيها. عندها يمكن أن تختار أن تذهب للحصول عليها من ماكينة صرف آلي ATM بدلا من صرفها في صورة مقررات تموينية. اليوم البنية التكنولوجية، تتيح لنا التنفيذ، ولكن قبل ذلك ينبغي أن يتقبل المجتمع هذا الفكر. أما الجزء الأخير من تصورنا، فيشمل التعميم، بمعني أن ندخل أيضا أنابيب البوتاجاز في النظام التمويني، من خلال توزيع كوبونات للأنابيب مع البطاقات، بحيث نمنع وصول الدعم الموجه إليها لغير المستحقين.
المال: ولكن هل يمكن تخفيض فاتورة الدعم عن طريق ترشيده؟
نظيف: موازنة الدولة في نهاية الأمر هي كم إنفاق محدد، ينبغي أن يتم صرفه بأي طريقة وإلا تعرض الاقتصاد للاضطراب، وبناء علي ذلك لايمكنا تخفيضه ولا استطيع ذلك من الناحية الاقتصادية.
علي الجانب الاجتماعي، لا يمكن أن يكون هدفنا في يوم من الأيام تخفيض بند الدعم، إنما إعادة توزيعه بصورة أكثر كفاءة، بمعني أن أتأكد أولا أنه سيذهب للمواطن الذي يستحقه، وثانيا أن نعمل علي رفع كفاءة هذا المواطن، من خلال إعادة توجيه الدعم إلي مجالات تهمه، كالتعليم والصحة.
المال: الملف الآفريقي شهد اهتماما مفاجئا فور اندلاع أزمة مياه النيل، شعرنا أنه قد بدأ في الخفوت مرة أخري. فبالرغم من الزيارات الحكومية المتكررة لبعض دول الحوض فإنها لم تسفر عن خطوات ملموسة في تعميق العلاقات مع هذا الظهير الأفريقي الحيوي؟
نظيف: مبادرة حوض النيل لها لجنة عليا برئاسة رئيس الوزراء، وعضوية جميع الوزارات والأجهزة المعنية كالخارجية والري والموارد المائية والكهرباء والتجارة وغيرها، وذلك لضمان التنسيق بين هذه الجهات، مع الوضع في الاعتبار اختصاص كل منها فيما يتبعه من ملفات، فالجانب الفني مثلا يتولاه وزير الري، والدبلوماسي وزيرا الخارجية والتعاون الدولي.
ولكن من الأساس هناك توجه جديد، يرتكز علي المبادرة التي تتجاوز فكرة كيفية تقسيم المياه بين دول الحوض إلي الاهتمام بتنمية هذه الدول التي تنظرإلي مصر علي انها الدولة الأكبر والأكثر تقدما.
وبالتالي فإن لديها طموحات كبيرة في التعاون معنا في المجالات المفيدة للطرفين. وعلي سبيل المثال يمكن أن نستورد منها اللحوم التي تتمتع بجودة عالية وسعر أرخص، وفي هذه الحالة يمكن أن نستثمر هناك أيضا في بناء المجازر والنقل والبنية الأساسية التي تساعدنا علي اتمام هذا النوع فقط من التعاون الذي ذكرته كمثال. وفي هذا الاطار نشجع المستثمرين للتوجه لدول حوض النيل.
أحمد نظيف: الطاقة علي رأس المشروعات المشتركة مع دول حوض النيل
المال: كيف تشجعهم الحكومة؟
نظيف: المستثمرون حاضرون دائما في توجهاتنا، ومؤخرا اصطحبت الدكتورة فايزة أبو النجا، وزيرة التعاون الدولي، في آخر زياراتها الأفريقية مجموعة من المستثمرين كما ألتقيت شخصيا مجموعة من الشركات والمستثمرين الذين يستثمرون في إثيوبيا أثناء زيارتي الآخيرة لأديس أبابا، ونحن نوفر لهم الدعم الأدبي والمعنوي والسياسي، ونحن نشجع البنوك المصرية علي التواجد، وقد ضم الوفد الذي رافقني خلال الزيارة أيضا بعض رؤساء البنوك. وفي نهاية المطاف فإن رسالتنا لهذه الدول من خلال مبادرة حوض النيل أننا مهتمون بتنميتها من خلال ضخ استثمارات وزيادة حجم التجارة.
المال: ذكرت من قبل أنه توجد مشروعات تنموية مع دول الحوض. ما طبيعة هذه المشروعات؟
نظيف: أحد المجالات التي نتحدث فيها حاليا مشروعات الطاقة. فهذه الدول فقيرة جدا من زاوية حجم الطاقة المنتجة. واذكر أن أثناء زيارتي الأخيرة لكمبالا لحضور مؤتمر القمة الأفريقية، أن الرئيس الأوغندي موسفيني تحدث بأن كل طموحه أن تصل الطاقة المولدة في بلاده نهاية هذا العام إلي ألف ميجاوات، في حين أننا في مصر نقترب حاليا من توليد 28ألف ميجا وات، نضيف إليها سنويا ما بين 1500 و2000 ميجاوات.
أيضا أثيوبيا يقترب عدد سكانها مثلنا من 80 مليون نسمة، في حين أن كل ما تولده من طاقة لايتجاوز 3000 ميجاوات. هذا يوضح لك الفارق التنموي بيننا وبين هذه الدول.
أحمد نظيف: اقترحنا عقد اجتماع اللجنة المصرية- السودانية القادم في جنوب السودان
المال: أفهم من ذلك أن الطاقة أحد المجالات المرشحة للمشروعات المشتركة؟
نظيف: الدكتور حسن يونس، وزير الكهرباء، سيزور أوغندا قريبا بناء علي طلب من الرئيس موسيفيني، لبحث سبل التعاون في مجال الطاقة.
وكما تعلم أيضا أننا قد أنشأنا 3 محطات للكهرباء في جنوب السودان، وفي هذا الاطار ينبغي أن أؤكد أهمية التواجد المصري في جنوب السودان في هذه المرحلة في ظل اقتراب موعد استفتاء تقرير المصير في يناير المقبل، ولذلك فقد تقدمنا باقترح بعقد اجتماع اللجنة العليا المصرية السودانية القادمة في جنوب السودان.
المال: هل يحتاج هذا الاقتراح لتفعيله لأكثر من موافقة الجانب الجنوبي؟
نظيف: نحن بالطبع نتعاون مع الحكومة المركزية، وفي تصوري أن نظيري في رئاسة اللجنة علي عثمان طه، نائب رئيس الجمهورية السوداني، مرحب بعقد اللجنة في الجنوب، لان الحكومة في الشمال لديها اهتمام بالغ بنتيجة الاستفتاء، وترغب في الاطمئنان إلي التواجد المصري هناك.
ونحن من جانبنا نستهدف طمأنة شعب الجنوب إلي أننا نراعي التكامل مع دول حوض النيل بصفة عامة، كما نرغب في اقامة علاقات طيبة ممتدة مع الجنوب والشمال معا.
المال: كي نغلق هذا الملف، هل هناك إجراءات محددة تتم دراستها حاليا لدعم وتشجيع حركة الاستثمارات والتجارة مع دول حوض النيل؟
نظيف: كل ما استطيع قوله إننا قد كلفنا أمانة اللجنة العليا لدول حوض النيل بعمل مبادرة مصرية متكاملة للتنمية في دول الحوض، ينتظر أن تنتهي منها قبل نهاية العام.