دور سفن أعلام الملائمة في حادث ميناء بيروت

علم الملائمة عبارة عن ممارسة تجارية يقوم بمقتضاها مالك السفينة بتسجيلها في سجل سفن دولة أخرى

دور سفن أعلام الملائمة في حادث ميناء بيروت
ماهر أبو الفضل

ماهر أبو الفضل

2:21 م, الأربعاء, 23 ديسمبر 20

أود أن أوضح في البداية، أنه استوقفني تصريح السيد Franz Fischler مفوض الاتحاد الأوربي للمصايد European Fisheries Commissioner التالي ” إن ممارسة أعلام الملائمة، حيث يقوم الملاك بتسجيل سفنهم في دولة بخلاف دولتهم من أجل تجنب القوانين و الضوابط الملزمة يمثل تهديد خطير لعالم البحار اليوم”.

لعل هذا التصريح يعبر عن الكارثة البحرية التي سنتناولها في هذا المقال.

عزيزي القارئ، لو جرت الأمور بصورة طبيعية ما حدث حادث انفجار ميناء بيروت الأليم الذي راح ضحيته الكثير، إن السفينة MV Rhosus التي كانت تحمل علم مولدوفا و هو من أعلام الملائمة سيئة السمعة Flag of Convenience FOC لم يكن مقررًا لها أصلا أن تدخل ميناء بيروت أو أن تقوم بتفريغ حمولتها من نترات الألومونيوم عالية التركيز بوزن 2750 طن في ميناء بيروت، بل والأدهى من ذلك أنها لم تكن في الأصل سفينة بضائع عامة تنقل بضائع عبر البحار بل تم بناؤها عام 1986 في اليابان على أساس أنها كراكة Grab Suction Dredger !!.

هذا و من ناحية أخرى فإن سفن مولدوفا موضوعة في القائمة السوداء لمذكرة تفاهم باريسParis Memorandum of Understanding (Paris MOU) التي تم تفعيلها عام 1982 التي تحتوي على سفن الدول التالية: ((Belize – Comoros – Moldova – Vantau و تسمح هذه الاتفاقية بقيام سلطات الميناء بفحص السفن التي تزور موانيها.

و قد نشأت اتفاقية مذكرة تفاهم كرد فعل لحادث غرق ناقلة النفط Amoco Cadiz المملوكة لشركة AMOCO TRANSPORT COMPANY الأمريكية والتي كانت ترفع علم ليبريا عام 1978 (غرقت على بعد خمسة كيلو متر من السواحل البريطانية بعد شحوطها على صخور بورتستال Portstall Rocks و انقسامها لثلاثة أجزاء ثم في النهاية غرق هذه الأجزاء معاً مما تسبب في حدوث أكبر تسرب بترولي من نوعه في التاريخ).
و من الجدير بالذكر أن سفن أعلام الملائمة قد تورطت في أكبر حوادث تسرب النفط في التاريخ.

و لعلك تسألني: ما هو علم الملائمة أو ما يعرف بالإنجليزية Flag of Convenience، أو ما يطلق عليه أيضًا بالسجل المفتوح Open Registry ؟

و في الواقع فإن علم الملائمة عبارة عن تجارية يقوم بمقتضاها مالك السفينة بتسجيلها في سجل سفن دولة أخرى، و غالبًا ما ينظر إلى هذا المصطلح بشكل سيئ، كما تعتبر هذه الممارسة مثيرة للجدل، و قد يختار ملاك السفينة تسجيل السفينة في بلد أجنبي بهدف تجنب القوانين المعمول بها في بلد المالك و التي قد يكون لها على سبيل المثال معايير أمان أكثر صرامة، و قد يختارون ولاية قضائية Jurisdiction من أجل تقليل تكاليف التشغيل و تجنب الضرائب المرتفعة في بلد المالكين و تجاوز القوانين التي تحمي ظروف و أجور عمل البحارة.
كما أنه يوجد هدف آخر و هو إخفاء الملكية Conceal Ownership لعدة أهداف و لكن يضيق المجال هنا للتحدث عنه.

و يوصف سجل السفن الذي لا يتضمن شرط الجنسية أو الإقامة لتسجيل السفينة بأنه سجل مفتوح، و على سبيل المثال يقدم سجل بنما مزايا الأسهل (غالبًا عبر الانترنت) و القدرة على توظيف العمالة الأجنبية الرخيصة، علاوة على ذلك لا يدفع الملاك الأجانب أي ضرائب على الدخل.

لقد دشن اتحاد عمال النقل الدولي International Transport Workers Federation ITF حملة ضد أعلام الملائمة اعتبارًا من عام 1948 في مؤتمر أوسلو Oslo Congress in 1948، و هو الجهة المنوطة بإصدار قائمة أعلام الملائمة.

و وفقًا لقائمة الاتحاد الدولي لعمال النقل فإن قائمة أعلام الملائمة لعام 2020 تضم الدول التالية:
(Bahamas – Barbados – Belize – Bermuda (UK) – Bolivia – Cambodia – Cayman Islands – Comoros – Cyprus – Equatorial Guinea – Faroe Islands (FAS) – French International Ship Register (FIS) – German International Ship Register (GIS) – Georgia – Gibraltar (UK) – Honduras – Jamaica – Lebanon – Liberia – Malta – Madeira – Marshall Islands (USA) – Mauritius – Moldova – Mongolia – Myanmar – Netherlands Antilles – North Korea – Panama – Sao Tome and Príncipe – St Vincent – Sri Lanka – Tonga – Vanuatu – Sao Tome and Príncipe)

و السؤال الذي يطرح نفسه هو لماذا دشن الدولي لعمال النقل ITF تلك الحملة المناهضة لأعلام الملائمة، و الإجابة كما يلي :

قدرت منظمة العمل الدولية International Labour Organization ILO في المواد المصاحبة لمعاهدة العمل البحري لعام Maritime Labour Convention of 2006 أنه يوجد حوالي مليون و مائتان ألف فرد يعملون كبحارة حول العالم، و تمضي هذه الوثيقة لتقول أنه عند العمل على متن السفن التي ترفع علم الدول التي لا تمارس الولاية القضائية و السيطرة الفعالة على سفنها فإن البحارة غالبًا ما يعملون في ظروف غير مقبولة مما يضر برفاهيتهم و صحتهم و سلامتهم و سلامة السفن التي يعملون عليها.

هذا و قد ذهب الاتحاد الدولي لعمال النقل International Transport Workers Federation ITF إلى أبعد من ذلك، حيث أنه قد حدد أن أعلام الملائمة لديها وسائل لتجنب قوانين العمل في دولة الملكية و لديها وسائل لدفع أجور منخفضة و إجبار العمال على العمل لساعات عمل طويلة وسط ظروف عمل غير آمنة، و لأن سفن أعلام الملائمة لا تمتلك جنسية حقيقية، فإنها تكون بعيدة عن متناول أي نقابة وطنية للبحارة.

كما قال الاتحاد أيضًا أن هذه لا تطبق معايير الآمان، و كذلك الحد الأدنى من المعايير الإجتماعية أو الحقوق النقابية للبحارة، و أنهم كثيرًا ما يفشلون في دفع رواتب طواقمهم و لديهم سجلات آمان سيئة و الانخراط في أعراف مثل التخلي عن أفراد الطاقم في الموانئ البعيدة.

و في هذه المقالة سوف أقوم أولا بعرض الأحداث و البيانات و التحقيقات التي قمت بجمعها عن هذا الموضوع أولًا، ثم أقوم بالتعليق عليها في النهاية.

من واقع الحوار الذي وثقه التلفزيون العربي مع قبطان السفينة MV RHOSUS الروسي Prokoshev Boris جرت الأحداث كما يلي:

أولا: بيانات الشحنة التي كانت تحملها وفقًا لسند الشحن Bill of Lading الذي تم تحريره على أساس أن السفينة مؤجرة To be used with Charter Parties:

• اسم الشاحن: Shipper: ROSTAVI AZOT LLC
• اسم المرسل إليه : Consignee: TO ORDER of BANCO INTERNACIONAL DE MOCAMBIQUE
• المستفيد: Notify: FABRICA DE EXPLOSIVOS – MOCAMBIQUE مصنع متفجرات موزمبيق.
• الرحلة : من: BATUMI Port of Black Sea Georgia إلى : BIERA PORT MOZAMBIQUE
• Shipper Description of Goods: High Density Ammonium Nitrate, Net Weight: 2750 MTS Gross Weight: 2750.40 MTS, Number of full Big Bags: 2750 PCS
• The Master of MV RHOSUS: CAPT: ABAKUMOV VIACHESLAV
كما عرض الكابتن بوريس شهادة تأمين على السفينة صادرة في تاريخ 30/5/2012.

ثانيًا:
• في تاريخ 25/9/2013 قام الكابتن بوريس بتوقيع عقد العمل مع شركة Teto Sipping Limited بصفتها مدير السفينة بمبلغ 3500 دولار أمريكي شهريًا ثم توجه إلى ميناء كارتال Kartal (Istanbul) بتركيا لاستلام السفينة بعد أن غادرها الطاقم، و ذكر أنه بدا غريبًا له أن يستبدل الطاقم في الطريق، و تبين لاحقًا أنه لم يدفع لهم أجرهم، و بموجب هذا العقد أصبح قبطان MV RHUSUS ليبحر بها إلى اليونان.

• توجه القبطان بالسفينة إلى ميناء بيريه Peruse Port في اليونان حيث تم تزويد السفينة بالمؤنة و الوقود، و كانت النية هي توجه السفينة من اليونان إلى موزمبيق إلا أن النية تغيرت.

• بعد أن بقى القبطان بورس أسبوع في اليونان سأل المالك إلى متى سنبقى ؟ أجاب: عليكم تحميل شحنة إضافية فلا يوجد لدي ما يكفي لدفع رسوم عبور السفينة قناة السويس و وجد المالك الشحنة الإضافية في بيروت.
• و صلت السفينة إلى بيروت و كانت الشحنة أليات ثقيلة جدًا للطرقات، و عندما تم تحميل الشحنة على سطح السفينة الصدئ التوى سطحها فأوقف القبطان الشحن، ثم جاء رجال الميناء و قالوا أنه لا يمكن شحن الآليات على السفينة، كما رفض الطاقم الإبحار خشية أن لا يدفع المالك أجرهم كما فعل مع الطاقم السابق، فأخبر القبطان المالك ايجور جريتشوشكين Igor Grechushkin و هو رجل أعمال روسي يعيش في قبرص بالأمر فقال حسنًا توجهوا إلى لارناكا في قبرص لأتعامل مع الطاقم إلا أن السفينة بقيت راسية في ميناء بيروت.

• لم تسمح سلطات الميناء للسفينة بالمغادرة لعدم سداد رسوم الميناء، و تم حجز السفينة، و لم يسمح له و لثلاثة من أفراد الطاقم بالمغادرة لكي يشرفوا على السفينة.

• بقى الكابتن بوريس و من معه على سفينة متهالكة محملة بشحنة خطرة نحو 10 شهور.
• لم يكن المالك جريتشوشكين ليدفع ثمن الغذاء و مياه الشرب و الطرف اللبناني كان يدفعها، و لم يكن يدري من أي مال، و هكذا عشنا.
• في تاريخ 21/2/2014 قام الكابتن بوريس بكتابة خطاب احتجاج إلى كل من منظمة العمل الدولية، و قائد الميناء و لوزارة النقل و لم يبالي أحد.
• و يؤكد كابتن بوريس أن سلطات الميناء كانت على علم بهذه الحمولة، و رفضت مرارًا تفريغها.
• كان الكابتن بوريس يرى أنه يتم تفريغ مادة نترات الأمونيوم من سفن أخرى و قال لسلطات الميناء تفرغون هذه النترات ولا تفرغون حمولتنا ؟ تبدو مماثلة و قيل له أن ما يتم تفريغه تركيزه أقل، و ذلك يسمح بتفريغه أما حمولتنا فإنها ممنوعة لأنه يمكن تصنيع متفجرات بها أي أنهم كانوا على علم جيد بهذا، و تم تفريغ الشحنة و لكن بعد مغادرة الكابتن بوريس و من تبقى معه للسفينة، و علم ذلك من المحامي الذي أوكله لإطلاق سراحه هو و من معه.
• كما أضاف الكابتن بوريس أنه كان ممنوع على هذه السفينة دخول بيروت أصلا، و عندما أراد جريتشوشكين المالك استدعاء السفينة إلى قبرص، كان عليهم وهم على علم أن يدفعو إليه أموالا لكي يزيل مصدر هذا الخطر من الميناء أما هم فحجزوا السفينة و هنا تساءل الكابتن هل هذا منطقي؟

• بقي الكابتن بوريس في بيروت إلى أن ظهرت شركة بارودي Baroudi شركة محاماة لبنانية في تاريخ 11/9/2014 و تمكنت من اخلاء سبيل البحارة، حيث قام ببيع جزء من وقود السفينة لتمويل أتعاب المحاماة و بعد ثلاثة أشهر سمحت المحكمة له و من تبقى معه بالمغادرة من دون السفينة، أما السفينة فبقيت في ميناء بيروت و حسب روايات البحارة من أصدقاء الكابتن بوريس غرقت حيث كانت راسية.
• مشتري نترات الأمونيوم لم يعلن عن نفسه أو لم يعلن عنه و لم يطالب بالشحنة و كذلك الأمر بالنسبة لمالك السفينة، فشحنة الموت لم تغرق مع السفينة، و نقلت إلى العنبر رقم 12 إلى أن انفجرت يوم الثلاثاء الموافق 4 أغسطس في الدقائق الأولى من الساعة السادسة مساء مخلفًا أثار كارثية في ميناء بيروت و مدينة بيروت.
• أظهرت احدى المستندات التي عرضها الكابتن بوريس أن عدد أفراد طاقم السفينة كان 10 أفراد، وكان هو الروسي الوحيد و الباقي من أوكرانيا التي تتحدث اللغة الروسية أي أن أفراد الطاقم يتحدثون نفس اللغة.
أسباب غرق السفينة

• في مقابلة عام 2020 صرح الكابتن بوريس بوجود ثقب صغير في بدن السفينة و لم يكن هناك طاقم على متنها لضخ مياه البحر بشكل دوري.
• ذكرت Euronews أن سجلات اللويدز Lloyd’s List أظهرت أن السفينة Rhosus قد تم الاستيلاء عليها Seized في فبراير 2018 و أنها غرقت بدون طاقم في حواجز الأمواج في ميناء بيروت في فبراير 2018 و أكدت صحيفة New York Times عبر صور الأقمار الصناعية متعددة الأطياف Multispectral Satellite Imagery أن السفينة قد غرقت بين 16 و 18 فبراير بجانب رصيف في بيروت.
• منذ عام 2018 تم الإبلاغ عن علم Rhosus على أنه غير معروف في قواعد البيانات الرسمية و تم تحديث حالة السفينة إلى خسارة كلية في أغسطس 2020.

بيانات السفينة MV RHOSUS
وفقًا لآخر بيانات للسفينة فقد كانت سفينة بضائع عامة أحادية السطح Single Deck General Cargo، الطول 86.6 متر – العرض 12 متر – الغاطس 4.9 متر – الحجم الإجمالي Gross Tonnage: 1900 – الحجم الصافي: 964 – أقصى حمولة: 3226 طن، و قد كان لها فتحتان عنابر تسع حجم 4136 متر مكعب، و كانت تدار بطاقم مكون من 10 أفراد.

رقم IMO: 8630344
و كان لها محرك وحيد رباعي الأشواط 4 Stroke صناعة Hanshin Diesel Works بقوة 987 حصان و رفاص واحد Fixed Pitch Propeller و سرعتها 10.5 عقدة بحرية 19.4 كيلو متر في الساعة.
سنة البناء 1986 و العلم: Moldova و هو من أعلام الملائمة Flag of Convenience FOC التي أطلق
تاريخ السفينة MV RHOSUS

تم بناء السفينة في Tokuka Zosen K.K في Naruto Japan على أساس أنها كراكة Grab Suction Dredger باسم Daifuki Maru No 8 لشركة الملاحة اليابانية Daifuku Kaiun و تم تسليمها في شهر اكتوبر 1986 ، و في عام 2002 بيعت السفينة إلى شركة شحن يابانية أخرى Nishi Nippon التي باعتها إلى مالك من كوريا الجنوبية و أعيد تسميتها إلى Seokjung No 505، و في مارس 2005 تم بيع السفينة إلى شركة Hong Kong Zheng Long Shipping Co Ltd و تم تغيير اسمها إلى Zheng Long و تم تسجيلها تحت علم دولة Belize و هي من دول أعلام الملائمة و في شهر يونيو من عام 2005 تم تغيير المالك إلى شركة من هونج كونج و هي Rui Hua (HK) Shipping Co Ltd و تم تغيير العلم إلى بنما، و في عام 2007 بيعت السفينة إلى شركة مسجلة في بنما Sea Star International Shipping Group INC و تم اعادة تسميتها إلى New Legend Glory.

في أغسطس عام 2008 انتقلت ملكيتها إلى شركة مسجلة في بنما و هي Briawood Corp و أعادت تسميتها Rhosus و أجرت عليها تعديلات حيث تم زيادة الطول من 53 متر إلى 86.6 متر و تم تحويلها إلى سفينة بضائع عامة General Cargo و تم تغيير العلم إلى جورجيا عام 2009 و هي إحدى دول أعلام الملائمة ثم إلى مولدوفا عام 2012، و في عام 2012 تم نقل ملكية السفينة إلى رجل الأعمال القبرصي Charalambos Manoli الذي باعها في نفس العام إلى رجل الأعمال الروسي Igor Grchushkin.
و في عام 2013 تم احتجاز السفينة في ميناء اشبيليه Seville الإسباني بواسطة سلطات الميناء بسبب عدد من العيوب.

كان عمر السفينة وقت دخولها ميناء بيروت 27 عام.

التحقيقات
قام كل من Der Spiegel ، Organized Crime and Corruption Reporting Project (OCCR) بإجراء تحقيق شامل أسفر عن:

• قد يكون رجل الأعمال القبرصي Charalambos Manoli هو المالك الحقيقي للسفينة بينما Igor Grechushkin كان غالبًا مؤجرًا عن طريق شركة في جزر مارشال تدعى Teto Shipping Co LTD.
• قد تكون الشركة البنمية المسجل باسم Bairwood Corp التي تملكت السفينة عام 2008 تنتمي إلى Manoli وفقًا للمستند الذي تم العثور عليه عن طريق صحفي OOCR عام 2012.
• الشركة الجورجية المسماه Maritime Lloyd المملوكة إلى Manoli (و هي هيئة تصنيف) صدقت على صلاحية سفينة الشحن المتعثرة للإبحار في أواخر يوليو من عام 2013 و لكن بعد أيام احتجزت سلطات ميناء Seville السفينة مشيرة إلى 14 عيب مثل الأسطح المتأكلة و نقص القوة المساعدة و مشاكل في الاتصال اللاسلكي.

• خلال رحلة Rhosus الأخيرة كان Manoli مدينًا بمبلغ 962 ألف يورو لبنك FMBE و مع ذلك ربما تم عرض Rhosus كضمان للبنك في مرحلة ما.
• الشركة الموزمبيقية Fabrica de Explosivos Mcambique (FEM) التي طلبت الشحنة مملوكة بنسبة 95% بعائلة رجل الأعمال البرتغالي Antonio Vieira من خلال شركة تدعى Moura Silva & Filhos و التي تم التحقيق فيها سابقًا بشأن تهريب الأسلحة و توريد المتفجرات التي استخدمت في تفجيرات قطارات مدريد عام 2004.

• الشركة الوسيطة Savaro Ltd استأجرت محامي لبناني في فبراير من عام 2015 لتفتيش جودة و كمية نترات الأمونيوم في مخازن الميناء، و قرر الخبراء أن 1900 جوال من أصل 2700 تمزق و انسكب محتواها و بالتالي لم يحاولوا استعادة نترات الأمونيوم في النهاية.

• و فقدت احدى بوابات المخزن إضافة إلى وجود ثقب كبير في الجدار الجنوبي مما أثار مخاوف من سرقة نترات الأمونيوم لاستخدامها كمتفجرات.
• كان حجم الانفجار يعادل 700 إلى 1000 طن فقط من نترات الأمونيوم.
تعليقي على الأحداث التي قمت بسردها
تعتبر السفينة RHOSUS حالة نموذجية لما يحدث في عالم سفن أعلام الملائمة و قد استوقفتني النقاط التالي:
الملكية الخفية Concealed Ownership:
يصعب تحديد مالك السفينة الحقيقي فقد تعاقد الكابتن بوريس قبطان السفينة في رحلتها الأخيرة من ميناء Kartal التركي إلى ميناء بيروت اللبناني مع شركة Teto Shipping Limited بصفتها مدير السفينة و التي أظهرت التحقيقات أنها قد تكون مملوكة لرجل الأعمال القبرصي Manoli بينما رجل الأعمال الروسي Igor Grechushkin كان مؤجرًا للسفينة.

قد تكون الشركة البنمية المسجل باسم Bairwood Corp التي تملكت السفينة عام 2008 تنتمي إلى Manoli وفقًا للمستند الذي تم العثور عليه عن طريق صحفي OOCR عام 2012
و في النهاية لم يسأل عن السفينة أحد بعد احتجازها !.
المشاكل الفنية التي عانت منها السفينة و التي أثرت على صلاحيتها:
عندما راجعت تاريخ السفينة توقفت طويلًا عند موضوع تغيير نوع السفينة و هي تحت علم بنما و هو من أعلام الملائمة و في عمر 22 عام من كراكة إلى سفينة بضائع عامة مع زيادة طولها في ضوء ما أسفرت عنه التحقيقات التي قام بها كل من Der Spiegel, OCCR

في أغسطس عام 2008 انتقلت ملكيتها إلى شركة مسجلة في بنما و هي Briawood Corp و أعادت تسميتها Rhosus و أجرت عليها تعديلات حيث تم زيادة الطول من 53 متر إلى 86.6 متر و تم تحويلها إلى سفينة بضائع عامة General Cargo و تم تغيير العلم إلى جورجيا عام 2009 و هي إحدى دول أعلام الملائمة ثم إلى مولدوفا عام 2012، و في عام 2012 تم نقل ملكية السفينة إلى رجل الأعمال القبرصي Charalambos Manoli الذي باعها في نفس العام إلى رجل الأعمال الروسي Igor Grchushkin.

في اواخر يوليو من عام 2013 قامت سلطات ميناء اشبيلية في أسبانيا باحتجاز السفينة نظرًا لسوء حالتها و ذلك قبل رحلتها الأخيرة إلى ميناء بيروت بوقت قصير بالرغم من أنها قد أصدرت شهادة بصلاحيتها للملاحة من هيئة التصنيف الجورجية Maritime Lloyd و هي ليست عضو في الاتحاد الدولي لهيئات التصنيف International Association of Classification Societies (IACS)، كما أن دولة جورجيا تعد من دول أعلام الملائمة و هذا يثير العديد من علامات الاستفهام، و قد أظهرت التحقيقات أن هذه الهيئة تابعة لمالك هذه السفينة MANOLI.

أكد الكابتن بوريس قبطان السفينة في رحلتها الأخيرة إلى ميناء بيروت سؤ حالتها فقد ذكر في حواره مع التلفزيون العربي أنها السفينة كانت متهالكة و سطحها صدئ و انثنى سطحها بمجرد تحميل معدات الطرق الثقيلة عليها، فأوقف عملية الشحن.

المشاكل العمالية مع البحارة:
سبق و أن ذكرت أن الاتحاد الدولي لعمال النقل قد دشن حملة ضد سفن أعلام الملائمة بدءًا من عام 1948 بسبب ممارساتها التعسفية ضد البحارة.

كما قال الاتحاد أيضًا أن هذه السفن لا تطبق معايير الآمان، و كذلك الحد الأدنى من المعايير الإجتماعية أو الحقوق النقابية للبحارة، و أنهم كثيرًا ما يفشلون في دفع رواتب طواقمهم و لديهم سجلات آمان سيئة و الانخراط في أعراف مثل التخلي عن أفراد الطاقم في الموانئ البعيدة.

و هذا ما حدث بالفعل في حالة السفينة Rhosus، فقد تركها طاقمها الأصلي مع القبطان الأصلي للسفينة CAPT: ABAKUMOV VIACHESLAV المذكور اسمه في سند الشحن في ميناء Kartal في تركيا بسبب عدم سداد رواتبهم، كما رفض الطاقم الجديد الذي كان يقوده الكابتن بوريس الابحار من ميناء بيروت خشية عدم قيام مالك السفينة Igor Grchushkin عدم سداد رواتبهم كما فعل مع الطاقم القديم، بل و تخلى عنهم عندما احتجزت سلطات ميناء بيروت السفينة و طاقمها و قد قامت سلطات ميناء بيروت مشكورة بتقديم الطعام و الشراب لطاقم السفينة المحتجز كما ذكر الكابتن بوريس في حواره مع التلفزيون العربي.

كما ذكر الكابتن بوريس أن GRECHUSHKIN أخبره أنه قد أفلس و لكنه أشار أنه لا يصدقه و لم يفكر إن كان قد أفلس أم لا لأن الشيئ المهم أنه قد تخلى عن الطاقم و البضائع و السفينة كما ذكر بوريس أيضًا أنه لم يتقاضى أجر مقابل الرحلة.

تعامل ميناء بيروت مع شحنة نترات الأمونيوم عالية التركيز:
منذ اللحظة الأولى لاحتجاز السفينة RHOSUS في أواخر عام 2013 استشعر الكابتن بوريس بالخطر المحدق بالميناء وفقًا لتصريحه الملفت للانتباه للتلفزيون العربي:
” كان ممنوع على هذه السفينة دخول بيروت أصلا، و عندما أراد جريتشوشكين المالك استدعاء السفينة إلى قبرص، كان عليهم وهم على علم أن يدفعو إليه أموالا لكي يزيل مصدر هذا الخطر من الميناء أما هم فحجزوا السفينة هل هذا منطقي؟”

كما لفت نظري ما أشارت إليه تحقيقات Der Spiegel, OCCR:
• الشركة الوسيطة Savaro Ltd استأجرت محامي لبناني في فبراير من عام 2015 لتفتيش جودة و كمية نترات الأمونيوم في مخازن الميناء، و قرر الخبراء أن 1900 جوال من أصل 2700 تمزق و انسكب محتواها و بالتالي لم يحاولوا استعادة نترات الأمونيوم في النهاية.
• و فقدت احدى بوابات المخزن إضافة إلى وجود ثقب كبير في الجدار الجنوبي مما أثار مخاوف من سرقة نترات الأمونيوم لاستخدامها كمتفجرات.

• كان حجم الانفجار يعادل 700 إلى 1000 طن فقط من نترات الأمونيوم من أصل كمية قدرها 2700 طن، فأين ذهبت باقي الكمية المفقودة التي تتراوح فيما بين 1700 إلى 2000 طن وفقًا لهذا التقدير.
و هنا أتسأل: هل كان تعامل سلطات ميناء بيروت مع كمية كبيرة من مادة شديدة الخطورة و قابلة للانفجار في أية لحظة لمدة 7 سنوات كان منطقي ؟

د.شريف محسن

نائب رئيس لجنة التأمين البحري / وحدات بالإتحاد المصري للتأمين