ألهم سلوك دودة صغيرة تحت المجهر العالم رامين حساني وفريقه لتطوير نموذج جديد للذكاء الاصطناعي أطلقوا عليه “الشبكة العصبية السائلة”. ففي حين تتمتع الدودة بدماغ بسيط، إلا أنها تتحرك بمرونة وذكاء يفوق قدرات أحدث الأنظمة الروبوتية. استوحى حساني من هذه القدرة الفائقة لبناء شبكة عصبية اصطناعية تحاكي بشكل أوثق بنية الدماغ البشري وكيفية عمل الخلايا العصبية والمشابك العصبية فيه، مما يفتح آفاقًا جديدة في مجال الذكاء الاصطناعي.”
يهدف النموذج الجديد إلى تقليد كيفية عمل الدماغ البشري، حيث تتصل الخلايا العصبية ببعضها البعض عبر المشابك لتكوين شبكات معقدة. على عكس الشبكات العصبية الاصطناعية التقليدية، فإن الشبكة العصبية السائلة تأخذ في الاعتبار السلوك الديناميكي للمشابك العصبية، مما يجعلها أقرب إلى الدماغ البيولوجي.”
وعلى الرغم من تسميتها بالشبكات العصبية الاصطناعية، والتي تستوحي مفهومها من بنية الدماغ البشري، إلا أن نماذج الذكاء الاصطناعي الحالية، مثل ChatGPT، تبنى على هياكل حسابية أبسط بكثير، لأن النماذج على محاكاة تقريبية لعمل الخلايا العصبية والمشابك العصبية، فإنها تفتقر إلى التعقيد والمرونة المميزة للدماغ البيولوجي.
وأشادت عالمة الأعصاب الحاسوبية كاناكا راجان، من كلية طب إيكان Icahn في ماونت سيناي، بجهود رامين حاساني في تطوير الشبكات العصبية السائلة، واصفة إياها بـ”خطوة مهمة نحو تحقيق ذكاء اصطناعي أكثر واقعية”. تستخدم راجان، التي تستخدم الذكاء الاصطناعي لفهم آليات عمل الدماغ، خبرتها الواسعة في المجال لتقييم هذه التطورات. بالرغم من عدم مشاركتها المباشرة في هذا العمل البحثي، إلا أن معرفتها العميقة بالمجال تجعلها مؤهلة لتقييم أهميته.”
تتميز الشبكات العصبية السائلة بكفاءة عالية في استهلاك الطاقة والموارد الحاسوبية مقارنة بالشبكات العصبية التقليدية، وعلى الرغم من بساطتها النسبية، فإنها قادرة على التعامل مع مجموعة واسعة من المشكلات بمرونة وفعالية
أثبت فريق الباحثين بقيادة رامين حاساني في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا نجاح تطبيق الشبكات العصبية السائلة في مجالات حيوية مثل السيارات ذاتية القيادة والطائرات بدون طيار. وفي خطوة نحو تسويق هذه التقنية، أسس هاساني في ديسمبر 2023 شركة Liquid AI لتقديم حلول مبتكرة تعتمد على الذكاء الاصطناعي.”
الجدير بالذكر أن مجال الذكاء الاصطناعي شهد في الفترة الأخيرة اتجاهًا نحو بناء نماذج عصبية اصطناعية ضخمة، حيث سعى الباحثون إلى زيادة حجم هذه الشبكات بشكل كبير. وقد أدى ذلك إلى ظهور نماذج تتكون من مئات المليارات من العناصر الحسابية وتريليونات من الاتصالات فيما بينها. على الرغم من أن هذا النهج أدى إلى تحسين أداء النماذج، إلا أنه ترافق مع زيادة هائلة في التكاليف الحسابية.”