تشكل الصين وصادراتها الي شتي بقاع العالم هاجسا لدي المصدرين الذين يتفقون علي قوة الاقتصاد الصيني وارتفاع حجم الصادرات الصينية. وبرروا ذلك باتخاذ الصين العديد من السياسات لدعم مصدريها الي جانب اغراق الاسواق الخارجية بالمنتجات. وطالبوا الحكومة المصرية بزيادة دعم ومساندة المصدرين، مؤكدين ان الصادرات المصرية تتمتع بفرص كبيرة في الاسواق الخارجية بعد عقد اتفاقيات تجارة حرة مع العديد من التكتلات التجارية في العالم، خاصة الولايات المتحدة من خلال اتفاقية “الكويز” والاتحاد الاوروبي من خلال اتفاق الشراكة المصرية الاوروبية، وكذلك اتفاقية “التيسير” لزيادة التبادل التجاري مع الدول العربية.
كما طالبوا بضرورة التغلب علي عيوب الصناعة المصرية، والزام المصدرين بمواعيد التسليم المحددة في الموانئ الاجنبية، وكذلك جذب المزيد من الاستثمارات والخبرات الاجنبية للسوق المحلية. الامر الذي يسمح بتطوير الانتاج والصناعة، ومن ثم زيادة حجم الصادرات المصرية.
يذكر ان الصين حققت خلال العام الماضي معدلات تصديرية مرتفعة مقارنة باقتصادات الدول الاخري، رغم الآثار السلبية للازمة المالية العالمية.
ويشير العديد من التقارير الي ان الصين تقدم دعما قويا للصادرات سواء في صورة نقد مادي مباشر او اقامة المنشآت او منح الاراضي للمنتجين بالمجان.. الامر الذي يقلل التكاليف.
الحكومة اتخذت مجموعة من السياسات لدعم الصادرات
وفي المقابل اتخذت الحكومة المصرية مجموعة من السياسات لدعم الصادرات خلال الاعوام السابقة. ومؤخرا تبنت الحكومة خطة لمضاعفة الصادرات بهدف تحفيز النمو بحللول 2013-2014 لتصل الي 200 مليار جنيه مقابل 92 مليار جنيه خلال العام الماضي.
وقد اشار وزير التجارة والصناعة رشيد محمد رشيد الي ارتكاز تلك الخطة علي التنمية الصناعية في الصعيد وتوفير 50 الف فدان سنويا لخدمة التصنيع الزراعي والغذائي وايجاد آليات للتمويل الصناعي طويل الاجل.
ومن المتوقع ان توفر تلك الخطة حوالي 400 الف فرصة عمل وتدريب حوالي 600 الف عامل في الصناعة وضخ 70 مليار جنيه استثمارات صناعية واضافة 1000 مصدر الي قائمة المصدرين.
وقد اختلفت الآراء حول حجم الآثار السلبية علي الصادرات المصرية بسبب ارتفاع حجم الصادرات الصينية بشكل كبير، فالبعض يري ان اتفاقات التجارة الحرة تمثل وقاية للصادرات المصرية، لانها تضمن دخول تلك الصادرات الي الاسواق الخارجية دون رسوم جمركية الي جانب قرب مصر من تلك الاسواق، خاصة الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي.
قال عادل العزبي، نائب رئيس الشعبة العامة للمستثمرين بالاتحاد العام للغرف التجارية، إنه كلما زادت صادرات الصين قلت صادرات بعض الدول من بعض المنتجات ومنها المنسوجات وبعض المنتجات الالكترونية والهندسية.. لان مصر لديها مزايا تنافسية غير متوافرة للمنتج الصيني في العديد من الاسواق، خاصة في الولايات المتحدة من خلال اتفاقية الكويز وكذلك الاتحاد الاوروبي من لا اتفاق الشراكة واتفاقية “التيسير” مع الدول العربية. فحصة مصر التصديرية الي تلك الاسواق خلال تتأثر بارقام مخلة بالنسبة للحجم القيمي او الكمي.
العزبي: سياسة الإغراق التي تتبعها الصين في بعض الأسواق تؤثر على حجم الصادرات المصرية
لكن العزبي اشار الي ان سياسة الاغراق التي تتبعها الصين في بعض الاسواق تؤثر علي حجم الصادرات المصرية، مضيفا انه رغم خضوع الصادرات الصينية في الاسواق الخارجية للرسوم الجمركية فإن المشكلة تكمن في ان تلك الرسوم منخفضة في بعض الدول، ومن ثم تنخفض اسعار الصادرات الصينية.. الامر الذي يؤثر احيانا علي حجم الصادرات المصرية.
وطالب العزبي بضرورة تطوير الانتاج المصري، من خلال تطوير وسائل وآليات الانتاج ورفع مستوي الجودة، والكم، والتنوع، والالتزام بمواعيد التسليم، اضافة الي السعر الذي يمكن تخفيضه من خلال آليات تقليل الفاقد في مراحل الانتاج المختلفة ومن خلال المساندة التصديرية التي تخصصها الدولة للصادرات.
وأضاف انه يمكن تطوير الاقتصاد المصري بهدف زيادة الصادرات من خلال جذب المزيد من الاستثمارات والخبرات الاجنبية، مشيرا الي ان اهم اهداف زيارة وزير التجارة والصناعة الي الصين مؤخرا جذب المزيد من الاستثمارات والخبرات الصينية الي السوق المصرية للاستفادة من تلك الخبرات، مما يساعد علي تطوير الانتاج المصري.. وكذلك الاستفادة من اساليب التسويق الناجحة التي تنتهجها الصين، بهدف زيادة الصادرات.
محمد المرشدي: المنافسة غير متكافئة بين الصادرات المصرية والصينية في جميع المجالات
وفي السياق ذاته، اوضح محمد المرشدي، رئيس غرفة الصناعات النسيجية، ان المنافسة غير متكافئة بين الصادرات المصرية والصينية في الاسواق الخارجية في جميع المجالات، خاصة المنتجات النسيجية والهندسية، مبررا ذلك بأن الصين تقدم دعما مباشرا للمصدرين الي جانب اغراقها الاسواق الخارجية بالمنتجات.
واشار المرشدي الي ان قدرة الصادرات المصرية علي المنافسة تتوقف علي كفاءة المنتج الي جانب مدي التزام الصين بالجودة والمواصفات العالمية والبيئية، موضحا ان مصر تمتلك اتفاقيات تجارية مهمة، منها اتفاق التجارة الحرة مع الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة الامريكية، مضيفا ان تلك الاتفاقيات تسمح للمنتج المصري بدخول اسواق تلك الدول دون فرض رسوم جمركية، ومن ثم تنخفض اسعار بيعها.. الامر الذي يؤدي الي زيادة الصادرات المصرية.
وطالب المرشدي بأن ترقي خطة مضاعفة الصادرات التي اقرتها الحكومة المصرية الي ان تصبح برنامجا ومنظومة واستراتيجية علي المستوي القومي.. الامر الذي يتطلب التنسيق والتعاون بين جميع الجهات المعنية من وزارة التجارة والصناعة الي وزارات المالية والاسكان والقوي العاملة والداخلية، مشيرا الي ان كل الوزارات عليها دور يجب ان تقوم به بهدف تحقيق الخطة.
واكد ان وزير التجارة والصناعة ليس فقط المسئول، موضحا انه يسعي ويتحرك في كل اتجاه للتسويق للمنتجات المصرية.. الامر الذي يزيد الصادرات في الوقت الذي يسعي فيه العالم كله لفتح اسواق جديدة، خاصة بعد الآثار السلبية للازمة العالمية.
وأكد المرشدي اهمية تطوير الصناعة المصرية من خلال ضخ استثمارات جديدة، تمشياً مع جهود الحكومة الرامية الي مضاعفة الصادرات من 90 الي 200 مليار جنيه بحلول 2013.
واشار الي ان انخفاض الصادرات المصرية خلال الفترة الماضية سببه انكماش حجم السوق العالمية نتيجة الازمة الاقتصادية العالمية وليس تأثرا بالمنافسة الصينية في الاسواق الخارجية.
فقد ادت الازمة الي انخفاض دخول الافراد.. الامر الذي اثر علي قدرتهم الاستهلاكية، فقل الطلب ومن ثم انكمش حجم السوق فتراجع الطلب علي الصادرات المصرية.
طلبة: الصين اكبر مصدر في العالم خلال 2009.. الأمر الذي أقلق الدول الكبرى
ومن جانبه اوضح مجدي طلبة، رئيس المجلس التصديري للملابس الجاهزة السابق، ان الصين تعتبر اكبر مصدر في العالم خلال 2009، الامر الذي اقلق الدول الكبري، خاصة الولايات المتحدة الامريكية التي اتهمت الصين بالاغراق.
واشار الي ان حجم صادرات الصين من المنسوجات يزيد علي 25% من حجم السوق العالمية، في حين يقل الانتاج المصري عن 1% من الانتاج العالمي!
وقال إن واردات الولايات المتحدة من المنسوجات الصينية تزيد علي 95% من حجم وارداتها في حين انها تستورد من مصر اقل من 1%، مبررا ذلك بأن الصين تدعم صادراتها بكل قوة بشكل اقوي من الدعم الذي تقدمه الحكومة المصرية للصادرات، موضحا ان الدعم الصيني للصادرات يتنوع بين النقد المباشر ومنح الاراضي بالمجان الي جانب المساهمة في اقامة المنشآت.
وارجع طلبة انكماش الصادرات المصرية في بعض المجالات الي تراكمات واداء غير جيد تشترك فيه الحكومة بسبب البيروقراطية، وكذلك المصدريون والمنتجون الذين لم يتبنوا اساليب الاندماج وكبر حجم الانتاج، الي جانب القصور الاعلامي والقصور في ثقافة الصناعة والتصدير. فالجيل الجديد لا يريد العمل بالمصانع، وانما يرغب في الوظائف الحكومية.
واوضح طلبة ان مصر لديها امكانات واعدة في الاسواق الخارجية، فهي اقرب للاسواق التقليدية من الصين، خاصة السوقين الاوروبية والامريكية، وكذلك توجد اتفاقات تجارة حرة مع العديد من التكتلات التجارية العالمية التي تسمح بتصدير المنتجات الي اسواق تلك الدول دون رسوم جمركية، مطالبا بتخفيض التكلفة من خلال تطوير الانتاج، نظرا لوجود العديد من العيوب في الصناعات المصرية وزيادة الدعم الحكومي للمنتجين.
واشار الي ان الدعم زاد مع بداية الازمة الاقتصادية بنسبة 50%، لكن تراجعت عنه الحكومة بعد 6 اشهر.
كما طالب بالتراجع عن سياسة تثبيت العملة بهدف زيادة الصادرات المصرية. فدولة كتركيا خفضت عملتها بهدف تنشيط الصادرات ورفع الاعباء عن المنتجين والمصدرين.
الغزالي: لا توجد أي آثار سلبية لإرتفاع حجم الصادرات الصينية على مثيلتها المصرية من الحاصلات الزراعية
ومن جهته قال حمدي الغزالي، احد مصدري الحاصلات الزراعية، إنه لا توجد اي آثار سلبية لارتفاع حجم الصادرات الصينية علي الصادرات المصرية من الحاصلات الزراعية، لان الصين لا تصدر الحاصلات ذاتها التي تصدرها مصر، الي جانب ان الصادرات المصرية من الحاصلات الزراعية مثل صادرات البرتقال والفواكه والخضراوات وكذلك المنتجات الغذائية تتمتع بمزايا تنافسية لا تتمتع بها الصادرات الصينية.
وطالب الغزالي بالتركيز علي زيادة القدرة التنافسية للصادرات المصرية في مواجهة الصادرات الصينية من خلال الاهتمام بجودة المنتجات المصرية، وزيادة الدعم المقدم من جانب الحكومة الي المصدرين.. الامر الذي يمكن المصدر من البيع بسعر اقل، فيزداد الطلب علي المنتجات المصرية ومن ثم يزداد حجم الصادرات.
واشار الي وجود العديد من الاجراءات المعقدة من جانب صندوق دعم الصادرات التي تعطل صرف الدعم للمصدرين.. الامر الذي يشكل قيدا علي زيادة حجم الصادرات المصرية الي الاسواق الخارجية.