دبلوماسية الكواليس فى الميزان

شريف عطية

9:57 ص, الأحد, 25 ديسمبر 16

شريف عطية

شريف عطية

9:57 ص, الأحد, 25 ديسمبر 16

برغم صياغة مصر بوصفها أحد الأعضاء غير الدائمين بمجلس الأمن.. مشروع قرار تتقدم به- وصوتت لصالحه- لإدانة الاستيطان الإسرائيلى، فقد ران صمت الاستيعاب لا يزال على كل من الأوساط السياسية والشعبية.. حول الأسباب وراء طلب تأجيل القاهرة التصويت على القرار- لساعات- لتتقدم به ماليزيا وآخرون.. بنفس الصياغة تقريبا نيابة عنها، وهو المقترح الذى يجىء ضمن مجموعة من المستجدات الطارئة (..) للإمساك بالسلام المراوغ، بحسب ما أشارت إليه هذه الزاوية الأسبوع الماضى، متوقعة فى ضوء أنباء من واشنطن عن اعتزامها عدم استخدام حق النقض (فيتو) ضد القرار، وفقاً لتصريح عن الأمين العام للجامعة العربية «أبوالغيط» الصيف الماضى، إلا أن امتناع مصر المفاجئ عن قيادة معركة التصويت، وإن كان يعكس ربما توترات مع الجانب الفلسطينى.. فإنه جاء أيضاً بناءً على اتصالات رفيعة المستوى بين مصر وكل من الولايات المتحدة وإسرائيل.. فى إطار ما يمكن تسميته «دبلوماسية الكواليس» من حيث تواجد عوامل حاكمة تفرضها حالة محاربة الإرهاب فى سيناء من ناحية، والتطلع إلى تطبيع العلاقات مجدداً بين مصر والإدارة الأميركية المقبلة، ولما يتصل – ثالثًا-بدور الوسيط المرتقب لمصر ما بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، ذلك من منطلق استثنائى عن بقية أطراف الصراع العربى مع إسرائيل.. كونها- أى مصر- المقصد لاستيلاء المشروع الصهيونى على دورها الإقليمى.. فى الوقت الذى يكتفى فيه العرب بالجلوس على مقاعد المتفرجين أو بالصراع فيما بين بعضهم البعض، الأمر الذى قد يجعل من دبلوماسية الكواليس- أحياناً- من الضرورات التى من الحصافة ألا تجرى أمام ميكروفونات وعدسات الإعلام، إلا أن من عيوب هذه الدبلوماسية المتكتمة عدم توثيقها مما يصعب إلزام أطرافها بتنفيذ عهودهم المرسلة فى الغرف المغلقة، وهو ما تكرر على سبيل المثال لا الحصر.. فى تصويت مصر إلى جانب الغزو السوفيتى لتشيكوسلوفاكيا 1968.. كذا عند توقيع مصر على اتفاقيات «كامب ديفيد» سبتمبر 1987.. استناداً إلى وعود من الرئيس «كارتر» بمعالجة ثغراتها حين يعاد انتخابه لفترة رئاسية تالية، وهو ما لم يحدث، وليس آخراً حين انسحبت مصر من قاعة الأمم المتحدة لعدم التصويت فى 1991 ضد قرار لصالح إسرائيل ينسخ القرار الأممى السابق فى 1975 باعتبار «الصهيونية حركة عنصرية» تهدد الأمن والسلم الدولى، أى أن الطريق من وإلى (جهنم) دبلوماسية الكواليس.. ليس دائماً مفروشاً بالنوايا الحسنة، إذ إن ذلك لا يغير بالضرورة القول مع القائلين من عدمه.. عن النوايا الحسنة للرئيس الأميركى الجديد أو عن دوام التنسيق من عدمه مع إسرائيل بالنسبة لمكافحة خطر الإرهاب المشترك فى سيناء، حيث لكل حدث حديث ولكل مقام مقال.. ما يستدعى عدم خلط الأوراق على نحو غير مبرر أو مفهوم أو موثق، وإن لا يعنى ذلك بالمطلق غلق النوافذ عن القنوات الدبلوماسية الخاصة للتوصل من خلالها إلى مبادئ أساسية تقود إلى تسويات مناسبة حين يحين الحين للجلوس إلى طاولات التفاوض، خاصة أن الأمر فى حالتنا هذه ليس وثيق الصلة بالأمم المتحدة الذى أصدرت منذ نشوب الصراع العربى- الإسرائيلى نحو أربعين قرارًا.. نصفها يخص المسألة الفلسطينية، لم تنفذ إسرائيل أياً منها طوال الحقبة المنصرمة، فماذا سوف تكون ردود أفعالها حالياً إزاء القرار بإدانة الاستيطان.. خاصة فى ضوء فشل النظام الدولى.. سواء من قياداته إلى مجلس الأمن وغيره من مؤسسات هذا النظام.. أو بالنسبة للقانون الدولى ومنظومته التعاهدية واتفاقاته الإنسانية.. بما تحتويه من مساعِ حميدة أو غير حميدة؟

خلاصة القول، فقد صدر عن مجلس الأمن فى 23 ديسمبر الجارى قرار (تاريخي) ضد الاستيطان، وهو ما عملت مصر من أجله، ولم تمنع مناورتها لعدم استعداء الآخرين أو لاسترضائهم بسيان.. صدور القرار بتأييد 14 دولة وامتناع عضو واحد فى المجلس عن التصويت هو الولايات المتحدة، فماذا نحن فاعلون على الأرض لتنفيذ هذا القرار.. ما لم تتح الفرصة للتعامل دوليًا مع المسألة الفسلطينية برمتها من خلال «دبلوماسية الكواليس» قبل أن نحكم لها أو عليها؟
شريف عطية

شريف عطية

شريف عطية

9:57 ص, الأحد, 25 ديسمبر 16