دافوس وعدم المساواة

11:00 ص, الخميس, 28 يناير 16

جريدة المال

المال - خاص

11:00 ص, الخميس, 28 يناير 16

لم تظهر نسبة عدم المساواة بهذا الشكل الفج فى المؤتمر الاقتصادى العالمى، والمعروف باسم المكان الذى يعقد فيه كل عام «دافوس» أعلى نقطة فى أوروبا، منذ أن بدأ انعقاده فى 1971؛ وفى كل عام يندهش العالم من نسبة عدم المساواة التى وصل إليها، ولكن الآن وصلت إلى أبعاد باتت خطيرة وتهدد حياة الجميع، فقراء وأغنياء.

فإن كان فى عام 2010 اقتسم 388 شخصا الثروة فى العالم مع نصف السكان، أى مع 3.6 مليار شخص، وصل هذا الرقم فى 2014 الى 80 شخصا، والآن يقتسم 63 شخصا فقط الثروة مع 3.6 مليار آخرين. وإن كان ذلك يعنى أن العالم أصبح أفقر والأغنياء أكثر ثراء، فهو يعنى أيضا أن مؤتمر ديفوس لم يصدق أبدا فى ادعاءاته التى كان يطلقها، والتى كان يتعهد فيها بالقضاء على الفقر. لأن ما يفعله أغنياء دافوس والنخبة السياسية والثقافية والاقتصادية التى تجتمع فيه كل عام هو التحدث عن الفقراء ومنحهم التبرعات، وفى الوقت نفسه ينقلون ثرواتهم الى البنوك فى الجزر النائية التى لا تصلها مصلحة الضرائب فى بلادهم. فيصبح الأغنياء أقل وأكثر ثراء، والفقراء أكثر وأقل ثراء.

فى اجتماع العام الحالى كان هناك أكثر من ظاهرة تواجه الأغنياء وتؤكد اتساع الفجوة بينهم وبين سائر العالم. الأولى هى تدفق جيوش من المهاجرين الهاربين من نيران الحروب فى بلادهم، الشرق الأوسط وأفريقيا، الى أوروبا. هؤلاء المهاجرون الذين لا يسعون الى حياة أفضل فقط، ولكن الى حياة أكثر أمانا خاصة أنهم يدركون جيدا أن الحروب المتأججة فى دولهم هى أصلا من فعل الغرب. ولقد وصلوا الى الأراضى الأوروبية بلا شىء، ومن كان معه القليل أخذته منه السلطات الأوروبية على سبيل ثمن إقامته فيها.

والظاهرة الثانية هو تزايد عدد العاطلين، الذى وصل حسب إحصاءات الأمم المتحدة، الى 200 مليون شخص. ومع الثورة الصناعية الرابعة التى يتحدث عنها ديفوس هذا العام، فإن عدد العاطلين سوف يقفز الى آفاق أبعد كثيرا عندما تحل الآلات محل الإنسان على مستويات أكبر كثيرا.

إن الضغوط المستمرة تولد حتما الانفجار الذى قد يكون حدث بالفعل فى شكل تزايد الإرهاب فى كل مكان فى العالم. وقد يكون الأغنياء قد أمنوا أنفسهم ووجدوا منطقة آمنة للعيش فيها كما وجدوا لأموالهم. ولكن ثورة المهاجرين والعاطلين والفقراء فى أنحاء العالم سوف تحدث بالتأكيد ولن تنفع التبرعات والإحسان أو الفتات، الذى يحصلون عليه، فى كبت الغضب الذى بدأ يتصاعد. ولن ينفع هروب دافوس وأعضائها الى أعلى مدينة فى أوروبا، تحيط بها الأسوار والقوات المسلحة لحمايتهم.

جريدة المال

المال - خاص

11:00 ص, الخميس, 28 يناير 16