ناقشت قمة مستقبل الصحة العالمية فى أفريقيا 2024 التى انعقدت لأول مرة رحلة القارة السمراء نحو التحول إلى اقتصاد صحى رقمي، وتوحيد جهود القطاعين العام والخاص لتمكين 1.5 مليار شخص بالقارة من الوصول إلى الرعاية الصحية بأسعار معقولة.
وجمعت القمة قادة الرعاية الصحية والمستثمرين وخبراء الصناعة، لاستكشاف فرص التمويل، ووضع استراتيجيات مبتكرة، وإقامة شراكات لدفع الاستثمار فى الرعاية الصحية فى جميع أنحاء أفريقيا.
وجذبت القمة مجموعة من كبرى المستشفيات والوزارات والهيئات الأفريقية بهدف خلق أجندة جديدة للصحة الرقمية فى القارة، والتى من المتوقع أن تنمو 11% سنويًّا، بحلول 2028، بحسب المشاركين.
وانعقدت قمة مستقبل الصحة العالمية، على هامش النسخة الثانية لمؤتمر ومعرض جيتكس أفريقيا للتكنولوجيا الذى نظمته المغرب تحت رعاية وزارتى الصحة والحماية الاجتماعية والتحول الرقمى والإصلاح الإدارى المغربية، إلى جانب وكالة التنمية الرقمية.
وناقش المشاركون فى القمة، التى انعقدت لأول مرة، هذا العام، الإمكانات التكنولوجية فى معالجة الرعاية الصحية فى أفريقيا، والدفع بحلول مبتكرة.
وأكد المشاركون فى قمة مستقبل الصحة الرقمية أن أفريقيا تعانى من تفاوت كبير فى تمويل الرعاية، و40% من الأفارقة تنقصهم الخدمات، وأن 30% فقط لديهم إمكانية الوصول الشامل إلى هذه الخدمات.
وقالوا إن نقص الموارد المالية يظل يشكل عقبة كبيرة، ولذلك تعطى الحكومات الأفريقية الأولوية لزيادة التمويل المحلى للصحة وتسعى إلى التعاون مع المنظمات الدولية لتكثيف الاستثمارات فى أنظمة الصحة الرقمية.
وشددوا على ضرورة تسريع التعاون بين القطاعين العام والخاص بغرض إتاحة الرعاية الصحية لجميع سكان القارة، وتحفيز التقدم الطبى والاستثمارات فى سوق الصحة الرقمية.
وأوضح المتحدثون أن الابتكارات مثل التطبيب عن بُعد، وتحليلات البيانات، وإدارة المعلومات، وستعمل على تحسين الوصول إلى الرعاية الصحية ونتائجها بشكل كبير.
وقالوا إن رواد الأعمال الأفارقة فى مجال التكنولوجيا الصحية نجحوا فى العمل والتكيف مع محدودة الموارد المالية، لكن ظهور فيروس كورونا أدى إلى تسريع الابتكار والاستثمار، مما أدى إلى تسجيل عام قياسى لعمليات التمويل خلال 2020.
وتضمنت القمة عدة جلسات متخصصة الأولى تعلقت بالصحة المستقبلية فى أفريقيا، وجمعت وزراء الرعاية ومؤسسات التنمية وقادة التكنولوجيا فى الشركات والمنظمات غير الحكومية لاستكشاف الاستفادة من التكنولوجيا للوقاية من الأوبئة والابتكار فى مجال الرعاية فى جميع أنحاء القارة.
ونظمت قمة مستقبل الصحة معرضًا للشركات الناشئة فى مجال الصحة للبحث عن مستثمرين مناسبين لتطوير وتوسيع نطاق عملها، وجمع المعرض شخصيات من رواد الأعمال مع المستثمرين.
وضمت القمة حلقات نقاش ضمن منتدى القيادة الصحية الرقمية والتى جمعت قادة القطاع وتكنولوجيا المعلومات الأكثر تأثيرًا فى القارة،ورجال الأعمال والمستثمرين وصانعى السياسات لاستكشاف قوة التكنولوجيا فى تشكيل مستقبل الرعاية بالقارة.
بدوره أكد خالد آيت طالب، وزير الصحة والحماية الاجتماعية فى المغرب، أن اللجوء إلى الرقمنة والحلول المبتكرة أصبح ضروريًّا لتحسين أداء أنظمة الرعاية وجعلها أكثر إنصافًا واستدامة، خاصة فى ظل ما يشهده العالم من تحديات مستمرة.
وقال الوزير، خلال كلمته التى ألقاها نيابة عنه مدير التخطيط والموارد المالية بالوزارة، إن الذكاء الاصطناعى يعد أداة لدعم العاملين بالصحة وليس لاستبدالهم، لافتًا إلى أن تطوير الرقمنة فى مجال الرعاية يعدّ وسيلة للنهوض بشكل أكبر بالقطاع.
وأشار إلى أن عملية الذكاء الاصطناعى فى الصحة توفر إمكانية الوصول إلى علاجات والتغلب على الصعوبات المرتبطة بالعوامل الجغرافية والزمنية، كما يقدم أدوات تحليل ملائمة لتحسين الوقاية والتشخيص والعلاج.
وأضاف الوزير أن المغرب حرص على دمج الرقمنة والذكاء الاصطناعى بشكل فعال فى النظام الصحي، بهدف الوصول إلى العلاجات المختلفة بجودة وكفاءة، موضحًا أن القطاع يعمل بكامل طاقته لتفعيل الشراكات بين القطاعين العام والخاص.
من جانبه قال تونجى ألاوسا، وزير الصحة والرعاية الاجتماعية النيجيرى، إن الميزانيات المخصصة للرعاية فى أفريقيا ضعيفة، أقل من 10% من الناتج المحلى للدول، ويجب عن أن ترتفع إلى 15% على الأقل.
وترى الدكتورة غيثة مزور، الوزيرة المغربية المكلفة بالانتقال الرقمى وإصلاح الإدارة، أن دعم إفريقيا كقوة تكنولوجية وذكاء اصطناعى هو أمر أساسى لنموها، من أجل خلق فرص عمل فى القارة التى سيتضاعف عدد سكانها بحلول عام 2025.
وقالت إن رقمنة الصحة تعد عنصرًا أساسيًّا فى خريطة طريق المغرب، لافتة إلى أن انطلاق النسخة الأولى من قمة مستقبل الصحة العالمية فى أفريقيا يعد فرصة لتسليط الضوء على الشراكات، وتعزيز الابتكار، وتبسيط التعاون بين القطاعين العام والخاص.
وأوضح محمد الإدريسى المليانى، المدير العام لوكالة التنمية الرقمية فى المغرب، أن إطلاق مستقبل الصحة العالمية فى أفريقيا يعد فرصة فريدة لعرض الابتكارات لرقمية ليس فقط للمغرب، ولكن للقارة الأفريقية بأكملها.
لوه ميرماند: ستستفيد بشكل كبير من تقنيات الذكاء الاصطناعى وإنترنت الأشياء
وقالت تريكسى لوه ميرماند، الرئيس التنفيذى لشركة كاون الدولية المسئولة عن تنظيم المؤتمر، إن صناعة التكنولوجيا الصحية ستستفيد بشكل كبير من التقنيات الناشئة، والمتقدمة مثل الذكاء الاصطناعى والبيانات وإنترنت الأشياء.
وتوقعت أن تعمل قمة مستقبل الصحة العالمية فى أفريقيا 2024 التى يقدمها معرض جيتكس لتكنولوجيا الصحة، على رفع قدرة مؤسسات الرعاية، وشركات الصحة الإلكترونية، والمبادرات الحكومية لإحداث تأثير كبير ودعم التحول الرقمى فى المنطقة.
مشاركة مصرية بقمة الصحة
شهدت قمة مستقبل الرعاية الصحية فى أفريقيا مشاركة مصرية ممثلة فى الدكتور شريف كمال، مستشار رئيس هيئة الرعاية الصحية لشؤون الصيدلة والدواء، والدكتور مازن علاء الدين، المشرف العام على التعاون مع منظمات التنمية الدولية.
واستعرض الدكتور مازن علاء الدين، خلال جلسة نقاشية بالمؤتمر، تجربة مصر فى التحول من الدعم الفنى من منظمات التنمية الدولية إلى تبنى المشاريع المستدامة.
وتناولت الجلسة كيفية تعزيز الاستدامة فى مشروعات الرعاية الصحية والاعتماد على الموارد المحلية لتحقيق التقدم والنمو المستدام فى القطاع الصحي.
علاء الدين: تعاون مستمر بين الهيئة والقطاع الخاص ممثلًا فى بعض العلامات الشهيرة مثل كليوباترا والاميدا وغيرها
وقال علاء الدين، على هامش الجلسة، إن الدولة مهتمة بشكل كبير بمشاركة القطاع الخاص، ليلعب دورًا أكبر فى قطاع الرعاية الصحية بمصر، فعلى سبيل المثال هناك تعاون مستمر بين الهيئة وبعض العلامات الصحية الشهيرة مثل مستشفيات كليوباترا وألاميدا وغيرها.
وشارك الدكتور شريف كمال فى جلسة تناولت موضوع الصيدلة واستخدام العلاج الجيني، حيث عرض التجربة المصرية فى التغطية الصحية الشاملة.
كما ألقى الضوء على كيفية استفادة مصر من التكنولوجيا الحديثة فى تحسين خدمات الرعاية الصحية وتقديم العلاجات المتقدمة للمرضى، بما يضمن تقديم دواء آمن وفعال للمتعاملين بنظام التأمين الشامل.
وعقد ممثلو هيئة الرعاية الصحية اجتماعات مع نظرائهم بشركة أوراكل الفرنسية، لبحث سبل التعاون الصحى المتعلق بالبيانات وحوكمة العمليات باستخدام التكنولوجيا فى العديد من العمليات بمنشآت الصحة كإدارة الإيرادات والمخازن، وذلك بهدف تحسين مدخلات ومخرجات عمليات الرعاية الصحية.
كما عقد ممثلو الهيئة اجتماع مع شركة مايكروسوفت لبحث استخدام الذكاء الاصطناعى فى مجال الصحة، وتناول الاجتماع كيفية تطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعى لتحسين جودة الرعاية وكفاءة الخدمات المقدمة.
وزار الوفد المصرى المصحة الدولية بمراكش، التى تعد واحدة من أكبر المستشفيات فى القطاع الخاص، وتم الاتفاق على عقد زيارات متبادلة ونقل خبرات الهيئة فى تكويد المعامل، وتقديم الدراسات، ودعم المستشفى فى تطوير الخدمات العلاجية بالتعاون مع وزارة الصحة المغربية.