رجّح محللون أن يقرر البنك المركزى خفض أسعار الفائدة بنسبة تتراوح بين 1 و%1.5، خلال اجتماع لجنة السياسات النقدية المقرر الخميس المقبل ، استمرارًا لدورة التيسير النقدى التى بدأها «المركزي» بشكل متقطع مطلع 2018، واستكملها، الشهر الماضى، باتخاذ قرار بأكبر نسبة خفض وصلت إلى %1.5 دفعة واحدة.
وقالوا إن الأوضاع العالمية والمحلية تدعم توجه المركزى نحو استمرار دورة التيسير النقدى، فى ظل اتخاذ البنك المركزى الأمريكى قرارًا بخفض الفائدة بواقع %0.25، وسلوك البنوك المركزية الأوروبية الاتجاه نفسه، وهو ما يدعم لجوء البنوك المركزية فى الأسواق الناشئة للهبوط بالفائدة، دون الخوف على حصتها من استثمارات الأجانب بأذون الخزانة الحكومية.
وأشاروا إلى أن أزمة «أرامكو» الأخيرة لم يكن لها تأثير على أسعار البترول إلا بشكل وقتى، واستطاعت المملكة التغلب على الأمر بعودة التدفقات لمستوياتها، كما أن مصر تحصّن موازنتها بعقود تحوط ضد تقلب أسعار النفط، ومن ثم فلن يكون هناك تأثير على معدلات التضخم.
وأعلن البنك المركزى، منذ أيام، أن معدلات التضخم العام السنوى، بنهاية أغسطس الماضى، سجلت نحو %7.5 مقابل %8.6، بينما سجلت معدلات التضخم الأساسى السنوى %4.9 مقابل %5.9، وهو أقل معدل منذ سنوات.
وحقق الاقتصاد المصرى معدلات نمو %5.6 بنهاية مارس الماضى، مقارنة بـ%5.4 فى الفترة المقابلة من العام المالى قبل الماضى، وتتوقع الحكومة أن يبلغ معدل النمو النهائى للعام المالى الماضى نحو %5.8.
وسجلت استثمارات الأجانب فى أذون الخزانة نحو 16.613 مليار دولار بنهاية يونيو الماضى، وفقًا للبنك المركزى، بينما قال وزير المالية إن إجمالى استثمارات الأجانب فى أدوات الدين (الأذون والسندات) تبلغ نحو 20 مليار دولار حتى نهاية أغسطس الماضى.
هيثم عبد الفتاح: عقود التحوط تحمى الموازنة من تقلبات أسعار النفط.. ولا تأثير مرتقب على التضخم
قال هيثم عبد الفتاح، رئيس قطاع الخزانة وأسواق المال ببنك التنمية الصناعية، إن كل الظروف تشجع البنك المركزى على استمرار دورة التيسير النقدى، سواء بيانات الضخم خلال أغسطس الماضى أو التطورات الاقتصادية العالمية، وهو ما يرجح إمكانية اتخاذ قرار جديد بخفض أسعار الفائدة بنسبة تتراوح بين 1 و%1.5.
وأكد أن معدلات التضخم هبطت لمستوى أقل من %5 للتضخم الأساسى، وأقل من %8 للتضخم العام، ومن ثم استطاعت السياسة النقدية احتواء الضغوط التضخمية من خلال إدارتها للمرحلة الماضية، موضحًا أن هذا الأمر يشجع على مزيد من خفض الفائدة.
وتابع عبد الفتاح أنه رغم خفض أسعار الفائدة فى اجتماع أغسطس الماضى، فإن أسعار الفائدة الحقيقية ما زالت موجبة فى ظل تسجيلها نحو %14.25، مقابل %7.9 لمعدلات التضخم، أى أن هناك فائدة موجبة بنحو %6، منوهًا بأن كل هذه الظروف تشير إلى خفض جديد للفائدة حتى تصل لمستوى %10.75 فى الربع الأخير من العام المقبل.
وفيما يتعلق بأزمة شركة أرامكو السعودية الأخيرة ودفعها أسعار النفط لارتفاع وقتى وصلت خلاله لمستوى 100 دولار للبرميل، أشار عبد الفتاح إلى أن المملكة العربية السعودية استطاعت تدارك المشكلة وأرسلت إشارات طمأنة لمستقبلى النفط السعودى بعدم تأثر التدفقات، كما أن الأسعار عاودت التراجع لمستويات حول 60 دولارًا مرة أخرى.
وأضاف أن مصر أبرمت عقودًا للتحوط ضد مخاطر ارتفاع أسعار النفط، وهو ما يحمى الموازنة المحلية من مثل هذه التطورات، ومن ثم فلا خوف على معدلات التضخم من التأثير بأسعار النفط، لافتًا إلى أن استمرار مكاسب الجنيه أمام الدولار، واستجابة أدوات الدين المحلية لخفض الفائدة، يشجعان على مزيد من التيسير النقدى من قِبل البنك المركزى.
وأكد محمد عبد العال، الخبير المصرفى وعضو مجلس إدارة بنك قناة السويس، أن مؤشرات خفض الفائدة مجددًا أكثر من التثبيت فى هذه المرة أيضًا، فى ظل تسارع دورة التيسير النقدى على مستوى العالم، وقيام البنك المركزى الأمريكى بخفض الفائدة مرة أخرى %0.25.
وأوضح أن خفض الفائدة على نطاق واسع على مستوى العالم يعطى إشارة قوية للسوق المحلية لاستمرار دورة التيسير النقدى، دون الخوف من هروب أموال المستثمرين الأجانب فى أدوات الدين، فى ظل استمرار تنافسية الفائدة المحلية والاستقرار الذى تتمتع به السوق.
وتطرَّق عبد العال إلى المؤشرات الأخرى التى تشير إلى إمكانية خفض الفائدة، ومن أهمها تحسن العملة المحلية بشكل مستمر أمام الدولار، واقترابها من مستوى الـ16 جنيهًا للدولار، والهبوط المستمر لمعدلات التضخم لتصل إلى معدلات قياسية كان يستهدفها «المركزي» نهاية 2020.
وأكد ضرورة الاتجاه لخفض الفائدة المستقبلية؛ لتشجيع معدلات النمو الاقتصادى، خاصة أن خفضها %1.5 خلال أغسطس الماضى كان جيدًا، لكنه ليس مشجعًا بشكل كافٍ لتشجيع الاقتراض من قِبل المستثمرين، فمعدلات الفائدة على القروض فى البنوك ما زالت عند %16 و%17 حتى الآن، وهى نسبة كبيرة.
ونوَّه بأن خفض تكلفة التمويل يصب فى النهاية فى صالح الاستثمار من خلال خفض تكلفة تصنيع المنتج المحلى، وتشجيع التصنيع بشكل عام، وتقليل فاتورة الاستيراد من الخارج، متوقعًا أن يخفض «المركزي» الفائدة بين 1 و%1.5 خلال اجتماع الخميس المقبل.
وعلى مستوى أزمة أرامكو الأخيرة أكد الخبير المصرفى وعضو مجلس إدارة بنك قناة السويس أن السعر الاستراتيجى للبترول، من الطبيعى أن يتحرك صعودًا وهبوطًا بواقع 25 نقطة؛ استجابة للتطورات على الساحة، كما أن مصر تؤمِّن نفسها بعقود تحوط، بخلاف أن عقود البترول تكون عقودًا آجلة، لذا لا خوف من التحرك الأخير الذى نتج عن أزمة طارئة تمّ حلُّها بشكل سريع.
رضوى السويفى: أزمة أرامكو لن تؤثر على قرار «المركزي».. وكل الظروف مواتية لخفض جديد
من جهتها أكدت رضوى سويفى، رئيس قطاع البحوث بشركة فاروس القابضة، أن مشكلة أرامكو وأسعار النفط لن يكون لهما تأثير على قرار البنك المركزى فى اجتماع لجنة السياسات النقدية، الخميس المقبل، خاصة عقب عودة الأسعار للهدوء، وتدارك المشكلة من قِبل المملكة العربية السعودية، وانتفاء أى تأثير متوقع على أسعار النفط ومعدلات التضخم المستقبلية.
ولفتت السويفى إلى أن استمرار دورة خفض الفائدة من قِبل المركزى الأمريكى والبنوك المركزية فى أوروبا، يشجع على ذلك فى الأسواق الناشئة، ومن بينها مصر.
وأوضحت أن معدل التضخم وصل إلى أقل مستوى مُسجل فى 6 أعوام، حيث سجل %0.7 شهريًّا، و%6.7 سنويًّا فى شهر أغسطس بمصر، لافتة إلى أن هذه المستويات تقلُّ عن توقعات فاروس البالغة %1.5 شهريًّا.
وأضافت رئيس قطاع البحوث بشركة فاروس القابضة أن معدل التضخم فى المدن سجل ارتفاعًا طفيفًا، حيث بلغ %0.7 شهريًّا، و%7.5 سنويًّا، وجاء أيضًا أقلَّ من توقعاتنا البالغة %1.6 شهريًّا، و%8.5 سنويًّا.
ولفتت إلى أن هذه التطورات ستدعم تباطؤ وتيرة التضخم إلى أرقام أحادية لمدة 3 أشهر متتالية، ومن ثم التفاؤل بشأن قرار أسعار الفائدة فى اجتماع لجنة السياسة النقدية المقرر انعقاده يوم 26 سبتمبر، وسيدفع ذلك السوق للأمام، مرجحة أن تنخفض أسعار الفائدة 1 – %1.5 فى الاجتماع المقبل.
طارق متولي: أتوقع تراجع بواقع %4 حتى نهاية العام الحالي
وقال طارق متولى، الخبير المصرفى نائب رئيس بنك بلوم سابقًا، إن كل مؤشرات التضخم على المستوى الداخلى والمؤشرات الاقتصادية، ترجح احتمالية خفض أسعار الفائدة، فى اجتماع الخميس المقبل.
وأشار إلى أن ما يعزز الخفض فى مصر استمرار دورة التيسير النقدى على المستوى الدولى من قِبل البنك المركزى الأمريكى والبنوك الأوروبية.
ورجّح متولى أن تهبط أسعار الفائدة بنسب تتراوح بين 1 و%1.5 خلال الاجتماع المقبل، على أن تنخفض بنحو %4 حتى نهاية العام الحالى.
طارق حلمي: أرجح التثبيت تحسبًا لتفاقم التوترات بالخليج
وعلى عكس الآراء السابقة رجح طارق حلمى، الخبير المصرفى، أن يثبّت البنك الركزى الفائدة فى اجتماع لجنة السياسات النقدية المقبل، على الرغم من مؤشرات التضخم الإيجابية وهبوط الدولار أمام الجنيه الفترة الأخيرة.
وأشار إلى أن الأوضاع والمؤشرات الاقتصادية العالمية فى الفترة المقبلة تشير إلى تثبيت احترازى لسعر الفائدة، ولا سيما فى ظل الأوضاع المتوترة بين السعودية وإيران، واستمرار الحرب التجارية.