خفض الفـائدة يفتح الباب لتعزيز مؤشر تشغيل القروض للودائع

بجانب الضوابط الإضافية للتوظيفات لدى العميل وأطرافه

خفض الفـائدة يفتح الباب لتعزيز مؤشر تشغيل القروض للودائع
سيد بدر

سيد بدر

6:23 ص, الخميس, 17 أكتوبر 19

ازدادت الفرص المتاحة أمام البنوك لزيادة معدلات تشغيل القروض للودائع التى سجلت بنهاية يوليو الماضى أقل معدل منذ نحو 11 شهرا، وفقًا لبيانات البنك المركزى، لتصل إلى %45.7، مقابل نحو %46.4 فى يونيو و%47.4 فى مايو.

صرح محافظ البنك المركزى، طارق عامر، خلال مؤتمر صحفى عقد منذ أيام حول قانون البنوك، بأن معدلات توظيف القروض للودائع فى مصر منخفضة مقارنة بدول أخرى عربية وأجنبية ارتفعت فيها النسبة لأكثر من %90 حتى وصلت لمستوى %150.

وأوضح محافظ المركزى، أن ودائع البنوك وصلت لنحو 4 تريليونات جنيه، بينما ضخت تريليون جنيه فقط للقطاع الخاص، متابعًا: «أمامنا فرصة لضخ حتى 5 تريليونات فى الاقتصاد وفى حالة تحقيق ذلك سينعكس بشكل إيجابى على معدلات التشغيل والتنمية فى مصر».

وتدور معدلات التوظيف فى مصر حول هذه النسب طيلة السنوات الماضية فى ظل الاضطرابات السياسية والاقتصادية لكن معدلات نمو القروض هبطت بشكل قوى بعد 2016 فى ظل ارتفاع أسعار الفائدة لنحو %20 وزيادة تكلفة الإقراض الأمر الذى أعاق الشركات عن إمكانية التوسع وتلبية احتياجاتها المالية من البنوك، بينما ارتفعت الودائع بقيم ضخمة خلال 2017.

وخلال العام الحالى خفض البنك المركزى أسعار الفائدة بنسبة %3.5 بواقع %1 فى الربع الأول من العام و%1.5 فى أغسطس و%1 خلال سبتمبر، تزامنًا مع هبوط معدلات التضخم لأقل من %10 بالنسبة للتضخم العام والأساسى، ومن المقرر أن تعقد لجنة السياسات النقدية نوفمبر المقبل لبحث أسعار الفائدة وسط توقعات أخرى بالخفض.

عمرو جاد الله: تمويل المشروعات الصغيرة محور أساسى لزيادة معدلات التوظيف

قال عمرو جاد الله، نائب رئيس البنك العقارى المصرى العربى، إن زيادة معدلات التوظيف تتطلب العمل على 3 محاور مهمة، أولها استمرار العمل بمبادرة المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر التى بدأها البنك المركزى منذ سنوات والتى تنعكس بشكل إيجابى على المجتمع.

وطالب بضرورة أن تركز البنوك الفترة المقبلة على زيادة تمويلاتها لقطاعى الصناعة بشكل عام والصناعات التصديرية بشكل خاص، والتى تعمل على زيادة معدلات الإنتاج لتوفير حاجة السوق المحلية من جانب، ومن جانب آخر زيادة فرص تصدير المنتجات للخارج.

وأضاف أن المحور الثانى يتعلق بالمشروعات القومية الكبرى التى تقوم عليها الدولة والقطاع الخاص، وزيادة نسبة التمويل لهذه المشروعات، خاصة عقب القرارات المتتالية للبنك المركزى بخفض معدلات الفائدة.

أوضح جاد الله أن المحور الثالث يتعلق بزيادة قروض الأفراد والقروض الشخصية فى ظل هبوط أسعار الفائدة خلال الفترة الأخيرة.

وقال نائب رئيس البنك العقارى، إن نسبة توظيف القروض للودائع بفرع البنك فى الأردن ارتفعت لمستوى %92، ويسعى البنك فى مصر لزيادة معدلات التوظيف من خلال تدشين إدارة جديدة للتجزئة المصرفية وجذب عشرات العملاء الجدد فى قطاعات مختلفة منها المقاولات والتأجير التمويلى والصناعة.

طارق متولى: يجب وضع حدود قصوى لاستثمارات البنوك فى أدوات الدين

أكد طارق متولى، الخبير المصرفى ونائب رئيس بنك بلوم السابق، أن ارتفاع أسعار الفائدة كان عائقًا طوال الثلاث سنوات الماضية أمام زيادة معدلات الإقراض فى البنوك وهو ما ساهم فى انخفاض معدلات التوظيف، فى الوقت الذى زادت فيه نسبة الإيداع بشكل كبير بسبب الشهادات مرتفعة العائد.

وأشار إلى أن البنوك بدأت الفترة الحالية البحث عن بدائل لأدوات الدين الحكومية لتوظيف مدخرات العملاء والتوجه لتمويل المشروعات تزامنًا مع انخفاض أسعار الفائدة، بدلا من الاعتماد بنسبة كبيرة على توظيف الأموال فى أذون وسندات الخزانة.

وطالب البنك المركزى بضرورة وضع سياسات محددة لتوجيه البنوك نحو زيادة معدلات الإقراض للمشروعات الصغيرة والمتوسطة والكبيرة، من خلال وضع حدود قصوى للمبالغ المتاح توظيفها فى أدوات الدين الحكومية، وكذلك حدود قصوى للمبالغ التى يمكن للبنك ضخها فى آلية السوق المفتوحة لدى البنك المركزى.

وشدد على أن وضع نسب معينة فى هذين الأمرين بالتوازى مع خفض الفائدة، يوجهان البنوك تلقائيًا لاستخدام الودائع فى ضخ القروض للقطاع الخاص وهو ما ينعكس على معدلات التنمية فى الدولة وارتفاع معدلات التشغيل بدلا من استثمار الأموال فى أدوات الدين.

وتابع: إجمالا يملك البنك المركزى من الأدوات والسياسات التى من خلالها يستطيع توجيه البنوك لتحقيق الأهداف والسياسات المناسبة لكل مرحلة دون الحاجة لقوانين جديدة فلديه من الصلاحيات والاستقلالية الكاملة لتحقيق ذلك فى ظل القانون الحالى.

محمد عبد العال: الفرصة متاحة لزيادة النسبة إلى %60 خلال 2020

بينما قال محمد عبد العال، الخبير المصرفى وعضو مجلس إدارة بنك قناة السويس، إنه فى ظل التطورات الاقتصادية الحالية فإن الفرصة متاحة أمام القطاع المصرفى المصرى لزيادة معدلات التوظيف لمستوى %60 خلال عام 2020، لاسيما بعد الهبوط المستمر لأسعار الفائدة وانخفاض العائد على أدوات الدين الحكومية الأمر الذى يعيد توجيه أموال البنوك نحو التشغيل فى عمليات الإقراض.

وأوضح عبد العال، أن البنوك أقبلت بشكل قوى على توظيف أموال المودعين فى أدوات الدين الحكومى بسبب ارتفاع أسعار الفائدة ولكن مع الانخفاض المستمر للفائدة على أدوات الدين فإن هذا يدفع البنوك للبحث عن تشغيل بديل.

وأشار إلى أن مبادرة المشروعات الصغيرة والمتوسطة التى أعلنها البنك المركزى قاربت على الانتهاء ولم تنفق كافة المبالغ المخصصة لها والمقدرة بنحو 200 مليار جنيه، مطالبًا بأن تستمر المبادرة ولكن بشرط توجيه الدعم للمشروعات متناهية الصغر التى يستفيد منها عشرات الآلاف من العملاء.

وأوضح أن شركات التمويل متناهى الصغر والجمعيات تقوم بدور كبير ولها قدرة على الوصول لأصحاب المشروعات متناهية الصغر فى جميع أنحاء مصر لذلك لابد من توفير الدعم والأموال لها للوصول لعدد ضخم من العملاء، مشيرًا إلى ضرورة عودة القطاع التجارى الذى ظلم بخروجه من المبادرة.

وفيما يتعلق بإمكانية طرح مبادرات لتشجيع القروض الشخصية مرة أخرى على سبيل المثال إحلال السيارات الجديدة بالقديمة، بفائدة ميسرة، نوه بأن المبادرات التى تدفع نحو زيادة القروض الاستهلاكية غير مفضلة فى الوقت الحالى خوفًا من ارتداد معدلات التضخم للارتفاع مرة أخرى.

وشدد على أن فرص التوسع فى الائتمان ستدفع البنوك التى تعانى من معدلات كفاية رأسمال منخفضة إما لزيادة رأس المال لمقابلة التوسعات أو الإندماج مع بعضها البعض لدعم قدرتها على المنافسة.

وقالت وكالة فيتش للتصنيف الائتمانى، إن البنوك المصرية ستتجه أكثر نحو الإقراض، عقب التخفيضات الأخيرة لأسعار الفائدة، موضحة أن ذلك سيضع ضغوطاً على البنوك التى لا تمتلك قواعد رأسمالية كافية.

وأضافت أن الخفض فى أسعار الفائدة المدعوم باستمرار الزخم الاقتصادى، سيقدم دفعة قوية للقطاع الخاص، الذى هو فى أشد الحاجة إليها.

فيتش: قدرة المصارف على الإقراض مقيدة بضعف معدلات كفاية رأس المال

وقالت فيتش إن القروض لا تمثل حصة كبيرة من أصول البنوك المصرية، موضحة أنها تعادل نحو ثلث الأصول فقط، فى الوقت الذى تتوسع فيه بالاكتتاب فى الديون السيادية، ورغم ذلك قدرتهم على زيادة الإقراض مقيدة بضعف كفاية قواعدها الرأسمالية.

ووفقًا لتقرير وكالة فيتش فقد سجل معدل نمو القروض %13 بنهاية يونيو الماضى مقارنة بمستوياتها فى يونيو 2018، ويستحوذ الإقراض الحكومى على حصة تصل إلى %29 من إجمالى قروض البنوك.

وذكرت أن التوسع فى إقراض القطاع الخاص يشجع تنويع البنوك لنماذج أعمالها، وتوجهها نحو خفض تدريجى للقروض الحكومية وحيازة أوراق الخزانة.

وأصدر البنك المركزى المصرى تعليمات للبنوك، أول أمس، تستهدف بشكل أساسى توسيع قاعدة المستفيدين من تمويلات القطاع المصرفى مع تقليص عنصر المخاطر المرتبطة بتركيز القروض على عدد محدود من العملاء.

شملت التعليمات الحدود القصوى لتوظيفات البنوك لدى العميل وأطرافه المرتبطة والتعريفات الخاصة به، بالإضافة لضوابط منح القروض لشركات وجمعيات التمويل متناهى الصغر.

ونصت على أن تشمل الحدود القصوى للتوظيفات لدى العميل الواحد والأطراف المرتبطة به كلا من توظيفات البنك وكل الشركات المالية التابعة له باستثناء شركات التأمين وذلك بدلا من توظيفات البنك فقط فى السابق.

كما قامت بتوسيع تعريف التوظيف ليتضمن إجمالى قيمة الارتباطات الرأسمالية بالإضافة إلى%50 من قيمة الجزء غير المستخدم عن القروض والتسهيلات غير القابلة للإلغاء ذات فترة استحقاق أصلية تزيد على سنة، كذلك نسبة%20 من قيمة الجزء غير المستخدم عن قروض وتسهيلات غير القابلة للإلغاء ذات فترة استحقاق أصلية سنة أو أقل، ومنحت التعليمات فترة 6 أشهر لتوفيق الأوضاع.

وقال مسئول لدى أحد البنوك إن التعليمات الجديدة للمركزى تهدف إلى توسيع قاعدة الشركات التى يتم تمويلها عبر القطاع المصرفى بما يسهم فى تعزيز النمو الاقتصادى بالإضافة لتوزيع المخاطر وإنهاء التركز الائتمانى داخل محافظ الإقراض.

وأضاف أن الضوابط ستدفع البنوك للضغط على عملائها من الشركات بغرض تفعيل الحدود الائتمانية المتاحة لها أو إلغائها، مرجحا العودة مرة أخرى إلى عمولة الارتباط التى كانت تفرضها البنوك خلال فترة التسعينيات على الجزء غير المستخدم من التسهيلات.

كذلك ستضطر البنوك إلى تعزيز قواعدها الرأسمالية فى الفترة المقبلة لضمان الاحتفاظ بعملائها.

وقلّص البنك المركزى عام 2016 حدود توظيفات البنوك لدى العميل إلى نسبة%15 من القاعدة الرأسمالية ترتفع إلى%20 للعميل وأطرافه المرتبطة.