فرضت تداعيات الثورتين الصناعيتين الرابعة والخامسة واقعًا جديدًا على مستقبل الوظائف، حيث أدت إلى وظائف مهدَّدة بالاختفاء، وأخرى جديدة، بالإضافة إلى وظائف قائمة تحتاج إلى تطوير واكتساب مهارات جديدة.
وقالت الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط، فى مؤتمر مؤخرًا، إن هناك 18% من الوظائف الحالية ستندثر، و32% من الوظائف فى حاجة للتطوير واكتساب المزيد من المهارات.
وقال الدكتور خالد عبد الغفار، وزير التعليم العالى، إن الوزارة تعمل على ملاءمة الخريجين للاحتتياجات المستقبلية للتوظيف من خلال عدة محاور.
واستكمل أنه يتم التوسع فى الجامعات الأهلية الجديدة والتى تضم برامج دراسية غير نمطية مبنية على دراسات احتياجات التوظيف المستقبلية، وذلك كأحد الحلول السريعة، خاصة أن حداثة تلك الجامعات ومرونة تشريعاتها وقوانينها تمنحها سرعة التواكب من المتطلبات الجديدة لسوق العمل.
عبد الغفار: الدراسات البينية وهيكلة المقررات والمناهج ومحو الأمية الرقمية للخريجين تهدف لمواكبة التغيرات المقبلة
وأشار الوزير إلى أنه يتم بالتوازى فى الجامعات الحكومية، العمل على تغير المناهج وإعادة ترتيب كل المقررات وإضافة التخصصات والبرامج المعنية بتخصصات المستقبل،
كما تعمل الوزارة على استحداث البرامج البينية التى تمكن الطالب من دراسة اكثر من تخصص فى وقت واحد، ومن ثم تتيح له تعددية فرص العمل.
وأوضح الوزير أن التخصصات البينة تمكِّن، على سبيل المثال، الطالب فى كلية الطب من دراسة إدارة الأعمال وعلم النفس، أو تخصصات مختلفة، مشيرًا إلى تشكيل لجنة لدراسة آليات تطبيق الدراسات البينية معنية بنظر تخصص الطالب فى أكثر من مجال أثناء الدراسة.
وقال عبد الغفار إن العالم كله يتجه نحو الدراسات البينية حتى فى الدراسات المعنية بالعلوم التطبيقية أو ما يطلق عليها “STEM”، والتى يوجد منها نوعيات مدارس فى مصر، تم ربطها بالأبحاث والفنون.
وتطرّق الوزير إلى إتاحة فرص التعليم كأحد العناصر الهامة فى تلبية الاحتياجات المستقبلية للعمل، وذلك من خلال التوسع فى افتتاح جامعات بنماذج مختلفة، ما يساعدنا فى قبول الطلاب فى التخصصات المطلوبة.
وقال انه خلال السنوات الماضية ومع عدم توفر الكليات العلمية بالصورة التى تستوعب الزيادات السنوية فى أعداد الطلاب، ما نتج عنه زيادة أعداد الطلاب فى الكليات النظرية، دون ربطها باحتياج سوق العمل.
واستكمل أن توافر الكليات والتخصصات المطلوبة بسوق العمل، يمكِّننا تدريجيًّا من زيادة أعداد الطلاب فى الكليات العملية وخفضها فى النظرية للوصول إلى التوازن المطوب.
وقال نحتاج لتغير ثقافة المجتمع للتوجة للتخصصات الجديدة، لافتًا إلى أن كليات العلوم تخصصات الفيزياء والرياضيات كمثال للتخصصات المطلوبة لم تكن أعداداها تكتمل فى السابق، وكذلك كليات الزراعة.
واستدرك قائلًا إنه تمّت زيادة الأعداد السنوية للطلاب فى كليات الحاسبات والمعلومات والذكاء الاصطناعى ليصل إلى نحو 9 آلاف طالب العام الدراسى الحالى، فيما كان لا يزيد أعداد طلاب تلك الكليات على 3 آلاف طالب سابقًا.
وقال إن وزارة التعليم العالى، بالتعاون مع وزارتى التخطيط والاتصالات، ستقوم بعمل دورات تدريبية للخريجين لمدة 6 أشهر بهدف تحويل فكرهم للفكر الرقمى، ما يدعم فرصهم فى تغيير الوظائف بما يناسب متطلبات سوق العمل.
وردًّا على «المال» قال الوزير إن ما يتم فى العالم من اختفاء وظائف وظهور أخرى ليس من الضرورى أن يتم فى كل البلدان بنفس الطريقة وانما يعتمد على مقومات الدولة،
على سبيل المثال الدول التى تعانى النقص الشديد من العمالة يمكن اختفاء وظيفة السائق بها واستبدالها بالسيارات ذاتية القيادة.
وألمح إلى أنه من بين الوظائف التى تشير الدراسات العالمية لاختفائها هى محامى القضايا، فمع مرور الوقت وباستخدام الذكاء الاصطناعى يمكن عمل برامج بطريقة حسابية ويتم تخزين كل القضايا ونماذج الأحكام القضائية على مستوى العالم، واستخدامها بديلًا عن المحامى.
وتابع: توجد وظائف لمسنا اختفاءها من مصر، ومنها على سبيل المثال وكالة حجز الطيران، وذلك مع تطور الفكرة للحجز الإلكترونى.
واستكمل أن هناك مجموعة من الشباب فى مصر تمكنوا من تطوير برنامج تشخيص الأمراض بالأشعة باستخدام الذكاء الاصطناعى بدقة قد تفوق الطبيب نفسه.
وتحدّث الوزير عن وظيفة خدمة العملاء فى البنوك، والتى لم تعد سوق العمل فى حاجة إليها مع تطوير الإنترنت بانكينج والأتوميشن، ما يساعد العملاء فى إنهاء كل معاملاتهم إلكترونيًّا.
وأشار الوزير إلى أن التطور التكنولوجى المتسارع يحتم علينا تخريج طلاب بفكر ومهارات مختلفة، وأن مهمة التعليم الجامعى تعليم الطالب كيفية التعامل مع التغيرات المستقبلية.
وحول استحداث السنة التأسيسية أشار الوزير إلى أن هذا النموذج يمنح للطالب فرصة الالتحاق بالكلية التى يرغبها لتقليل الاغتراب، وتعد السنة التأسيسية بمثابة تحسين وتأهيل.
وقال إن تطبيق فكرة السنة التأسيسية يمكن فى الجامعات الأهلية لحداثة تكوينها ومرونة تشريعاتها وقوانينها، بخلاف الجامعات الحكومية التى تحتاج للمزيد من الوقت.
المتحدث الرسمى يدعو طلاب الثانوية للالتحاق بالشعبة العلمية ويؤكد توافر الفرص
من جانبه أشار الدكتور عادل عبد الغفار، المستشار الإعلامى والمتحدث الرسمى لوزارة التعليم العالى، إلى اختلاف احتياجات التعليم الجامعى من الطلاب، مؤكدًا أن الجامعات تحتاج إلى طلاب بالكليات العلمية، لذا أطالب طلاب الثانوية العامة بالتحول نحو الشعبة العلمية.
وأكد ضرورة تغيير ثقافة المجتمع والطلاب وأولياء الأمور وتحول اختياراتهم وفقًا لما تحتاج إليها سوق العمل.
واستكمل المتحدث الإعلامى للوزارة أنه لم يكن فى استطاعتنا سابقا قول نحتاج لطلاب الشعبة العلمية، لعدم توفر أماكن بالكليات، لكن اليوم الوضع اختلف.
وقال عبد الغفار إن فرص العمل القادمة فى القطاع الرقمى كل مؤسسات الدولة تتجه نحو الرقمنة، لافتًا إلى تأكيد الرئيس عبدالفتاح السيسى أن التعليم يأتى على رأس أولويات الدولة.
وقال إن دور وزارة التعليم العالى يرتكز على دراسة الاتجاهات العالمية للتوظيف، ودفع مسار تحول الكليات الجامعية والتخصصات والبرامج الجامعية نحو المنحنى الصاعد فى الوظائف الجديدة.
واستكمل أن الوزارة ساندت إنشاء كليات حاسب آلى وذكاء اصطناعى والبرامج الدراسية التى يتطلبها السوق، إلا أن هناك كليات لا يتواجد لها فرص عمل.
واستطرد أنه يتم تطوير تلك الكليات من خلال تحديث اللوائح المنظمة، وإضافة تخصصات جديدة واتفاقيات وشراكات دولية، وربطها بدراسة تخصص آخر؛ وهو ما يسمى الدراسات أو التخصصات البيينة والتى سيتم تطبيقها فى العلوم الإنسانية والتطبيقية.
وتطرّق إلى تشكيل لجان لبحث ودراسة تطبييق التخصصات البينية فى الجامعات الحكومية، وستعرض نتائج دراستها على المجلس الأعلى للجامعات لتقرير المناسب.
وتحدث عبد الغفار عن احتياجات سوق العمل لخريجى الجامعات التكنولوجية، وهو المسار الذى استحدثته التعليم العالى بإنشاء 3 جامعات كمرحلة أولى، و6 جامعات تكنولوجية، وبهدا سيتم بدء إنشاء جامعة تكنولوجية فى كل محافظة على مستوى الحمهورية.
وأشار إلى أن الجامعة التى تقيمها الدولة غير كافية، لذا ندعو القطاع الخاص بالاستثمار فى الجامعات التكنولوجية، مشيرًا إلى قيام الوزارة بتدشين وحدة لفحص مستندات الاستثمار فى الجامعات التكنولوجية، ويمكن للمستثمر التقدم بملف الأرض والملف القانونى والهندسى للإدارة المعنية.
وأكد تقديم الدولة تيسيرات للمستثمرين، وخاصة أن تلك الجامعات تمثل مسارًا تعليميًّا تحتاج إليه الدولة، معتبرًا أن الجامعات التكنولوجية تقبل كل روافد التعليم ماقبل الجامعى، سواء ثانوية العامة، الدبلومات الفنية، أو المعاهد الفنية.
رئيس لجنة الدراسات البينية: نحتاج لتغيير القانون وإتاحة تغير المسار الدراسى
وتحدث منصور حسن رئيس جامعة بنى سويف ورئيس اللجنة المكلفة بدراسة التخصصات البينية، حول مدى أهمية تعديل قانون تنظيم الجامعات بما يسمح باتاحة فرص تغيير التخصص فى كافة الكليات، وفقا للضوابط المحددة.
وأشار حسن إلى دور لجنة دراسة التخصصات البينية والممثل فى تحقيق معادلة عدم تخريج طالب بدون فرصة عمل، وتلبى احتياجات سوق العمل فى المحافظة الموجود بها الجامعة.
وحول الجامعات الأهلية المنبثقة عن الحكومية أشار حسن إلى انتهاء الأعمال الإنشائية بالكامل لجامعة بنى سويف الأهلية الجديدة، وجارى تجهيز الأثاث والمعامل.
ولفت إلى أن جامعة بنى سويف الأهلية ستضم 41 برنامجا، وهى جامعة بينية وغير نمطية هدفها، لافتا إلى أن بنى سويف محافظة صناعية تضم 7 مناطق صناعية، يتواجد بها أكبر مصانع أسمنت، فضلا عن مصانع الإلكترونيات ومنها سامسونح، توشيبا، وسيمنز، لذا ستضم الجامعة برامج دراسية تخدم ذلك الغرض.
وتوقع حسن بدء الدراسة فى الجامعة العام الدراسى المقبل، موضحا أنه سيتم البدء فى العام الاول بـ 14 برنامج تعليمى من بين 41 برنامجا سيتوالى تدريسها فى المراحل التالية.
واستكمل أن البرامج التى سيتم تدريسها هى الطب، الصيدلة، الأسنان، الهندسة، الإعلام الرقمى والرياضى، والحقوق.
واستدرك أن كل تلك الكليات تقوم فى الأساس على البرامج البينية لكن يتم إطلاق مسمى الكلية بناء على النسبة الأكبر من التخصصات الدراسية فى الكلية.
وأوضح أنه فى وقت أزمة كورونا كلف الرئيس عبدالفتاح السيسى بسد عجز الأطباء ودراسة السماح لطلاب الصيدلة التحويل لكليات الطب، مشيراً إلى أن اللجنة حددت عدة ضوابط، وذلك بعد دراسة أعداد الطلاب بالكليتين وتم التوصل إلى قبول تحويل %5 كحد أقصى من الطاقة الاستيعابة، ويتم التحويل للطلاب من السنة الدراسية الثالثة بشرط الحصول على تقدير امتياز فى العامين السابقين ومعدلات GBA مرتفعة.
واستكمل أن الجامعات تقبل حاليا تحويل الطلاب، لافتا إلى أن جامعة بنى سويف قبلت 18 طالبا العام الماضى، وخلال العام الحالى تقدم 14 طالبا بطلب تحويل وتم قبول 8 منهم.
وتطرق الدكتورعبدالغنى الجندى المدير التنفيذى لجامعة الملك سلمان فرع رأس سدر، إلى تساؤل الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال المنتدى العالمى للتعليم العالى عن مستقبل الطلاب.
وأشار الجندى إلى التحول الكامل فى منظومة التعليم الجامعى بهدف سد الاحتياجات المستقبلية للعمل، مؤكدا أن الجامعات الأهلية الجديدة والجامعات الأهلية المنبثقة من الجامعات الحكومية، مؤهلة منذ البداية كجامعة ذكية تعتمد على أحدث الوسائل التكنولوجية الرقمية سواء المنصات الذكية وطرق التدريس والشاشات الذكية.
وألمح إلى أن فكر الجامعات الأهلية الجديدة يقوم بالأساس على التعلم وليس التعليم كما يحدث مع طلاب الثانوية العامة والنمط القديم بالجامعات من إعطاء الطلاب مناهج دراسية يقوموا بحفظها والامتحان فيها.
واستشهد بتجربة جامعة الملك سلمان كأحد نماذج الجامعات الأهلية الجديدة حيث يتم الإعلان فى بداية الفصل الدراسى عن عناوين المحاضرات بالكامل ويقع على عاتق الكلية مهمة البحث عن المعلومات من مصادرة المختلفة وتقديم موضوع متكامل.
كما تهتم الجامعة بالجزء التدريبى أثناء الدراسة فى الأماكن يمكن أن توفر للطالب فرص عمل بعد التخرج.
وأشار المدير التفيذى لجامعة الملك سلمان إلى أن تاسيس الجامعات الأهلية جاء على اختيار الموكب بما يلائم احتياجات سوق العمل فى المنطقة الموجود بها الجامعة.
واستكمل أن جامعة الملك سلمان تضم تخصص الزراعات الصحراوية، وبالنظر إلى المشروعات القومية التى تنفذها الدولة فى القطاع الزراعى ومنها مشروع الدلتا الجديدة و1.5 مليون فدان، نجد توافر فرص عمل تستوعب كافة خريجين كليات الزراعة، لكن ليس بنمط زراعات الدلتا التقليدية، حيث نحتاج إلى خريجين مؤهلين للتعامل مع الأراضى الصحراوية.
وقال إن اختصاص جامعة الملك سلمان بجنوب سيناء بدراسة الزراعات الصحراوية ملائم جدا لطبيعة المحافظة التى تعانى من مشكلات ملوحة المياه والأراضى والمناخ الصحراوى.
وأشار عبدالغنى إلى أن البنك الزراعى قدم 30 منحة مجانية لدراسة الزراعات الصحراوية بالجامعة، وقدمت الجامعة 10 منح لأبناء سيناء.
واستكمل أنه يمكن لأبناء سيناء من خريجى دبلومات الثانوية الفنية الالتحاق ببرنامج الزراعات الصحراوية والحصول على المنح، لافتا إلى تقدم نحو 70 طالباً للحصول على المنحة حيث سيتم اختيار العدد المطلوب طبقا لعدة معايير ومنها اجتياز الاختبارات المقررة.
ولفت إلى أن القانون يتيح للجامعات استقبال خريجى المدارس الفنية الزراعية، للاتحاق بكليات الزراعة وفقا لعدة ضوابط منها اجتياز امتحانات تأهيلية فى اللغة والفيزياء والبيولوجى وغيرها.
واستكمل أن الجامعة ستبدا قبول طلاب الدبلومات الفنية الزراعية للاتحاق ببرنامج الزراعات الصحراوية اعتبار من الفصل الدراسى الثانى لهذا العام.
وقال الجندى ان الجامعات الحكومية يقع عليها عبء كبير فى التطوير واللحاق بركب احتياجات المستقبل بخلاف الجامعات الأهلية المؤهلة مسبقنا لذلك.
المدير التنفيذى لجامعة الملك سلمان يتوقع تحول كل الجامعات إلى الجيل الرابع خلال 5 سنوات
وتوقع الجندى تحول الجامعات الحكومية بالكامل خلال 5 سنوات القادمة لجامعات من الجيل الرابع وجامعات ذكية، تعمل بنظام الساعات المعتمدة، مشددا على ضرورة إنهاء أى برنامج دراسى أو كلية لا يحتاج تخصصها سوق العمل.
وتحدث الجندى عن تطبيق السنة التأسيسية، بالجامعات الأهلية الجديدة مشيرا إلى دورها فى منح الطالب فرصة الالتحاق بالكلية دون التقيد بشرط المجموع.
وأوضح أن شرط المجموع ليس فى المطلق حيث يمكن قبول الطلاب بالسنة التأسيسية بمجموع درجات أقل من التنسيق فى حدود الـ%5، مشيرا إلى أن تنسيق الجامعات الأهلية الجديدة أقل فى الاساس بـ%5 عن الجامعات الخاصة وتختتص جامعة الملك سلمان وحدها بتنسيق أقل %2 عن نظيراتها نتيجة مراعاة البعد الجغرافى وبالتالى فإن القبول فى السنة التأسيسية سيكون أقل فى حدود %12 مجتمعة ما يوفر فرصة ذهبية للطلاب.