تشكل الرسوم الجمركية التي يفرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تحديًا كبيرًا للأسواق الناشئة في شرق آسيا، حيث تعاني هذه الدول من اتساع الفجوة التجارية مع الولايات المتحدة، مما يجعلها في مواجهة مخاطر اقتصادية كبيرة.
ومنذ بدء حملة “أمريكا أولًا” قبل ثمانية أعوام، ازدادت هذه الفجوات التجارية بشكل ملحوظ، مما يهدد النمو الاقتصادي والاستثمارات المحلية وأسواقها الداخلية، وفقًا لرويترز.
علاقة متوترة مع الصين
يبدو أن الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين تؤثر بشدة على هذه الدول فعلى الرغم من أن العديد من الدول الآسيوية استفادت من استراتيجية “الصين بالإضافة إلى دولة أخرى” التي تبنتها الشركات الأمريكية لتوسيع استثماراتها خارج الصين، إلا أن هذه الخطوة ضاعفت الروابط الاقتصادية بين هذه الدول والصين.
ووفقًا لبيانات جي بي مورغان، فإن 45% من صادرات الدول الآسيوية الناشئة تذهب إلى الصين والولايات المتحدة مجتمعتين، مما يجعلها عرضة لأي توترات تجارية بين القوتين الاقتصاديتين.
حالات خاصة في آسيا
تشير البيانات إلى أن كوريا الجنوبية وتايوان تتصدران قائمة الدول التي تعاني من فائض تجاري كبير مع الولايات المتحدة كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي.
وفي حالات خاصة مثل تايلاند وفيتنام، ازدادت الفجوة التجارية مع الولايات المتحدة بشكل كبير منذ عام 2017، حيث ارتفعت بنسبة 343% و222% على التوالي، مما جعل تايلاند تحتل المركز الخامس عالميًا في الفائض التجاري مع الولايات المتحدة، متفوقة على اليابان وكوريا الجنوبية.
وفي فيتنام، تجاوزت صادراتها إلى الولايات المتحدة 30% من إجمالي صادراتها، مما يعادل نحو 25% من ناتجها المحلي الإجمالي.
وعلى الرغم من قوتها التجارية، تفتقر كل من فيتنام وتايلاند إلى النفوذ الاقتصادي الكافي للرد بفعالية على أي رسوم أمريكية جديدة، مما يجعلهما عرضة لمخاطر إضافية إذا تصاعدت الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين.
محور الجاذبية في التجارة
وعلى الرغم من القيود الأمركية، تمكنت الصين من الحفاظ على حصتها في الأسواق العالمية من خلال استراتيجية تُعرف بـ”أمريكا بالإضافة إلى أخرى”، إذ ركزت على تعزيز صادراتها إلى الأسواق الناشئة.
ووفقًا لبيانات مورغان ستانلي، تضاعفت صادرات الصين إلى الأسواق الناشئة لتصل إلى 44% من إجمالي صادراتها في عام 2023، بينما انخفضت صادراتها إلى الولايات المتحدة من 21% إلى 16% من الإجمالي.
وفي ظل هذه التطورات، لا تزال آسيا، بقيادة الصين، تمثل محور الجاذبية في التجارة العالمية، على الرغم من سيطرة الولايات المتحدة على مجريات الأحداث في المراحل الأولى من هذه الحرب التجارية.
ومع استمرار التوترات، تواجه الأسواق الناشئة في آسيا تحديات متعددة، من بينها فقدان الاستثمارات الصينية وزيادة الرسوم الأمريكية، مما يجعلها في موقف صعب. وبينما تستمر قواعد التجارة في التغير، يبدو أن تداعيات هذه السياسات قد تكون مكلفة لجميع الأطراف.