حذرت الدكتورة نيفين كمال، أستاذ السياسات الاقتصادية الكلية بمعهد التخطيط القومى، الذراع البحثية لوزارة التخطيط، من تأثير تحديات التمويل على عجلة التنمية فى مصر، لافتة إلى أن انخفاض معدل الادخار، سواء الحكومى أو الخاص، هو نتاج نموذج التنمية المتبَع لعدة عقود، والمتمثل فى الاعتماد بصفة رئيسية على الاقتصاد الريعي.
وأوضحت كمال، فى دراسة حديثة بعنوان تقرير حالة التنمية فى مصر، أن الاقتصاد الريعي يركز على قطاعات السياحة والتشييد والبناء وقناة السويس، وإهمال القطاعات الإنتاجية المتمثلة فى الزراعة والصناعة التحويلية،
مما ترتب عليه انخفاض متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلى الإجمالى، ومن ثم انخفاض معدل الادخار المحلى الذى يرجع فى جزء منه إلى ارتفاع عجز الموازنة العامة للدولة، الذى يرجع بدوره إلى السياسات الاقتصادية الكلية، وعلى رأسها سياسة إدارة المالية العامة.
وحول مقترحات تعزيز التمويل، أكدت أستاذ التخطيط ضرورة اتباع نموذج الاقتصاد الإنتاجي، بدلًا من نموذج الاقتصاد الريعى، ومن ثم تطبيق السياسات والآليات والإجراءات التى من شأنها تهيئة البيئة المناسبة لدعم تعديل هيكل الاقتصاد المصرى لصالح القطاعات الإنتاجية، خاصة قطاعي الصناعات التحويلية والزراعة.
وشددت على أن هذا التحول يسهم فى تهيئة الظروف المناسبة لتعبئة الموارد/ المدخرات المحلية، العامة والخاصة على حد سواء من ناحية، وفى البحث عن أدوات أخرى غير تقليدية مكملة للمساهمة فى تمويل التنمية من ناحية أخرى،
وذلك بدلًا من الاعتماد المتزايد على الاقتراض، سواء الخارجى أو الداخلى، بالإضافة إلى تهيئة البيئة المناسبة لجذب الاستثمار الأجنبى المباشر كأداة مكملة أيضًا فى سد الفجوة التمويلية، وحسن إدارة المنح والعمل على زيادتها لتمويل التنمية.
وحول الدروس المستفادة لمصر من الجائحة، أشارت أستاذ التخطيط إلى صعوبة الاستمرار فى الاعتماد بشكل كبير فى تحقيق التنمية المستدامة على عوائد قطاعات السياحة والتشييد والبناء وقناة السويس، ولا بد من توجيه المسار الاقتصادى إلى الاعتماد على سلاسل الإمداد المحلية، والاندماج فى سلاسل القيمة العالمية.
كما أكدت أهمية تنمية وتطوير النظام الصحى ودعمه الدائم باحتياجاته من الموارد المالية والبشرية، وإتاحة خدماته للجميع بأسعار مناسبة، وجودة مرتفعة تتوافق مع المعايير العالمية المتفق عليها.