يلجأ القطاع المصرفى عادة إلى طريقتين رئيسيتين للتحصن من مخاطر عدم سداد القروض من قبل المقترضين، تتمثل الأولى فى الحصول على ضمانات كافية من العملاء، إلى جانب فرض شروط وقيود تلزمهم بالسداد وفقا للمعلومات المتاحة، فقد يشمل ذلك تجميد أرصدة الحسابات أو ودائع التوفير لضمان قيمة القرض الممنوح دون الحاجة إلى وثائق تأمين عدم السداد من شركات التأمين، بينما تتضمن الأخرى نقل عبء مخاطر عدم سداد القرض من المقترض إلى شركة تأمين، حيث تتحمل الأخيرة جميع هذه المخاطر.
ويُعرف هذا باسم “تأمين الائتمان”، ويحقق القطاع المصرفى نتائج إيجابية من هذا النوع من التغطيات، تتمثل فى زيادة حجم الأقساط بشرط الاكتتاب الجيد والدراسة المستفيضة للعميل وسياسة البنك الائتمانية، لا سيما فى ظل التوجه العام لزيادة عدد المشروعات وما تتطلبه من توفير التمويلات، والقروض البنكية لازمة لتدشينها.
تأمين الائتمان والقطاع المصرفى
أكد خالد القليوبى، المحكم الدولى ورئيس قسم الاكتتاب فى إحدى شركات التأمين، أن تأمين الائتمان يعتبر من أهم الأضلاع لدورة المال بالقطاع المصرفى، ويضمن شروط التسهيل لإعطاء المنح من جانب القطاع المصرفى، بإصدار وثيقتين مكملتين، أولاهما للتأمين على حياة المقترض تتم صرف قيمتها فى حالة وفاته، وثانيتهما وثيقة مخاطر عدم السداد فى حالة عدم القدرة على استكمال دفع الأقساط المستحقة للمؤسسات المصرفية، وتقوم شركات التأمين بدفع الجزء المتبقى من المديونية بالنيابة عن العميل، وهو ما يكمل الدورة الخاصة بالاقتراض لدى المؤسسات.
وأضاف أن دورة رأس المال سوف تتعرض حتما للتوقف فى حالة عدم السداد، وهو ما يؤثر على القطاع المصرفى بالكامل، ومن ثم تعتبر وثائق تأمين الائتمان مكملا أساسيا لدورة سوق المال المصرفى.
وبين أن تأمين الائتمان يضمن تحقيق النظم المالية الناجحة التى تخصص الموارد بكفاءة للنهوض بالتنمية الاقتصادية، إذ إن الأنظمة المالية القاصرة تسبب خسائر فى فرص النمو، فالتمويل ضرورى ليس لتحقيق النمو الشامل فقط، الذى يعد قضية إنمائية تُعنى بتزويد الأفراد والشركات بتمويل يضع فى متناول الأسر والمؤسسات موارد نقدية، بل يسمح لها أيضا ببناء الأصول المادية، مع ضمانه سبل الحماية من المخاطر.
تعزيز قدرة الاقتصاد
وأوضح القليوبى أن اهتمام العالم بالتمويل الشامل فى الآونة الأخيرة قد وضع التزاما بتوسيع فرص الحصول على خدمات التمويل، والتى يضمن جوانبها التأمين على الائتمان، لتعزيز قدرة جميع الجهات الاقتصادية، أفرادا ومؤسسات، على الحصول على القروض والادخار ودفع المستحقات المالية والاستفادة من خدمات التأمين وتحويل الأموال.
وأشار إلى أن التأمين على الائتمان يسهم فى استكمال منظومة أسواق رأس المال المفتقرة إلى العمق المالى اللازم، بتوفير مصادر التمويل والخدمات المرتفعة الكلفة المحفوفة بالمخاطر للأفراد والشركات، فى ظل ضعف البِنى الأساسية والأطر التنظيمية فى القطاع المالى.
والجراف التالى يبين حجم أقساط التأمين “ممتلكات وأشخاص” فى 2023، وفقا لـ”الرقابة المالية”:
وألقى القليوبى الضوء على أن التأمين على الائتمان يعد الحل الأمثل للمؤسسات المالية المانحة للقروض، إذ يكون هو الملاذ الآمن للحد من المخاطر وحماية أموال البنوك عند منح القروض، فضلا عن التعرض للمصاعب المالية الناجمة عن تعثر المقترضين فى الوفاء بما عليهم من مديونيات.
ونوّه إلى أن التأمين على الائتمان بالنسبة للبنوك يعد تغطية للالتزامات المترتبة على القروض، والتى تسهم فى خفض رصيد القرض المتبقى أو سداده بالكامل فى حالة تعثر المقترض أو المؤمَّن عليه.