أكد إيهاب خضر، الوسيط التأميني وخبير الإدارة الاستراتيجية، أن الاحتيال في التأمين يمثل تحديًا خطيرًا يواجه الشركات، حيث يُقصد به أي عمل متعمد لخداع شركة التأمين بهدف الحصول على تعويضات غير مستحقة أو تقليل المبالغ المستحقة عليها. وأوضح أن هذه الممارسات تتنوع بين تقديم معلومات غير دقيقة عند شراء الوثيقة، والمبالغة في حجم الخسائر، وافتعال الحوادث، بل وحتى تقديم طلبات تعويض كاذبة.
وأشار خضر إلى أن بعض أنواع التأمين تشهد معدلات احتيال أعلى من غيرها، مثل تأمين السيارات والتأمين الصحي وتأمين المسؤولية العامة. ففي تأمين السيارات، يلجأ البعض إلى المبالغة في تقدير الأضرار أو افتعال الحوادث عمدًا، بينما يشهد التأمين الصحي تقديم فواتير طبية مزورة أو استخدام بيانات غير صحيحة للاستفادة من خدمات طبية غير مستحقة.
وأوضح خضر أن أساليب الاحتيال التي تواجهها شركات التأمين تتعدد، حيث تشمل افتعال الحوادث، والمبالغة في حجم الخسائر من خلال تقديم فواتير مبالغ فيها، وإخفاء معلومات مهمة مثل التاريخ المرضي أو الحوادث السابقة عند شراء التأمين. كما لفت إلى استخدام بعض المحتالين لهويات مزيفة لإنشاء ملفات تأمينية جديدة، والتواطؤ بين العملاء ومقدمي الخدمات مثل الورش الطبية أو فنيي إصلاح السيارات لتقديم مطالبات وهمية.
وأكد خضر أن هناك فرقًا واضحًا بين أساليب الاحتيال التي يرتكبها الأفراد وتلك التي تلجأ إليها الشركات. فبينما يعتمد الأفراد عادةً على تضخيم قيمة التعويضات أو تلفيق الحوادث، فإن بعض الشركات تلجأ إلى ممارسات أكثر تعقيدًا مثل تقديم بيانات مالية مضللة للحصول على خصومات في أقساط التأمين أو إخفاء بعض المخاطر لضمان قبول الوثيقة بأسعار أقل.
وحذر خضر من التأثيرات السلبية الكبيرة للاحتيال على قطاع التأمين، مشيرًا إلى أنه يؤدي إلى خسائر مالية ضخمة للشركات، كما ينعكس سلبًا على العملاء الشرفاء الذين يتحملون عبء هذه الخسائر من خلال ارتفاع أسعار الوثائق التأمينية. وأوضح أن هذه الظاهرة تُضعف ثقة العملاء في شركات التأمين، مما يقلل من معدلات الاشتراك ويؤثر على استقرار السوق.
وفيما يتعلق بالدور الذي تلعبه التكنولوجيا في مواجهة الاحتيال، أكد خضر أن أنظمة الذكاء الاصطناعي أصبحت أداة قوية في تحليل البيانات لكشف الأنماط المشبوهة، حيث يمكنها اكتشاف الحالات غير الطبيعية في طلبات التعويض وتحديد المؤشرات التي تدل على الاحتيال. كما أشار إلى أن تقنيات البلوك تشين توفر مستوى عالٍ من الشفافية، إذ تتيح تسجيل البيانات بطريقة غير قابلة للتعديل، مما يقلل من فرص التلاعب.
وأشار خضر إلى أن شركات التأمين تعتمد على مجموعة من الإجراءات للكشف عن عمليات الاحتيال، من بينها أنظمة الرقابة الداخلية التي تستخدم برامج متخصصة لتحليل البيانات، وفرق تحقيق متخصصة لفحص المطالبات المشبوهة، بالإضافة إلى التعاون مع الجهات الأمنية لملاحقة المتورطين في الاحتيال. كما شدد على أهمية برامج التوعية التي تهدف إلى تثقيف العملاء حول مخاطر هذه الممارسات وتأثيرها السلبي على الجميع.
وحول التعاون بين شركات التأمين والجهات الرقابية، أكد خضر أن هناك تنسيقًا مستمرًا مع هيئة الرقابة المالية لتطوير استراتيجيات مكافحة الاحتيال، فضلًا عن التعاون مع وزارة الداخلية في القضايا التي تتطلب تدخلاً أمنيًا. ورغم ذلك، أشار إلى أن هناك تحديات كبيرة تواجه الشركات في كشف عمليات الاحتيال، مثل تعقيد الأساليب الاحتيالية، وغياب نظام موحد لتبادل المعلومات بين الشركات، وارتفاع تكاليف الاستثمار في التقنيات الحديثة.
وفيما يتعلق بالحلول المقترحة، شدد خضر على أن الاعتماد على التكنولوجيا وحده لا يكفي، بل هناك حاجة ماسة إلى تطوير التشريعات والقوانين لمواكبة تطور أساليب الاحتيال. وأوضح أن هذه القوانين يجب أن تتضمن عقوبات أشد للمحتالين، وإطارًا تنظيميًا موحدًا لتعزيز التعاون بين الشركات والجهات الرقابية، إلى جانب برامج توعية تسهم في نشر ثقافة الأمانة والمسؤولية بين الأفراد والشركات على حد سواء.
وختم خضر حديثه بالتأكيد على أن سوق التأمين المصري يواجه تحديات كبيرة بسبب الاحتيال، لكن مع تبني التكنولوجيا الحديثة وتطوير القوانين، يمكن تحقيق تقدم ملحوظ في مكافحة هذه الظاهرة، مما يسهم في تعزيز الثقة بين شركات التأمين والعملاء، ويدعم استقرار السوق على المدى الطويل.