في المستقبل القريب يمكن أن يتحول كل شيء إلى أشكال ذكية، فالأنوار تُطفأ تلقائيا عندما لا يكون هناك أحد، وإشارات المرور تتغير بناء على تدفق السيارات، وأجهزة الاستشعار في كل مكان تراقب الصحة العامة للمباني والبنية التحتية.
فكيف يمكن لهذا العالم أن يعيد تشكيل مفهوم التأمين وإعادة التأمين؟
في هذا العالم الجديد، يصبح التأمين أكثر من مجرد حافظة أموال، حيث يتحول إلى حارس غير مرئي يراقب دون توقف، كأجهزة ترقب حالات الأنابيب، والكهرباء، وجودة الهواء، بينما إذا تم اكتشاف أي خلل، يتم إعلام المسئول فورا، فقبل أن يتحول تسريب المياه الصغير إلى فيضان كارثي تكون المشكلة قد حُلَّت من الأساس.
“المال” تواصلت مع أماني الماحي، رئيس قطاع بشركة مصر للتأمين وعضو الاتحاد الأفروأسيوي للتحكيم الدولي، بينما أكدت أن البيانات هي الذهب الجديد، وشركات التأمين لديها منجم لا ينضب من هذه البيانات بفضل المشروعات الذكية، فبإمكانها باستخدام الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الضخمة، توقع الأحداث الخطرة قبل حدوثها، إذ يمكن لتقنيات التحليل التنبؤ بزيادة احتمالية حدوث حرائق بناء على أنماط الطقس ومعلومات البنية التحتية، فهذه القدرة التنبؤية تُترجم إلى سياسات تأمينية أكثر تخصيصا ودقة، ما يقلل من المخاطر للشركة والعميل.
وأشارت “الماحي” إلى أن التطور الرقمي مكّن التأمين أن يصبح أكثر سهولة ومرونة، ففي حالة حدوث الحوادث تقوم التطبيقات الهاتفية بتحليل المشهد باستخدام كاميرا الهاتف وتقديم تقرير فوري لشركة التأمين بدلا من الانتظار لأيام حتى يتم معالجة المطالبة، ويمكن للعميل الحصول على قرار فوري، بل وربما تعويض فوري، بضغطة زر.
وبينت أن شركات إعادة التأمين تجد نفسها الآن في طليعة التكنولوجيا، بفضل البيانات الضخمة والتقنيات الذكية، ويمكن لشركات إعادة التأمين تقييم المخاطر بشكل أكثر دقة وتقديم حلول مالية معقدة بطرق أكثر شفافية وكفاءة، ما يعني أن الكوارث الطبيعية مثل الأعاصير والزلازل، التي كانت تشكل تهديدا كبيرا، يمكن التعامل معها بأساليب جديدة ومبتكرة تقلل من الأثر المالي والاجتماعي.
والجراف التالي يبين توقعات بأكثر المجالات تضررا من الذكاء الاصطناعي مستقبلا، وفق شركة ستاتيستا العالمية:
وأوضحت “الماحي” أن، مع انتشار المشروعات الذكية، يصبح التأمين جزءا لا يتجزأ من نسيج الحياة اليومية، بدلا من أن يكون عبئا أو مجرد خدمة يتم اللجوء إليها في الأوقات الصعبة، بينما يصبح التأمين شريكا في الحفاظ على سلامة ورفاهية الأفراد والمجتمعات، حيث إنه تطور من نموذج “رد الفعل” إلى نموذج “الاستباق”، وتكون الحماية والرعاية جزءا من كل لحظة.
وأكدت أن التأمين ليس مجرد وسيلة لتغطية الخسائر، بل عنصر فاعل في بناء عالم أكثر أمانا وذكاء، فالمشروعات الذكية والتكنولوجيا المتقدمة تفتح آفاقا جديدة لتقديم خدمات تأمينية لم يكن من الممكن تصورها من قبل، وهذا ليس مجرد تحول في الصناعة، بل هو تحول في كيفية رؤية مفهوم الحماية والأمان.