شهد العالم مؤخرا انقطاعا تقنيا واسع النطاق أدى إلى تعطيل العديد من الأنشطة التجارية والخدمات الحيوية، تسبب ولا زال في خسائر مالية كبيرة للشركات والأفراد على حد سواء، ما قد يدفع بشركات التأمين إلى مواجهة سيل من المطالبات لتعويض الخسائر الناجمة عن هذا الحدث.
ولذلك الانقطاع تأثير على أنواع التأمين المختلفة، بينما على شركات التأمين التعامل مع تلك الأزمة، بما في ذلك التعويضات المتوقعة لكل نوع من التأمين.
“المال” تواصلت مع أماني الماحي، رئيس قطاع بشركة مصر للتأمين وعضو الاتحاد الأفروأسيوي للتحكيم الدولي، وقالت إن انقطاع التكنولوجيا قد خلف أثرا بشكل كبير على عمليات الإنتاج والتوزيع، ما أدى إلى توقف الأعمال وتكبد الشركات خسائر مالية ضخمة، وتشمل تغطيات ذلك النوع من التأمين خسائر الإيرادات وتكاليف إعادة التشغيل، إضافة إلى تكاليف استئجار مساحات أو معدات بديلة.
وبيّنت هناك بعض الخسائر غير المتوقعة قد تنتج عن الانقطاع، خاصة في القطاعات التي تعتمد بشكل كبير على التكنولوجيا، مثل التجارة الإلكترونية والخدمات اللوجستية، بينما تجد شركات التأمين صعوبة في تقدير هذه الخسائر بسبب تعقيد الحسابات وتنوع الأضرار.
وأضافت أن شركات التأمين تتكبد تغطيات تكاليف استعادة البيانات المفقودة أو المتضررة، وتعويضات الأضرار الناجمة عن الهجمات الإلكترونية والجرائم الإلكترونية، وتغطيات تكاليف التحقيق والتقاضي في حالات الاحتيال.
انفتاح الطريق للجريمة الإلكترونية والاحتيال
وبينت أماني الماحي أن الانقطاع التقني جعل الكثير من البيانات الحساسة عرضة للهجمات الإلكترونية، بينما استغل القراصنة هذه الفرصة لتنفيذ هجمات واسعة النطاق، ما أدى إلى زيادة كبيرة في مطالبات التأمين على الجرائم الإلكترونية، في حين أن شركات التأمين تواجه صعوبة في تلبية هذه المطالبات نظرا للزيادة الكبيرة في عددها وتعقيداتها.
وذكرت أن العديد من الخدمات الصحية قد تعطلت بسبب الانقطاع التقني العالمي، ما أدى إلى تأخير في تلقي الرعاية الصحية اللازمة، بينما أوجب هذا الوضع على شركات التأمين الصحي التعامل مع مطالبات تغطي تكاليف العلاج الذي تأخر، أما بالنسبة للتأمين على الحياة، فقد تزايدت المطالبات لتعويض العائلات عن فقدان الدخل نتيجة توقف الأعمال وتأخر الخدمات.
وبيّنت أن الممتلكات قد تضررت أيضا بسبب الانقطاع، خاصة تلك التي تعتمد على التكنولوجيا لإدارتها، بينما أدت هذه الأضرار إلى مطالبات بتعويضات عن الأضرار التي لحقت بالممتلكات، في حين أن شركات التأمين العالمية تعمل حاليا على تقييم هذه الأضرار وتحديد قيمة التعويضات المستحقة.
وأوضحت أن شركات التأمين العالمية تواجه ضغوطا كبيرة للتعامل مع مطالبات الانقطاع التقني العالمي بسرعة وفعالية، بينما يتطلب ذلك تعزيز قدراتها في إدارة المطالبات واستخدام التكنولوجيا لتسريع عمليات التقييم والدفع، كما يجب على شركات التأمين تعزيز تواصلها مع العملاء لشرح إجراءات تقديم المطالبات والمتطلبات اللازمة.
وبينت أن الانقطاع التقني العالمي أدى إلى أزمة كبيرة في قطاع التأمين، حيث تواجه الشركات موجة من المطالبات لتعويض الخسائر المتنوعة، وتتطلب هذه الأزمة استجابة سريعة وفعالة من شركات التأمين لتعزيز ثقة العملاء واستعادة التوازن في السوق، ومن المهم أيضا أن تعمل الشركات على تحسين أنظمتها الأمنية وتطوير خطط طوارئ لتجنب تكرار مثل هذه الأزمات في المستقبل.
والجراف التالي يبين متوسط الخسائر الاقتصادية المقدرة عالميا في 10 سنوات (2012 – 2022)، وفقا لـ”سويس ري” العالمية لإعادة التأمين:
تأثير انقطاع الخدمات التقنية على تغطيات إعادة التأمين المستقبلية
وأضافت أماني الماحي أن الخسائر الكبيرة التي تكبدتها شركات التأمين قد تشدد شروط التغطية المستقبلية بشركات إعادة التأمين، وقد يتطلب الأمر تضمين بنود إضافية تتعلق بالانقطاع التقني وحماية البيانات، ومن المتوقع زيادة أقساط التأمين على الشركات والأفراد. هذه الزيادة ستساعد في تعويض الخسائر وتحسين قدرة الشركات على تحمل مطالبات مستقبلية مماثلة.
وتوقعت أن تطوّر شركات التأمين العالمية منتجات جديدة تركز على تغطية المخاطر التقنية والانقطاعات الإلكترونية، لاستهداف الشركات التي تعتمد بشكل كبير على التكنولوجيا، إضافة إلى تشجيع الشركات المؤمنة على تعزيز إجراءات الأمان الإلكتروني الخاصة بها لتقليل المخاطر، ويمكن أن تشمل هذه الإجراءات تحسين الأنظمة الأمنية وتدريب الموظفين على التعامل مع الهجمات الإلكترونية.