خبيرة: التحكيم الدولي سلاح شركات التأمين الفعال لمواجهة الاحتيال وكشف الحقائق (جراف)

في ظل حالات احتيال عالمية

خبيرة: التحكيم الدولي سلاح شركات التأمين الفعال لمواجهة الاحتيال وكشف الحقائق (جراف)
إبراهيم الهادي عيسى

إبراهيم الهادي عيسى

5:36 م, السبت, 17 أغسطس 24

تعد قضايا الاحتيال، في عالم التأمين المعقد والمتنوع، واحدة من أكبر التحديات التي تواجه الشركات، حيث يتزايد عدد حالات الاحتيال في التأمين بشكل ملحوظ، ما يؤدي إلى خسائر مالية ضخمة وتأثيرات سلبية على سمعة الشركات، بينما مع تزايد هذه التحديات يصبح التحكيم الدولي أداة مهمة لتسوية المنازعات المتعلقة بهذه القضايا.

ويشمل الاحتيال في التأمين مجموعة واسعة من الممارسات غير القانونية التي يقوم بها الأفراد أو الشركات للحصول على تعويضات غير مستحقة أو لتحريف الحقائق للحصول على مزايا غير قانونية، ويتراوح الاحتيال من المطالبات الزائفة إلى التلاعب المتعمد بالأدلة.

وتتسبب قضايا الاحتيال في خسائر مالية لشركات التأمين، ما يؤدي إلى ارتفاع الأقساط التأمينية للمستهلكين وتهديد استقرار السوق، كما يؤثر الاحتيال على الثقة بين العملاء وشركات التأمين، ما يجعل حل هذه القضايا أمرا ضروريا.

“أماني الماحي”، عضو الاتحاد الأفروأسيوي للتحكيم الدولي ومدير قطاع بشركة مصر للتأمين، أخبرت “المال” أن التحكيم الدولي عملية قانونية يتم من خلالها حل المنازعات بين الأطراف عبر جهة محايدة (محكم) خارج نطاق المحاكم التقليدية، بينما يتمتع التحكيم الدولي بالمرونة والسرية ويعد وسيلة فعالة لحل النزاعات التي تنطوي على عناصر دولية.

 مزايا التحكيم في قضايا الاحتيال

وبينت “الماحي” أن التحكيم يوفر الخصوصية للأطراف المتنازعة، ما يساعد على حماية السمعة التجارية، بينما يسمح للأطراف باختيار القوانين والإجراءات التي تناسب قضيتهم، وغالبا ما يكون التحكيم أسرع من الدعاوى القضائية التقليدية، ما يوفر الوقت والموارد.

وأشارت إلى أن أبرز التحديات التي تواجه التحكيم في قضايا الاحتيال جمع الأدلة، فقد يكون من الصعب جمع الأدلة في قضايا الاحتيال، خاصة عندما تكون الأطراف المتورطة من دول مختلفة، فضلا عن أن قضايا الاحتيال معقدة من الناحية القانونية، ما يتطلب خبرة خاصة من المحكمين، إضافة إلى أن رغم كون قرارات التحكيم ملزمة إلا أن تنفيذها قد يكون صعبا.

وأوضحت أن اختيار محكمين ذوي خبرة خاصة في قضايا الاحتيال في التأمين يعد أمرا مهما، مع تعزيز التعاون بين الدول لضمان تنفيذ قرارات التحكيم بفعالية، إضافة إلى تطوير الأدوات التكنولوجية لتحسين جمع الأدلة وكشف الاحتيال.

وذكرت أن تزايد قضايا الاحتيال في التأمين يجعل التحكيم الدولي أداة أساسية لتسوية المنازعات، من خلال توفير السرية والكفاءة والمرونة، بينما يمكن للتحكيم أن يلعب دورا حاسما في حل هذه القضايا بشكل عادل وسريع، ومع التغلب على التحديات المحيطة بالتحكيم، يمكن لشركات التأمين حماية مصالحها وتقليل الخسائر الناتجة عن الاحتيال.

وأكدت أن الاحتيال في التأمين يُعد من أكبر التحديات التي تواجه شركات التأمين عالميا، وقد بلغت هذه القضايا مستويات خطيرة، حيث تستنزف مليارات الدولارات سنويا وتؤدي إلى تعقيدات قانونية وتشغيلية، بينما يأتي التحكيم الدولي حلا فعالا لتسوية هذه المنازعات المعقدة، ويمكن أن يُلقي التحكيم الضوء على كيفية التعامل مع قضايا الاحتيال في التأمين من خلال عرض حالات عملية فعلية.

والجراف التالي يبين تطور حجم أقساط التأمين عالميا منذ 1980 وحتى 2020، وفق بيانات شركة سويس ري العالمية لإعادة التأمين:

أمثلة على التحكيم في قضايا الاحتيال

وأوضحت “أماني” -مثلا- أن شركة تأمين صحي كبرى في الولايات المتحدة بمواجهة ادعاءات احتيالية من قبل شبكة من مقدمي الرعاية الصحية الذين قاموا بتزوير وثائق طبية للحصول على تعويضات غير مستحقة، وتم تسوية القضية عبر التحكيم الدولي، حيث تم استخدام خبراء في التحليل الطبي والمالي لإثبات التلاعب، وقد أسفر التحكيم عن استرداد ملايين الدولارات لشركة التأمين.

وتابعت أن في قضية أخرى، اتهمت شركة تأمين بحرية في سنغافورة أحد عملائها بالتلاعب في وثائق شحنة بحرية للادعاء بتعويضات عن بضاعة لم تكن موجودة، واستخدمت الشركة التحكيم الدولي لحل النزاع، حيث استعانت بخبراء في النقل البحري والتحقيقات الجنائية، وقد توصل المحكم إلى أن العميل ارتكب احتيالا، وحكم بتعويض الشركة عن جميع الخسائر.

وأضافت أن، في إحدى القضايا التجارية الكبرى، تقدمت شركة تأمين ضد الأضرار في أوروبا بدعوى احتيال ضد شركة تصنيع، حيث اتضح أن الشركة المصنعة قد بالغت في حجم الأضرار التي لحقت بمنشآتها بعد حادث صناعي، وتمت معالجة النزاع عبر التحكيم الدولي في مركز تحكيم بلندن، حيث تم الاعتماد على شهادات الخبراء وتحليل البيانات الصناعية، وحكم المحكم لصالح شركة التأمين، وألزم الشركة المصنعة بإعادة جميع التعويضات المدفوعة.

تحديات بارزة

وأفادت “الماحي” بأن، في قضية أخرى، واجهت شركة تأمين رقمية في أوروبا تحديا بعد اكتشاف عملية احتيال إلكتروني واسعة النطاق نفذتها مجموعة دولية عبر منصات الإنترنت بعد اللجوء إلى التحكيم، وأصدر المحكم حكما ملزما للشركة المستفيدة برد الأموال المستولى عليها، ومع ذلك، واجهت شركة التأمين صعوبات في تنفيذ الحكم في بعض الولايات القضائية بسبب عدم تعاون السلطات المحلية، بينما عمدت شركة التأمين إلى التعاون مع منظمات دولية لمكافحة الاحتيال واتخذت إجراءات قانونية في دول أخرى لتنفيذ الحكم.

وختمت أن، من خلال دمج التحكيم الدولي مع حلول عملية وتطوير التعاون الدولي، يمكن لشركات التأمين التصدي بفعالية لقضايا الاحتيال التي تتسم بالتعقيد، كما تُظهر الحالات العملية الفعلية أن التحكيم الدولي لا يوفر فقط حلا سريعا وفعالا، بل يُمكّن الشركات من حماية مصالحها وتقليل المخاطر المالية المرتبطة بالاحتيال.