من أبرز وظائف التأمين أنه يقدم للإنسان المؤمن له الأمان الذي يرغب في الحصول عليه ضد ما قد يلحقه من الأخطار التي تهدده في نفسه أو في ماله، وهذا الأمان الذي يكفله التأمين يوجد في كافة أنواعه، سواء في التأمين من الأضرار أو تأمين الأشخاص.
ففي التأمين من الأضرار، يؤمن المؤمن له ضد الأخطار التي قد تصيبه في ذمته المالية، فإذا أمن على ماله ضد خطر الحريق مثلًا، وتحقق هذا الخطر، وجد في مبلغ التأمين الذي يستحقه ما يعوضه عن تلك الخسارة، وما يمكنه من الحصول على بديل لما هلك من أمواله، وكذلك الحال في تأمين المسئولية، فقد أدت التطورات الحديثة إلى زيادة حالات المسئولية وأسبابها، وعن طريق التأمين ضد المسئولية يستطيع الشخص أن يجنب نفسه نتائجها، وأن يباشر نشاطه بحرية واطمئنان دون خوف.
كما أن التأمين على الأشخاص يلعب دورًا كبيرًا في بث روح الأمان والطمأنينة في النفوس، فسلامة الجسد والروح من الأمور التي لا تدوم، ولذلك يمكن للإنسان، عن طريق التأمين، أن يقي نفسه ومن يعول آثار عجزه أو موته.
قالت داليا مصطفى؛ مدير حسابات التأمين الجماعي بشركة مصر لتأمينات الحياة، إن الأمان الذي يحققه التأمين لمجموع المؤمن لهم يترك آثارًا مهمة على المستوى الاجتماعي، ونظرًا للثقة في المستقبل التي يبثها في روح المؤمن لهم، فإنه يحقق مصلحةً اجتماعية عامة، فبمنحه الأمان للمؤمن لهم يحقق ازدهار الاقتصاد القومي، ويصبح أداة لزيادة الإنتاج في المجتمع، حيث يؤدي إلى المحافظة على عناصر الإنتاج خاصة اليد العاملة ورؤوس الأموال.
والجراف التالي يوضح ترتيب الدول الـ10 الكبرى في حجم أقساط تأمينات الحياة عالميًا في 2023، حسب شركة أليانز العالمية للتأمين:
وأضافت أن التأمين على الأشخاص، مثلًا، لا يصبح الفرد عند تعطله أو مرضه عالة على المجتمع، لأنه يجد في مبلغ التأمين مصدر رزق له إذا كان في شكل إيراد مرتب مدى الحياة، كما يمكنه استثمار هذا المبلغ إذا قبضه دفعة واحدة، وفي التأمين على الممتلكات يؤدي إلى استبدال أشياء جديدة بالهالكة أو التالفة، وتكون الأولى ذات قوة إنتاجية تفوق تلك الخاصة بالثانية.
التأمين وسيلة لتكوين رؤوس الأموال
وبيّنت أن عند حلول الأجل أو تحقق الخطر المؤمن منه، يلتزم المؤمن بأن يدفع للمؤمن له مبلغ التعويض، ويؤدي هذا المبلغ من مجموع الأقساط التي قام المؤمن له بدفعها، ومن هذه الناحية يعتبر التأمين نوعًا من الادخار، وبالتحديد ادخارًا إجباريًا، حيث يلتزم فيه المؤمن له بأن يقتطع جزءًا صغيرًا، وبصفة دورية، من دخله، يؤدى للمؤمن مقابل الحصول على مبلغ التأمين عند استحقاقه.
وهكذا فإن رؤوس الأموال تتكون لدى شركات التأمين من مجموع أقساط المؤمن لهم، ولها أهميتها بالنسبة لهم، وكذلك بالنسبة للاقتصاد القومي، فبالنسبة للمؤمن لهم تمثل تلك الأموال المتجمعة لدى شركات التأمين ضمانًا لاستيفاء حقوقهم من قبل هذه الشركات، ولذلك يلزم القانون شركات التأمين بتكوين احتياطات لديها تمثل إحدى ضمانات الوفاء بالتزاماتها، وتقوم شركات التأمين باستثمار ذلك الاحتياطي، بما يحقق في النهاية مصلحة المؤمن لهم.
وأوضحت “مصطفى” أن رؤوس الأموال التي تتكون لدى شركات التأمين تلعب دورًا هامًا في تنمية وازدهار الاقتصاد القومي، حيث إن شركات التأمين تزوده برؤوس الأموال التي تتكون لديها، باستثمارها في المشروعات التي تعود بالنفع على أفراد المجتمع، كما يمكن إعطاء هذه الأموال للدولة أو للأشخاص العامة في شكل قروض تساعدها على تحقيق أهداف التنمية الاقتصادية.
التأمين وسيلة للائتمان
يؤدي التأمين وظيفته كوسيلة للائتمان على المستوى الفردي وعلى مستوى الدولة أيضًا، فبالنسبة للأفراد، يسهل التأمين لهم الحصول على الائتمان بوسائل متعددة، حيث يؤدي إلى تدعيم الضمان الذي يقدمه المؤمن له إلى دائنيه، ويسهل له الحصول على الائتمان، فإذا رهن المؤمن له عقارًا أو منقولًا مملوكًا له ضمانًا لتنفيذ ما عليه من ديون تجاه دائنيه، فلا شك أن من مصلحة هذا الأخير بقاء المال المرهون حتى يمكنه التنفيذ الجبري عليه في حالة عدم الوفاء الاختياري من قبل المدين، ولكن هذا المال قد يفقد أو يسرق أو يهلك بفعل حادث معين، كالحريق مثلًا، فيضيع ضمان الدائن.
وأشارت مدير حسابات التأمين الجماعي بشركة مصر لتأمينات الحياة، إلى أن تفادي نتيجة الخسائر المتعددة بالفقد أو الحرق أو غيرها؛ يجعل الدائن مضطرًا لأن يفرض على مدينه أن يؤمن له على الشيء المرهون، ضد السرقة أو ضد الحريق مثلًا، حتى إذا تحقق خطر من هذا القبيل حل مبلغ التأمين محل الشيء المرهون، واستطاع الدائن المرتهن أن يستوفي حقه من مبلغ التأمين، لافتة إلى أن الشخص قد يريد الحصول على ائتمان وليس لديه مال يقدمه للدائن كضمان، وإنما يعتمد على عمله ومجهوده في سداد الدين، فإنه يمكنه، لكي يشجع الدائن على منحه الائتمان، أن يبرم عقد تأمين على حياته لصالح الدائن، حيث إذا توفي المدين قبل سداد الدين فإن الدائن يستوفي حقه من مبلغ التأمين، كما أن هناك التأمين من إعسار المدين أو تأمين الائتمان، وبمقتضاه يستطيع الدائن أن يؤمن نفسه من خطر إعسار المدين فيضمن لنفسه، عن طريق عقد التأمين، استيفاء ما لا يستطيع اقتضاءه من المدين.
وبيّنت أن التأمين على الحياة يمكن المؤمن من رهن وثيقة التأمين وتقديم الرهن ضمانًا للوفاء بديونه لدائنه، حيث يكون لكل وثيقة على الحياة قيمة مالية في ذاتها بعد دفع عدد معين من الأقساط، حيث يستطيع المستفيد من هذه الوثيقة أن يقترض الأموال من الغير بضمانها، وعند عدم الوفاء بالدين يستطيع الدائن أن يحصل على حقه من قيمة الوثيقة، ويستطيع المؤمن له أن يقترض من المؤمن نفسه بضمانها، فإذا لم يوف للمدين يتم خصم المؤمن الدين من المبلغ الذي يستحقه المؤمن له أو المستفيد بموجب عقد التأمين.
وبالإضافة إلى ما سبق، فإن التأمين يعتبر وسيلة ائتمان بالنسبة للدولة وفروعها، التي تجد في رؤوس الأموال المتجمعة لدى شركات التأمين من الأقساط المدفوعة واحتياطاتها مصدرًا هامًا للاقتراض عن طريق السندات التي تصدرها الدولة أو الأشخاص العامة، والتي تقوم بشرائها شركات التأمين.
التأمين عامل وقائي
وكشفت داليا مصطفى أن الهدف المباشر للتأمين هو تعويض المؤمن له عن الخسائر التي تلحق به، إلا أنه يؤدي دورًا هامًا آخر بطريقة غير مباشرة، إنما هو الوقاية من المخاطر والعمل على تقليل نسبة وقوع الحوادث عن طريق تلافي أسبابها، والعمل على تجنب وقوعها، حيث أصبح عاملًا من عوامل الوقاية في المجتمع.
ويؤدي التأمين دوره الوقائي بوسائل متعددة، فشركات التأمين، رغبة منها في حصر مبالغ التعويض في أضيق الحدود، تعمل بطرق متعددة على التقليل من نسبة وقوع المخاطر المختلفة ووقاية المؤمن لهم منها، ولتحقيق ذلك، فإنها كثيرًا ما تلجأ لتكوين جمعيات مشتركة بينها بقصد دراسة أسباب المخاطر واتخاذ الاحتياطات الكافية لتوقي وقوعها، بالاستعانة بالخبراء والأخصائيين لزيارة المصانع والمنازل لتوعية العمال والمواطنين وإرشادهم إلى طرق الوقاية من الحوادث وتقليل نسبتها، كما تستعين بإرسال النشرات التي تبين الوسائل الفنية في مكافحة الحرائق أو أخطار العمل، بينما بالنسبة لحوادث المرور فكثيرًا ما تشترك شركات التأمين مع غيرها من الهيئات المعنية في التوعية بقواعد المرور والدعوة إلى اتباعها وبيان مخاطر عدم الالتزام بها.