أكد عدد من خبراء ومحللى البترول والطاقة أن فى مصر يتصدر قائمة القطاعات فى حجم النشاط وفى الأداء على صعيد كافة المجالات، سواء المتعلقة بالحفر والتنقيب والاستكشاف أو توصيل الغاز الطبيعى وتوفيراحتياجات السوق المحلية من الوقود ومشتقاته ،كما يتصدر أيضا على صعيد مشروعات البنية التحتية والتكرير.
وشهدت الفترة من يوليو 2014 إلى يونيو 2020، تحقيق قطاع البترول نتائج متميزة فى مختلف المجالات والأنشطة، خاصة بعد عودة الاستقرار السياسى والأمنى والجهود والإجراءات التى تم اتخاذها لعودة الاستثمارات وتشجيع شركات البترول العالمية الكبرى، على الاستمرار فى عملها داخل مصر وضخ استثمارات جديدة.
وتوقع الخبراء استمرار نجاح القطاع وارتفاع حجم الاستثمارات فى مجالاته المختلفة خلال السنوات المقبلة، مضيفين أن هذا القطاع يستطيع بمزيد من الإجراءات والإستراتيجيات تحقيق عوائد تفوق أضعاف مثيلتها الحالية.
واقترحوا روشتة متضمنة حزمة بنود من شأنها زيادة عوائد القطاع مستقبلا، أبرزها زيادة دور الشركات الوطنية فى مجال البحث والتنقيب ، والإسراع فى سداد أى مديونيات متبقية على القطاع للشركات الأجنبية أو للبنوك، وفض كافة التشابكات المالية بينه وبين الجهات الحكومية الأخرى وتحصيله لكافة مستحقاته منها، وخلق طفرة فى صناعة البتروكيماويات والإسراع فى تنفيذ المشروعات تحت الدراسة منذ سنوات .
وطالبوا بسرعة الانتهاء من برنامج إعادة هيكلة القطاع ، وتطوير الرؤية والنظرة لمشروعات التعدين من مجرد وسيلة تدر عوائد وإتاوات ورسوم لخزانة الدولة إلى مشروعات قومية تخلق قيمة مضافة لابد أن تدعمها الدولة وتبحث عن المستثمر الجاد صاحب الخبرة لتنفيذها .
وساهم قطاع البترول والغاز عام 2019/2018 بنسبة %27 من الناتج المحلى الإجمالى بقيمة 1.4 تريليون جنيه، كما حقق لأول مرة منذ سنوات طويلة فائضاً فى الميزان التجارى عن العام نفسه.
ونجح القطاع فى تحويل معدل نمو قطاع الغاز خلال الأعوام السابقة من سالب %11 إلى موجب %20 مما مكنً مصر من تحقيق الاكتفاء الذاتي واستئناف التصدير.
فى البداية، قال مسئول سابق فى قطاع البترول إن السنوات الست الماضية شهدت سباقا مع الزمن لتحقيق نتائج على أرض الواقع ،أبرزها التوقف عن استيراد الغاز، ووفاء مصر بالتزاماتها التصديرية، وحل عدد كبير من قضايا النزاعات الدولية ، وكذلك مشكلة مديونيات شركات البترول الأجنبية ، وتحقيق اكتشافات ضخمة على غرار حقل “ظهر”.
وقال إن القطاع يمتلك القدرات والإمكانات التى تؤهله لتحقيق عوائد مضاعفة خلال الفترة المقبلة، بشرط الإسراع فى تحصيل مستحقاته لدى كافة الجهات الحكومية ،بما يؤهله لسداد مديونياته المتبقية للشركات أو البنوك.
ونجحت وزارة البترول من خلال برنامج سداد مستحقات الشركاء الأجانب المتراكمة عن فترات سابقة فى تخفيض حجم المستحقات إلى رقم غير مسبوق ليصل إلى 900 مليون دولار فى نهاية عام 2019/2018 مقارنة مع ما وصل إليه عام 2013 حيث كان يبلغ حوالى 6.3 مليار دولار .
وشدد المسئول على ضرورة الإسراع فى تنفيذ برامج إعادة هيكلة القطاع، وتنفيذ المشروعات البتروكيماوية التى ظلت تحت الدراسة لسنوات، لعدم وجود ما يكفى من الغاز الطبيعى اللازم لتشغيلها فى السنوات الماضية.
يشار إلى أن الفترة من يوليو2014 وحتى يونيو2020 شهدت توقيع 84 اتفاقية بترولية جديدة مع الشركات العالمية للبحث عن البترول والغاز ، باستثمارات حدها الأدنى حوالى 14.8 مليار دولار ومنح توقيع قدرها حوالى 1.1 مليار دولار لحفر 351 بئراً.
أبو العلا: زيادة دور الكيانات الوطنية فى الاستكشاف والتنقيب ضرورة
على صعيد متصل، أكد الدكتور رمضان أبو العلا خبير البترول والطاقة ، أن القيادة السياسية بداية من عام 2014 وفرت مناخا ملائما للاستثمار كانت نتيجته توسع العديد من الشركات فى ضخ استثمارات جديدة فى مصر، وتحقيق اكتشافات كبيرة ومؤثرة فى مجال الغاز الطبيعى.
وتابع :” منهج أى وزير كان يتولى مسئولية الوزارة كان يعتمد على الشركات الأجنبية لتحقيق الاكتشافات البترولية ، الأمر الذى تبعه سياسة اقتسام الإنتاج مع الغير،وتراكم المديونيات”.
وأضاف :” رغم أن هذا المنهج يسهل استيعابه ومضمون النجاح ، إلا أن هناك نهجا آخر حال تنفيذه ستتضاعف عوائد القطاع فى السنوات المقبلة ،ألا وهو تعميق دور الشركات المصرية فى هذا المجال”.
وطالب بالتركيز خلال الفترة المقبلة على إستراتجية الاعتماد على الخبرات المصرية والشركات الوطنية ،الأمر الذى من شأنه توجيه كامل إنتاج البترول لمصر وكامل العوائد لخزانة الدولة، والتخلص نهائيا من قضية الديون المتأخرة.
وأوضح أنه رغم صعوبة اقتحام الشركات المصرية مجال التنقيب فى المياه العميقة لارتفاع التمويلات والاستثمارات اللازمة لتنفيذ ذلك بتكنولوجيات أجنبية، فإنه أكد إمكانية التنفيذ ذلك بسهولة فى مناطق الامتياز الضحلة والبرية.
مدحت يوسف: تحويل مصر إلى مركز إقليمى لتداول الطاقة بالمنطقة أكبر التحديات
بينما قال المهندس مدحت يوسف الاستشارى البترولى ، ورئيس شركتى “موبكو” و”ميدور” الأسبق إن قطاع البترول يسير بخطوات جادة فى مختلف نواحى الأنشطة.
وتابع: «معظم تلك الجوانب تم الاعتماد فيها على توافر الغاز الطبيعى المصرى وتحقيقه الاكتفاء الذاتى ليتوقف الاستيراد نهائيا ويتوافر فائض للتصدير،كما تم إحلال الغاز الطبيعى محل العديد من المنتجات البترولية ليضيف قيمة مضافة عالية ومؤكدة لاكتشافات الغاز الطبيعى المرتفعة».
وأضاف أن الاعتماد على الغاز الطبيعى فى توليد الطاقة الكهربائية أدى إلى توافر المازوت ذى الكفاءة المنخفضة فى التوليد ليذهب إلى مشروعات التكرير كمادة تغذية أساسية لإنتاج منتجات بترولية عالية القيمة من خلال مشروعات تكرير بنظام التحول العميق من البوتاجاز والبنزين ووقود النفاثات والسولار .
وأشار إلى أن مشروع الشركة المصرية للتكرير يعتبر بداية لذلك التوجه ، كما تأتى مشروعات توسعات معمل تكرير “ميدور” بالإسكندرية وشركة “أنوبك” المتكاملة مع معمل تكرير أسيوط وتوسعات شركتى السويس والنصر للبترول بالسويس ليأتى مشروع مجمع البحر الأحمر للتكرير والبتروكيماويات بالعين السخنة ليتوج مشروعات التكرير والمتوقع تشغيلها خلال 3 سنوات كحد أقصى لتحقق مصر لأول مرة الاكتفاء الذاتى للمنتجات البترولية بمختلف أنواعها.
وقال إن قرارات وزارة البترول بتشجيع تحويل السيارات للعمل بالغاز الطبيعى بدلا من البنزين والسولار من خلال تطبيق حوافز مشجعة لأصحابها قفز بالمعدلات إلى 50 ألف سيارة فى السنة.
وأشار إلى التوسع الكبير فى مجال البتروكيماويات اعتمادا على الغاز الطبيعى كمادة أساسية لتغذية المشروعات الجديدة علاوة على استغلال الفوائض قليلة القيمة من مختلف الأنشطة مثل قش الأرز بتحويله إلى الأخشاب الصناعية للأرضيات .
وقال إن مشروعات القطاع شهدت توسعا فى مجال اللوجستيات من بينها إقامة مستودعات تخزين مختلفة ومتعددة فى العين السخنة والساحل الشمالى مما جعلها تحتل مكانة لوجستية مهمة مع إمكانيات خطوط الغاز الطبيعى ومحطات الإسالة ليرتفع اسم مصر ويتم اختيارها لاستضافة مقر منتدى غاز شرق المتوسط من خلال وضعها كمحور إقليمى مهم فى منطقة شرق المتوسط.
وأوضح يوسف أن كافة تلك التوجهات ومن واقع استغلال المتاح من ثرواتنا الطبيعية من غاز طبيعى ونفط ومن خلال قيام القطاع بتنفيذ مشروعات تعتمد على فوائض عمليات التكرير ومن الغاز الطبيعى بإحلاله محل المنتجات البترولية وتحقيق أعلى قيمة مضافة سيحقق قطاع البترول طفرة فى الناتج القومى.
وتابع : «سيؤدى ذلك إلى تحسين الاقتصاد المصرى بشكل كبير من خلال إيقاف الاستيراد نهائيا للعديد من المنتجات البترولية وتوافر فوائض من المنتجات وكذا البتروكيماويات والأسمدة لتصديرها للخارج محققة طفرة فى الميزان التجارى المصرى وبالتالى ميزان المدفوعات».
وأكد أن المشكلة التى تواجه قطاع البترول فى المرحلة القادمة تنحصر فى كيفية النجاح فى تسويق مركز مصر الإقليمى فى تداول الطاقة فى ظل الصراعات الإقليمية التى تشهدها المنطقة.
وأضاف أن التذبذبات السعرية للنفط والغاز الطبيعى عالميا، والتى أثرت بالتبعية على الأسعار العالمية للمنتجات البترولية والبتروكيماوية وفى ظل منافسة تسويقية حادة من دول جوار ودول الخليج العربى قد تؤثر محليا لفترات قصيرة على قيمة صادرات مصر الخارجية من المنتجات البترولية والبتروكيماوية والأسمدة.
يشار إلى أن السنوات الست الماضية شهدت تنفيذ 37 مشروعاً فى هذا المجال باستثمارات 28 مليار دولار وبإجمالى معدلات إنتاج أولية مضافة من هذه المشروعات تصل إلى حوالى 7.8 مليار قدم مكعبة من الغاز.
كما تم تحقيق 295 اكتشافاً بترولياً جديداً (197 زيت خام، 98 غاز) بمناطق الصحراء الغربية والشرقية والبحر المتوسط وسيناء والدلتا وخليج السويس أضافت احتياطيـات بتروليـة قدرهـا حوالى 371.619 مليون برميل زيت ومتكثفات، وحوالى 38 تريليون قدم مكعبة من الغاز الطبيعى.
وبلغ إجمالى الإنتاج للثروة البترولية حوالى 440 مليون طن بواقع 189.6 مليون طن زيت خام ومكثفات، وحوالى 243 مليون طن غاز طبيعى، و7.8 مليون طن بوتاجاز بخلاف البوتاجاز المنتج من معامل التكرير والشركات الاستثمارية.
وقال الدكتور محمد سعد الدين رئيس جمعية مستثمرى الغاز المسال إن مصر لم تغفل عن الاستمرار فى تحقيق تنمية اقتصادية وتوقيع الاتفاقيات الاستثمارية خاصة فى قطاع اكتشافات الغاز والبترول رغم التحديات والتهديدات الخارجية فى ليبيا وإثيوبيا وأزمة تفشى فيروس كورونا المستجد.
وأكد أن توقيع مصر اتفاقيات بترول عديدة مؤخرا فى قطاعى الغاز والبترول مع كبرى الشركات العالمية، يؤكد يقظة القيادة السياسية واستمرار تحسين مناخ الاستثمار والتنمية، مشيرا إلى أن مصر تسير بالتوازى مع الاستعدادت الدفاعية الكبيرة عن أمن واستقرار الوطن فى تحقيق طفرة اقتصادية فى كافة القطاعات الإنتاجية.