رحاب صبحى
حذر عدد من الخبراء من تقنين حظر التغطية الصحفية للمحاكمات الجارية إلا بعد أخذ الإذن القضائى كتابيًّا من رئيس الدائرة التى تنظر القضية، وذلك عام فى جميع القضايا المتداولة أمام المحاكم.
قال جمال عبد الرحيم، وكيل نقابة الصحفيين، منتقدًا موافقة اللجنة التشريعية بمجلس النواب على إضافة فقرة “لا يجوز نقل وقائع الجلسات أو بثّها بأي طريقةٍ كانت إلا بإذن كتابي من رئيس الدائرة” طبقًا للمادة 286 من قانون الإجراءات الجنائية، إن هذه الإضافة تمثل سابقة تاريخية خطيرة فيما يتعلق بالتشريعات المؤثرة على حرية الصحافة بمصر، موضحًا أن هذا كان من الممكن أن يحدث فى السنوات الماضية، لكن بقرار من النائب العام فى قضية بعينها، وهذا فى إطار المحاكمات والجلسات السرية، وهو ما كان يمثل أمرًا استثنائيًّا من ضمن مئات القضايا، لكن التعديل الجديد جعل الأصل هو عدم البث، رغم أن المفترض وفقًا للدستور أن يكون الأصل هو البث العلني.
وأكد عبد الرحيم أن هذا الأمر غريب وخطير وضد حرية الصحافة والإعلام وتكميم للأفواه، منوهًا بأن الشعب المصري هو المتضرر الأول من مثل هذه القرارات والقوانين؛ لأنها تَحرمه من حقه الطبيعي في المعرفة وما يحدث داخل قاعات المحاكم المختلفة، خاصة إذا كانت قضايا تهم الرأي العام.
من جانبه أكد ياسر عبد العزيز، الخبير الإعلامى، أنه فى الأصل فإن حضور المحاكمات علني، فالمحاكمة العادلة تستلزم العلانية بشكل أساسى، وأن يكون تقييد الحضور هو الاستثناء، ويجب أن يكون لمنع التغطية ذرائع، كأن تكون مسألة خاصة بالأمن القومى، أو تتعلق بأسرار شخصية، أو تتعلق بمعلومات تمس أمن الشهود، لكن المفترض أن يظل الأصل دائمًا هو الإتاحة، والاستثناء هو المنع.
وتابع قائلًا: بمقارنة مصر بالولايات المتحدة الأمريكية فيما يتعلق بحق الصحفيين في تغطية المحاكمات، نجد أن القواعد تختلف حسب الولايات، فهناك ولايات تتيح الحضور والتغطية والتصوير، بينما تحظر ولايات أخرى التصوير، مما يضطر الصحف لإرسال رسامين ليقوموا برسم وقائع الجلسات، وبالطبع فإن هناك قواعد لتنظيم حضور المحاكمات من خلال تسجيل الحضور”.
فيما أكد حسن على، رئيس جمعية حماية المشاهدين، أن هذه الإضافة التشريعية تتعارض مع تشريع مرتقب آخر، وهو قانون حرية تداول المعلومات، وبذلك سيكون هناك تنازع بين القوانين.
واتفق علي فى الرأي مع عبد العزيز فى أن الأصل هو أن تكون المحاكمات علنية، باستثناء ما يتعلق منها بالأمن القومى والقضايا التى بها حساسية، مثل بعض قضايا الأحوال الشخصية، مؤكدًا أن التعديل المقترح يتعارض مع الدستور الذى ينص على حرية تداول المعلومات، متوقعًا أن يطعن عدد من الصحفيين والإعلاميين على هذه المادة التي تَحرمهم من حقهم في تداول المعلومات.
وضرب علي المثل بفرنسا التي يتمتع الصحفيون فيها بحرية كبيرة فى تغطية المحاكمات وفق الأصول المهنية، على عكس بعض الولايات الأمريكية التي يحظر فيها دخول المصورين فيضطرون لرسم وقائع المحاكمة لنشرها في الصحف.
جدير بالذكر أن المستشار سري صيام، رئيس المجلس الأعلى للقضاء ورئيس محكمة النقض السابق، كان قد أعلن عام 2010 أن تأكيد حظر بث وقائع المحاكمات والتحقيقات التي تجريها النيابة العامة أو التصوير فوتوغرافيًّا، لا يمنع من استخدام أسلوب الرسم التعبيري بدلًا من التصوير، وأكد أن للصحافة حق النشر والمتابعة للقضايا بشرط النشر الكامل؛ لأن نشر بعض المعلومات والالتفات عن نشر بعض المعلومات الأخرى، سيكون في غير صالح القضية.