حالة من الترقب تعيشها الشركات العاملة بالسوق المحلية، بشأن موجة الفيروس الثانية المتوقعة، وخاصة أنها لا تزال فى مرحلة التقاط الأنفاس من الموجة الأولى.
حاولت «المال» رصد تكهنات مسئولى بنوك استثمار محلية وشركات صناعية عن حجم التأثيرات التى ستُحدثها تلك الموجة على الشركات وتحديدًا المقيدة بسوق الأسهم المصرية، وهل أصبحت الشركات قادرة على التعايش واكتسبت مناعة بفعل الصدمة الأولى أم لا تزال هناك تأثيرات أقوى ستتعرض لها ؟.
واتفق الخبراء على وجود عاملين سيتحكمان فى الموقف، الأول يتمثل فى مدى قوة الموجة الجديدة وهل ستكون أشد من نظيرتها السابقة كما هو متوقع أم أخف، وثانيًا طريقة تعامل الحكومة معها.
فيما رأوا أن الأثر على أى حال سيكون أشد عنفًا على القطاعات المتضررة بفعل الموجة الأولى كقطاع السياحة والطيران وخاصة أنها لم تتعاف بعد، فيما ستظل القطاعات الدفاعية بمنأى عن أى تأثيرات سلبية.
يُذكر أن منظمة الصحة العالمية كانت حذرت من حدوث موجة ثانية من فيروس «كورونا» ستضرب كافة الدول، وستكون أكثر شراسة من نظيرتها السابقة، لوقوعها فى فصل الشتاء وصعوبة التفرقة بينها وبين الإصابة بالأنفلونزا العادية.
عمر الألفى: التعايش هو المشهد الأقرب للحدوث بالفترة المقبلة
بداية قال عمرو الألفى رئيس قسم البحوث بشركة «برايم القابضة للاستثمارات المالية»، إن التأثيرات على الشركات ستكون حسب خطورة وشدة الموجة الثانية.
وأضاف، أنهُ إن جاءت الموجة هادئة ستكون الشركات والاقتصاد عمومًا قادرين على التعامل معها، وخاصة أن الشركات اصبح لديها نظام معين مُتبع حاليًا للتعامل مع أزمة الوباء.
ولفت الألفى إلى أن التعايش هو الموقف الأقرب للحدوث، وخاصة أن السوق المصرية أقل تأثرًا بشكل عام مع حيث معدلات الإصابة والوفيات مقارنة بأسواق آخرى كالسوق الأمريكية على سبيل المثال.
وأوضح أنه بالنسبة للشركات المحلية على الرغم من استمرارية اتباعها للأساليب الوقائية والاجراءات الاحترازية فقد عادت بيئة الأعمال الداخلية لطبيعتها.
ولفت إلى قطاعات السياحة والفنادق ستظل متضررة، وستستمر فى استخدام بنفس الأساليب الحالية.
وتجدر الإشارة إلى أن شركات السياحية والفنادق والطيران والمطاعم والكافيهات كانت تعرضت للتوقف التام فى فترة الفيروس الأولى، مما ألحق بها خسائر فادحة، ثم قررت الحكومة المصرية اعادة فتح تلك الأنشطة تدريجيًا بداية من يونيو الماضى وحتى الوقت الراهن، وعلى الرغم من ذلك لم تتمكن تلك الشركات من تعويض الخسائر التى تكبدتها.
أبو بكر إمام: معدلات الإنفاق ستظل متضررة.. ويجب التحوط ضد أى مستجدات
وعلى جانب آخر توقع أبو بكر إمام رئيس قسم البحوث ببنك الاستثمار «سيجما كابيتال»، أن تكون تأثيرات الموجة الثانية أخف على الشركات العاملة بالسوق المحلية من نظيرتها السابقة.
وأرجع ذلك لمعرفة الشركات حاليًا أساليب التعامل مع الفيروس، إلى جانب التوقعات بأن يكون هناك لقاحا للوباء خلال الشهور القليلة القادمة، وتوفر الأمصال العلاجية.
وأضاف أن الدول والأفراد أدركوا مدى الخطر الاقتصادى الذى حدث جراء قرارات الإغلاق الكامل أو الجزئي، وبالتالى سيكون الإغلاق أخر الحلول الممكنة.
لكنه توقع أن تستمر معدلات الإنفاق ضعيفة، وخاصة فى ظل التوقعات بأن تُقبل بعض جهات العمل على خفض مرتبات عامليها أو تسريح جزء آخر، إن ساءت الأمور.
تجدر الإشارة إلى أنه خلال موجة الفيروس الأولى قامت بعض المؤسسات بخفض مرتبات عامليها للنصف أو أكثر، فيما اضطرت أخرى لتسريح جزء من العمالة لديها، بهدف خفض التكاليف، فى ظل ركود حركة البيع وقلة الانتاج جراء قرارات الحظر التى فُرضت حينها وتدهور معدلات الطلب.
ولفت رئيس قسم البحوث بـ«سيجما»، إلى أن ترشيد الاستهلاك يُعد من أفضل أساليب التحوط التى قد يلجأ لها الأفراد بالفترات المقبلة، تحسبًا لأى مستجدات غير متوقعة.
وقال إن الشركات من الممكن أن تتحوط ضد الأزمة المتوقعة بأن تحتفظ بمخزون استراتيجى لها من المواد الخام اللازمة للإنتاج وخاصة تلك التى يتم استيرادها من الخارج بهدف ضمان استمرار العمليات الانتاجية حال حدوث أى إغلاقات للدول الموردة.
وأشار إمام إلى أن الحكومة كانت قد بذلت جهدًا كبيرًا فى محاولة دعم الاقتصاد والأفراد خلال فترات الفيروس الأولى، عبر عمليات دعم العمالة غير المنتظمة، ودعم البورصة المصرية، وتأجيل الأقساط للبنوك وبعض المؤسسات التمويلية كشركات التأجير التمويلى ومتناهية الصغر.
ولفت إلى أن كافة تلك القرارات الداعمة التى تم اتخاذها حينها، هونت من وطأه الوباء على المواطنين وعلى الوضع الاقتصادى بشكل عام، موضحًا أنهُ عقب قرارات الفتح بشهر يونيو الماضى للأنشطة تدريجيًا ظهرت أوجه التعافى على القطاعات.
وأشار إلى أن السوق المحلية تُعد واحدة من الأسواق القليلة حول العالم أو بالمنطقة المحيطة التى تمكنت من العودة والتعافى بشكل سريع.
وتجدر الإشارة إلى أنهُ عقب قرار الحكومة المصرية خلال يونيو الماضى بالتعايش مع الفيروس الجديد، بدأت مبيعات وصادرات الشركات فى التعافى والعودة لأرقام ونسب ما قبل الجائحة.
وأوضح أن قطاع البورصة والقطاع البنكى أيضًا لم يشهدا أى تأثيرات سلبية خلال أزمة الوباء الأولى بخلاف باقى القطاعات الأخرى.
إبراهيم منصور: السوق المصرية أثبتت بالفترة الماضية أنها قادرة على التحمل
وقال إبراهيم منصور رئيس قسم البحوث بشركة «العربى الأفريقي»، أن التوقعات كانت تُشير إلى تعافى بيئة الأعمال كافة بالسوق المحلية خلال الربع الأخير من العام الجارى.
وأشار إلى أن تلك التوقعات لم تأخذ فى اعتبارها أن هناك موجة ثانية من الفيروس قادمة فى فصل الشتاء.
ولفت منصور إلى أن حدة التأثير ستكون مرتبطة برد فعل كل دولة وطريقة تعاملها مع الفيروس، مشيرًا إلى أن هناك دولا لا تزال تُطبق قرارات الإغلاق حتى الوقت الراهن.
وقال إنه على صعيد السوق المحلية، فإن الحكومة المصرية كانت اتخذت قرارًا بالإغلاق الجزئى فى الموجة الأولى للفيروس، مشيرًا إلى أنه على الرغم من ذلك فقد شهدت العديد من القطاعات ضررا بالغا.
ورأى أن أى قرار بالإغلاق حتى لو بشكل جزئى حال وقوع موجة الفيروس الثانية، سيُحدث تأثيرات سلبية على أداء الشركات بشكل مماثل ومساو لما حدث فى موجة الفيروس الأولى.
فيما لفت إلى أن التأثيرات قد تأتى محدودة على الشركات إذا قررت الحكومة استمرار التعايش مع الفيروس حتى وإن ارتفعت أعداد مصابى الموجة الثانية.
وأشار إبراهيم منصور، إلى أن كافة التقارير التى صدرت من المؤسسات الدولية، تبنت نظرة ايجابية للسوق المحلية، ورأت أنها من أفضل وأكثر الأسواق تحملاً للصدمات وقدرة على التعافى.
وأوضح رئيس قسم البحوث بـ«العربى الأفريقي»، أن الأزمة الحقيقيه تكمن فى ضعف معدلات الطلب، مشيرًا إلى أنها لم تتعاف منذ تضررها فى فترة الفيرو س الأولى وحتى الوقت الراهن.
وبشكل عام قال إن كافة القطاعات العاملة بالسوق المحلية تأثرت ولكن بنسب متفاوتة، فى حين استفادت قطاعات أخرى.
أحمد حافظ: الكيانات الموردة والمستوردة ستكون الأكثر تضررًا
وقال أحمد حافظ رئيس قسم البحوث ببنك الاستثمار «رنيسانس كابيتال»، أن حجم التأثير متوقف على مدى حدة الموجة الجديدة من الفيروس، وأساليب تعامل الحكومة معها.
وأشار إلى أن اتخاذ أى قرارات حظر أو إغلاق سيؤدى إلى تضرر أى شركة عامله بالسوق المحلية كما حدث فى الفترات الأولى للجائحة.
ولفت حافظ، إلى أن التأثيرات جاءت بالغة على الشركات خلال فترة الفيروس الأولى، وخاصة أن الجائحة جاءت مفاجأة، وكانت الاحتياطات المتخذة حينها صارمة وشديدة.
وأوضح، أنهُ على الرغم من وجود توقعات قوية بوجود موجه ثانية من الفيروس إلا أن هناك آمال مُعلقة بنجاة السوق المحلية منها.
وبشكل عام قال إن التأثيرات ستنال الشركات التى تقوم باستيراد خامتها من الأسواق الخارجية، أو المعتمدة بشكل كبير على التصدير وخاصة إلى دول أوروبا كونها من أكثر البلاد تضررا بأزمة الوباء.
ولفت إلى أن حجم التأثيرات جاءت متباينة على القطاعات خلال الفترة الأولى للفيروس، إذ تمكنت القطاعات الدفاعية من النجاة فى حين أُصيبت نظيراتها كقطاع الرعاية الصحية بسبب توقف العيادات الخارجية والسياحة والعقارات وغيرها.
وأشار إلى أنهُ من الصعب توقع نسب وأحجام التأثر بشكل دقيق، إذ لا تزال الآمال مُعلقة على التعافى، وعدم وجود موجة ثانية من الفيروس.
رامى سودان: المؤسسات أصبحت قادرة على التعامل مع أزمة الوباء والتأثيرات القادمة محدودة
فى حين توقع رامى سودان المدير التنفيذى بشركة «بورسعيد للتصنيع الغذائى ومنتجات الألبان –ريادة»، قدرة الشركات على التعايش مع الموجة الثانية للفيروس، على الرغم من التوقعات بشراستها مقارنة بنظيرتها السابقة.
ولفت إلى أن الشركات تعرضت للصدمة الأولى بشهر مارس وإبريل، واصبحت قادرة على التعامل بالفترة الحالية وأدركت أبعاد الموقف.
وعلى صعيد أداء «ريادة» قال إن الشركة تبادر بالفترة الحالية بطرح منتجات جديدة قبل الدخول فى حالات إغلاق بضغط من الموجة الثانية وضعف قوة شرائية وغيره.
وأوضح أن تأثيرات الوباء على «ريادة» سواء فى الفترة الأولى أو الثانية القادمة محدودة جدًا كونها إحدى الشركات العاملة بالقطاع الغذائي، وتقديمها لسلعة تُعد أساسية.
ولفت إلى أن التأثر الوحيد الذى شهدتهُ «ريادة» سابقًا تمثل فى تضرر مبيعاتها لقطاعات السياحة والطيران التى تعرضت للإغلاق فى تلك الفترات، لافتًا إلى أن القوة الشرائية بشكل عام لم تكن فى أحسن حالاتها بفترة الفيروس الأولى.
مجدى الطاهر: البعض لم يتعاف بعد من تداعيات الأولى
فى حين رأى مجدى الطاهر رئيس مجلس الإدارة بشركة «روبكس العالمية لتصنيع البلاستيك والأكريلك»، أن الموجة الثانية ستكون أشد خطورة فى تأثيراتها على اداء الشركات وخاصة أنه متوقع أن تكون أشرس من نظيرتها السابقة.
وأوضح أن غالبية الشركات المتضررة بفعل تأثيرات موجة الفيروس الأولى لم تتمكن من التعافى حتى الوقت الراهن.
ولفت الطاهر إلى أنهُ إذا جاءت الموجة الثانية من الفيروس ضعيفة ولم تضطر الحكومة لاتخاذ قرارات احترازية تتمثل فى غلق الأنشطة وغيره، ستكون تأثيراتها محدودة.
وأشار إلى أن الوضع مربك حاليًا ومخيف بالنسبة للشركات، فى ظل عدم وضوح ما الذى سيحدث مستقبلاً، وما مصير عملياتها الإنتاجية وكيف ستدبر مستلزماتها إن أغلقت الدول حدودها.
وقال الطاهر، إن «روبكس» كانت واحدة من الشركات التى تضررت بشكل كبير فى فترة الفيروس الأولى وخاصة خلال شهرى مارس وإبريل، فى حين بدأت الأوضاع فى التحسن منذ شهر يوليو واغسطس فى ظل التوجه لفتح الأنشطة الاقتصادية.
يُذكر أن « روبكس» كانت تحولت للخسارة خلال النصف الأول من العام الجاري، وحققت خسائر بقيمة 12 مليون جنيه مقارنة بصافى أرباح بلغ 7 ملايين جنيه خلال الفترة المماثلة من العام الماضي، وتراجعت أيضًا ايرادات الشركة وصولاً لنحو 57 مليون جنيه بالفترة ذاتها، مقارنة مع 103 ملايين جنيه بالفترة المناظرة.