خبراء يتوقعون تداعيات رفع الفائدة الأمريكية على الاقتصاد المصرى

«جنينة»: خطة تقشفية على المستوى الرسمي إلى جانب بعض السلع المدعومة مثل الطاقة والأسمدة

خبراء يتوقعون تداعيات رفع الفائدة الأمريكية على الاقتصاد المصرى
مصطفى طلعت

مصطفى طلعت

9:03 ص, الأحد, 8 مايو 22

رأى محللون اقتصاديون وبنوك استثمار أن البنك المركزى ليس بحاجة عاجلة لرفع أسعار الفائدة، بخلاف بعض الأسواق الناشئة التى اضطرت إلى ذلك، نظرًا لارتباط أسواقها بشكل كامل بالدولار الأمريكى، متوقعين زيادة أسعار الفائدة فى مصر فى حدود 1 و%2.

جاءت نظرة المحللين انعكاساً أيضًا لقيام بنك الاحتياطى الفيدرالى الأمريكي، قبل أيام، برفع أسعار الفائدة بواقع نصف نقطة مئوية، كأكبر زيادة فى مرة واحدة خلال عقدين.

ورجحوا أن تشهد السوق مرونة محدودة فى سعر العملة المحلية تعكس الضغط الذى واجهته مؤخرًا بسبب المعركة الحالية مع ارتفاع التضخم ونمو أسعار السلع عالميًا نتيجة الأزمة الروسية الأوكرانية.

وتوقعوا ارتفاع معدلات التضخم عن شهر أبريل المنقضي، وتجاوزه مستهدفات «المركزى» عند %9 وذلك فى انعكاس لارتفاع أسعار المواد الأساسية.

ورجح المحللون قيام الحكومة باستكمال خطة الإصلاح الاقتصادى التى ربما تتضمن هذه المرة بعض الإجراءات التقشفية على مستوى الحكومة، إلى جانب بعض السلع التى لا تزال مدعومة مثل الوقود والخبز والأسمدة.

وقال هانى جنينة، الخبير الاقتصادي، إن قرار الفيدرالى الأمريكى كان متوقعًا، وبالتالى لن يضيف كثيرًا إلى المشهد فى السوق المحلية التى تأثرت بشكل أكبر بالتضخم المستورد فى أسعار السلع.

وتوقع «جنينة» أن تعلن مصر عن خطة تقشفية تتضمن التركيز على أولويات معينة فى الإنفاق.

ورجح أن تشمل خطة الدولة التركيز على الانتهاء من المشروعات العالقة ذات الأولوية والتى تدر عملة أجنبية مثل المتحف المصرى الكبير.

وقال إن التقشف قد يمتد بشكل تدريجى إلى أسعار بعض السلع التى ما زالت مدعومة، مثل الوقود ورغيف الخبز والأسمدة.

وتوقع «جنينة» أن تتجه الدولة إلى رفع تدريجى لأسعار الخبز المدعم من خلال خطة على 5 سنوات، كما حدث فى الكهرباء، نظرًا لزيادة أسعار القمح عالميًا بشكل كبير.

ورجح «جنينة» قيام المركزى برفع أسعار الفائدة بشكل كبير فى الاجتماع المقبل بين %1.5 إلى %2 نتيجة ارتفاع معدلات التضخم.

ولفت إلى أن رفع الفائدة خطوة مساعدة لجذب الاستثمارات إلى أدوات الدين مرة أخرى، ولكنها غير كافية، لافتًا إلى أن عودة الأجانب مرهونة بالاقتراب من الاتفاق مع صندوق النقد على حزمة تمويل إضافية.

وتوقع مرونة فى سعر الصرف المحلية فى حدود 4 و%5 عن المستويات الحالية حتى نهاية العام، موضحًا أن الأوعية الادخارية الحالية كافية لجذب المستثمرين بعيداً عن المضاربة فى سعر الدولار.

وترى سارة سعادة، محلل أول للاقتصاد الكُلى ببنك الاستثمار «سى آى كابيتال»، أن مصر ليست بحاجة إلى رفع أسعار الفائدة بشكل عاجل، بخلاف الدول العربية التى ترتبط عملاتها بالدولار الأمريكى وتتبع السياسة النقدية للاحتياطى الفيدرالى.

«سعادة»: 10.8 و11% معدلات التضخم المستهدفة عن أبريل.. ونستبعد خفضًا مفاجئًا للجنيه

وتوقعت أن يرفع البنك المركزى أسعار الفائدة لكبح التضخم الذى تجاوز المستهدفات فى مارس الماضى ليصل إلى %10.5 وأن يتراوح معدل التضخم من %10.8 إلى %11 خلال أبريل.

ورجحت سارة سعادة أن ترتفع معدلات الفائدة من 1 إلى 1.5 نقطة مئوية خلال الاجتماع المقبل، وأن تبلغ الزيادة 3 نقاط على مستوى عام 2022 بالكامل، مؤكدة أن التوقعات مرهونة بمعدلات التضخم لشهر أبريل.

وأوضحت أن التضخم العالمى تأثيره أكبر على السوق المحلية من تخارج الأجانب من أدوات الدين، متوقعة أن الاتفاق مع صندوق النقد لن يمس محدودى الدخل بشكل كبير.

وأكدت أن هناك ضغوطًا على العملة المحلية مع استمرار الطلب على الدولار، مستبعدة خفضًا مفاجئًا للعملة المحلية، لكن قد تشهد السوق مرونة محدودة خلال الفترة المقبلة عن مستويات الأسعار الحالية.

قالت اسراء أحمد، محلل الاقتصاد الكلى ببنك الاستثمار «الأهلى فاروس»، ان التشديد النقدى فى البنوك المركزية الكبرى يضيف لحالة اللايقين الضارة بالاقتصاد عموماً، وهو ما يضر بمعدلات الاستثمار.

وترى أن ذلك – بالإضافة لعوامل أخرى – قد يضر بمعدلات النمو اذ قد تنخفض إلى%5.1 فى 23/2022 مقارنة بحوالى %5.5 نقدرها فى السنة المالية الحالية.

وأشارت الى أنه مع الضغوط عالمياً قد يفضل المركزى المصرى انتهاج السياسة التقليدية برفع الفائدة لتحجيم التضخم، موضحة ان الاحتياج لرفع نقطتين مئويتين أخرى خلال العام الحالي، ولكن قد يختلف إيقاع الرفع وفق ما يراه المركزى مناسباً، إما رفع حاد فى اجتماع واحد أو على أكثر من مرة.

وأكدت أن سعر الصرف يشوبه قدر عالى جدا من عدم اليقين، ولا يمكن التنبؤ به، لتداخل عوامل عدة خارج النطاق الاقتصادى تتحكم فى مساره ولكن يمكننا القول بشكل عام أنه مرهون بمسار الأوضاع العالمية ونظرة المستثمرين للأسواق الناشئة عموماً.

وذكرت أنه حال خفت حدة التوترات الجيوسياسية وتخوفات الاقتصاد الصينى كذلك، قد تعود بعض التدفقات الدولارية للأسواق الناشئة، وإذا صاحب ذلك تمويل من صندوق النقد الدولى مع الدعم الخليجى قد تهدأ حدة التخوفات المتعلقة بالدولار ومن ثم قد يسترد الجنيه بعضاً من عافيته ولكن سيستغرق الأمر شهوراً، وقد نرى الدولار بعدها فى مستويات أعلى ال 17 جنيه أو فوق الـ 18 جنيه بهامش بسيط.

وأضافت: «أما إذا طال أمد تلك الأزمة العالمية وزادت حدة التوترات فأغلب الظن أن الجنيه سيمر بانخفاضات أخرى مجدداً قد تصل لحافة 20 جنيهاً أمام الدولار فى المدى المتوسط، نظراً لحساسية الاقتصاد المصرى لمتغيرات أسعار السلع والتشديد النقدى المتسارع عالمياً. ولكن يظل الأمر تكهنات، لأن العوامل الاقتصادية

لا تتحكم وحدها، وإنما يرتبط الأمر بتوقعات السوق و«حالته النفسية» إذا جاز التعبير، بالإضافة لعوامل أخرى».

توقعت أن تنتعش تحويلات العاملين بالخارج خاصة مع انتعاش أسعار البترول وتدفقاتها لدول الخليج إلا أن هناك تخوف من ظهور السوق السوداء مع حالة عدم اليقين بخصوص سعر العملة، مما قد يتسبب فى عزوف البعض عن التحويل عبر القنوات الرسمية مما «يخفى» بعض التدفقات الدولارية عن ميزان المدفوعات المصرى.

«جى بى مورجان» يبدى نظرة محايدة للسوق.. وتعهدات مجلس التعاون الخليجى تسمح بالاستقرار

من جانبه، أبدى بنك «جى بى مورجان» -فى أحدث تقاريره- نظرة محايدة للسوق المحلية، متوقعًا أن يواصل البنك المركزى سياسة رفع الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس خلال اجتماع مايو.

وتوقع أن يظل معدل التضخم فى مصر فى مستويات طبيعية على الأقل حتى الربع الأول من 2023، ما يستلزم المزيد من إجراءات التشديد النقدى من البنك المركزي.

واعتبر البنك أن تعهدات الاستثمار الأجنبى المباشر لدول مجلس التعاون الخليجى بمثابة تطور رئيسى يسمح ببعض الاستقرار على المدى القريب، بالتزامن مع الاتفاق على برنامج تمويل محتمل مع صندوق النقد الدولي.

وبخلاف الآراء السابقة، توقعت وحدة بحوث بنك «بى إن بى باريبا» أن يرفع البنك المركزى أسعار الفائدة بنحو نقطتين مئويتين بشكل طارئ قبل الاجتماع المقرر له 19 مايو الحالي، وأن يرفع أسعار الفائدة مرة أخرى بواقع 100 نقطة أساس إلى %11.25 للإيداع و%12.25 للاقراض بين شهرى أغسطس وسبتمبر المقبلين.

«بى إن بى باريبا»: ارتفاع الاستثمار فى أذون الخزانة.. و10 مليارات دولار حجم التمويل المرتقب مع صندوق النقد

ورجح البنك، فى تقرير له وحصلت «المال» نسخة منه، أن ترتفع عوائد الاستثمار فى أذون الخزانة المصرية بحلول الربع الأخير من العام.

وشدد على ضرورة دخول مصر فى صفقة تمويل مع صندوق النقد الدولى لتحفيز الأجانب إلى الدخول لسوق الدين المحلية، متوقعًا أن يصل دعم الصندوق إلى نحو 10 مليارات دولار أو أكثر.

وقال إن الطلب على أذون الخزانة المصرية ارتفع 2.5 مرة خلال مزاد شهر أبريل الماضي، لكن ما زالت العوائد أقل ربحية مقارنة ببداية العام.