قال خبراء ومصرفيون إن مبادرة إعفاء سيارات المصريين العاملين بالخارج من الرسوم والجمارك تعد خطوة مهمة تدعم التدفقات الدولارية داخل البنوك فى ظل أزمة نقص المعروض من العملة الأجنبية .
وأضافوا – فى تصريحات لـ «المال» – أن نجاح هذه المبادرة يعتمد بشكل كبير على التسويق الجيد لها، بالإضافة إلى إطلاق إجراءات تنفيذية سهلة وميسرة للمصريين بالخارج.
وأطلقت الحكومة مبادرة لإعفاء سيارات المصريين العاملين بالخارج من الرسوم والجمارك مقابل دفع وديعة دولارية لمدة 5 سنوات على أن يتم استرداد قيمتها بالعملة المحلية بسعر الصرف وقت الاستلام.
كانت رئاسة مجلس الوزراء أعلنت أن مدة إعفاء سيارات المغتربين من الضرائب والجمارك 4 أشهر فقط، على أن يكون المصرى بالخارج له إقامة قانونية سارية خارج البلاد، ويبلغ 16 سنة ميلادية على الأقل، ولديه حساب بنكى فى الخارج مضى على فتحه ثلاثة أشهر.
ويذكر أن مبيعات قطاع السيارات المحلية تأثرت فى الفترة الأخيرة لسببين، الأول هو انخفاض حجم الإنتاج العالمى نتيجة تأثر الصناعة بالاضطرابات فى سلاسل الإمداد على إثر إندلاع الحرب فى أكرانيا، وكذلك تبعات جائحة كورونا، والثانى خفض حجم الاستيراد المحلى للعديد من أنواع المركبات بدافع الضوابط التى أصدرها البنك المركزى المصرى.
السيد : دافعها الأساسى تغطية الفجوة التمويلية الخاصة بنقص المعروض من العملة الأجنبية
وقال الدكتور أحمد السيد، أستاذ الاقتصاد والتمويل، إن الدافع الأساسى لهذه المبادرة هو تغطية الفجوة التمويلية الخاصة بنقص المعروض من العملة الأجنبية، مشيرا إلى أنه من المتوقع أن يكون العائد من الودائع الدولارية 2.5 مليار دولار، وذلك مثلما أعلن الدكتور محمد معيط وزير المالية.
وأفاد «السيد» – فى تصريحات خاصة لـ «المال» – بأن هذه المبادرة ستساهم فى حل أزمة نقص الدولار جنبا إلى جنب مع قرض صندوق النقد الدولى، مضيفا أن هذه الخطوة ستعمل على طمأنة المستثمرين لرؤيتهم أن هذا العجز أصبح قابلا للتغطية.
وفى حديثه عن تأثير المبادرة على صناعة السيارات المحلية، أشار إلى أن المبادرة سيكون لها تأثير على قطاع السيارات على المدى القصير، خصوصا بعد إعلان الحكومة عن توقعاتها بدخول نحو 500 ألف سيارة، ولكن هدف حل أزمة الدولار سيكون له الأولوية فى هذا التوقيت، مضيفا أن هذا الضغط على الصناعة من الممكن أن يخلق نوعا من المنافسة، تجعل القطاع يعمل على تحسين الجودة، وتجبر بعض التجار مستغلى أزمة الاستيراد برفعهم لتكلفة السيارة، للعمل على ضبط الأسعار.
وأشاد بتطبيق الحكومة لمثل هذه المبادرة على قطاعات أخرى بجانب السيارات، بتسهيلات مقدمة للمصريين بالخارج وعن طريق وضع ودائع دولارية لفترة زمنية، وذلك لجذب المزيد من العملة الأجنبية، مثل اقتناء قطعة أرض أو عقار فى مناطق متميزة، متابعا: «وأن يكون ذلك بالحديث مع المغتربين للتعرف على مطالبهم والمميزات التى يريدون الحصول عليها، والعمل على تطبيقها مثلها مثل السيارات».
يذكر أن رئاسة مجلس الوزراء كانت بالفعل قد نشرت بيانا يوم 20 أكتوبر الجارى، للإعلان عن استعداد الحكومة لطرح عدد من قطع الأراضى والوحدات السكنية للمصريين بالخارج بتوجيهات من الرئيس عبدالفتاح السيسى، على أن تكون هذه الوحدات والأراضى مصحوبة بمجموعة من التسهيلات والمميزات التى تسهم فى تحقيق مطالبهم فى التملك.
وفى إشارة إلى تأثر الجمارك بعدم دفع رسوم دخول السيارة من الخارج، لفت «السيد» إلى أنه لابد من الأخذ فى الاعتبار أن هذه الرسوم كانت من الأساس لم تُدفع، وذلك لأن هؤلاء المغتربين لم يفكروا فى نقل سياراتهم إلى مصر لعدم وجود التسهيلات الموجودة حاليا والتى تم تقديمها لهم على إثر إطلاق هذه المبادرة، وبالتالى من الأفضل عدم التضخيم من الآثار السلبية للمبادرة على حد تعبيره، مؤكدا أن توفير العملة الأجنبية يعتبر أولوية مقدمة على أى شئ.
البيه: 4 شهور مدة كافية لعدم تأثر الصناعة المحلية بالسلب
وقال محمد البيه، الخبير المصرفى، إن اطلاق مبادرة إعفاء سيارات المصريين بالخارج من الجمارك والرسوم مقابل الوديعة الدولارية، لها أكثر من فائدة على المصرى المغترب وعلى الاقتصاد المحلى، فمن ناحية المصريين بالخارج، أصبحوا الآن قادرين على استغلال حصيلة النقد الأجنبى الخاصة بهم عن طريق دخول السيارة إلى مصر دون تكلفة، مقابل الوديعة الدولارية فقط، والتى سيكون قادرا على استلامها بقيمتها بعد 5 سنوات بالعملة المحلية، وبالتالى إذا انخفضت قيمة الجنيه مقابل الدولار سيستفيد من هذا الفرق بالعملة المحلية.
وتابع البيه: «أما من ناحية الاستفادة المحلية، ستكون الحكومة استطاعت جذب حوالى 2 مليار دولار خلال 4 أشهر فقط، وهو ما يساهم فى حل أزمة نقص المعروض من العملة الأجنبية، إضافة إلى أنه كلما كان التنازل عن الدولار من الأفراد يتم بشكل مستمر وجيد، كلما ساعد فى زيادة أرصدة الدولة من العملة الأجنبية، وبالتالى زيادة قدرتها على حل مشكلات الاستيراد».
وفى حديثه عن وضع التكلفة المحتملة، من وجهه نظر الاقتصاد، حال انخفاض قيمة العملة المحلية مقابل الدولار على مدار الخمس سنوات مدة الوديعة، ذكر «البيه» – فى تصريحات لـ «المال» – أنه فى هذه الحالة لا تتحمل الحكومة تكلفة كبيرة ملحوظة، مقارنة مع الخمس سنوات مدة الوديعة، فمن الطبيعى أن تتحرك قيمة العملة مقابل العملات الأخرى مع الزمن، مؤكدا أن الحكومة ستقوم بدفع قيمة أعلى بالعملة المحلية حال اتجاه الجنيه للانخفاض مقابل الدولار، ولكن تسديد قيمة الوديعة الذى سيتم بالعملة المحلية سيكون توفيره أيسر بكثير من الدولار فى هذا التوقيت.
وأفاد بأن تطبيق المبادرة لن تكون لها تأثير كبيرعلى صناعة السيارات المحلية، حتى حال حدوث تلاعب واستغلال من قبل بعض التجار، حيث إن الحكومة حددت 4 شهور فقط مدة المبادرة وهى فترة قصيرة تضمن عدم تضرر قطاع السيارات المحلى.
وأعلنت وزارة المالية، أن من ضمن الشروط الواجب توافرها للاستفادة من مشروع قانون استيراد السيارات للمصريين المغتربين المقيمين بالخارج، فور إقراره من مجلس النواب، وصدوره أنه يجب أن يكون هناك حساب بنكى فى الدولة المقيم بها المغترب ومضى على فتحه وبه الرصيد الذى سيتم تحويله 3 أشهر على الأقل قبل تاريخ صدور قانون استيراد السيارات للمصريين المغتربين، الذى يجرى مناقشته حاليًا بمجلس النواب.
كما يجب أن تكون السيارة المراد استيرادها لمصر من نفس البلد التى يقيم بها المغترب؛ وذلك للاستفادة من المزايا والتيسيرات التى يتضمنها هذا القانون للمصريين المقيمين بالخارج، بإعفاء سياراتهم من الضرائب والجمارك عند دخولها مصر
وفيما يتعلق بالبند التالى، المذكور فى بيان مجلس الوزراء لإطلاق المبادرة، والذى ينص على أن «هذه الموافقة الاستيرادية ستكون صالحة لإتمام إجراءات الاستيراد والإفراج عن السيارة المستوردة لمدة عام ميلادى من تاريخ صدورها»، أوضح «البيه» أن مدة 4 شهور ستكون محددة لوضع الوديعة الدولارية فى أحد البنوك، بينما ستمتد إجراءات نقل السيارة من بلد المغترب إلى مصر حتى عام كامل كما أعلنت الحكومة.
ناجى:الإقبال عليها يعتمد على «الآلية» و «الوضوح» والتسويق الجيد
ويرى وليد ناجى، نائب رئيس البنك العقارى، أن نجاح المبادرة يتوقف بشكل كبير على آلية التنفيذ ووضوح الإجراءات، مشيرًا إلى أهمية التسويق الجيد لها.
وأوضح – فى تصريحات خاصة لـ «المال» – أن نسبة كبيرة من المصريين فى الخارج عمالة بسيطة لا يمتلكون القدرة المالية على المشاركة فى هذه المبادرة، بالإضافة إلى نسبة أخرى من المغتربين مهاجرين ولا يهتمون كثيرًا بمثل هذه التسهيلات، وبالتالى إذا شاركت نسبة صغيرة من المصريين بالخارج فى هذه المبادرة، سيساهمون فى حل نقص المعروض من الدولار ولكن شريطة سهولة إجراءات التطبيق.