طرح خبراء عدة حلول لتخفيف الطلب على العملة الدولارية، مشيرين إلى أن تلك الحلول من شأنها إحداث انفراجة فى القريب العاجل. ولفت الخبراء إلى أن من بين الحلول المطروحة تسريع وتيرة جذب الإستثمارات الخليجية، إلى جانب استثمارات الأجانب فى سندات وأذون الخزانة.
وأكد الخبراء أن اتساق السياستين المالية والنقدية يمكنه أن يكون ضمن الحلول المهمة والضرورية لتخفيف حدة الضغوط على العملة المحلية.
كما شملت الحلول جذب الودائع والمدخرات الدولارية للعاملين بالخارج؛ عن طريق طرح منتجات وأوعية إدخارية جديده بأسعار جاذبة.
وتوقع الخبراء حدوث إنفراجة بداية يناير المقبل، خاصة مع اقتراب تلقى مصر للدفعة الأولى من قرض صندوق النقد الدولي.
كما أكدوا أن جذب وإقامة العديد من المشروعات ومن ثم توفير مصادر متنوعة للعملة الدولارية،والعمل على تعزيز الصادرات وتنميتها يعد من ضمن العوامل المهمة والمؤثرة لتوفير الدولارات.
ووضعت الحكومة المصرية خطة طموحة لزيادة الصادرات لتصل إلى 100مليار دولار خلال السنوات القليلة المقبلة.
بداية توقع الدكتور فخرى الفقي، رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، انفراجة فى توفير العملة الدولارية مع بداية يناير المقبل،خاصة بعد الموافقة النهائية لمجلس إدارة صندوق النقد الدولى على منح مصرقرض ميسر، تبدأ أولى دفعاته الشهر الجارى.
أضاف الفقى أن مصر أوفت بكل إلتزاماتها،المتعلقة بالحصول على قروض بفائدة ميسرة من صندوق النقد الدولى بما لا يخل برؤية مصر نحو تحقيق أفضل السبل والمزايا وبما يتفق وتركيبة الاقتصاد المصري.
وأوضح الفقى أنه وفقا للاتفاق مع صندوق النقد الدولى فسيتم صرف مبلغ 3 مليارات دولار على 4سنوات، مع مراجعة نصف سنوية على 8 شرائح،
على أن يتم بعد صرف كل شريحة مراجعة معايير الأداء الكمى والهيكلى من الصندوق، ومن ثم صرف الشريحة التالية.
وأكد أن موافقة صندوق النقد عى منح قروض ميسرة ستساهم فى السيطرة على الانفلات فى سعر الصرف فى السوق الموازية.
ولفت إلى أن هناك نقطة هامة مفادها أن الأسعار المتداولة للعملة خارج القنوات الرسمية لا تنم عن سعر صرف الدولار الحقيقي، بل هى ناتجة عن مضاربين هدفهم إثارة البلبلة.
وعن مؤشر الجنيه أوضح الفقى أن البنك المركزى يدرس كيفية ربط العملة المحلية بسلة عملات، بالتنسيق مع صندوق النقد الدولي، ومن ثم بدء العمل بالمؤشر خلال الفترة المقبلة.
وكان حسن عبد الله، محافظ البنك المركزى أعلن مؤخرا أنه سيتم إنشاء «مؤشر الجنيه المصري»، – وهو المؤشر الذى يتعامل مع بعض العملات وأسعار الذهب-.
جاء الإعلان عن مؤشر الجنيه المصرى خلال المؤتمر الاقتصادى الذى أقامته الحكومة المصرية لوضع حلول متنوعة لكيفية مجابهة التحديات التى تواجه الاقتصاد المحلى نتيجة ما يموج به العالم من أزمات متكررة.
ويتمثل الهدف من إنشاء المؤشر، وفقا لمحافظ البنك المركزى فى ألا يكون سعر الدولار هو عامل القياس الوحيد أمام العملة المحلية، بل إتاحة سلة عملات متنوعة.
فى سياق متصل قالت منى بدير، الخبير المصرفى ومحلل الاقتصاد الكلى بأحد البنوك، أن أية توقعات جديدة لسعر الصرف ستكون مؤقتة ومحفوفة بدرجات كبيرة من عدم اليقين، لافتة إلى أن ضغوط التمويل على المدى القصير لا تزال حادة.
وأضافت : «لا يمكن الجزم بسعر صرف الجنيه أمام الدولار خلال الفترة الحالية، خاصة مع التقلبات الحادة والأزمات المالية المتكررة على الصعيد العالمى».
وأكدت أهمية جذب المزيد من الاستثمارات فى مختلف القطاعات بما يعمل على توفير العملة الدولارية وزيادة المعروض ومن ثم تخفيف الضغوط على الجنيه.
وأشارت إلى أن التدفقات الدولارية القوية، يمكنها أن تسمح بمزيد من تخفيف الضغوط على العملة، ومن ثم تلبية إحتياجات القطاعات كافة.
وتوقعت أن تكون أغلب هذه التدفقات من الاستثمارات الخليجية الحالية والمستقبلية والناتجة عن إقامة مشروعات جديدة أو الاستحواذ على أخرى قائمة.
ويعتزم الصندوق السيادى القطرى عقد صفقات استحواذ على عدد من الشركات المحلية،كما قام أيضا بإيداع مبلغ مليار دولار لدى البنك المركزي.
يأتى ذلك عقب إبرام مصر وقطر اتفاقية لضخ استثمارات فى السوق المصرية تصل قيمتها إلي5 مليارات دولار.
وفى السياق ذاته، لفتت منى بدير الخبير المصرفى ومحلل الاقتصاد الكلى بأحد البنوك، إلى أن أحد الخيارت المطروحة أيضا لمجابهة الضغوط على العملة المحلية هى خفض وتيرة وحجم الاستثمارات العامة خاصة فى البنيه التحتية، مؤكدة أن المفتاح السحرى لحل الأزمة يتمثل فى البحت عن مزيد من التدفقات الدولارية السريعة.
وتابعت: «زيادة أسعار الفائدة أحد الحلول المتاحة، ولكن نجاح تلك الخطوة رهنا بظروف التشديد النقدى العالمي، والتى ستحدد قدرة مصرعلى استعادة تدفقات رؤوس الأموال فى أدوات الدين».
وأفادت أن قدرة مصر على جذب المستثمرين من خلال طروحات فى سوق السندات الدولية مرهونًا هو الآخر بشهية تقبل مخاطرة الاستثمار فى أصول الأسواق الناشئة.
وتعهدت عدة دول خليجية بتقديم أكثر من 20 مليار دولار فى شكل ودائع واستثمارات لمصر.
وقالت سهر الدماطي، الخبيرة المصرفية، إن الإجراءات التى يمكن أن تتخذها الدولة لـتخفيف الطلب على العملة الدولارية تتم من خلال إجراء حصر دقيق لما يحتاجه القطاع الصناعى والتصديرى من خامات يتم استيرادها، ومن ثم تحديد المبالغ المطلوبة، ثم الحصول على قرض طويل الأجل من الدول الشقيقة لتسديد تلك الاحتياجات.
وأكدت الدماطى أن طرح بيع الأراضى بالدولار، خطوة مهمة لتوفير العملة الصعبة، مشيرة إلى أهمية بدء تسريع وتيرة تنفيذ مذكرات التفاهم التى تم الاتفاق عليها فى مؤتمر المناخ الذى عقد فى مدينة شرم الشيخ نوفمبر الماضي.
وأشارت الدماطى إلى نقطة هامة مفادها أن البنك المركزى ليس الجهة المنوط بها استقطاب العملة الدولارية، بل أن مهمة البنك الرئيسية تتمثل فى وضع النظم والسياسات، لتسهيل وتنظيم ومراقبة عمليات تداول العملات، إضافة إلى العديد من المهام الأخري.
وأكدت أن المسئول عن استقطاب العملة الأجنبية هى المؤسسات المدرة للعملة والمتمثلة فى المصادر الرئيسية ومنها على سبيل المثال لا الحصر وزارة السياحة، العمليات التصديرية، تحويلات العاملين بالخارج، إيرادات قناة السويس، والاستثمارات المباشرة وغير المباشرة.
وفى سياق متصل قال محمد أبو باشا، كبير المحللين الاقتصاديين ونائب رئيس قطاع البحوث فى المجموعة المالية هيرميس، أن من ضمن أهم الحلول لتخفيف حدة الطلب على الدولار، هى الإسراع فى جذب الاستثمارات الخليجية.
وأودعت المملكة العربية السعودية، نهاية مارس الماضي، 5 مليارات دولار، فى البنك المركزى المصري.
وأظهرت بيانات البنك المركزى ضمن تقرير الاقتصاد الخارجى أن موعد استحقاق الوديعة السعودية أكتوبر 2026، الا أن الملك سلمان بن عبد العزيز، خادم الحرمين الشريفين، وجّه نهاية نوفمبرالماضي، بتمديد أجل تلك الوديعة.
وأضاف أبو باشا: “التدفقات الاستثمارية، سواءً كان مصدرها الدول الخليجية أو غيرها، هى أحد أنجح الحلول لحل أزمة نقص العملة الصعبة”.
واستبعد «أبو باشا» أن يكون لتخفيض الواردات الحكومية دورا فى تخفيف وتيرة الطلب على الدولار، معللًا ذلك بكون معظم الواردات الحكومية من السلع الاستراتيجية والتى يصعب الاستغناء عنها.
من جانبه، قال محمد عبد المنعم، الخبير المصرفي، إن إجراءات الدولة لتخفيف حدة الطلب على الدولار يجب أن تتسق فيها السياسة النقدية مع السياسة المالية على حد سواء.
وأضاف: «فيما يتعلق بالسياسة النقدية، فمن المهم العمل على جذب الودائع والمدخرات الدولارية للعاملين بالخارج؛ عن طريق طرح منتجات وأوعية ادخارية جديدة بأسعار جاذبة».
وتابع: “على القائمين على تنفيذ السياسة النقدية توجيه الموارد الدولارية المتاحة لتوفير السلع الاستراتيجية، ومستلزمات الإنتاج ومنع أو تقليل استيراد السلع الكمالية أو التى لها بدائل محلية.
وأكد أن طرح شهادات بعوائد مرتفعة على الجنيه المصرى لتقليل الطلب على الدولرة، وتحجيم التضخم، قد يكون من أدوات السياسة النقدية لتخفيف حدة ووتيرة الضغط على العملة.
وفيما يتعلق بالسياسة المالية، أكد عبد المنعم أن أهم الأدوات المتاحة فى هذا الصدد تتمثل فى منح بعض الإعفاءات الضريبية للمستثمرين الأجانب، وكذلك المصدرين.
ولفت إلى أن عمليات الترويج للقطاع السياحى بالدول الأوروبية خاصة خلال فصل الشتاء، يمكنها أن تمثل متنفسا ومصدرا هاما للعملة الدولارية،خاصة مع استمرار أزمات الطاقة بتلك الدول نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية.
وعن احتمال الجنوح إلى تخفيض الواردات الحكومية لتخفيف الطلب على العملة الدولارية، أكد عبد المنعم أنه من المنطقى انتهاج سياسة انكماشية فى بعض أوجه الإنفاق الحكومي، ناهيك عن إعادة النظر فى الإنفاق الحكومى ككل، وتحديد أولوياته.
وكشف تقرير الوضع الخارجى للبنك المركزى المصرى المنشور على موقعه الإلكترونى عن حصول مصر على ودائع خليجية خلال الربع الأول من العام الجارى بقيمة 13 مليار دولار.
وتوزعت هذه الودائع بواقع 5 مليارات دولار لكل من المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات، و3 مليارات لدولة قطر.
وأشار التقرير إلى أن الودائع الخليجية طويلة الأجل فى البنك المركزى سجلت15 ملياردولار، بواقع5.7 ملياردولار للإمارات العربية المتحدة، و5.3 ملياردولار للمملكة العربية السعودية، و4 مليارات من دولة الكويت.