أرجع خبراء ومحللون مصرفيون إلغاء مبادرة البنك المركزى مبادرات دعم القطاع الصناعى والزراعى إلى تحمل البنك المركزى فارق الأسعار، وهو ما كان يضغط على ميزانياته وقوائمه المالية. وأضافوا، فى تصريحات، لـ«المال»، أن وزارة المالية ستكون، بعد هذه القرارات الأخيرة، هى المخوَّلة بتحمل هذه التكاليف، على أن تبدأ البنوك التسعير بسعر السوق العادي.
وذكر الخبراء أن إلغاء هذه المبادرة الخاصة بقطاع الصناعة والزراعة قد يكون ناتجًا عن توصية من صندوق النقد الدولي، مرجحين أن يتم إلغاء المبادرات الخمس الأخرى خلال العام الحالي، مع توقعات بانخفاض أسعار الفائدة وتراجع وتيرة معدلات التضخم.
أكد هانى جنينة، الخبير والمحاضر بالجامعة الأمريكية، أنه تم إلغاء مبادرة البنك المركزى الخاصة بدعم قطاعى الصناعة والزراعة، موضحًا أنه ما تبقى من هاتين المبادرتين سيتم استخدامه لحين انتهاء الأرصدة التى تم الاتفاق عليها.
وكانت مصادر قد تحدثت، لـ«المال»، وقالت إن البنك المركزى المصرى أخطر البنوك بالتوقف عن منح تمويل أو استخدام جديد فى إطار مبادرة القطاع الخاص الصناعى والزراعى والمقاولات والطاقة الجديدة والمتجددة بسعر عائد 8%، على أن يتم سداد رصيد المستخدم فى إطار المبادرة تدريجيًّا وفقًا لأجال التسهيلات الائتمانية المتاحة.
وأضاف، فى تصريحات خاصة لـ«المال»، أنه لن يتم التجديد فى هذه المبادرات، وإنما سيكون التجديد فى إطار سعر السوق العادي، مؤكدًا أنه تم إلغاء مبادرتى البنك المركزى لدعم قطاعى الزراعى والصناعي.
هانى جنينة: موافقة رئيس الوزراء شرط التجديد
وعلى صعيد المبادرات الأخرى مثل مبادرة التمويل العقاري، فأشار «جنينة» إلى أنه سيتم تبعيتها، كخطوة أولى إلى الوزارات المختصة، وهى تلك الوزارات التى تصب ميزانيتها فى ميزانية وزارة المالية،
مؤكدًا أنه تم تحجيم طرح أى مبادرة جديدة تحجيمًا صارمًا أو حتى تجديد أى مبادرة من قبل أى وزارة إلا بعد موافقة رئيس الوزراء.
وكان مجلس الوزراء أصدر قرارًا بأن تتحمل الجهات المتمثلة في: وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية وصندوق دعم السياحة والآثار أو وزارة السياحة والآثار،
ووزارة المالية تكلفة تعويض البنوك عن فرق سعر عائد المبادرات المتعلقة بمبادرة التمويل العقارى لمتوسطى الدخل ذات عائد الـ8% متناقص،
ومبادرة دعم السياحة ذات عائد الـ11% متناقص، ومبادرة إحلال المركبات للعمل بالوقود المزدوج ذات عائد الـ%3 عائد مقطوع، ومبادرة التمويل العقارى ذات عائد الـ3% عائد متناقص، ومبادرة تشجيع طرق الرى الحديث ذات العائد الصفري.
ورأى أنه قد يتم تحديد المبالغ المخصصة لهذه المبادرات الخمس المتبقية، وقال: «فى اعتقادى الداخلى أنه تم التوصل مع صندوق النقد الدولى لصفقة ما، مفادها أن يتم تأجيل إلغاء هذه المبادرة فى حد زمناه أقصاه 2023».
وأردف قائلًا: «أن هذه المبادرات الخمس المتبقية لن تستمر هى الأخرى، فمع المراجعة الثانية لقرض صندوق النقد الدولى قد يتم إلغاء هذه المبادرات».
وأشار إلى أن هذا الإلغاء قد يأتى بالتوازى مع بدء أسعار الفائدة عالميًا فى الهبوط، موضحًا أنه من الممكن أن يتم فى مصر تخفيض معدلات الفائدة مع تراجع معدلات التضخم، ومن ثم لن تكون أسعار السوق مرتفعة كما هى فى الوقت الحالي.
وأكد أن البنوك ابتداءً من هذه اللحظة ستبدأ فى التسعير بأسعار السوق، على أن تتحمل وزارة المالية التكلفة.
ومن جانبه، قال محمد عبدالمنعم، الخبير المصرفي، إن الهدف من إلغاء هذه المبادرة هو تخفيف العبء عن الدولة، ناهيك عن تسبب مثل هذه المبادرات فى تكبيد البنك المركزى خسائر واضحة.
وكان جمال نجم، نائب محافظ البنك المركزي، قال فى وقت سابق، إن المبادرات التى يطلقها البنك المركزى بفائدة مدعمة تعد أحد الأسباب التى تكبده خسائر فى ميزانياته الأخيرة.
وأضاف، فى تصريحات خاصة لـ«المال»، أنه من الممكن أن يتم مستقبلًا طرح مبادرات جديدة، ولكن أكد أنها ستكون خاصة بفئات معينة ومحدودة.
وأشار إلى أنه فى حال تم طرح مبادرات جديدة فى المستقبل، فلن تكون مفتوحة وميسرة الشروط كما كان عليه الحال فى مبادرة 8% للنشاط الصناعي، والتى استفادت منها الكثير من الشركات الكبرى.
محمد عبدالمنعم: القطاع الصناعى لن يتأثر ولكن تكلفة الاقتراض والتمويل قد ترتفع
واستبعد أن يتأثر قطاع الصناعة بإلغاء هذه المبادرة، موضحًا أن التأثر لن يكون كبيرًا، ولكن سيحدث ارتفاع فى التكاليف ناتج عن ارتفاع تكلفة الاقتراض والتمويل.
وذكر أن هذا التأثر سيكون متفاوتًا بحسب طبيعة الصناعة.
وكان البنك المركزى أطلق، خلال السنوات الماضية، عددًا من المبادرات بغرض تنشيط أسواق التمويل العقارى ودعم السياحة وتحويل السيارات للغاز الطبيعي، ومبادرات خاصة بتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وذلك بمنح التمويلات بأسعار فائدة يدعمها المركزى بتحمله الفارق، وهو ما تم التوافق على التوقف عنه وخروج المركزى من هذه المعادلة خلال المفاوضات الأخيرة بين السلطات المصرية مسؤولى صندوق النقد الدولي.
قال وليد ناجي، نائب رئيس البنك العقارى المصري، تعليقًا على قرار مجلس الوزراء بنقل إدارة بعض المبادرات من البنك المركزى إلى وزارتى المالية والسياحة، بالإضافة إلى هيئة المجتمعات العمرانية إن العملاء لن يشعروا بأى تغيير أو فارق جوهرى إذ تظل البنوك هى المقرض والممول المباشر لهم.
وأضاف أن الدولة تستهدف من هذا القرار تخفيف الأعباء عن البنك المركزي، والذى لديه مهام أخرى جسام متمثلة فى دوره الرقابى على البنوك وإدارة السياسة النقدية ونشر الشمول المالى إلى جانب التصدى لعمليات غسل الأموال.
وأكد أن البنك المركزى لعب دورًا كبيرًا خلال الفترة الماضية فى دعم بعض القطاعات الاقتصادية المختلفة متمثلة فى المجال الصناعى والزراعى، بالإضافة إلى قطاعات التشييد والبناء من خلال العديد من المبادرات ذات الفائدة المدعمة.
محمد علوانى