تستهدف الحكومة زيادة حجم الاستثمارات المنفذة فى القطاع الصحى خلال الفترة المقبلة؛ لضمان تقديم أفضل الخدمات الطبية، وتسريع وتيرة تطبيق منظومة التأمين الصحى الشامل بكافة المحافظات، وأكد عدد من الخبراء والعاملين بالقطاع أهمية تقليل جهات إصدار التراخيص خاصًة فى المشروعات الخدمية، مضيفين أن تعدد الجهات التى تصدر القرارات المُنظمة للاستثمار فى قطاع الصحة يهدر فرصًا سهلة لنمو الاستثمارات.
وأشاروا إلى أن عملية إنشاء مستشفى تحتاج إلى 5 أعوام على الأقل حتى نصل للتشغيل الفعلى، إضافة إلى 3 أعوام لتحقيق الربحية، ومن ثم يحتاج المستثمر فى مشروعات المستشفيات الكبرى إلى 8 أعوام على الأقل لبدء تحقيق المكاسب على استثماراته.
كان الدكتور خالد عبد الغفار، وزير الصحة، وجه بإجراء حوارات مجتمعية مع المستثمرين العاملين بالقطاع الصحى والراغبين فى الحصول على تراخيص للمنشآت الطبية، لمعرفة التحديات التى تواجههم والعمل على حلها من خلال تسهيل وتبسيط دورة المستندات والإجراءات الخاصة بالحصول على التراخيص، والتى تتوافق مع المعايير الخاصة بالهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية، وذلك وفقًا للخريطة الصحية المتكاملة للدولة عقب اطلاعه على عرض حول التحديات والمعوقات التى تواجه المنظومة.
«مؤمن»: السوق متنوعة وتتميز بطلب أعلى من المعروض
فى البداية، قال الدكتور نعيم مؤمن، الاستاذ بجامعة برمنجهام واستشارى جراحة التجميل، ورئيس الرابطة الدولية للحروق، إنَّ الاستثمار فى القطاع الصحى بشكل عام يمتاز بزيادة حجم الطلب عليه أكثر من المعروض، فضلاً عن تنوع الفرص الاستثمارية القائمة.
أضاف أن هذا النوع من الخدمات يتطلب تدخلًا تنظيميًا ممثلاً فى أجهزة الدولة، والقطاع الأهلى لضمان درجة معينة من الجودة، بالإضافة إلى التوزيع الفعال لهذه الخدمات وفقا للنوع والموقع الجغرافي.
وثمَّن «مؤمن» مشروع التأمين الصحى الشامل، مؤكدًا أنه يعد خطوة مهمة على الطريق الصحيح لتوفير الحق فى الرعاية الصحية، ولفت إلى أن تنفيذه من خلال منظومة متكاملة يضمن تحقيق الحوكمة من خلال فصل عملية التمويل عن مقدمى الخدمة من المستشفيات، والمراكز المعتمدة فقط بغض النظر عن كونها حكومية أو خاصة.
وشدد على أهمية إيلاء عناية خاصة بتقديم الخدمات الطبية لضحايا الحروق بشكل عاجل فى كافة المحافظات من خلال منظومة التأمين الصحى الشامل، مؤكدًا أن هذا النوع من الخدمات يحتاج إلى تدخل عاجل أكثر من غيره من الإصابات، بالإضافة إلى ارتفاع تكلفة العلاج وطول المدة التى يحتاج فيها المريض إلى رعاية مكثفة.
«سمير»: أهمية توحيد جهات الإصدار لتكون من خلال شباك واحد
وقال الدكتور خالد سمير، عضو مجلس إدارة غرفة مقدمى الرعاية الصحية فى القطاع الخاص باتحاد الصناعات، إن تعدد الجهات التى تصدر القرارات المُنظمة للاستثمار فى القطاع الصحى يربك المنظومة، ويهدر فرصًا سهلة لنمو الاستثمارات.
وأضاف لـ«المال» أن مصر بحاجة إلى استثمارات فى هذا القطاع تصل إلى 150 مليار جنيه خلال السنوات المقبلة، لتغطية 50 ألف سرير، بتكلفة 3 ملايين جنيه للسرير الواحد.
وأكد أهمية توحيد جهات إصدار التراخيص، لتكون من خلال شباك واحد، يضم كل الهيئات المشرفة، سواء من ناحية تخصيص الأرض، أو المرافق الخاصة بأى مشروع، وترخيص مزاولة النشاط، إضافةً إلى تحديد آليات التخارج من المشروعات لزيادة الثقة لدى المستثمرين.
وانتقد «سمير» قرار عدم السماح بتداول أسهم المؤسسات الصحية بالبورصة دون موافقة وزارة الصحة، داعيًا المُشرع المصرى للسماح بطرح أسهم المشروعات القائمة وتطبيق آليات السوق المفتوح.
وأكد أن هذا القرار يُمثل عقبة كبيرة فى طريق دخول مستثمرين جدد إلى السوق المصرية، فضلًا عن ضبابية آليات الخروج من السوق.
وأضاف أن هذه المنظومة تمنع المستثمر من فرص بيع الحصص بعد الحصول عليها لأى سبب، أو إضافة شركات أو أفراد للمساهمين بغرض التوسع، ما يمنع المستثمرين من دخول السوق أصلًا -وفقًا لقوله-.
وشدد على أهمية تقليل الجهات التى تصدر التراخيص، خاصًة فى المشروعات الخدمية للقطاع الصحى، بدايةً من المراكز الصحية المتخصصة، وحتى المدن الطبية المتكاملة.
ولفت إلى أن إنشاء مشروعات من العدم يحتاج إلى رؤوس أموال كبيرة، مقدرًا تكلفة المراكز الطبية بـنحو 90 مليون جنيه، فى حين تصل تكلفة تجهيز مستشفى بسعة 50 سريرًا إلى 150 مليون جنيه، والمستشفيات الكبرى تبلغ 500 مليون بسعة 200 سرير، بينما لن تقل تكلفة المدن الطبية عن 3 مليارات جنيه.
وأشار إلى أن فرص تنشيط قطاع السياحة العلاجية كبيرة، وتعد مصدرًا للعملة الصعبة، مضيفًا أن زيادة فرص السياحة العلاجية يعتمد على معايير كثيرة أهمها تقليل توقيت الحصول على تأشيرة العلاج للمرضى فى مدة لا تتخطى ثلاثة أيام، إضافة إلى حصول المستشفيات المصرية على معايير الجودة المطلوبة لتقديم خدمة طبية بالشروط العالمية.
«حبلص»: المستثمر فى القطاع الصحى يحتاج 8 سنوات لجنى الأرباح
وقال الدكتور محمد حبلص، المدير الإقليمى للمستشفى السعودى الألمانى، إن السوق المصرية تمتاز بتوفر الأطباء الأكفاء مع خامات وكوادر تمريض جيدة ينقصها التدريب، إضافًة إلى الحاجة الكبيرة للرعاية الصحية فى مصر نتيجة زيادة عدد السكان.
وكان “حبلص” قال فى تصريحات سابقة لـ«المال» إن عملية إنشاء مستشفى تحتاج إلى 5 أعوام على الأقل حتى نصل للتشغيل الفعلى، إضافة إلى 3 أعوام لتحقيق الربحية، ومن ثم يحتاج المستثمر فى مشروعات المستشفيات الكبرى إلى 8 أعوام على الأقل لبدء تحقيق المكاسب على استثماراته، وهو أمر يتسبب فى عزوف المستثمرين عن إنشاء مستشفيات جديدة والتوجه للبديل الآخر وهو الاستحواذات.
ولفت إلى أن الاستثمار فى مجال المستشفيات صعب للغاية، ما تسبب فى عدم امتلاك مصر إلى 5 مستشفيات من الـ 5 نجوم، عكس الاستثمار العقارى وسهولته التى ساهمت فى كثرة فنادق الـ 5 نجوم.