«كورونا» أربكت سلاسل الإمداد العالمية.. والزيادة فى أسعار الشحن تعدت %550
الشامى: توقعات بصعود نوالين الشحن بنسبة %5 خلال 2022
فى ظل تفاقم أزمة ارتفاع أسعار الشحن والارتباك الكبير فى سلاسل الإمداد العالمية والمصحوبة بتراجع فى تدفق السلع والخدمات ، أصدرت هيئة قناة السويس قرارا بزيادة رسوم العبور لجميع أنواع السفن العابرة للقناة بنسبة %6 اعتبارا من شهر فبراير المقبل فى ظل توقعات بتأثير ذلك على استمرار ارتفاع نوالين الشحن حيث يرى خبراء النقل البحرى أنه من حق قناة السويس الاستفادة من الذروة التى تشهدها حاليا السوق الملاحية العالمية نتيجة للزيادة الكبيرة للطلب على التجارة، خاصة الحاويات نتيجة لإزالة الإغلاقات والإجراءات الاحترازية مع معظم الاقتصادات وما نتج عنه من وجود تكدسات كبيرة فى أهم الموانيء العالمية خاصة فى الصين والتى أدت إلى ارتفاع نوالين الشحن لمستويات غير مسبوقة على طريق التجارة بين الشرق الأقصى وشمال غرب أوروبا، إذ تعدت مستويات 14800 دولار /حاوية فئة 40 قدما فى شهر أكتوبر 2021 للمرة الأولي مقارنة مع حوالى 2000 دولار فى السابق.
وقال د. أحمد الشامى ، خبير النقل واللوجستيات ، إن زيادة رسوم القناة بلا شك لها تأثير على السوق الملاحية ، مؤكدا أن هذا الأمر كان متوقعا منذ عام 2019 مضيفا أن زيادة أسعار النوالين لن تقل عن %5 على الأقل، واصفا قرار هيئة قناة السويس بـ«حقها..العالم كله فى حالة تزايد أسعار.
وأضاف أن جائحة كورونا تسببت فى خلل بسلاسل الإمداد كلها من النقل والتوزيع والتخزين، وتعليق عدد لا يقل عن 180 مليون حاوية بالموانىء ،جزء كبير منها فى الصين، حيث زادت الطلبات عن المعروض وبالتالى نجد مناطق زاد فيه النولون إلى %550 ومناطق أخرى %50 فقط.
وأوضح أن الطلب على بضائع الصب الجاف ارتفع بنسبة %9 عن العام الماضى مما أدى إلى زيادة النوالين إلى أكثر من %40 بسبب تحكم شركة «كابسيز للشحن» فى الأسعار باعتبارها الشركة الأكبر عالميا فى مجال نقل المواد الخام ، بجانب استغلال الخطوط الملاحية للأزمة وبالغت فى زيادة نوالين الشحن لتعويض خسائر جائحة كورونا حيث إن الأسعار انخفضت فى 2020 إلى ما يقرب من %55 مما أدى إلى خسائر ضخمة بالسوق الملاحية العالمية.
وأضاف أن أزمة إيفر جيفين«ساهمت في خسائر مباشرة للتجارة الدولية وقتها بحوالى 3 مليارات دولار وامتدت حوالى 4 شهور بعدها بقيمة مماثله نتيجة خروج»إيفر جيفن«من السوق 5 شهور، بالإضافة إلى زيادة أسعار الطاقة من الغاز والبترول، والتى يرى أنها فى صالح قناة السويس باعتبارها تحقق وفرا فى تكاليف التشغيل خاصة الخطوط الملاحية المنتظمة.
يذكر أن الخطوط الملاحية استمرت فى تحقيق أرباح قياسية فى نتائجها المالية فى عام 2021 فعلى سبيل المثال حقق الخط الملاحي «ميرسيك» أرباحا صافية تبلغ 6.6 مليار دولار فى النصف الأول من عام 2021 بالمقارنة مع حوالى 0.5 مليار دولار فقط فى عام 2019 كاملا قبل انتشار وباء كورونا ويتوقع استمرارها فى تحقيق أرباح قياسية للعام المقبل.
من ناحيته، قال الدكتور محمد كامل ، المستشار الاقتصادى لإحدى شركات الملاحة، والباحث فى شئون النقل إنه وفقا لقرار رئيس الجمهورية بتأميم الشركة العالمية لقناة السويس إلى شركة مساهمة مصرية فقد اكتسبت الشخصية الاعتبارية المستقلة وأصبح لها حقوق أهمها حرية تسعير خدماتها وكذلك حرية إقرار الزيادات السعرية ومنح التخفيضات وعقد الاتفاقات السعرية الخاصة.
وتمارس هيئة قناة السويس تلك الحريات بطلاقة ومن ثم فإن إقرار زيادة سعرية %6 على تعريفة خدمات العبور اعتبارا من فبراير 2022 هى زيادة منطقية وموضوعية وتتناسب مع رؤية المؤسسات الاقتصادية العالمية ومن أهمها البنك الدولى وصندوق النقد الدولي وهيئات التقييم الذين توقعوا أن الاقتصاد المصرى سينمو فى حدود 5.5 % خلال العام المقبل.
وقال «كامل» إنه مع توجه معظم الخطوط الملاحية لزيادات فى تعريفة الشحن البحرى ومع الزيادات المتوقعة على أثر الموجة التضخمية وقصور سلاسل الإمداد العالمية عن الوفاء بأوامر الطلب فإن زيادة تعريفة المرور بقناة السويس مدروسة وفى وقتها ولن يكون لها تأثير يذكر خارجيا وبتناسب مع التطوير الذى تحدثه القناة فى خدماتها.
وتابع إن تعريفة المرور فى الممر الملاحى العالمى كانت فى السابق تخضع لزيادة سنوية وفق نسب معينة ، وهى من وجهة النظر البحثية سياسة بالية ، فمحددات سياسة تحديد بالزيادة أو النقصان أو التثبيت لتعريفة المرور بقناة السويس تتطلب إعادة صياغة جذرية وفق ما يعرف بـ (Cost Plus) وهى ذات السياسة التى يوصى بتطبيقها فى مختلف (تعريف خدمات الموانئ المصرية) التى أصبحت تعانى تشوهات عدة تجعل الزيادات غير مقبولة وغير منطقية وطاردة للمتعاملين خاصة.
وطالب «كامل» بإرساء رؤية جديدة بتوفير خدمات على ضفتى قناة السويس وفى بعض مناطق تجمعات السفن مثل البحيرات المرة ومناطق الانتظار فى الشمال والجنوب بما يخلق قيمة مضافة جاذبة للسفن أثناء التواجد فى المنطقة ولعل أنجح نموذج يمكن الرجوع إليه (مجمع الترسانات فى توزلا بتركيا) وهو نموذج من عشرات النماذج الناجحة حيث تتجمع أكثر من 40 ترسانة إصلاح وبناء وتخريد السفن وتجمعات عالمية لمصممى وموفرى قطع غيار وأجزاء السفن.
فى السياق نفسه، قال الربان عمرو قطايا العضو المنتدب لشركة «لاند مارك» للخدمات والاستشارات البحرية إن ارتفاع أسعار الشحن بدأت منذ أواخر عام 2019 بسبب تطبيق اتفاقية المنظمة البحرية «IMO» ، والخاصة باستخدام وقود منخفض الكبريت، لندرة توفره بينما بدأت جائحة كورونا فى الظهور فى مارس 2020 وأخدت السفن ترفع أسعار الشحن بعد إغلاق الصين لموانيها وتراجعت أعداد الحاويات نتيجة التكدس فى الموانيء الصينية وقل المعروض من الحاويات بشكل كبير فى أمريكا وأوروبا مما رفع سعر الحاويات الفارغة وواجهت السفن عمليات تأخير فى الشحن والتفريغ وتغيير الأطقم وبالتالى تأثرت كافة الخدمات البحرية سلبا واستمرت الأسعار فى الارتفاع.
واستكمل «قطايا» أنه رغم العودة للعمل وفتح الموانئ إلا أن الأسعار لم تقل وإنما ثبتت، ومع حلول عام 2021 وتتبع موجات الجائحة ومع ظهور الموجة الرابعة ومتحور دلتا الصين أغلقت الصين أهم ميناء وهو «نينجا تشوشنج» الذى يصدر نحو 1.2 مليار طن بضائع بجانب أن موانيء«تشوشان ونينغبو وشنجهاي» تشهد حاليا انتظارما يقرب من 73 سفينة ، من أصل 271 سفينة منها 89 سفينة راسية داخل الميناء بينما تشهد موانئ بيرل دلتا ريفر، وشنتن وهونج كونج انتظار 82 سفينة من 229 سفينة.
وأوضح أن الخطوط الملاحية وجدت فى تلك المتغيرات فرصة لتعوض خسائرها حيث وصل شحن الحاوية الواحدة إلى 14 ألف دولار، موضحا أن رفع رسوم عبور قناة السويس سيساهم فى رفع الأسعار بنسبة بسيطة لأن الخطوط الملاحية ستوزع تلك النسبة على أصحاب البضاعة وهما من يتحملون تلك الزياد وليس ملاك السفن والتى تؤدى فى النهاية إلي ارتفاع أسعار السلع والمواد الخام.
وأكد الفريق أسامة ربيع رئيس هيئة قناة السويس – فى تصريحات سابقة – على تطبيق إستراتيجية تسعيرية وتسويقية متوازنة ومرنة تحقق مصالح الهيئة وعملائها، وتراعى الظروف الاقتصادية العالمية ومتغيراتها المختلفة عبر آليات واضحة تتضمن تقدير رسوم عبور السفن، بما يتيح تقديم الخدمات الملاحية لعبور القناة وفق سياسة نموذجية تضمن الحفاظ على ريادة القناة وتجعلها الاختيارالأمثل والأسرع والأقصر للعملاء مقارنة مع الطرق المنافسة الأخرى، وذلك بالتكامل مع المنشورات الملاحية التى تصدرها وتجددها الهيئة وفق المتغيرات الآنية لكل فئة من فئات السفن العابرة.
وأضاف أن قرارات تحديد رسوم عبور قناة السويس والسياسات التسويقية المرنة تخضع لدراسات مستفيضة يعدها خبراء الوحدة الاقتصادية التابعة لإدارة التخطيط والبحوث والدراسات بالهيئة بعد المتابعة الدقيقة والدراسة المتفحصة لكافة المتغيرات المتعلقة بسوق النقل البحرى، ومؤشرات الاقتصاد العالمى وحركة التجارة العالمية، فضلاً عن مراجعة التقارير الدورية والتوصيات الصادرة عن المنظمات والمؤسسات العاملة فى صناعة النقل البحرى وتقديرات المؤسسات المالية العالمية.
وتشير توقعات صندوق النقد الدولى إلى نمو الاقتصاد العالمى بنحو 5.9 % و4.9 % فى عامى 2021 و2022 على الترتيب، كما يتوقع كل من صندوق النقد الدولى ومنظمة التجارة العالمية استمرار نمو حركة التجارة العالمية وارتفاع الطلب على النقل البحرى بمعدلات تصل إلى 6.7 % و4.7 % على الترتيب فى عام 2022 ، مما يتوقع معه استمرار مستويات النوالين المرتفعة وتحقيق الشركات الملاحية لأرباح جيدة.