اتفقت آراء خبراء سوق المال بمختلف شركات الاستثمارات المالية، على أن السوق ستحقق عوائد إيجابية من آلية الاستثمار فى صناديق المعادن النفيسة مثل الذهب، وذلك فى ظل طبيعة المستثمرين خاصة المصريين منهم الذين يعتبرون أن الذهب ملاذ آمن ووسيلة جيدة للاستثمار بخلاف الادخار.
وصندوق الذهب هو نوع من صناديق الاستثمار التى تمتلك أصولًا متعلقة بالذهب، والنوعان الأكثر شيوعًا من صناديق الذهب هما تلك التى تمتلك سبائك ذهب مادية أو عقود الذهب الآجلة أو شركات تعدين الذهب.
وصناديق الذهب هى أدوات استثمارية شائعة بين المستثمرين الذين يرغبون فى التحوط ضد مخاطر التضخم المتوقعة.
وقال الخبراء إن هذه الصناديق قد تجذب فئة جديدة من المستثمرين العاملين بالخارج، إيمانًا بأن الذهب أكثر أمانًا وضمانًا فى الاستثمار مقارنة بغيره، لافتين إلى أن بعض المتغيرات قد تؤثر على هذه الصناديق مثل تغير أسعار الصرف وقيمة الجنيه المصرى مقابل الدولار الأمريكى، فضلًا عن عدم ثبات أسعار الذهب ما بين الارتفاع والهبوط.
وشدد بعض الخبراء على ضرورة رفع وعى المستثمرين بطبيعة الاستثمار فى صناديق الذهب، حيث إن المستثمر لا يمتلك الذهب، بل وثائق ترتبط قيمتها بقيمة الذهب فى السوق.
ويعد الذهب ملاذًا آمنا للادخار والاستثمار وسط تخوفات المستثمرين التى اندلعت بفعل التغيرات الاقتصادية والصحية التى يشهدها العالم حاليًا، من ارتفاع معدلات التضخم مصحوب بارتفاع أسعار الفائدة، بينما شهدت ثباتا بالسوق المحلية، فضلًا عن انخفاض مؤشر السيولة بسوق الأوراق المالية المصرية، وانتشار فيروس كورونا ومتحوراته التى أطاحت بالأسواق.
شريف سامى: ستُقلل خروج المستثمرين من مصر
من جهته شدد شريف سامى، رئيس الشركة القومية لإدارة الأصول ورئيس الهيئة العامة للرقابة المالية سابقًا، على أهمية وجود مثل هذه الصناديق فى السوق المحلية والتى تعمل على خلق بيئة استثمارية جاذبة لأصحاب رؤوس الأموال.
وأضاف أنه رغم الإغراءات المقدمة من الشركات بدفع بعض المستثمرين بتوجيه أموالهم فى شراء سندات التوريق، فإن صناديق الاستثمار فى المعادن النفيسة تعمل على تقليل خروج المستثمرين من مصر بهدف الاستثمار فى الذهب بالخارج.
وأكد سامى ضرورة دراسة التجارب الخارجية فى صناعة صناديق الاستثمار فى المعادن النفيسة، بهدف التعرف على المتطلبات الأساسية التى يجب توافرها ومنها التى تتعلق بتصنيفات أنواع الذهب وتحديد أماكن مناسبة لتخزينه وما إلى ذلك، فضلًا عن أهمية خضوع هذه الاستثمارات إلى تنظيم رقابى من قِبل الهيئة العامة للرقابة المالية.
وأضاف أن الاستثمار فى صناديق المعادن الثمينة سيكون من خلال الاستناد على العقود المستقبلية من خلال الارتباط بينها وبين محفظة الصندوق، بحيث لا يوجد تسليم فعلى للذهب شريط هذه العقود.
وأشار رئيس الشركة القومية لإدارة الأصول ورئيس الهيئة العامة للرقابة المالية سابقًا إلى أن تغير سعر صرف الجنيه أمام الدولار يأتى فى مقدمة العناصر المؤثرة على صناديق المعادن، بخلاف أسعار أوقية الذهب، حيث إن الصندوق مقوم بالجنيه، وهذا ما يؤثر على قيمة الوثيقة.
خليل البواب: تدعم الاستثمار المحلي
وقال خليل البواب، الرئيس التنفيذى لشركة مصر كابيتال للاستثمارات المالية، إن صندوق الاستثمار المدعوم بالذهب الذى يجرى تنفيذه فى الوقت الحالى سوف يكشف مدى استفادة السوق من صناديق الاستثمار فى المعادن النفسية وأبرزها الذهب.
وأضاف أن التجربة الأولى لصندوق الاستثمار فى الذهب ستكشف مدى قدرة تلك النوعية من الصناديق على استقطاب المستثمرين فى السوق المحلية، إضافة إلى القدرة على جذب مستثمرين من الخارج.
وأوضح أن السوق قادرة على استيعاب نوع جديد من صناديق الاستثمار خاصة فى الذهب، مشيرًا إلى أن ذلك سيساهم فى تنويع الأدوات والآليات الاستثمارية.
أحمد أبو السعد: التنوع يلبى احتياج المستثمرين
من جهته، قال أحمد أبو السعد، عضو مجلس إدارة البورصة ورئيس مجلس إدارة شركة أزيموت مصر لإدارة الأصول، إن انتشار صناديق الاستثمار فى الذهب بالسوق المحلية يُعد إضافة جاذبة للاستثمار.
وأضاف أبوالسعد أن صناديق الاستثمار فى الذهب ستتماشى مع طبيعة الثقافة المصرية التى تميل إلى اقتناء الذهب كوسيلة ادخار، فضلًا عن الهدف الاستثمارى والزينة.
وأشار رئيس مجلس إدارة شركة أزيموت مصر لإدارة الأصول إلى أهمية تنوع الأصول فى السوق المحلية بما يتناسب مع أهداف المستمثرين على اختلافها، لافتًا إلى أن الكثيرين يرغبون فى تنويع استثماراتهم خوفًا من تراجع القطاعات الاستثمارية الأخرى.
وفى هذا الصدد، كشف الدكتور سامح الترجمان الرئيس التنفيذى لشركة «Evolve» للاستثمار القابضة، أن الشركة أطلقت صندوقها الأول المدعوم بغطاء من الذهب بهدف الاستثمار فى المعادن النفيسة بحجم مبدئى 500 مليون جنيه، ويتم التعامل فيه عن طريق أدوات مالية تعكس سعر المعدن صعودًا وهبوطًا، لافتًا إلى مشاركة 3 مؤسسات مالية فيه.
وأضاف أن المستثمر سيشترى الورقة المالية التى ستكون مدعومة بغطاء من الذهب مودَع لدى أمين حفظ مرخص له من هيئة الرقابة المالية، وهى غالبًا إحدى المؤسسات المالية التى يجرى التفاوض معها حاليًّا.
وأوضح أن التداول يحدث لتعكس الورقة المالية سعر الذهب وفقًا للصعود والهبوط؛ بمعنى أن الورقة المالية ستكون بديلة لشراء وبيع الذهب من محالّ الذهب التقليدية، لكنها تتميز بالسيولة للمستثمر إذ يمكنه بيع الورقة فى أى وقت، ومن ثم خلق أداة جديدة فى سوق المال وتعمل على التنويع فى الأدوات المالية.
محمد حسن: البعض فى حاجة لإدراك طبيعة عملها
وأشار محمد حسن العضو المنتدب بشركة بلوم مصر لإدارة الأصول إلى سرعة إقبال المستثمرين على هذا النوع من الاستثمار بمجرد استيعابهم لقدر الفائدة والمكاسب التى ستحققها صناديق الذهب، خاصة إذا تم التداول عليه بسوق الأوراق المالية، فقد يعد هذا بديلًا مضمونًا فى نظر المستثمرين عن الاستثمار فى سوق «الفوركس» العامل بالخارج.
ووسط بيئة تميل للاستثمار فى الذهب، أكد العضو المنتدب بشركة بلوم مصر لإدارة الأصول، ضرورة رفع الوعى عن طبيعة الاستثمار فى صناديق الذهب، حيث إن المستثمر سيمتلك لوثائق توضح امتلاكه للذهب ولن يمتلك الذهب نفسه.
وتوقع حسن أن تكون أدوات الدين المستخدمة فى صناديق المعادن النفيسة متمركزة بشكل أكبر على الذهب بخلاف أدوات الدخل الثابت سندات وأذون الخزانة، وقد يحتوى الصندوق على بعض الأسهم المرتبطة بشركات التنقيب عن المعادن مثل أسهم أسيك للتعدين.
وتشير بيانات مجلس الذهب العالمى إلى أن صناديق الاستثمار المتداولة العالمية للذهب شهدت تدفقات خارجة بلغت 173 طناً فى عام 2021، بانخفاض 5٪ فى إجمالى الحيازات فى الربع الرابع، بينما تضاعف إجمالى الاستثمار بأكثر من الضعف على أساس سنوى، حيث كانت التدفقات الخارجة من صناديق الاستثمار المتداولة أقل بشكل حاد مما كانت عليه فى الربع الرابع من عام 2020، بينما حافظ الطلب على العملات المعدنية على زخمه.
وانخفضت الحيازات العالمية بنسبة %5 لتصل إلى 3570 طناً بنهاية العام، بينما خسرت الأصول المدارة من حيث القيمة %9 لتصل إلى 209 مليارات دولار أمريكى، حيث تضاعف صافى التدفقات الخارجة بسبب انخفاض أسعار الذهب بنسبة %4 على مدار العام.