تتراجع مؤشرات البورصة المصرية بشكل متكرر ولافت للنظر فى الفترة الحالية، وسط استمرار واضح موجة البيع من قِبل المستثمرين الأجانب، التى تجاوزت قيمتها 10 مليارات جنيه منذ بداية العام الجارى.
وترددت أنباء مؤخرا عن تشكيل لجنة عليا تضم محافظ البنك المركزى، ورئيس هيئة الرقابة المالية، لبحث أسباب تخارج الأجانب من البورصة والقطاع المصرفى، وهو ما أكدته مصادر مطلعة لـ«المال».
وحدد رئيس أحد بنوك الاستثمار الكبرى فى السوق المحلية -فضل عدم ذكر اسمه- مجموعة من الخطوات التى يجب العمل عليها لتحسين وضع السوق وبالتبعية استعادة الاستثمارات الأجنبية.
وجاء على رأس تلك التوصيات دخول استثمارات من جانب المؤسسات المحلية، مثل صناديق التأمينات والمعاشات، وذلك بغرض تحريك السوق وتحسين تقييمات الأسهم التى وصلت لمستويات متدنية جدًا.
وأضاف أن السوق المحلية جزء تم نسيانه من جانب المستثمرين فى الأسواق الناشئة، مؤكدا أن الأجانب لديهم بدائل عديدة للدخول فيها بخلاف البورصة المصرية، لذا يجب العمل على تهيئة مناخ الاستثمار المحلى قبل جذبهم.
وقال إنه يجب أيضا إلغاء كل الضرائب المفروضة على البورصة المصرية، وتحسين المناخ العام، موضحًا أن الأمر ليس معقدا، فتحريك السوق عبر الاستثمار المحلى يترتب عليه ارتفاع تقييمات الأسهم، وبالتالى جذب استثمارات خارجية، ما سيتيح إمكانية طرح شركات فى البورصة خلال الفترة المقبلة.
وتابع أن بعض الأسهم القيادية تراجعت بنسب كبيرة جدًا فى الفترة الأخيرة رغم قوة مركزها المالى، فعلى سبيل المثال هبط سهم البنك التجارى الدولى إلى 34 جنيها حاليًا مقارنة مع 44 فى أبريل الماضى، وذلك رغم أن السهم شهد صفقة كبيرة تمثلت فى استحواذ شركة «ADQ» القابضة على حصة فى البنك بسعر 44 جنيها، وبالتالى فحتى هذا المستثمر الخليجى فقد جزءا كبيرا من قيمة استثماراته فى السهم حتى الآن.
وأشار أيضا إلى أن العديد من المتعاملين بالسوق المصرية يفضلون ادخار أموالهم فى شهادات البنوك، فى ظل ارتفاع الفائدة وتعاظم مخاطرة البورصة.
وذكر أن الطرح الوحيد الذى يتم تنفيذه فى السوق حاليًا هو شركة غزل المحلة بقيمة محدودة جدا تبلغ نحو 98 مليون جنيه، متابعًا أن تلك القيمة كانت تمثل أحيانا اكتتاب جهة وحيدة – one ticket- فى اكتتابات الشركات فى الماضى.
وقال إن طرح شركات فى البورصة خلال الفترة الراهنة أمر بالغ الصعوبة فى الوقت الحالى، فى ظل انخفاض تقييمات الأسهم وأيضا ارتفاع مخاطرة ضعف التغطية، ومن ثم استبعد أن يتم تنفيذ أى عمليات طرح المرحلة الراهنة.
وأشار شريف سامى، الرئيس السابق للهيئة العامة للرقابة المالية، إلى أن ما تشهده البورصة المصرية خلال الفترة الماضية من انخفاض فى مؤشرات الأسعار أو قيم التداول هو محصلة لعوامل متعددة بعضها عالمى تتأثر به الأسواق الناشئة والآخر يتعلق برؤية المستثمرين للاقتصاد المصرى، إضافة إلى بعض العوامل المرتبطة بسوق المال على وجه التحديد.
ولفت إلى أنه فيما يخص سوق المال تحديداً، فقد سبق على مدى الأشهر الماضية عقد عدة اجتماعات بمقر الحكومة برعاية رئيس مجلس الوزراء، وخلصت تلك الاجتماعات إلى عدد من التوصيات المهمة والمتعلقة بتعديل فى تشريعات الضرائب وتشجيع الاستثمار فى صناديق الاستثمار وغيرها من المبادرات، لا يزال من المنتظر تطبيقها، ما سيعمل على تعزيز الثقة ويساعد فى التعامل مع جانب من التحديات التى نواجهها.
وأضاف سامى أنه فيما يتعلق بجانب تحفيز الطلب، فقد عُقدت عدة اجتماعات حكومية مع الكيانات العامة التى تعد من أكبر مؤسسات الاستثمار المحلية ومن بينها هيئة التأمينات الاجتماعية وهيئة الأوقاف، ولديهما سيولة كبيرة لاستثمارها ولا تمثل محافظهما الأسهم المصرية إلا نسبة ضئيلة جداً من أصولهما وفقاً للأعراف الدولية.
وأكد ضرورة الاهتمام بزيادة وزن السوق المصرية النسبى فى المؤشرات الدولية، لا سيما مؤشر مورجان ستانلى للأسواق الناشئة، والذى تتبعه صناديق استثمار بها أموال ضخمة، ومن ثم تتأثر التدفقات الداخلة أو الخارجة من البورصة المصرية بزيادة أو انخفاض وزن مصر النسبى بتلك المؤشرات.
وأوصى بضرورة الأخذ فى الاعتبار الاستفادة فى برنامج الطروحات من طرح كيانات كبرى قائمة أو خلق كيانات كبيرة جديدة من خلال استحواذ شركات مدرجة على كيانات أخرى أو من خلال مبادلة الأسهم أو استخدام حصيلة زيادات رؤوس الأموال للوصول للقيمة السوقية والتداول الحر المطلوبين.
وأوضح بصفة عامة، أن بث التفاؤل لدى المتعاملين فى السوق مهم، لذلك فإن الإعلان بإيقاع سريع خلال الفترة القادمة عن عدة مبادرات وحلول لمشاكل قائمة، ومن بينها ما تضمنته وثيقة ملكية الدولة، بالتأكيد يسهم فى تغيير نظرة المتعاملين بالبورصة.
وقال سامح الترجمان، الرئيس التنفيذى بشركة «إيفولف للاستثمار القابضة»، إن الحلول المطروحة والتى انتهجتها الدول المجاورة لزيادة استثمارات المتعاملين الأجانب فى أسواق الأسهم الخاصة بها عديدة.
وأضاف أن خروج المتعاملين الأجانب من سوق الأسهم المحلية ظهر بشكل واضح خلال الفترة الأخيرة، وقد يكون مدفوعا بعدة عوامل ومؤثرات.
وأوضح الترجمان أن أبرز التوصيات لإعادة جذب الاستثمارات الأجنبية للسوق المحلية، تتمثل فى إعادة هيكلة السوق، مشيرًا إلى أن أولى خطوات إعادة الهيكلة تتمثل فى زيادة تمكين ومساهمة القطاع الخاص فى الاقتصاد المصرى.
ولفت إلى أن زيادة مساهمة القطاع الخاص وتمكينه بشكل أكبر، ستكون لها تأثيرات إيجابية على سوق الأسهم المحلية، خاصة أن كل الدوائر مرتبطة ببعضها البعض، موضحًا أن الاستثمارات الأجنبية عادة تفضل أن تكون شراكاتها قائمة مع القطاع الخاص.
وقال إن التوصية الثانية متعلقة بدراسة أسباب ضعف السيولة فى السوق المحلية، ووضع حلول عاجلة لإعادة تنشيطها، موضحًا أن أحجام السيولة المتاحة ببعض الدول المجاورة وعلى رأسها السوق السعودية كبيرة بشكل مرعب.